الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا.. هيئة خارج نطاق النشر والثقافة.. قرارات عشوائية وكارثية ضد معرض الكتاب!

مصر أولا.. هيئة خارج نطاق النشر والثقافة.. قرارات عشوائية وكارثية ضد معرض الكتاب!

نحتفل بعد شهرين من الآن.. بانطلاق معرض القاهرة الدولى للكتاب 2023 خلال الفترة من 24 يناير إلى 6 فبراير 2023. وهو الاحتفال السنوى للكتاب الذى بدأ منذ 54 سنة. ورغم العديد من التحديات التى من شأنها إلغاؤه، فإن هناك إرادة سياسية من الدولة بالحفاظ على صناعة النشر فى مصر. وهو ما ظهر من خلال اهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسى بدعم معرض القاهرة الدولى للكتاب منذ 2019 فى الدورة الـ50 له بمناسبة اليوبيل الذهبى وإلى الآن بتخفيض 50 % من تكلفة إيجار أرض «مركز مصر للمعارض الدولية» الشريك الاستراتيجى للمعرض.



اهتمام رئيس الجمهورية.. بدعم معرض القاهرة الدولى للكتاب وإطلاقه تحت رعايته هو تعبير عن دعم الدولة للعمل الثقافى.. خاصة أن صناعة النشر بكل أنواعها الورقية والإلكترونية حاليًا.. تخضع لمعايير السوق بين الربح والخسارة بالمعنى التجارى، كما أن محتوى النشر ومضمونه يخضع لمعايير التأثير فى صناعة الوعى الثقافى العام.

يواجه معرض القاهرة الدولى للكتاب العديد من التحديات، وعلى سبيل المثال لا الحصر:

أولًا: ارتفاع أسعار ورق الطباعة فى مصر بشكل غير منطقى إلى 51 ألف جنيه للطن. رغم أنه فى الدول المجاورة لم يتجاوز 30 ألف جنيه مصرى، وهو الأمر الذى يعود إلى احتكار استيراد الورق، واستغلال موسم معرض الكتاب لتحقيق أرباح خيالية دون أى قواعد لضبط الأسعار، وهو الأمر الذى يترتب عليه زيادة تكلفة الطباعة على الناشرين، وبالتبعية ارتفاع أسعار الكتب بالشكل الذى يخفض من فرص الشراء لهواة القراءة من جهة، وتكبد الناشرين الخسائر المادية من جهة أخرى.. بسبب تراجع نسب البيع.

ثانيًا: يترتب على ما سبق بشكل مباشر، تراجع دور العديد من الأسر التى كانت تجتهد فى إكساب أطفالهم مهارة القراءة من خلال تخصيص ميزانية محددة لشراء العديد من كتب الأطفال بأسعار مناسبة.. تمكنهم ربما من شراء الكتب التى تكفيهم طيلة العام، ولكن ما حدث هو ارتفاع قيمة كتب الأطفال بنسب أكبر من الكتب المتخصصة لمحدودية من يكتب للأطفال وللمواصفات الخاصة لنشرها بالصور والألوان والقصص المجسمة، وهو ما يعنى ترك تكوين أطفالنا الثقافى للتطبيقات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعى والتيك توك.

ثالثًا: ارتفاع تكلفة إيجار دور النشر لأجنحة العرض، والتى زادت مؤخرًا للناشرين المصريين بنسبة 12 %، وللناشرين العرب والأجانب بنسبة 5 %، وبالتالى ارتفاع سعر متر الأرض فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، فى ظل دعم جميع المعارض العربية للناشرين المصريين والعرب.. خاصة بعد جائحة كورونا، التى تسببت فى إغلاق وتوقف وتعثر العديد من دُور النشر.. حيث قامت العديد من معارض الدول العربية على غرار الرياض بالسعودية، والشارقة وأبوظبى بالإمارات، والبحرين، والرباط بالمغرب، وصالون الجزائر، بمنح أماكن العرض لدُور النشر مجانًا إسهامًا فى دعم نشر الكتب. كما قام معرض أبوظبى للكتاب 2022 بإعفاء الناشرين من رسوم الايجار، وإعادتها لهم خلال الأيام الماضية.

رابعًا: ربما تكون هناك علاقة بين رفع قيمة الإيجار بارتفاع سعر الديكور (أرفف عرض الكتب لدور النشر) الذى بلغ حوالى 35 مليون جنيه لسنة 2019 و35 مليون جنيه لسنة 2020، و30 مليون جنيه لسنة 2021، و28 مليون جنيه لسنة 2022. وهل من المنطقى أن يتم دفع كل هذه التكلفة فى تأجير الديكور الذى لم يستبدل منذ 2019 وإلى الآن..؟ وما تم هو مجرد تغيير الموتيفات (الأشكال الفنية المرتبطة بدورة المعرض مثل: بوستر المعرض والشعار والألوان..)، وهو ما يعنى أنه تم دفع 128 مليون جنيه لتأجير ديكورات خلال 4 سنوات.

التراث الخفى

من أهم السلاسل التى تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب.. هى سلسلة «التراث». وهى واحدة من أهم السلاسل التى نشأت عليها الهيئة حينما كان اسمها «لجنة التأليف والترجمة والنشر»، والتى تأسست سنة 1914 بهدف الاهتمام بالطباعة وتحقيق ونشر أمهات الكتب لنشر الثقافة.

ومنذ أكثر من 30 سنة بدأ مشروع «الألف كتاب» بالهيئة لنشر كتب التراث وأمهات الكتب فى طبعات مصرية منضبطة ومحققة.. حفاظًا عليها من التلاعب فى أصول الكتب التراثية.. من محققين لصالح توجهات خارجية معينة للعبث به خاصة فى الجزء المرتبط بالتراث الدينى، ولذلك ظلت الطبعات المصرية هى المصدر المنضبط علميًا وفكريًا.

فى سنة 1994 تقرر إنشاء مسمى جديد لهذه الجهود تحت عنوان «سلسلة التراث»، وأصدرت السلسلة حتى سنة 2018 حوالى 140 عنوانًا. وهو العام نفسه، الذى صدر فيه قرار مبهم ترتب عليه تصفية سلسلة «التراث» تدريجيًا، وخفض إصداراتها لتصل إلى 9 عناوين فقط فى ثلاثة أعوام.. ليصدر بعد ذلك قرار سنة 2020 بوقف السلسلة تمامًا بتبرير استهلاكها لكميات ضخمة من أوراق الطباعة وعدم تحقيقها أى ربح.

الطريف فى الأمر، أنه فى نفس توقيت تصفية سلسلة «التراث» الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.. يتم إطلاق فعاليات اصدار سلسلة «التراث» (من إصدار معهد الشارقة للتراث) فى معرض القاهرة الدولى للكتاب سنة 2018، ولتصل بعد ذلك اصدارات المعهد خلال الفترة من سنة 2018 وإلى سنة 2022 حوالى 400 إصدار.

مجرد استفسار: تمت إعادة طباعة كل من أعداد تذكارية من الثمانينيات لمجلة «فصول» التى تعد أقدم مجلة نقدية بالدول العربية فى ثلاثة أجزاء عن «ألف ليلة وليلة» ورسالة الدكتوراه للدكتورة سهير القلماوى «ألف ليلة وليلة.. دراسات»، وجميعها تحمل على غلافها شعار إصدارات معهد الشارقة للتراث والهيئة المصرية العامة للكتاب، وهو ما يعنى توافر نسخ منها فى مصر.. باعتبارها منشورة بعقود رسمية وقانونية كنشر مشترك! ولكن واقع الأمر، أنه لا يوجد منها أى نسخ فى مكتبات الهيئة المصرية العام للكتاب أو غيرها.. لأسباب غير معلومة.

ما حدث مع سلسلة «التراث» هو تحقيق فعلى لسياسة الإفشال والإقصاء والتجريف والغلق التدريجى لسلاسل المجلات القيمة (مثل: علم النفس، والعلم والحياة) التى تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب. والتى لم يتم تغيير هيئات تحرير غالبيتها من ست سنوات، واتباع سياسة محلك سر، والتردى فى تراجع تسويق مطبوعات الهيئة ومعارضها.

أسئلة معلقة

1 - لمصلحة من يتم رفع تكلفة معرض القاهرة الدولى للكتاب إلى حد تعجيزه عن منافسة المعارض العربية والدولية التى تم إنشاء الكثير منها بعد معرض القاهرة بسنوات كثيرة؟ وما سبب تراجع مطبوعات الهيئة إلى 150 إصدارًا فقط فى العام.. بعد أن كانت مطبوعاتها فى حدود 500 عنوان سنويًا؟!

2 - ما هى خطة الهيئة المصرية العامة للكتاب فى سبيل تطوير التسويق الإلكترونى.. خاصة أنها قد أعلنت منذ عامين تقريبًا عن إطلاق منصة تسويق إلكترونية.. كلفت ميزانية الدولة ملايين الجنيهات؟ ولم نسمع عنها بعد ذلك وعما حققته من مبيعات؟

3 - أين دور وزارة الثقافة.. ممثلة فى الهيئة المصرية العامة للكتاب، فى دعم حركة النشر المصرية؟ وما دورها فى نشر الوعى والتنوير.. خاصة فى ظل وجود مشروعات سابقة ناجحة، مثل مكتبة الأسرة وغيرها؟ ولماذا لا نستغل التحول الرقمى فى تطوير حركة النشر ليتواكب مع التطور التكنولوجى فى نشر المعرفة من خلال التطبيقات الحديثة؟

4 – أين تفاعل الهيئة المصرية العامة للكتاب من التفاعل والاشتباك مع الشأن الوطنى المصرى على غرار: قضايا الحوار الوطنى أو قضايا مؤتمر المناخ أو قضايا الاحتكار أو قضايا الوعى بشكل عام فيما يخص جهود الدولة وتحدياتها فى ظل كل تلك المتغيرات المحلية والخارجية.. أم أنها خارج نطاق الاختصاص والخدمة؟

 نقطة ومن أول السطر..

إنقاذ معرض القاهرة الدولى للكتاب 2023 من قرارات عشوائية وكارثية.. قبل أن يتحول الاحتفال بالمعرض إلى ذكرى سنوية مثل حدث فى مثل هذا اليوم.. مهمة وطنية.