الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الطريق الثالث.. حجر زاوية فى استقرار العالم وضمانةَ  للأمن العربى مستقبل العلاقة بين مصر والسعودية.. يبدأ من الماضى

الطريق الثالث.. حجر زاوية فى استقرار العالم وضمانةَ للأمن العربى مستقبل العلاقة بين مصر والسعودية.. يبدأ من الماضى

 صارت العلاقات المصرية السعودية فقرة موسمية، وهدفاً ملحاً عند قوى الشر حول العالم، يتكرر إثارة الجدل حولها وفق خطة ممنهجة، تحتوى أجندتها على أهداف شيطانية متنوعة، من بينها: تزكية روح التنافس الإقليمى بين البلدين، وتغذية الأفكار السلبية عن ماضى العلاقة وحاضرها، إثارة الأحقاد بين الشعبين، اصطياد اختلافات فقهية فى الدين وإعادة طرحها لإثارة الجدل، ثم يظهر دور «السوشيال ميديا» التى تؤدى دورها التعبوى ببراعة، حتى يتحول «المفبرك» إلى حقيقة، ويثار الغبار بين البلدين، ويتقلب المواطن العربى على جمر الشائعات حائراً ومتسائلا: هل هناك مشكلة بين مصر والسعودية؟



 

ومن نسجوا خيال القصة، يشغلون الفضاء بإجاباتهم المضللة، لهذا بات حتمياً على الإعلام الوطنى أن يسرع ويجتهد فى طرح كتابات جادة لإيقاف عجلة الأوهام، حتى لا يهيمن السكارى بجهلهم على الميديا بجناحيها، القديم والجديد، وسيبقى هذا دائماً الدور الصحيح للإعلام، أن يأخذنا إلى حالة حوار بناء، ينير العقول ويبدد غبار المخططات الهدامة، وظنى أن هذه هى كلمة الحق التى طالبنا رسولنا عليه الصلاة والسلام أن نقولها فى وجه «سلطان جائر»، وسلطان هذا الزمان هو «الباطل» الذى تزين وهيمن وأثر وانتشر، وأصبحت له اليد العليا فى سائر مفاصل حياتنا.

 سر العلاقة الخالدة

إن أهمية العلاقة بين الأشقاء العرب تستدعى الحرص الدائم على تفاصيلها، بتنشيط مفاصلها، وتجديد أواصرها، وتحديد أولوياتها بين الحين والآخر، وانتقاء الإيجابى من تاريخها ليصبح عنوانا لمستقبلها. ولأنها علاقات مصير، يجب أن يستدعى خبراء للتعامل معها إعلامياً، فلا مجال للمراهقة أو الادعاء، لأن فاتورة الأخطاء ضخمة فى مثل هذه الملفات الحساسة، والتى يتحمل تبعاتها دائماً الشعوب التى لا تقدر على المزيد فى ظل أجواء محلية وإقليمية وعالمية مرهقة. 

وسبق أن كتبت مقالاً قبل سنوات فى أحد مواسم إثارة الغبار حول العلاقة بين مصر والسعودية، أبدعت فيه وصفاً عميقاً لها، أظنه كان ولا يزال معبرا ًمثالياُ عنها، ويساعد إلى الآن فى تفسير وفهم كل الظواهر المرتبطة بها، وقد نشر المقال بجريدة المصرى اليوم فى يناير عام 2017 بعنوان «التوأم السيامى.. والتوأمة السياسية»، وتوجز الفقرة التالية من المقال القصد والمعنى، وربما تفسر سر العلاقة الخالدة بين البلدين الكبيرين، وقلت فيها: إن «المتأمل الجيد للعلاقات المصرية السعودية سيشعر أنها تتشابه إلى حد كبير مع قصة (التوأم السيامي). علاقة التوأم الملتصق مربكة لطرفيها؛ فهى علاقة قَدَرِيَّة أكثر منها اختيارية، وهى علاقة أبدية تستدعى التنسيق المستمر كى يتمكن الطرفان من العيش المشترك دون أن تطغى رغبة أحدهما على الآخر، وتتطلب دومًا أن يحرص كل طرف فى حركته كى لا يؤذى توأمه بحركة فجائية، وهى أيضا تستلزم تفهُّمًا لاحتياجات ورغبات كل طرف واحترامًا لحقه فى الخصوصية. وعلى كل من يريد أن يتعامل مع ملف العلاقة بين البلدين تفهُّم الفكرة السابقة وتخيُّل تفاصيلها؛ فعندما تخيِّم على العلاقة بين مصر والسعودية سحابة صيف عابرة، أو سحابة شتاء ثقيلة، فى كل الأحوال تُستأنَف الحياة بين الشقيقين. فلا عيش لأى منهما دون الآخر». 

 مصر الجوهر والعَرَض

ومؤخراً، كتب الإعلامى السعودى مشارى الذايدى مقالا مهماً بعنوان «مصر الجوهر والعَرَض»، لم ينتبه له الغوغائيون، ومصدرو الفتن، وتصيدوا كتابات أخرى تخدم أهدافهم، وتشعل نيران معركة يتمنون حدوثها، بينما اختفى هذا المقال من سرديات القصة، وبقى مجهولاً ولهذا السبب حرصت أن أشير إليه وأنقل منه أهم ما ذكره الكاتب. 

ويقول الذايدى فى مقاله المنشور فى جريدة «الشرق الأوسط» بتاريخ 18 يناير 2023: «مصرُ دولةٌ كبرى فى المنطقة، استقرارُها وصونُها حجرُ زاوية فى الأمن الإقليمي؛ لذلك كانَ مهماً جداً الموقفُ السعوديُّ المفصحُ عنه أمس، فى جلسة مجلس الوزراء السعودى فى قصرِ عرقة بالرياض. فى هذا البيان أكَّدت السعوديةُ توافقَها فى الرؤى بشأن الكثير من القضايا الإقليمية والدولية مع مصر، واستمرار التنسيق بين البلدين لمواجهة التحديات فى المنطقة، وذلك فى ضوء مكانتِهما المحورية ومسئولياتِهما تجاه أمنها واستقرارها، ورحَّبت فى هذا الصَّدد بمخرجات الاجتماع الوزارى للجنة المتابعة والتشاور السياسى بين المملكة ومصر، وما عكسته من الحرصِ على تعزيز آفاق التعاون الثنائى فى المجالات كافة».

ويختم مشارى مقاله، موضحاً: «التنسيقُ السعودى - المصرى - الإماراتى خلال العقد الأخير، كانَ ضمانةَ الأمن العربى ضد مشاريع الفوضى الداخلية والخارجية، كانَ مصدر إغضابٍ لأصحاب هذه المشاريع ورُعاتهم الإقليميين والدوليين؛ لذلك فاستمرار هذا التنسيق جزء من المهام الوجودية، ومن الطبيعى وجود مقاربات واجتهادات «مختلفة» فى بعض المسائل السيادية هنا أو هناك بين هذا أو ذاك... هذه طبيعة الأمور».

 المستقبل يبدأ من الماضى

إن أهم ما نترجاه فيمن يتصدى للكتابة عن «مصر والسعودية»، الإلمام الجيد بتاريخ العلاقة بين البلدين، لأنه بطبائع الأمور ينعكس على حاضرها ويؤثر فى مستقبلنا فهى العلاقة الأخطر فى المنطقة، بل حجر زاوية فى أمن واستقرار العالم أجمع. فلا أتفق مع اختزال بعض الباحثين والمهتمين بالِشأن العربى،  فى أن العلاقة بين مصر والسعودية ركيزة للأمن القومى العربى،  أو أنها محورية لضمان استقرار الشرق الأوسط فقط، وظنى أن الغرب فطن إلى ما هو أوسع من هذا السياق المحدود الذى نروج له عربياً، وأدرك تأثير الهيمنة الروحية للقطبين الإسلاميين على ربع سكان العالم من المسلمين، والعودة إلى الوثائق السرية التى يفرج عنها كل حين فى بريطانيا أو الولايات المتحدة الأمريكية قد يفتح لنا آفاق الرؤية، ويجعلنا نفكر جيداً فى أثر هذه العلاقة على العالم أجمع ومدى تأثره بها.

 مد وجزر

وما بين «السعودية ومصر علاقة ممتدة لم تخل من محطات مد وجزر»، كما يصفها موقع «اندبندنت عربية»، الذى استبق زيارة أخيرة قام بها ولى العهد السعودى إلى مصر منتصف العام الماضى،  وأضاف موضحاً: «مثّلت الأزمات الكبرى بين البلدين اختباراً قوياً لمتانة العلاقات المشتركة، ويميل الجانبان إلى زيادة وتيرة التعاون والتنسيق، الأمر الذى ثبتت فاعليته فى مناسبات متعددة أبرزها حرب أكتوبر 1973».

ويسرد الموقع البريطانى فى ترخيصه (سعودى التمويل والتحرير) تاريخ العلاقة بين البلدين، ورغم تجاهله لوقائع تاريخية مؤثرة تعبر عن مواقف مصر الداعمة للمملكة منذ عهد الملك المؤسس، إلا أنه خلص إلى نتيجة هامة (اتفق معه فيها) تعكس الواقع وتقودنا إلى المستقبل، حيث أكد أنه: «فى العامين الأخيرين ارتقت العلاقات الثنائية بين السعودية ومصر إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية من خلال تأسيس مجلس التنسيق السعودى - المصرى،  وإبرام حكومتى البلدين نحو 70 اتفاقية وبروتوكولاً ومذكرة تفاهم بين مؤسساتها الحكومية.. وتبقى العلاقات السعودية - المصرية ثابتة وصامدة، لأنها واجهت عقبات التاريخ الطويل الذى جمع بين البلدين، وحصّنت نفسها من أى خلافات قد تشوبها أو تعترضها مستقبلاً».

لا خلاف بين مصر والسعودية.. ولن يوجد بينهما خلاف أبدا.. لأن ما بين الشعبين المصرى والسعودى رباط أخوى تاريخى مقدس.. وما بين البلدين أكبر.. ومصالحهما المشتركة أعقد من سذاجة التناول السطحى للأمور كما يصورها الفوضويون.

وعلى الإعلام فى البلدين الحذر من الانزلاق إلى مكامن العبث، وسراديب الدجل..

حفظ الله الشعبين والقيادتين لما فيه خير الأمة العربية والإسلامية..

و#تحيا_مصر_والسعودية