الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
المناهج والتنوير

المناهج والتنوير

أثار الدكتور أسامة الغزالى حرب موضوعًا مهمًا فى مقاله اليومى بجريدة «الأهرام» يتصل بتعديل الاتفاقية المساعدة بين الولايات المتحدة الأمريكية ومصر الخاصة بالتعليم الأساسى والتى تتضمن إضافة مبلغ 7.5 مليون دولار أمريكى ليصبح المبلغ الإجمالى لمساهمة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية 122 مليون دولار تقريبًا تستخدم فى المرحلة الثانية لتنفيذ أنشطة التعليم.. وقد طرح الدكتور أسامة مجموعة من الأسئلة التى تبحث عن إجابة فى هذا الصدد لتحقيق الهدف النبيل من دعم التعليم الأساسى، منها: هل سيذهب بعض من هذه المعونة لترميم ابنية المدارس المتهالكة؟!.. هل ستصرف مثلًا على محاضرات لتدريب المدرسين الذين لا يذهبون أصلا إلى فصولهم؟ هل سينفق بعضها على تطوير المناهج مثلًا؟!



والحقيقة أن تطوير المناهج كان وسيظل أهم وأخطر قضايا التعليم التى لم تحقق منذ زمن طويل إنجازًا حقيقيًا يتناسب مع أهميتها رغم الصيحات المتكررة والاستنكارات المتعددة.. والمطالبات الدائمة والملحة لتعديلها.. وأتذكر أنى ألقيت الضوء عليها من خلال مشاهد درامية من الفيلم التليفزيونى «محاكمة على بابا» الذى كتبت له السيناريو والحوار عن قصة لأحمد رجب وإخراج إبراهيم الشقنقيرى وعرض فى أوائل الثمانينيات من القرن الماضى من خلال اعتراض تلميذ فى المرحلة الإعدادية على دراسة أشعار المتنبى والبحترى وأبو تمام الذين كانوا ينافقون الحاكم إذا أجزل لهم العطاء فيمدحونه، ويذمونه إذا كف يده عنهم.. ويرفض حفظ هذه الأشعار فيهدده المعلم بالرسوب.. وناقشت فى الفيلم خطورة تدعيم المناهج المتخلفة والتراثية المتحجرة التى لا تتناسب مع العصر وتصر على المحافظة القدسية على الحفظ والصم والتلقين واجترار سطور الكتب بالإجابة فى الامتحانات على الأسئلة المباشرة من خلال مطبوعات الإجابات النموذجية.. واختفت بذلك الأسئلة التى تعتمد على التفكير وإعمال العقل وحصيلة الطالب من المعرفة والوعى والاستنتاج والتفسير والمناقشة والإثبات والتدليل والمقارنة والاستنباط والتعليل والتعبير بأسلوبه الخاص وشرح وجهة نظره وقناعاته وتفنيد الآراء المختلفة.

المدهش أيضًا أن المناهج الدراسية فى كل مراحل التعليم يضعها على مدى كل العقود السابقة مفتشو ومديرو وزارة التربية والتعليم ولا يتم اللجوء إلى المتخصصين ولا أعرف سببًا للإصرار على ذلك وعدم الاستفادة من الخبرات المختلفة فى كل المجالات.. فلماذا لا يضع منهج مادة علم النفس مثلا أساتذة علم النفس والأطباء النفسيين الكبار.. وعلم الاجتماع يضعه أساتذة علم الاجتماع والمفكرين، والفلسفة الفلاسفة والتاريخ المؤرخين والباحثين.. والأدب والشعر والبلاغة الشعراء وأساتذة النقد الأدبى.. وإلى متى تظل مناهج اللغة العربية تنتهى عند أحمد شوقى وحافظ إبراهيم وتفتقر إلى الشعر الحديث ورواده العظام مثل صلاح عبدالصبور وعبدالمعطى حجازى ونزار قبانى.. والقصص المقررة تفتقر إلى روايات وقصص يحيى حقى ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس وإحسان عبدالقدوس.. هل أعمال هؤلاء العظام من المحرمات التى يجب تكفيرها؟! التعليم فى بلادنا يحتاج إلى ثورة تنويرية.