الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقك.. من قمة المناخ إلى كأس العالم.. محاولات الإفساد واحدة ابتزاز العرب.. بحقوق الإنسان والشواذ جنسيًا

حقك.. من قمة المناخ إلى كأس العالم.. محاولات الإفساد واحدة ابتزاز العرب.. بحقوق الإنسان والشواذ جنسيًا

سؤال.. هل من المصادفة أن يقتحم أحد المشجعين مباراة البرتغال وأوروجواى حاملًا علم الشواذ جنسيًا، وقبلها وضع وزيرة الداخلية شارة دعمهم فى مباراة منتخب بلادها مع اليابان وكذلك المنتخب اليابانى، وقبلها حظر إعلانات تدعو لزيارة قطر فى بريطانيا ونزعها لموقفها الرافض للشذوذ الجنسى باعتبارها دولة إسلامية؟ وعلى نفس السياق ما حدث فى قمة المناخ ومحاولة إقحام قضايا أخرى بخلاف المناخ على أعمال القمة عبر نشطاء ومنظمات ووفود أجنبية؟



 

الإجابة لا.. فالقاعدة تقول إنه لا توجد مصادفات فى السياسة!

وربما أقتبس من رد مجلس النواب المصرى القوى على بيان البرلمان الأوروبى حول حقوق الإنسان فى مصر جملة مهمة ربما تكون محور ما يدور حولنا فى نهاية عام 2022 وهى أننا أمام ممارسة للوصاية من جانب بعض الدول فى الغرب، حيث تمارسها باستعلاء على الدول العربية والإسلامية وتضغط من أجل فرض قيم تخصهم على شعوب أخرى ترفض المساس بخصوصيتها وتتمسك بحقها الأممى فى تقرير مصيرها وترفض التدخل فى شئونها الداخلية وتحمى سيادتها الوطنية.

بخلاف ذلك تظهر معالم اختراقات ثقافية تتخطى فكرة الاستفادة من الحضارة الغربية وتقدمها فى المجالات المختلفة لتصل إلى حد الرغبة فى صناعة مسوخ تنسحق أمام التجربة الغربية وتستنسخها بشكل لا يلائم المجتمعات الشرقية، وصولاً لحد اغتيال الشرق وأفكاره وثوابت ثقافته بداية من مركزية الأديان بتصدير موجات الإلحاد المتلاحقة وصولاً إلى تغيير نمط الأسرة الفطرى بفرض قبول الشواذ جنسيًا وكلها أفكار تتخفى وتخترق المجتمعات الشرقية تحت عباءة حقوق الإنسان.

ومع الأسف نجح الغرب خلال فترة الاستعمار فى تجذير روابط التبعية الثقافية ودفع المجتمعات الشرقية إلى الاقتداء بالنماذج الغربية للتحديث باعتبارها التجارب الناجحة لتطوير المجتمعات. 

بالتأكيد كان الانسحاق أمام الحضارة الغربية سببًا فى تشوهات عديدة أصابت الهويات الوطنية خاصة أن الانخراط فى موجات من التقليد الأعمى للقيم والسلوكيات والأخلاقيات الغربية قد وصلت إلى ذروتها فى ظل تطور الرأسمالية الغربية إلى رأسمالية متوحشة فى ظل وجود تيار ما يمكن أن نطلق تيار العولمة الرأسمالية، وهو تيار تتحكم فيه شركات التقنية والمعلومات ومواقع التواصل الاجتماعى وصانعة أفكار الحياة فى واقع افتراضى، وهو ما أدى إلى انزواء الثقافات الشرقية والسعى لكسر التيارات الوطنية.

وإذا عدنا إلى ممارسات ألمانيا وبريطانيا فى كأس العالم وطبقنا عليها منظور الإعلان العالمى لحقوق الإنسان سنجد أنها تمثل انتهاكًا صارخًا لكل قيم حقوق الإنسان الداعية لقبول الآخر، لأنه ببساطة عليهم أن يقبلونا كما نحن لا أن نتحول إلى مسوخ تقلدهم بلا وعى، وإذا كانوا قد قرروا أو اتفقوا على التحلل من الثوابت الدينية التى اتفقت عليها الأديان السماوية الثلاثة فى رفض الشذوذ فلا يجب أن يفرضوا ذلك على باقى الشعوب.

كما أن ممارستهم لازدواجية المعايير عند الحكم على ملف الآخرين فى حقوق الإنسان يؤذى مبادئ الحقوق والحريات العالمية، فكيف تتحدث أوروبا عن حقوق الإنسان وهى تتهرب من إنقاذ المهاجرين فى عرض البحر، وهى تمارس العنصرية فى تسكين اللاجئين تفتح أبوابها للقادمين من أوكرانيا وتغلقها فى وجه السوريين والأفارقة.

يكفى أن نتابع تطورات الأزمة بين إيطاليا وفرنسا وتدخل الاتحاد الأوروبى بعد منع إيطاليا لمراكب الهجرة من دخول شواطئها وتمريرها إلى فرنسا، وهو ما رفع منسوب الغضب فى فرنسا تجاه الحكومة الايطالية الجديدة، فيما تخلت بريطانيا عن المهاجرين وأعادت توطينهم فى دول أخرى فى انتهاك لاتفاقيات المهاجرين، فضلاً عن انتشار حوادث العنصرية وصعود التيارات اليمينية المتشددة ووصولها إلى الحكم فى دول أوروبية عديدة واتساع نطاق رفض المهاجرين سواء المستقرين أو القادمين عبر البحر، كل ذلك يؤكد أن الغرب يتعامل مع حقوق الإنسان وفق ما يوافق مصالحه ويتجاهل ما يراه ضد مصالحه.

تسبب صعود التيارات المتطرفة وتمركزها فى عدد من الدول الأوروبية، فى انتهاكات متكررة ومستمرة لحقوق الأقليات والمهاجرين وتحديدًا الجاليات الإسلامية، وتحولت معتقداتها الدينية إلى هدف ثابت للإهانة والتدنيس فى حماية قوات الأمن فى تلك الدول، وهو تصرف ينتهك الحق فى الاعتقاد بشكل متكرر ويشير لوجود إصرار إوروبى على عدم احترام واحد من الحقوق الأساسية اللصيقة بالإنسان وهى الحق فى الاعتقاد.

أقدم أحد قادة اليمين المتطرف فى أوروبا على إحراق المصحف الشريف فى إحدى ضواحى السويد تحت حراسة الأمن السويدى، ثم اشتباك الأمن السويدى مع المتظاهرين الرافضين أصبح مشهدًا متكررًا كلما اقتربت الانتخابات الأوروبية، أو محاولة من اليمين لإظهار قوته خاصة بعد حادثة الرسوم المسيئة فى فرنسا وهولندا، بالإضافة إلى تنامى مشاعر الكراهية ضد المسلمين والمهاجرين بصفة عامة وهى مسألة تؤكد وجود خلل فى فهم المجتمعات الأوروبية لمعنى الحق فى الاعتقاد، بل إن بعض الحكومات الأوروبية تغض الطرف عن تلك الانتهاكات المتكررة ضد المسلمين والمهاجرين وضد ثوابتهم ومعتقداتهم بشكل منهجى يكرس تنامى مشاعر العداء بشكل يهدد حياتهم ويهدد حقوقهم بموجب الإعلان العالمى لحقوق الإنسان.

بل أصبح من غير المستغرب تجاهل عدد من المؤسسات الدولية الحقوقية للتعليق على ذلك الأمر وصمت الآليات الدولية على ذلك الانتهاك المستمر للدين الإسلامى فى الغرب بشكل يزيد من حالة الاحتقان ويمهد لمزيد من أعمال العنف فى المستقبل.

إذن ترفض أوروبا الرموز الدينية وتحديدًا الإسلامية وتعاقب من يرفعها وتحتفى برموز لوبيهات الشواذ وتضىء مبانيها وملاعبها بألوان علمهم، تدافع عن المحرضين على العنف وتضغط من أجل الافراج عنهم، بينما تعاقبهم بالسجن مدى الحياة فى سجونها، تقدس سيادة القانون على أراضيها وتدوسه فى دول أخرى.

 رد البرلمان المصرى على البرلمان الأوروبى كشف بعدًا آخر فى العقلية الغربية وهى الاستعلاء بالجهل، فما جاء فى بيان البرلمان الأوروبى مخالف تمامًا لحقيقة الأوضاع فى مصر، وهو ما يعنى أن نواب البرلمان الأوروبى يرددون ما يسمعونه دون تدقيق، لكنهم لا يتابعون شيئًا، وهو ما أوقعهم فى مغالطات عديدة.

وإذا بحثنا فى أوجه القصور نجد أن السبب فى ذلك هو سيادة الصورة النمطية القديمة عن دولنا العربية، الغرب غير منتبه إلى أننا نزلنا من فوق الجمال وتركنا الحوارى والأسواق الضيقة ونبنى ناطحات سحاب ويربط مدننا القطارات الكهربائية الحديثة ونملك أكبر محطة طاقة شمسية فى العالم ولدينا آليات وطنية معتبرة يشكلها البرلمان المنتخب معنية بحماية حقوق الإنسان.

تلك المعطيات تطرح سؤالاً آخر.. إذا كانت حقوق الإنسان تؤمن بالمساواة.. لماذا يصر الغرب على الاستعلاء ويتمسك بالتعامل المصبوغ بالعنصرية مع الآخرين؟ يرى نفسه محتكر التقدم ومخترع القيم الإنسانية، أما باقى الدول فهى فى مرتبة أدنى وعلى الغرب أن يغيرها لتصبح متقدمة وحديثة وفق منظوره الخاص؟

أتصور أن الإجابة تبدأ وتنتهى فى المدارس ووسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الغربية المسئولة عن تشكيل الوعى الجمعى لسكان القارة العجوز وكيف يقدم فيها باقى شعوب العالم، وهل يتم تقديمهم باعتبارهم متساوين مع الأوروبيين أم ناقصين للأهلية ويجب تغييرهم؟.

إذا نظرنا إلى الدراما الغربية ستجد العربى دائمًا شخصًا متشددًا جاهلاً، لو فقيرًا سيكون جزءًا من عصابة، لو غنيًا ستجده أسيرًا للملذات الغربية، لكن لن تجد احتفاء يليق بعالم عربى أو أديب مسلم فى الإعلام الغربى.

حتى أفلام الكارتون يمكن أن تجد البطل الذى ينقذ العالم شاذًا، لكن مستحيل أن تجده عربيًا أو مسلمًا أبدًا.. وتلك هى المعضلة!

على العقل الغربى أن يراجع نفسه قبل أن ينتقد الآخرين.