السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الطريق الثالث.. الصومال وثائقيًا فى «عاصمة الخبر».. انعكاسًا لتقارب سياسى مع القاهرة شابيلا.. حرب ضد الإرهاب ومجاعة على الأبواب

الطريق الثالث.. الصومال وثائقيًا فى «عاصمة الخبر».. انعكاسًا لتقارب سياسى مع القاهرة شابيلا.. حرب ضد الإرهاب ومجاعة على الأبواب

 عبَّرتُ له عن تقديرى على الجهد الكبير المبذول لظهور هذا الفيلم المهم، وصافحته مهنئًا، ومُعبرًا له عن قلقى من (شابيلا) قبل عرضه، والخوف من أن يكون الفيلم مظلمًا يدفع إلى اليأس، فى وقت يحتاج الشعب الصومالى إلى رسالة صادقة تصور تحدياته بصورة تخاطب العقل، ولا تستدعى الدموع، تُنشط أفكارًا للإنقاذ، لا شعارات جوفاء للمساندة والدعم، تنير طريق الوصول إلى أرضه رُغْمَ وُعُورَة الطريق.. هذا ما نجح فيه الزميل الدكتور محمد سعيد محفوظ (وفريقه الإبداعى)، وتحت إشراف الكاتب والإعلامى أحمد الطاهرى، تدعمهما الشركة المتحدة، رائدة صناعة المحتوى الإعلامى فى الشرق الأوسط، لتولد باكورة إنتاج «وثائقيات القاهرة الإخبارية»، تمنحنا أملًا كبيرًا فى مشروعات وثائقية قادمة وبجودة عالمية تليق بأول قناة مصرية دولية، تحمل شعار: القاهرة.. «عاصمة الخبر».



تم عرض الفيلم الوثائقى (شابيلا) على شاشة «القاهرة الإخبارية» مساء الأربعاء الماضى، وسبقه بيوم عرض خاص للفيلم حضره عدد من الصحفيين والإعلاميين المصريين وقيادات الشركة المتحدة.. و(شابيلا) يكشف بشكل صادم ما الذى فعله الجفاف بالصومال، بعد أن تعرّضت لموجة جفاف عاتية نتيجة غياب الأمطار لمدة 5 مواسم متتالية، مما اضطر عددًا كبيرًا من السكان للنزوح تجاه العاصمة مقديشو والإقامة فى مخيمات بائسة على حدودها؛ حيث يعيشون مأساة إنسانية، ضاعف من قسوتها تشابُك ملف الجفاف والفقر بخيوط الإرهاب؛ حيث أوضح الفيلم سطو جماعات إرهابية على قوافل مساعدات إنسانية ومنع وصولها إلى الفقراء والنازحين فى معسكر القبور، بحسب ما تأكد فى الفيلم على لسان عبدالرحمن عبدالشكور، المبعوث الخاص للشئون الإنسانية والجفاف بالصومال، يضاف إلى ذلك ما يتكبّده المجتمع الصومالى كله من أعباء بسبب الحرب المستمرة مع الإرهاب.

 زيارة نادرة

وظنّى أن اهتمام القاهرة وثائقيًا بالصومال؛ يأتى كثمرة طازجة للتقارب السياسى بين الدولتين، والذى بدأ فى منتصف العام الماضى عقب إعادة انتخاب حسن شيخ محمود رئيسًا للصومال؛ حيث فوجئ مراقبون بحسب وصف «إندبندنت عربية» بزيارة رئيس الوزراء المصرى مصطفى مدبولى إلى مقديشو فى الأسبوع الأول من يونيو عام 2022 من أجل المشاركة فى حفل تنصيب الرئيس الجديد نيابةً عن الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى، وذلك فى زيارة نادرة لمسئول مصرى على هذا المستوى منذ عقود.

كما يُعتبر (شابيلا) أول تواجُد حقيقى للإعلام المصرى على أراضٍ صومالية منذ سقوط نظام سياد برّى الذى أوصل الصومال إلى حرب أهلية مدمرة، اندلعت فى نهاية الثمانينيات من القرن الماضى، فأورثتها الفوضى حتى اليوم؛ لتمتد معاناة هذا القُطر العربى الشقيق المُطل على البحر الأحمر فى منطقة القرن الإفريقى حتى اليوم، والتى لن يكون آخر صفحاتها؛ تنظيم «حركة الشباب» الإرهابى، الذى ينتمى فكريًا إلى تنظيم القاعدة.

 مساعدات إنسانية

ويتزامن عرضُ الفيلم مع زيارة تاريخية يقوم بها حمزة عبدى برّى رئيس وزراء جمهورية الصومال الفيدرالية إلى مصر، والتى تأتى فى إطار حرص القيادتين المصرية والصومالية على تعزيز التعاون القائم بين البلدين فى جميع المجالات فى ظل الرؤية الجديدة التى ينتهجها رئيس جمهورية الصومال حسن شيخ محمود؛ لتعزيز أواصر التعاوُن والتنسيق مع مصر.

وكانت السفارة المصرية فى مقديشو، قد سلّمت الحكومة الصومالية قبل أسبوعين، شحنة مساعدات إنسانية بإجمالى 240 طنًا من المواد الغذائية والطبية والإغاثية، مقدمة من الحكومة المصرية بمساهمة من الأزهر الشريف ووزارات الدفاع والصحة والسكان والتضامن، والهلال الأحمر المصرى بالتنسيق مع وزارة الخارجية المصرية.

 قمة الجزائر

وسبق أن جمعت القمة العربية الأخيرة فى الجزائر الرئيسين المصرى والصومالى فى لقاء عُقد على هامش مشاركتهما فى القمّة، وعبّر الرئيس السيسى عن اعتزاز مصر بعلاقاتها التاريخية مع الصومال، وحرصها على مصالح الشعب الصومالى الشقيق فى إطار دولة موحدة مستقرة وقوية، فضلًا عن دعم الصومال للتعامُل مع مختلف التحديات التى يواجهها؛ خصوصًا خطر التطرف والإرهاب. مشيرًا إلى استعداد مصر لمواصلة تقديم الدعم للصومال لبناء وترسيخ مؤسّسات الدولة، وتفعيل مختلف أوجُه التعاوُن الثنائى مع الصومال؛ لا سيما على الأصعدة الاقتصادية والتجارية وتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية لمواجهة أزمات الجفاف وتدريب الكوادر الفنية الصومالية.

 كمال الدين صلاح

وتتسم العلاقات بين مصر والصومال بالقوة والمتانة، فهى علاقات تاريخية منذ عهد الفراعنة، وتحديدًا عندما قامت الملكة حتشبسوت؛ بإرسال البعثات التجارية إلى «بلاد بونت»، الصومال حاليًا؛ لجلب منتجات تلك المنطقة؛ خصوصًا البخور، كما أنه فى العصر الحديث كانت مصر أولى الدول التى اعترفت باستقلال الصومال عام 1960، ولا يزال يُذكر بكل تقدير اسم الشهيد المصرى «كمال الدين صلاح» مندوب الأمم المتحدة لدى الصومال الذى دفع حياته عام 1957 ثمنًا لجهوده من أجل حصول الصومال على الاستقلال والحفاظ على وحدته، وقد أشار الزميل «الطاهرى» فى كلمته التى أعقبت عرض الفيلم إلى قصة الدبلوماسى المصرى الشهيد، والتى عرفها من كتاب للأستاذ الكبير الراحل أحمد بهاء الدين عن إفريقيا.

وأظهر (شابيلا) تقديرًا صوماليًا للمواقف المصرية؛ حيث أكد محمود معلم مدير هيئة الكوارث الصومالية خلال أحداث الفيلم الوثائقى «إن مصر لها كل الشكر على مواقفها المخلصة وما تقدمه من جهود نثمّنها باستمرار»، وأشار إلى أهمية اعتماد إفريقيا على نفسها فى تحقيق التنمية الشاملة، والاكتفاء الذاتى فى جميع المجالات بما يساعدهم على النهوض بقارتهم والعمل على تطويرها.

 ما فى غير الله

ومن بين ما يرصده الفيلم، قصة «منيرة آدم»، التى سمع فريق تصوير الفيلم صيحتها العربية، فسجّلوا معها لقاءً لتكشف لهم عن معاناتها، مؤكدة أنها جاءت من المدينة وسكنت فى معسكر النازحين، و«أوضحت أن المواطنين لا يجدون شيئًا، وفى الليل يكون هناك برد شديد وناموس، ولا توجد أموال والناس حالتها سيئة جدًا، والحكومة لا تأتى إليهم»، مختتمة حديثها بثقة «ما فى غير الله».

كما يروى الفيلم مأساة سيدة صومالية حامل فى شهورها الأخيرة، تروى أنها قدمت إلى المعسكر برفقة عمّها وأبنائها الذين فقدتهم، ولا يوجد مَن يعولهم، وعمّها متقدم فى السّن ويبحث عن فرصة للعمل، وهى لا تستطيع العمل لأنها قاربت على الولادة، وتحتاج للدعم. وأضافت إن المساعدات الحكومية لا تصلهم، لكن يحصلون على بعض الصدقات فقط، وهى لا ترجو إلا الله، ولا تعترض على قضاء الله، لكنها لا تنسى دفء أطفالها الثلاثة الذين ماتوا بين يديها.