الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الطريق الثالث.. فى منتدى مصر للإعلام  مستقبل الصحافة.. يبدأ الآن

الطريق الثالث.. فى منتدى مصر للإعلام مستقبل الصحافة.. يبدأ الآن

يقول الكاتب اللبنانى الكبير سمير عطا الله: «إذا أردت الاستمرار فى هذه المهنة، تذكر درسًا واحدًا: أنت تلميذ لا معلم. عندما تشعر أنك أصبحت معلماً.. استقل. لقد انتهى الأمر»، لهذا كنت حريصاً ومثلى زملاء من مختلف الأجيال الإعلامية على حضور حدث استثنائى يدشن لمرحلة جديدة في مهنة الإعلام، ويؤسس لفهم عصرى للعلاقة المرتبكة التى تربط صناع المحتوى بالجمهور، وهى العلاقة التي تشهد تغييرات متسارعة بفعل تطورات تكنولوجية مستمرة في وسائل الاتصال ومنصات الإعلام وأدوات العمل الإعلامى، تقلصت فيها المساحة بين المرسل والمستقبل، بطلى العملية الإعلامية، وتقاطعت أدوارهما ليتغير اتجاه الرسالة الإعلامية ويصبح تكاملياً (دائرياً) بعد أن كان أحادياً منذ نشأت المهنة.



كانت البداية من العنوان الرئيسي لمنتدى مصر للإعلام في نسخته الأولى، «الجمهور الجديد.. جائحة التغيير»، والذي استوقفني لحظات حاولت فيها أن أتخلص من أثره المربك، قبل أن أتورط في متابعة جلسته الأولى «الجمهور الجديد: هذا ما نعرفه حتى الآن»، ثم الثانية «الجمهور المتمرد: لماذا يصعب على وسائل الإعلام فهمه؟»، لأبدأ ومعي مئات من صناع الـ«الميديا» في مصر والعالم العربي ونظرائهم من مختلف دول العالم، رحلة البحث عن الجمهور الجديد وفهم أنماطه المختلفة وشرائحه المتنوعة وطبيعته خلال مدة المنتدى (القصيرة) يومي 27 و28 نوفمبر الماضي، بين عشرات من الفعاليات والجلسات والعروض الابتكارية.

منتدى سنوى

ومنتدى مصر للإعلام بحسب ما نُشر على موقعه الإلكتروني: هو منتدى سنوي ومنصة دولية للتنمية والتطوير الإعلامي ينطلق ويعقد بالقاهرة، لدعم المعرفة المتطورة في مجال الإعلام وسياساته وبناء القدرات والكوادر المؤهلة، كما يعمل على تطوير بيئة العمل الإعلامي في مصر والمنطقة، ويستمر المنتدى طوال العام كمنبر دولي للتنمية، ممثلا في منتجاته المستدامة الهادفة لتطوير الأدوات الإعلامية، وتشمل وحدة تدريبات صحفية، ومنصة رقمية لنشر معرفة متقدمة ودراسات معمقة في عالم الصحافة والإعلام، وتشكيل روابط مهنية للصحافة الجيدة. مملوك لشركة «30N» للاستشارات الاستراتيجية. 

وأوضحت نهى النحاس رئيس «منتدى مصر للإعلام» في كلمتها الافتتاحية إطاره العام، بأنه يستهدف الاشتباك مع قضايا المهنة، وطرح أفكار عن تطوير وتطورها لتكون في دائرة البحث والمناقشة، وظهر البعد التثقيفي في فعاليات المنتدى المتنوعة، ولم يكتف بالبحث عن الجمهور الجديد واستشعار الخطر منه عليه، بل تجاوز الأمر واشتبك مع هذا «الجمهور الجديد»، وظهر هذا واضحاً في عناوين بعض ورش العمل: «صناعة المحتوى الرقمي»، و«الصحافة على طريقة تيك توك»، و«تقنيات الذكاء الصناعي في كشف الصور المزيفة»، و«راديو وبودكاست: لماذا نواصل الاستماع».

سنة أولى صحافة

ولم تغب قضايا المهنة (التقليدية) عن جلسات  النقاش، فجاءت عناوين مثل: «المعايير المهنية لاستضافة المصادر»، و«مهارات إجراء المقابلات الصحافية»، و«الانحيازات السياسية في الصحافة الغربية: الحرب الأوكرانية نموذجاً»، و«سنة أولى صحافة»، وقد حضرت أكثر من جلسة مهمة في هذا السياق، ربما يكون أبرزها جلسة للكاتب الصحفي وخبير التدريب ياسر الزيات، التي جاءت تحت عنوان «مستقبل الصحافة يبدأ الآن»، قام فيها بتقييم موقف الصحافة المصرية (والعربية) من استثمار التكنولوجيا الحديثة وتوظيفها بالصورة السليمة التي تمكنها من مواكبة العصر وجذب شرائح الجمهور الجديد من المستخدمين والقراء، مؤكداً تأخرنا محلياً وعربياً في تحقيق القدر المطلوب من النجاح في الاستفادة مما أسماه تطبيقات «ويب 2.0»، والتي أتاحت لمستخدمي الإنترنت الفرصة للتصفح الذكي والمشاركة التفاعلية في خلق المحتوى على المواقع الإلكترونية، وحذر الزيات من تعاظم هذه القدرات في تطبيقات «ويب 3.0» التي تمثل الموجة المستقبلية لإبداع الإنترنت، والتي تستفيد بقدرات الذكاء الاصطناعي في إحداث نقلة نوعية في طريقة التصفح، أو التفاعل على شبكات التواصل الاجتماعية، أو حتى التسوق والتجارة الالكترونية.

جدار الاستحقاق

ولأن الحاضر جسر تواصل بين الماضي والمستقبل، حرصت إدارة المنتدى في أن تنعش ذاكرة شباب المهنة وتصلهم بتاريخها العظيم، وكان اختيارا مثالياً من إدارة المنتدى أن تنظم ندوة رئيسية للكاتب الكبير إبراهيم عيسى بعنوان «جدار الاستحقاق: 194 سنة صحافة مصرية» يحاوره فيها الكاتب الشاب محمد توفيق المتخصص في تاريخ الصحافة وصاحب ثلاثية «الملك والكتابة»، ورغم اختلافي مع الأستاذ إبراهيم عيسى في كثير من آرائه المتعلقة بالفكر الديني، إلا أني فيما يتعلق بالمهنة أعتبره أستاذاً قديراً، وصاحب مدرسة صحفية عريقة أسس لها بتجربة «الدستور» الأولى صفحة ناصعة في كتاب تاريخ الصحافة المصرية، وأكملها بتجارب مهنية أخرى مشرفة منها جريدتا «التحرير»، «المقال»، وسبقها مشاركته مع الأستاذ عادل حمودة في إحياء مجلة «روزاليوسف» مطلع التسعينيات من القرن الماضي، وكان أبرز ما قاله الكاتب الكبير عن الصحافة في هذه الندوة: «نحن الآن في توقيت بدت فيه المهنة كأنها تغرب، لكن ما زالت المهنة حية وحيوية وما زالت مقاتلة ومناضلة ستظل تستمر وتنمو وتواجه».

القاهرة الإخبارية نموذجاً

ووسط حشد كبير من الحضور، وقف الزميل أحمد الطاهري رئيس قطاع أخبار الشركة المتحدة يستعرض التجربة الأحدث والأهم في الإعلام المصري والعربي، الحلم الذي انتظرته أجيال صحفية حتى تحقق قبل أسابيع، عندما دوت في الفضاء «هنا القاهرة.. عاصمة الخبر»، لتعلن عن ميلاد «القاهرة الإخبارية»، أول قناة مصرية إقليمية تهتم بالشأن العربي والدولي وتخاطب كل الناطقين باللغة العربية حول العالم، وتستعد (كما صرح الطاهري) لإطلاق قناتها الصوتية الإنجليزية مطلع العام القادم، لتنضم مصر رسمياً إلى نادي الإعلام الـ «Pan Arab».

وجاءت كلمات الطاهري واثقة ومبشرة حول مستقبل واعد للمهنة يعكسه حراك فعال فى المشهد الإعلامي بشائره القناة (الجديدة) والمنتدى (الجديد) يمهدان الطريق كى تستعيد مصر الريادة الإعلامية، والمكانة التي تليق بها عربياً ودولياً، مؤكداً: «أن الحالة الإعلامية غير  منفصلة عن المشهد السياسي، والذي تتمثل رؤيته الأساسية في الوقت الراهن في أنه يتسع للجميع».

تكريم مستحق

وجاءت اللحظة الصعبة في ختام المنتدى، عندما أعلن عن تكريم الصحفي الاستقصائي محمد أبو الغيط لإسهاماته العديدة في المجال الصحفي وتجربته الملهمة، وقد ظهر في كلمة تليفزيونية مسجلة بعد أن منعته ظروفه الصحية القاسية من الحضور، ووقف الجميع تقديراً له، يصفقون بحرارة والدموع تلمع في العيون، راجين المولى عز وجل أن يمن عليه بالشفاء والصحة والعافية.

وأبو الغيط قصة ملهمة في مهنة الصحافة وفي كفاحه أيضاً ضد المرض الخبيث (السرطان)، وتمثل كتاباته الأخيرة نموذجاً في قهر المرض الشرس بالأمل ومقاومته بالصبر والتحدي، ورغم أنه حصد العديد من الجوائز الصحفية ومنها جائزة هيكل للصحافة العربية قبل عام، إلا أن جائزته الأكبر هي أثر ما يكتبه عن رحلته مع المرض وما يحصده من حب ودعاء من كل الناس.