الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الغرب وقوس قزح وخدعة الحب السافل!

الغرب وقوس قزح وخدعة الحب السافل!

 بالفعل يبدو العالم أخلاقيا فى مفترق طرق، أو بمعنى أدق على حافة هاوية، يدفعه إليها الغرب بقوة وجنون، بعد أن خلع كل ثيابه ليقفز فى بحر العطانة، تحت شعارات براقة، أن «حرية الجنس» حق إنسانى مطلق، ومنها حرية الشواذ أو المثليين، واخترع لهم مصطلحا شاملا هو «مجتمع الميم» وهو ترجمة عربية لـ«أل جى بى تى أى»، أي( الأنثى، والذكر، وثنائى الميول الجنسية، والمتحولون جنسيا، والخليط ذكرا وأنثى)، واختار ألوان قوس قزح علما لهم.



ما الذى يشد الغرب إلى فرض ثقافته الخاصة وقيمه الاجتماعية على سكان كوكب الأرض فى قضية «أخلاقية»؟ تقلب المسألة على كل جوانبها، لا تجد لها منطقا أو قيمة، وإنما بلطجة ثقافية وقيمية، وهو ما فعلته وزيرة الداخلية الألمانية نانسى فيرز حين دخلت إلى ستاد خليفة الدولى  فى مباراة فريقها ضد اليابان فى كأس العالم بقطر، وهى تخفى شارة قوس قزح تحت جاكت، وكان منظمو البطولة قد منعوا إظهار هذه الشارة فى الملاعب، احتراما لتقاليد وقيم وثقافة منطقة لا تعترف بحقوق الشواذ، وترى فى ممارساتهم فحشا وخروجا على الدين والأخلاق والقيم الاجتماعية، وبمجرد أن جلست خلعت الجاكت كاشفة عن الشارة وعبارة «حب واحد» معلقة على ذراعها الأيسر، ما كل هذا الخداع وعدم الالتزام بالقواعد المعلنة؟، وهو تصرف يناهض ما عرف عن الشخصية الألمانية التى يضرب بها المثل فى الانضباط!

لماذا تهين ثقافة شعوب مختلفة عن ثقافتها؟، وكيف تتصرف بطريقة اللصوص والغشاشين؟

هى تسير على نهج رسمه الغرب باستغلال ملاعب كرة القدم، ومجالات الفنون من سينما ومسرح وغناء، وهى الأكثر شعبية فى العالم، لإشاعة الحب السافل.

عموما هذه عقلية الأوربيين مع الآخر دوما، فأوروبا عبر تاريخها كله تصرفت بلا ضمير ولا أخلاق مع العالم الخارجي، خاصة فى منطقتنا العربية وقارتى إفريقيا وآسيا استعمارا ونهبا واستغلالا وما زال مستمرا حتى الآن، وحين فر أو هاجر بعض أهلها إلى القارة الجديدة «أمريكا الشمالية»، ارتكبوا أكبر تطهير عرقى فى التاريخ الإنساني، بالتخلص من السكان الأصليين، وحجزوا ما تبقى منهم فى «معسكرات خاصة»، وقد زرت واحدا منها بولاية أريزونا  فى أول رحلة صحفية إلى الولايات المتحدة فى عام 1987.

وحين عدت إلى أمريكا للدراسة فى عام 1992، واجهت موضوع «الشذوذ» وجها لوجه فى قاعات الدروس، حين سألنا الأساتذة فى مناقشة حرة وكنا 22 صحفيا مصريا: لماذا لا تعتبرون حرية الشواذ حقا إنسانيا؟

وقتها نظم الشواذ ومؤيدوهم مسيرة ضخمة فى مدينة نيويورك أمام مقر الأمم المتحدة، ومنهم مصريون.

واشتعلت حوارات صاخبة عن الدين والقيم والأخلاق، وكانت المسافة بيننا وبينهم من الاتساع، فلا نحن قادرون على تخطيها، ولا هم قادرون على فهم ما نقول، وقد تحجج الأساتذة بمنطق تصوروه صحيحا: وماذا عن الذين لا يؤمنون بالإسلام أو المسيحية أو اليهودية.. هل نجبرهم على الالتزام بتعليم دين ينكرونه؟

فسألتهم: بالمثل لماذا تطلبون منا أن نوافق على ما ننكره ولا نؤمن به؟، نحن لا نريد منهم أن يؤمنوا بأى دين، لكن علينا أن نفرق بين أمرين، حق الإنسان فى الاختيار، وحقه فى إعلان اختياره على المجتمع، حق الشواذ فى اختيار سلوكهم الجنسى هذا شأنهم الخاص ولا علاقة لنا به، لكن حقهم فى إعلانه العام وإكسابه «شرعية السلوك الطبيعي» لا يخصهم وحدهم، لأن انتقال الفعل من الخاص إلى العام لا يكتسب الشرعية حسب رغبة الأفراد وإنما باتفاق المجتمع، مثلا من حق إنسان أن يجلس فى بيته عاريا أو يدخن الماريجوانا أو يمارس علاقة حميمة أو يشتم فى التليفون بألفاظ فى غاية القبح والبذاءة، لكن إذا خرج إلى شارع بهذه الأفعال فهذا ليس حقا، هذا عدوان على القانون والقيم والأخلاق، ومن السفه والفجور أن يطالب بإباحتها باسم الحرية، ليمارسها علنا، باختصار إذا كان ثمة سلوك خاص مرفوضا من غالبية المجتمع أيا كانت أسباب هذه الأغلبية: دينية أو نفاقا أو أخلاقا، فلا يحق لأصحاب هذا السلوك الخاص الإعلان العام عنه.

فى المحيط الخاص يتصرف الإنسان ويختار كيفما يشاء، لكن فى المحيط العام هو مرهون بقواعد وقوانين ينظمها مجتمعه، ليس معقولا كلما طقت فكرة فى عقل مجموعة من الأفراد أن تفرضها على الأغلبية أمرا واقعا، بزعم أنها حرية شخصية.

لم يقتنع الأساتذة، ومالوا إلى رأى الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين التى ألغت فى عام 1973 تصنيف الشذوذ الجنسى من قائمة «الاضطرابات النفسية»، وبعدها مجلس جمعية علم النفس الأمريكية عام 1975، ومنظمة الصحة العالمية فى عام 1990، وبرروا تعديل التصنيف بأن المثلية الجنسية هى شكل (طبيعي) من أشكال التوجه الجنسى عند البشر لا يتطلب علاجا، وضربوا مثلا بعالم الحيوان كالقطط والأغنام، خاصة الأغنام التى أثبتت الدراسات أن 8 % منها مثلية لأسباب تتعلق بخلل فى الدماغ والهرمونات، وكان أول من سار على هذا الدرب هو هافلوك إليس (1859 - 1939)، طبيب وكاتب بريطانى كرس حياته لاستكشاف النشاط الجنسى للإنسان، ويعد أيقونة غربية فى دراساته التى تصنف مراجع مهمة، وقال فيها إن المثلية اختيار وليس مرضا ولا عارا، وأدعت كتابات عنه أنه كان عاجزا بالرغم من زواجه المنفصل، أى لم يعش وزوجته فى بيت أو مدينة واحدة، وأنه وزوجته لهما علاقات عاطفية متعددة مضطربة، ومارس كل منهما المثلية فترة من حياته.

وبالرغم من هافلوك وأمثاله، ما زالت المدرسة القديمة قائمة ومتمسكة بأن المثلية اضطراب نفسي، وأن المصابين بها يسعون إلى العلاج، ويتخلصون منها فعليا.

وسواء كانت خللا فى الهرمونات أو اضطرابا نفسيا أو اختيارا، يظل السؤال معلقا: لماذا يريد الشواذ اعترافا عالميا بالحب السافل بينهم؟، هل للزواج من بعضهم بعضا؟ 

من المؤكد أن مؤسسة الزواج أكبر من أن تُؤسس على العلاقة الخاصة فقط، لأن عمادها الأول هو العائلة وقيمتها فى الحياة بكل ما تحمله من تعاون ومودة وسند ومشاركة مهما كانت الصعوبات والخلافات، حتى الزواج الطبيعى دون أولاد يبدو «شاذا»، وفى الغالب ينفصل أصحابه بحثا عن زواج يتمتعون فيه بأبناء وعائلة خاصة، إذن ما قيمة زواج الشواذ؟، ما ضرورة إعلان العلاقة الحميمة بينهما؟، عجيبة، فطبيعة هذه العلاقات أنها فعل خاص جدا وليس علنيا فلماذا ينشرونها على الملأ؟

ربما لإزالة الأعباء النفسية، إذ إن نسبة الانتحار بين المثليين السريين مرتفعة نسبيا، لكن الأوقع أن فيروس التفسخ والانحلال والرخاوة قد ضرب الحضارة الغربية مثلما ضرب كل الحضارات القديمة بعد تربعها على قمة الرفاهية المادية.

المدهش حقا أن الغرب تجاهل حكما قضائيا صادرا فى 9 يونيو 2016، من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فى ستراسبورج بفرنسا، القضية رقم 40183/07، المرفوعة من «شَبِين وشاربنتيه» ضد فرنسا، اعتراضا على إلغاء المحاكم الفرنسية زواج بين رجلين جرى فى عام 2004، وحكمت فيها بإجماع  آراء قضاتها الـ47 إن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لا تتضمن حق الزواج للمثليين، كجزء من احترام الحياة الخاصة والعائلية، حسب المادتين 8 و12، واستندت فى حيثياتها إلى كثير من الاعتبارات الفلسفية والإنثروبولوجية القائمة على النظام الطبيعى والفطرة السليمة والتقارير العلمية، وقالت: لا ينبغى أن يُفرض على الحكومات التزامًا بزواج مفتوح لأشخاص من نفس الجنس.

لكن الحكومات وأنصار الشذوذ والإعلام عملت جميعا على حصار الخبر، وألقت عليه مليون جرة، حتى لا ينتشر على نطاق واسع.

عموما الشذوذ ضد طبيعة الحياة، ويقدر المصابون به أيا كانت أسبابهم ما بين 2 إلى 4 ٪ من سكان الأرض، وأى سلوكيات بشرية ضد الطبيعة، ترد عليه الطبيعة بقسوة شديدة، وخذ عندك من أول تغير المناخ إلى التصحر والتحولات الفيروسية، وعلينا أن نحترس بشدة على أطفالنا، فهم يمررون الآن ألوان قوس قزح فى الألعاب وأفلام الكارتون.