الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
من أجل تهيئة بيئة داعمة وجاذبة للاستثمار بداية الانطلاق نحو «دستور اقتصادى» وثيقة سياسة ملكية الدولة

من أجل تهيئة بيئة داعمة وجاذبة للاستثمار بداية الانطلاق نحو «دستور اقتصادى» وثيقة سياسة ملكية الدولة

أعلنت الحكومة موافقة الرئيس عبدالفتاح السيسى، على وثيقة سياسة ملكية الدولة، التي بموجبها نسير فى مسار استكمال الإصلاحات التي تبنتها الدولة المصرية؛ بهدف تعزيز دور القطاع الخاص فى النشاط الاقتصادى بشكل عام، وتهيئة البيئة الاقتصادية الداعمة والجاذبة للاستثمارات.



وقد أوضحت الوثيقة فى «السياق العام» لها، أن تواجد الدولة فى النشاط الاقتصادى يحكمه مفهوم أشمل وأوسع وهو العقد الاجتماعى، الذي تعمل من خلاله على تلبية الاستحقاقات الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، وبموجب هذه الاستحقاقات يتم تحديد مجال وجود الدولة فى القطاعات الاقتصادية أو تخارجها لصالح القطاع الخاص.

وحرصًا على تقديم المعلومة الدقيقة، وتناول كل وجهات النظر من خلال مساحة حرة للنقاش، حاور رئيس التحرير أحمد الطاهري، عددًا من الكُتَّاب  والمتخصصيـن لاستيضاح القطاعات الاقتصادية التي تتخارج منها الدولة لصالح القطاع الخاص، وكيف تساهم الوثيقة فى تعزيز دور القطاع الخاص؟

وكيف تؤدى الوثيقة لزيادة الاستثمارات الأجنبية فى مصر؟ 

حيث ضم النقاش: عماد الدين حسين، عضو مجلس الشيوخ ورئيس تحرير جريدة الشروق، وعزت إبراهيم  رئيس تحرير جريدة الأهرام ويكلى،  والدكتور هشام إبراهيم، أستاذ التمويل والاستثمار، والدكتور أكمل نجاتى، أمين سر اللجنة  الاقتصادية  بمجلس الشيوخ، والكاتب الصحفى محمد سعد عبدالحفيظ،  والدكتور محمد فايز فرحات عضو مجلس أمناء الحوار الوطني.

صورة اقتصادية واضحة

قال عماد الدين حسين، عضو مجلس الشيوخ ورئيس تحرير جريدة الشروق، إن وثيقة سياسة ملكية الدولة تضع حدًا للجدل الدائر حول مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص ودوره فى الاقتصاد المصري وتنهى حالة الخناق بهذا الشأن. 

وأضاف «حسين» إن تطبيق الوثيقة جزء مهم فى إطار استكمال برنامج الإصلاح الاقتصادى، مشيرًا إلى أنها صدرت بعد نقاش مستفيض فى الدولة المصرية على مدى سنوات طويلة حول دور القطاع العام والقطاع الخاص، وهل الدولة تزاحم القطاع الخاص أم لا؟

وتابع عضو مجلس الشيوخ: «من مصلحة مصر أن تكون الصورة الاقتصادية واضحة، ولا بُد أن يعرف المستثمر الأجنبى أو المحلى شكل تدخل الدولة ودورها؟ ودور القطاع الخاص،  سواء  كان القطاع الخاص محليًا أو أجنبيًا، لا بُد أن يطمئن للتقدم الاقتصادى، وهو فى جوهر برنامج الإصلاح الاقتصادى».

واستطرد  رئيس  تحرير جريدة الشروق: «وزى ما عملنا جزء مهم فى الإصلاح الاقتصادى فهو جزء مهم فى إطار استكمال برنامج الإصلاح الاقتصادى، وهو عامل مساهم، ويكون الفيصل الرئيسى هو كيف يمكن أن نطبق ما ورد من مفاهيم وقرارات وتوجهات موضع التنفيذ».

 دفعة للقطاع الخاص

قال عزت إبراهيم رئيس تحرير جريدة الأهرام ويكلى، إن القطاع الخاص المصري يستحق أن يأخذ دفعة أكبر فى الفترة المقبلة، خاصة بعد مرور الاقتصاد المصري بثلاث مراحل أساسية للإصلاح، من 2013 - 2016، ومن 2016-2019، ومن 2019-2022، فالثلاث مراحل صدرت عنها وثائق من الدولة بدءًا من استراتيجية التنمية ووثيقة 2030 التي خرج عنها كثير من الأفكار التي تطبق الآن والتي تخرج للمجال العام واحدة تلو الأخرى.

وأضاف «إبراهيم» إن الدولة كانت ترتب قبل أحداث أوكرانيا لإدخال القطاع الخاص كشريك أساسى فى التنمية، مشيرًا إلى أن الدولة تحملت الكثير من الأعباء وأصبح عليها أن تترك الأمر الآن أو جزءًا  كبيرًا منه للقطاع الخاص ليقوم بدوره.

وتابع أن حديث الرئيس السيسي فى أغسطس 2021 عن صندوق النقد الدولى كان واضحًا حين أكد أن دوره يقتصر على كونه مؤسسة دولية لها دور استشارى ومحايد ولكن ليس له أى إملاءات على مصر، وأن الدولة تعد وثائقها بنفسها وترى التحديات الكبيرة، وأنه لا بُد أن يكون المصريون هم المتحكمون فى أمورهم، مشيرًا إلى أهمية مسألة الحياد التنافسى التي ذكرها رئيس الوزراء، وأن تكون الدولة مراقب وحكم فى إدارة النشاط الاقتصادى.

وتابع: «هناك مؤشرات تتحدث عن رفع نسبة القطاع الخاص من 30 % لـ65 % خلال 2030، فهذا الكلام له صدى كبير فى الخارج، وله صدى كبير فى المؤسسات الدولية».

 ليست خصخصة

ومن جانبه، أكد الدكتور هشام إبراهيم، أستاذ التمويل والاستثمار، أن وظائف الحكومات فى العالم هى التنظيم والرقابة وليس التملك والإدارة، مشيرًا إلى أن وثيقة سياسة ملكية الدولة كان من الطبيعى أن تخرج للنور فى هذا الوقت لأن الدولة بدأت فى النضج، وأصبحت مؤهلة لجذب الاستثمارات، قائلًا:

«وظائف الحكومات فى العالم هى التنظيم والرقابة وليس التملك والإدارة، ووثيقة ملكية الدولة ليست انحرافًا عن المسار وليست محاولة للتعامل مع الأزمات الاقتصادية التي يمر بها المجتمع الدولى».

وطالب بضرورة  التفرقة بين وثيقة ملكية الدولة وبرنامج الخصخصة، فالوثيقة تعترف أن الدولة غير قادرة على إدارة اقتصادية بشكل كفء، وبالتالى آن الأوان أن يلعب القطاع الخاص دوره فى الاقتصاد الوطني.

وقال أستاذ الاستثمار، إن فكر التنظيم والرقابة لا توجد له آليات وأدوات واضحة فى الدولة حتى الآن؛ ولذلك يجب أن نقترب من النظام الاشتراكى لحماية المواطنين، مشيرًا إلى أن الدولة خرجت من ثورتين وكان يجب أن تتجه للنظام الاشتراكى لأنها لم تكن مستقرة سياسيًا كما لم تكن مكتملة بعد وبنيتها الأساسية مهلهلة وكانت هناك حالة عزوف من القطاع الخاص على الاستثمار ما اضطرها لـ«النزول إلى الملعب».

وأضاف إن النظام الاقتصادى يتغير ما بين دولة لأخرى وأيضًا يتغير للدولة ذاتها من وقت لآخر وفقًا للظروف التي تمر بها، مشيرًا إلى أن الدولة تتجه للنظام الرأس مالى، موضحًا أن النظام الرأس مالى هو أن الحكومة تلعب الوظيفة الأساسية.

 وثيقة تاريخية 

وأكد الدكتور أكمل نجاتى، أمين سر اللجنة الاقتصادية بمجلس الشيوخ، إن  وثيقة سياسة ملكية الدولة هى وثيقة تشاركية، ولم تخرج عن الحكومة المصرية منفردة ولكن كانت بمشاركة كافة اللجان النوعية بمجلسى النواب والشيوخ، ومن خلال جلسات استماع داخل مجلس الوزراء، وتم تناولها من كافة الاتجاهات ومن كافة الأطراف المعنية بخروج هذه الوثيقة للنور، متابعًا: « ولسه هيبقى فيه ملحقات للوثيقة ومعدلات زمنية، وكان فيه استماع لرجال الأعمال، والمصنعين، فكل الأطراف أو أصحاب المصالح كانوا موجودين».

وأضاف إن هذه الوثيقة «تاريخية» وهى بداية الانطلاق نحو «دستور اقتصادى» تتحرك من خلاله هذه الحكومة ومن يعقبها، ولا بُد من التركيز على رسائل إعلامية تبث للمواطن البسيط ويكون مضمونها أن القطاعات المهمة مثل (قناة السويس والتعليم) لن تخرج عن الدولة بشكل كبير فى لحظة زمنية وقتية، حتى لا ينتج عن هذه الوثيقة آثار يشهر بها المواطن إلا إذا كان متفهم لبنودها.

وتابع أنه لا بُد من دراسة وثيقة سياسة ملكية الدولة بشكل جيد، وعلى الإعلام أن يسلط الضوء على برنامج الأطروحات الحكومية ويتابع نتائجها، مؤكدًا رفضه لفكرة أن الحكومة لا تراقب، فمؤسسات الدولة التشريعية تمارس دورها فى مراقبة الحكومة وتصل لنتائج جيدة فى بعض القضايا الشائكة، مشيرًا إلى أن المواطن لا يهتم إلا بالاطمئنان عن مستقبله ومستقبل أولاده وأن يحصل على معلومة مبسطة لما يدور حوله.

 تهيئة مناخ الاستثمار أولًا

فيما قال الكاتب الصحفى محمد سعد عبدالحفيظ، إنه متحفظ على إصدار وثيقة سياسة ملكية الدولة خوفًا من الاندفاع فى عمليات تخارج الدولة من إدارة بعض المؤسسات والقطاعات الاقتصادية.

وأضاف «عبدالحفيظ»: «نخشى أن تكون عملية تقطير لعمليات البيع للقطاع الخاص، وبعد توافر النقد الأجنبى الناتج عن عمليات البيع سوف يستخدم فى حل الأزمات وتسديد أقساط الديون وفوائدها، بالإضافة إلى سد عجز الموازنة، والبدء فى دورة بيع جديدة».

وأردف الكاتب الصحفى: «أنا بشكل شخصى أعبر عن توجه موجود ضد فكرة تخارج الدولة»، مضيفًا: «قبل أن نتحدث عن تحديد القطاعات التي تتخارج منها الدولة كان من الممكن أن نتحدث عن تهيئة مناخ الاستثمار أولًا وتشجيع المستثمر المصري أو الأجنبى على المجيء والاستثمار فى مصر».

 تحديد العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص 

وقال الدكتور محمد فايز فرحات، عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، إننا لدينا نوع من الازدواجية فى الخطاب، وهى إحدى المشكلات الكبيرة فى مصر، وحتى فترة قريبة كان هناك نقد شديد جدًا لخطاب أن الدولة تزاحم القطاع الخاص.

وأضاف «فرحات»: «يقال أن هناك غيابًا  للمنافسة، وهو خطاب قطاع الأعمال والقطاع الخاص، وكان ذلك نقدًا أساسيًا، وأخذ بعض الأبعاد الدولية، وعندما تأتى الدولة لتقديم وثيقة ملكية الدولة، وهى ليست وثيقة للخصخصة وبها فلسفة لتحديد العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص، وهى تحكم النشاط الاقتصادى للبلاد، ولذلك فهى ليست للبيع وإنما هى وثيقة لتنظيم الأمور».

وتابع عضو مجلس أمناء  الحوار الوطني: «ما يقال عن أن الدولة تبيع المواطن به ازدواجية، ولا يجب أن تفهم الأمور بهذه الطريقة، وهناك فلسفة ويجب أن نفهم هذه الفلسفة، حتى ندافع عنها ونكون جزءًا منها».

واستطرد: «مسألة ازدواج الخطاب أصبحت مسألة معرقلة لأى تطور فى مصر، وإذا عدنا لـ8 سنوات للخلف ونحاكم الدولة على كل ما أنجزته فى 8 سنوات، فما هى الدولة فى العالم التي حققت هذه الإنجازات فى 8 سنوات، وأى عملية تنمية معقدة، وفيها أولويات وكيف نمول عملية التنمية، وما دور الدولة والقطاع الخاص والتحديات على كل الجبهات، لذلك أى دولة أثناء إدارتها أو بداية مشروعها التنموى تفكك كل هذه الأمور، وتضع أولويات وطريقة عمل استنادًا إلى واقع داخلى وحجم الاعتماد على الفاعلين داخل الدولة والتمويل والبيئة الدولية والإقليمية».