الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

من مواجهة التحرش إلى استخدام تكنولوچيا الـ VR فى التعبير عن المشاعر سارة أيمن فنانة مصرية تواجه قضايا المجتمع بالفن

«ما تيجى...».. عبارة قد تبدو عادية بالنسبة للبعض؛ لكنها ترتبط فى أذهان الكثيرين بمَشاهد ومعانٍ مؤلمة يتأثرون بها.. ولأن لكل منا طريقة مختلفة تميزه يستخدمها فى التعبير عمّا يصدح بداخله من مَشاعر وأحاسيس، كان لها كذلك أسلوب فريد فى التعبير عما يختلج فى صدرها من مشاعر مؤلمة وسلبية وما يختلج فى صدر الكثيرات.. استخدمت الفن المعاصر فى التعبير عن آلام النساء ومواجهة واحدة من قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعى المهمة على الساحة، وهى «قضية التحرش»؛ وذلك من خلال تطويع الفن فى عرض تلك الرؤية، وطباعة كل ما تتعرض له الفتيات من تحرش لفظى على مَلابسها؛ لتبدو الكلمات وكأنها مثل الغراء الذى يلتصق بالجسد..



 

لم يتوقف إبداعها على تلك النقطة لكنها استطاعت مؤخرًا الدمج بين التكنولوچيا الحديثة والفن؛ وذلك من خلال استخدام تقنية الـ VR فى التعبير عن المشاعر الإنسانية. اعتبر البعض أسلوبَها الفنى فجًا، والبعض الآخر اعتبره مبتكرًا؛ ولكن الأهم من هذا وذاك أنها استطاعت إيصال صوتها وصوت الكثيرين من خلال الفن. 

هى الفنانة التشكيلية سارة أيمن. مواليد عام 1996. تخرجت فى كلية الفنون التطبيقية قسم الإعلان (الجرافيك ديزاين). بدأت فى امتهان الفن فى العام الجامعى الأول عندما شاركت فى أول معرض لها، ولمع نجمها فى العام 2021؛ لتكون بين قائمة المؤثرين فى قضايا النساء على الساحة من خلال الفن. تحدثت لـ«روزاليوسف» عن تجربتها فى تحويل الفن المعاصر إلى وسيلة للتعبير عن المشاعر ووسيلة للتعبير عما تتعرض له المرأة من عنف لفظى وجسدى. وخلال السطور التالية سنتعرف عليها بشكل أكبر... وإلى نص الحوار..

 الفنانة التشكيلية سارة أيمن.. متى كانت البداية؟ 

- كانت البداية عندما رأى دكتور فى جامعتى وهو الفنان د/كریم القريطى، بعضَ أعمالى. وبدأ يقول لى إن هذا يمكن عرضه فى المَعارض وهو بحد ذاته فن وله اتجاه معين، وبدأ يُعرّفنى ماذا يعنى الفن وما هى المسابقات الفنية. 

 إذن؛ ما هى الأنشطة الفنية والمَعارض التى شاركت فيها على مدار سنوات حياتك الفنية؟

- شاركت فى عدد من مَعارض الطلائع بجمعية مُحبى الفنون الجميلة بجاردن سيتى منذ عام 2018 حتى عام 2020. ومن بين تلك المَعارض التى شاركت فيها مَعرض أشيائى المفضلة 5، وهو معرض جماعى عام 2020، ومعرض أرت فير بلندن مع جاليرى مشربية عام 2021، ومعرض مصاحب لمزاد كريستيز بلندن عام 2021، ومعرض الأسود، وهو معرض جماعى بجاليرى مشربية عام 2022، وأخيرًا معرض فانتوماس لاب VR فى مدرار لعام 2022.

وهل حصلت على جوائز من قبل؟ 

- نعم حصلت على جائزتين. حصلت على جائزة فى طلائع؛ الأولى جائزة جاليرى زمالك للفن عام 2018، كما حصلت على جائزة الفنان خالد زكى عام 2019.

 هل واجهتك تحديات خلال رحلتك فى عرض رؤيتك الفنية؟ 

- كانت هناك تحديات كثيرة بالطبع وأكبرها الدخول إلى المجال الفنى نفسه من الأساس. والظهور فيه بين كم الفنانين على الساحة وعرض أعمالى للناس. وأن أكون قادرة على أن تكون لى وجهتى ونهجى الخاص دون أن أتأثر بأى شخص آخر تأثيرًا كبيرًا يلغى شخصيتى وأسلوبى الفريد. وبالطبع أيضًا أن أكون قادرة على أن أوازن بين آرائى ومعتقداتى، وبين آراء الناس عند صياغة الأعمال الفنية. وأعتقد أن تلك التحديات تستمر مع الفنان مَهما تقدَّم بالعُمر وبفضلها يُصنع الفنان.

كانت انطلاقتك الأولى فى عرضك الخاص بالتحرش فى جاليرى مشربية.. حدثينا عنه؟ 

- بدأت فكرة هذا المشروع قبل العرض فى جاليرى مشربية بـ3 سنوات. قررت أن أجمع كل كلمات التحرش اللفظى التى سمعتها أو قِيلت لى فى الشارع وأكتبها على ملابسى لكى أعبر عن أن تلك تكون ملابسى وأنا أتعرض للتحرش. وقررت أن أكتبها دون فلترة أو تشويش على أى كلمة منها. أكتبها كما هى؛ لأن هذا هو ما أسمعه فى الشارع بالضبط. قدمت بالفكرة فى الكثير من المَعارض وتم رفضها وكان من بينهم صالون الشباب. ثم قدمتها فى مشربية وتم قبولها. وبعد أن بدأ المعرض وانتشر العمل على صفحات السوشيال ميديا كان هناك الكثير من الآراء والجدل حول المعرض. وهذا لأنه كان غالبًا أمرًا جديدًا على الأشخاص ألا يكون العمل الفنى مجرد لوحة مُعَلقة على الحائط؛ وإنما هو تجسيد للواقع، وأيضًا لأنه استطاع بذلك الأسلوب الوصول لشريحة كبيرة من الناس وخرج عن نطاق حائط الجاليرى ليتجول فى ساحاته ويؤثر فى العديد من الأشخاص.

 هل كانت هناك تبعات لهذا المعرض، وما هو نوعها؟

- بعد انتهائى من هذا المشروع طُلب منّى أن أقوم بتكرار هذا النوع من الأعمال كثيرًا. وأن أقدم معرضًا كل سنة على الأقل؛ لكننى لم أشعر أن الفكرة أو الهدف بالنسبة لى أن يكون الأمر مجرد «تريند» قدر ما أردت إيصال رسالة معينة للناس. وأحببت التعبير عنها. وهى فكرة أن هذا يحدث لى كلما نزلت للشارع، أى كان ما أفعله فى حياتى سواء كنت أشترى شيئًا من السوبر ماركت، أو المكتبة، أو أتمشى فى الشارع ذاهبة للبيت، أو أسير بجانب الحائط، فى كل مرّة كنت أسمع كلمة. حتى لو أننى أضع سماعات فى أذنى لكى لا أسمع، فالمتحرش دائمًا يحرص على إيصال ما يريد أن يفعل. فيقومون بإيصال الإحساس وهو ما يترك مشاعر ضيق داخل الفتاة. وأكثر ما كان يضايقنى أنه لم يكن هناك أى شخص يتحدث عن هذا الأمر، فكلما كنت أدخل إلى معرض أجد الجميع يتحدث عن الفلاحة المصرية والريف المصرى وتلك النوستالچيا فى حين أننا فى مجتمع ملىء بالقضايا التى يمكن الحديث عنها. 

 ماذا عن معرض فانتوماس لاب VR الذى قمت به مع مؤسّسة مدرار.. حدّثينا عنه؟

- آخر معرض قمت به هو معرض فانتوماس الذى قمت به مع مؤسّسة مدرار. أحببت فى هذا المعرض أن أتحدث عن موضوع يشغل تفكيرى دائمًا فى الفن هى فكرة مشاعرنا. ليس تلك المشاعر التى نستخدمها فى يومنا؛ ولكن المشاعر التى نتجاهلها تلك «المشاعر السوداوية» التى يمكن أن نُطلق عليها «الدارك سايد». أحببت إيصال تلك الفكرة من خلال نظارات الواقع الافتراضى الـ VR؛ لأننى شعرت أن الشخص الذى يستخدم الـ VR يدخل بداخل العالم الذى نخلقه، فشعرت أنه تحدٍّ بالنسبة لى؛ حيث إن هناك دائمًا تساؤلات بخصوص الـ VR من ناحية قدرته على إيصال المشاعر من عدمه كونها مجرد وسيلة افتراضية. فمَهما حاولنا إيصال مشاعرنا كبَشر لن نستطيع إيصاله من خلال الـ VR، وهنا تولدت عندى الرغبة فى تجربة الأمر ورؤية النتائج كيف ستكون. وبالفعل من خلال ردود فعل الناس حول العمل شعرت أن هناك أشخاصًا وصل لهم هذا الإحساس وبقوة. حتى إن هناك أشخاصًا بعد أول ثانيتين من مشاهدة العمل لم يستطيعوا إكمال المشاهدة فيخلعون النظارة ولا يستطيعون إكمال المشاهدة، وهناك أناس كانوا يشاهدون ويصابون بالخضة وينسحبوا، وهناك أشخاص شاهدوا العرض ولم يؤثر فيهم ولم يشعروا بشىء. فإن الفكرة التى استخدمتها هنا هى فكرة استعمال التكنولوچيا فى الفن، وهو الاتجاه الذى سأدخل فيه قريبًا لأن التكنولوچيا هى المستقبل؛ خصوصًا تقنية الـ VR، وهو كان تحديًا بالنسبة لى. وهو كان نتاج ورشة حصلت عليها لمدة شهرين مع چون فرانسوا والانستراكتور مها مأمون. وبالنسبة لى كشخص لم أعمل سابقًا على مشاريع 3D أو أى شىء يتعلق بعالم VR فهذا المعرض كان تحديًا تقنيًا؛ لأن تلك الخامة لم أستعملها سابقًا فى حياتى، فكان لا بُد أن أتعلم بعض الأمور أولًا وأدرس 3D وأدرس البرنامج نفسه ثم أرى كيف سأقوم بإيصال ذلك، وكيف أصنعه. فكان التحدى تقنيًا من ناحية ومن ناحية أخرى هل سينجح أمْ لا. 

 ما هو طموحك فى الفترة المقبلة؟

- أطمح إيصال الفن لجميع الناس وألا يكون مجرد لوحة فى جاليرى. أن يصل لمَن هم خارج نطاق الجاليرى أيضًا. وألا يقتصر ذلك على الأعمال الفنية المثيرة للجدل فقط؛ وإنما تكون على صعيد كل الأعمال الفنية التى أحاول العمل عليها وتُعبّر عن مشاعر أو مواضيع أخرى كثيرة. وبالتالى أتمنى أن يكون للفن رسالة وجمهور يتابع تلك الأعمال أكثر هنا فى مصر، وهو ما أتمنى الوصول له.

 بما أنكِ امرأة وشاركتِ بمعرض يتعلق بقضية مهمة من قضايا النساء.. فهل توجهين نصيحة للنساء؟

- ليس عندى نصيحة مخصصة للنساء؛ ولكن الفنان بشكل عام تقابله العديد من التحديات حتى لو بدأ يعرض أعماله فى المعارض وأصابته الشهرة قليلًا لا تزال أمامه العديد من التحديات. ويمكن أن نخص السيدات فى تلك النقطة تحديدًا. ونصيحتى لهن أن يبذلن كل الجهد وراء ما يرغبن فى تحقيقه حتى يحصلن على ما يرغبن. فكان يمكن أن أيأس من البداية لأننى غير قادرة على عرض أعمالى، أو أننى غير قادرة على إيجاد طريقى فى الفن، أو بسبب أن الناس تجبرنى على طريق معين لا أريده؛ لكن هذا ليس بالأمر الصحيح. على الشخص دائمًا أن «يعافر» حتى يجد طريقه ويصل له.