الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

15 ألف لعبة إلكترونية تروج للقمار.. والمراهنات بلغت 34 مليار دولار القمار الإلكترونى فخ الكسب السريع عبر الإنترنت

القمار الإلكترونى خطر جديد يدق أبواب مجتمعاتنا من خلال انتشار التعامل مع الإنترنت دون مراقبة أو محاذير، ويعد القمار الإلكترونى أحدث صيحة فى الألعاب الإلكترونية عبر الإنترنت من خلال مواقع ألعاب القمار، فى البداية يكون بغرض الترفيه، ثم يتحول بعد إدمانه إلى وسيلة لكسب الأموال.



ووفقًا لما تعلنه تلك الألعاب الإلكترونية فإنه يمكن لأى شخص لعب القمار إلكترونياً إذا أكد أن عمره قد تجاوز 18 عاماً، لكن يمكن التحايل على هذا النظام بسهولة، لاسيما فى ظل عدم القدرة على التأكد من عمر الشخص الحقيقى، لذلك حذرت النقابة العامة لأطباء الأطفال والشباب فى ألمانيا من أن محاكاة «ألعاب الحظ» عند الشباب تزيد عندهم خطر الإدمان عليها، حتى وإن كان هدفها فى البداية ليس القمار والبحث عن الربح السريع، لأنها ستبدأ غالباً بغرض التسلية فقط وستتحول فيما بعد لغرض الكسب المالى السريع.

وعن عدد ألعاب القمار الإلكترونية المنتشرة عبر الإنترنت فى مصر كشف المهندس أحمد طارق، خبير تكنولوجيا معلومات، أن تطبيقات القمار الإلكترونى منتشرة بشكل كبير بين الأطفال والشباب وتضم مجموعة من الألعاب المنتشرة على الإنترنت بأكثر من 15 ألف لعبة لايف، وبها أكثر من ألف حدث موجود على هذه المواقع، بما يشير إلى كذب ما يقال عن أنها مسموح بها فقط لمن هم فوق 18 عامًا، موضحًا أن مبلغ مراهنات القمار الإلكترونى بلغت 34 مليار دولار.

ولفت إلى أن معظم هذه الألعاب تعلن كذبًا أنها تعمل بشكل مشروع تحت إشراف جهات رسمية كى تضفى على  نفسها شرعية أمام مستخدمى اللعبة، إلا أنها فى الحقيقة تقتحم حياة اللاعب وتحصل على جميع البيانات الخاصة على الهاتف، موضحًا أن الشخص المشارك يستطيع لعب القمار الإلكترونى بداية من 15 جنيهًا، ويتم دفعها من خلال شركات الاتصالات فى مصر.

 مخاطر نفسية واجتماعية 

ونظرًا لتزايد مدمنى القمار الإلكترونى ظهر عدد من المستشفيات النفسية التى تعلن عن معالجة هذا النوع من الإدمان الإلكترونى كان من بينها مستشفيات مصرية تبنت توضيح مخاطر القمار الإلكترونى، من خلال دراسات طبية أكدت أن من أهم صفات مدمن القمار الإلكترونى قضاء وقت طويل أمام أجهزة الحاسب الآلى، إلى جانب طلب المال بصورة مستمرة، والبعد عن لقاء الأصدقاء، لذا يجب على الأهل تحرى الدقة حول النشاط الذى يمارسه أبناؤهم عبر شبكة الإنترنت، حتى لا يتفاجأوا بإدمان القمار.

أضافت الدراسات أن هناك العديد من العوامل أدت بالشباب إلى إدمان القمار، أهمها المعاناة من التفكك الأسرى، وتحمل الكثير من الضغوط الأسرية، والرغبة فى الهروب من الواقع، ومصادقة رفقاء السوء، والرغبة فى تحصيل المال بطريقة سهلة وسريعة، والترفيه والتسلية وقضاء وقت الفراغ، لافتة إلى أن هناك صفات لمدمنى القمار يتم خلالها وضع العلاج المناسب له، تتضمن عدم القدرة على التوقف عن لعب القمار، والتفكير طوال اليوم فى القمار، والشغف والحب الشديد للمقامرة، وسرقة الأموال من أجل لعب القمار، وتناول المخدرات أو المشروبات الكحولية، و البقاء خارج المنزل حتى ساعات متأخرة من الليل.

المتخصصون فى علم الاجتماع اعتبروا انتشار ألعاب القمار عبر الإنترنت خطرًا كبيرًا يهدد المجتمع والنشء الجديد الذى أصبح يعرف بجيل الفيس بوك والإنترنت الذى يعتبر ألعاب القمار الإلكترونية بعض الشباب نوعاً من التسلية، وعن سبب اجتذاب ألعاب القمار الإلكترونية  ترى الدكتورة هالة منصور أستاذ علم الاجتماع: أن من أهم أسباب انجذاب الشباب لهذه الألعاب أنها مسلية وفيها مكسب مادى، وقد لا يكون لدى هؤلاء الشباب الوعى الدينى الكافى الذى يستطيع أن يفرق بين الحلال والحرام حتى فى الألعاب الإلكترونية.

 ميسر محرم 

وجهة النظر الدينية لم تخرج عن تأكيد مخاطر تلك الألعاب الإلكترونية التى تؤدى إلى إدمان القمار بصورة حديثة وتفرض نوعًا من الفساد الإلكترونى الجديد الذى يهدم المجتمعات، حيث ترى د. إلهام شاهين أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر والأمين المساعد لشئون الواعظات بمجمع البحوث الإسلامية أن مثل هذه الألعاب محرمة وتدخل فى باب الميسر، وتوضح قائلة أن الله تعالى يقول فى محكم آياته: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، وهذه الألعاب هى من الميسر المحرم والتى يتم فيها اللعب بدفع الأموال وربح أموال، وكل رابح مقابله خاسر، وكلها أموال مهدرة بلا فائدة تعود على اللاعبين فهناك العشرات، بل المئات يلعبون ويخسرون ويدفعون أموالهم مقابل الحسرة والضغط النفسى والعصبى.

وفيها ما فيها من إضاعة الوقت والتلهى عن ذكر الله والصلاة والأعمال النافعة «إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِى الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ».

وشددت أن تلك الألعاب الإلكترونية القائمة على اللعب بالمال فيها استهانة بحرمات الله، ونحن مطالبون بتعظيم حرمات الله لقوله تعالى: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ..)، لافتة إلى أن هناك بعض الضوابط التى ينبغى مراعاتها عند الإقدام على أى لعبة سواء بدنية أو إلكترونية أهمها أن تكون اللعبة نافعة نفسيًا وبدنيًا وذهنيًا لكل من يلعب وليس لطرف على حساب الآخر، وألا يترتب على اللعب ضرر نفسى أو بدنى أو ذهنى أو مادى لقول النبى: «لا ضرر ولا ضرار»، و أن تكون اللعبة مما يحل استعماله أو مشاهدته أو قوله أو فعله، وبالتالى ألا يكون اللعب بما يحرم استعماله أو مشاهدته أو سماعه أو قوله وذلك لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.

وأكدت د. إلهام أنه يشترط على كل من يمارس هذه الألعاب ألا يعرض نفسه أو غيره للأخطار المؤكدة كالألعاب النارية أو البدنية، أو الأخطار المحتملة كاحتمال الإدمان أو اختلال التوازن أو غيره، وألا تصرفه اللعبة التى يمارسها عن عبادة أو طاعة واجبة أو عمل نافع، كما لا يكون لعبها استهانة بأحكام الشريعة وحرمات الله، وألا يتخلل اللعب تحقير أو استهزاء أو كذب أو ترويع وتخويف حتى لو كان مجرد إخفاء أحد متعلقاته للبحث عنها دون علمه لترويعه، ولذا قال صلى الله عليه وسلم: «لا يأخذنَّ أحدُكم متاعَ صاحبه جادَّا ولا لاعبًا، وإذا وجد أحدكم عصا صاحبه فليردُدْها عليه».

مخاطر إلكترونية متعددة 

ويعد القمار الإلكترونى هو واحد من عشرات الألعاب إلكترونية التى تغتال الجيل الجديد والفئات الأقل وعيًا، ومنها انتشار ألعاب العنف والكراهية، حيث تتفنن شركات تصميم هذه الألعاب فى ابتكار التقنيات الصوتية والبصرية، واستنزاف أوقات الشباب بحيث يدمنون هذه الألعاب ويهملون واجباتهم ومهامهم اليومية، وعلاقاتهم الأسرية والاجتماعية؛ إذ تبين أنَّ الشباب فى أغلب الأحيان يفضلون الألعاب الحديثة بتقنياتها المتجددة على حساب واجباتهم الدراسية والعائلية. ناهيك عن تأثير هذه الألعاب على أنماطهم السلوكية وصحتهم النفسية. 

ووفقًا لدراسة بمرصد الأزهر، فإن من أهم التأثيرات السلبية لهذه الألعاب أنها تترك أثرًا سلوكيًّا عدوانيًّا، وتحرض على العنف؛ نظرًا لأنها تعتمد بالأساس فى عالمها الافتراضى على العنف والممارسات العدوانية، وقد تؤثر هذه الممارسات بالسلب على من يصلون إلى حد الإدمان لبعض هذه الألعاب، وهم أكثر استجابة من غيرهم؛ لنمو حس العدوانية وأعمال العنف لديهم، فضلًا عن إمكانية إصابتهم بالتوتر والتهور. 

ويرى مرصد الأزهر فى أحدث دراسته أن الأخطر هو استغلال التنظيمات المتطرفة تلكم المساحة الشاسعة من الفضاء الإلكترونى فى استقطاب الشباب، والتحريض على العنف، وإثارة الكراهية تجاه الآخرين، وللأسف نجح تنظيم داعش الإرهابى فى التغرير ببعض الشباب الأوروبى -عبر وسائل التواصل الاجتماعى والألعاب الإلكترونية- وتجنيدهم وإقناعهم بالسفر إلى سوريا والعراق.