الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس وزراء بريطانيا: دكتور جيكل أم مستر هايد؟ تدخل يرفضه المصريون!

رئيس وزراء بريطانيا: دكتور جيكل أم مستر هايد؟ تدخل يرفضه المصريون!

قد نفهم أن تدافع سناء سيف عن أخيها بالطريقة التى تراها، وأن تلجأ إلى كل الطرق المتاحة لإخراجه من سجنه بعد الحكم عليه بخمس سنوات، لم يقض منها سوى سنة واحدة.



لكن لا نفهم كيف يتدخل ريشى سوناك رئيس وزراء بريطانيا فى شئون مصر الداخلية، ويطالبها بالإفراج عن سجين، حتى لو كان الحكم متشددًا أو رآه البعض مغاليًا، وصادرًا من محكمة استثنائية طبقًا لحالة طوارئ معلنة فى البلاد، بلاد غَشيَتْها الفوضى وعمليات العنف والجريمة ما يقرب من خمس سنوات، وكانت على وشك أن تنهار ويحرقها الإرهاب، لولا أن حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى 2014 أخذت إجراءات صارمة، لوقف «الحالة الأمنية المتردية»، الناجمة عن انتشار جماعات العنف، شرقًا فى شبه جزيرة سيناء، وغربًا فى الصحراء الغربية.

 

ناهيك عن خلايا نائمة فى محافظات الوادى تشن عمليات تخريب منظمة على أبراج الكهرباء ومديريات الأمن والمبانى الرسمية وتغتال جنود القوات المسلحة والشرطة درع حماية الوطن، لولا هذه الإجراءات تحت سقف حالة الطوارئ، ما هدأت الأوضاع واستقرت وعاد المصريون إلى حياتهم العادية.

لا يعرف العالم متقدمًا ومتخلفًا، ديمقراطيًا وشموليًا، إجراءات أمنية صارمة فى أزمنة الفوضى، دون أخطاء أو أعراض جانبية، المهم ألا تدوم وتكتسب شكلاً اعتياديًا، والأهم أن تخف قبضتها تدريجيًا وتتقلص حتى تختفى تمامًا.

وهنا لا أويد الحكم على علاء عبدالفتاح أو أرفضه، فالكاتب ليس قاضيًا، وإن كان له رأى يدعم الحرية وحقوق الإنسان والعدالة فى كل زمان ومكان وفق القانون والقيم الاجتماعية السائدة، ولم أتابع قضية علاء عبدالفتاح الأخيرة ولا أعرف تفاصيلها، فقط تابعت قضيته وقت أحداث ماسبيرو فى عام 2011 واشتباكه فيها، والفيديو نشرته فضائية صدى البلد، وموجود على اليوتيوب، فقط تألمت إنسانيًا أن زوجته أنجبت ابنه الأول وهو محبوس احتياطيًا.

ومرت فترة رأيته بعدها فى حوارات تليفزيونية وقرأت له تعليقات على شبكات التواصل الاجتماعى، مستحيل أن أتفق مع مضمونها أو طرحها، صحيح كل إنسان حر فى رأيه إلا فى التحريض على العنف وسيلةً للمعارضة أو لإحداث تغيير فى المجتمع، وأى مواطن لو فعلها فليتحمل تباعات تحريضه كما تحددها الإجراءات القانونية وقت وقوع الفعل.

طبيعى أن تناضل أسرته؛ أمه وأختاه من أجل الإفراج عنه، خاصة بعد إعلانه الإضراب عن الطعام، ثم الماء.

قطعًا ليس علاء عبدالفتاح هو السجين الأوحد فى العالم، الموجود خلف القضبان مدانًا بأفعال هى خليط من السياسة والجريمة، حسب عريضة الاتهامات الموجهة إليه، لكن ليس منطقيًا ولا مقبولاً فى العلاقات الدولية أن يدس رئيس وزراء بريطانيا أنفه فى شئون مصر الداخلية ويملأ الدنيا تصريحات عن ضرورة الإفراج عن علاء عبدالفتاح، فلم يحدث أن تدخلت مصر فى شئون بريطانيا الداخلية، ويمكن أن أسرد مئات الوقائع لانتهاكات حقوق الإنسان وأفعال مشينة ارتكبتها الشرطة البريطانية فى الخمسين سنة الأخير، سواء على المستوى القومى أى المملكة المتحدة التى تضم إنجلترا وسكوتلاندا وإيرلندا الشمالية، أو على مستوى إنجلترا فقط، وأتصور أن ريشى سوناك -عندما كان فى التاسعة والعشرين من عمره- شهد أو تابع أحداث العنف فى قمة مجموعة العشرين فى لندن 2009، والتى قتل فيها البوليس إيان توملينسون سحلا على الأرض، ولم يُعاقب قاتلوه. 

ولى سؤال لدكتور ريشى أقصد مستر سوناك: لماذا لا يوحد منهجه فى القضايا المشابهة على كوكب الأرض من آسيا إلى أمريكا الجنوبية؟ لماذا لم نسمع صوته أبدًا فى حوادث عنصرية واعتقالات فى سجون مشددة للاشتباه فى الولايات المتحدة الأمريكية؟

ولماذا نبحر فى المحيط، وهناك على مسافة تقل عن 300 كيلومتر شمالاً تقع حدود إسرائيل، ألم تقرأ عن جرائم ضد الإنسانية ترتكبها ضد الفلسطينيين؟ ألا يوجد فى سجون إسرائيل أزيد من ثمانية آلاف فلسطينى معتقل دون أى محاكمات عادلة أو غير عادلة؟ ألم تسمع بهم؟ أم تهوى التصرف على طريقة (دكتور جيكل ومستر هايد)، وهو بطل رواية قصيرة ذائعة الصيت كتبها الروائى الأسكتلندى روبرت لويس ستيفنسون فى عام 1886، وما زلنا نستخدم اسم البطل إلى يومنا هذا تعبيرًا عن الأشخاص ذوى الطبيعة المزدوجة، الطيبين جدًا والأشرار إلى حد الصدمة.

والازدواجية السياسية مرض شائع فى الغرب، الذى رسم خريطة حقوق إنسان حسب مصالحه واحتياجاته، المدهش أن بريطانيا العظمى نفسها لها تاريخ طويل، مثل دول غربية كثيرة، يندى له جبين الشيطان فى سفك دماء الإنسان فى أربعة أرجاء المعمورة، هل يمكن أن تقدم بريطانيا اعتذارًا وتعويضًا عما ارتكبته من جرائم ضد الإنسانية فى الهند ومصر والسودان والصين والأرجنيتن وجنوب إفريقيا وفلسطين وغيرها من بلاد الدنيا؟

طيب يا دكتور ريشى.. هل قرأت ملف قضية علاء عبدالفتاح بإمعان وأعد لك مستشاروك «دفوعًا» قانونية إنسانية يمكن أن تلتمس بها إلى الحكومة المصرية وتستر بها تدخلك فى شئون داخلية، هل قرأت بعض ما كتبه علاء على صفحات التواصل الاجتماعى من عينة: (ما حدش هيعمل تنظيم مسلح يغتال ضباط الشرطة بشكل عشوائى ويخلصنا؟ ما كلنا عارفين أن مافيش واحد فيهم مش مجرم).

هل يمكن أن تعرض هذه العبارة على أى قاضٍ تختاره من قضاة المملكة وتخبرنا برأيه القانونى وتصنيفه لها؟

طبعا تذرعت بأن علاء عبدالفتاح مواطن بريطانى، وباعتبارك رئيس وزراء بريطانيا يجب عليك أن تدافع عن مواطنك فى أى دولة أو على الأقل تضمن له «إجراءات قانونية سليمة»، إذا ما ارتكب فعلاً يجرمه قانون هذه الدولة؟ 

وسؤالى: لم يكن علاء مواطنًا بريطانيًا حين نسبت إليه الاتهامات أو حكم عليه بالإدانة، فكيف أخذ الجنسية وهو فى سجن يبعد عن لندن خمسة آلاف وستمائة كيلومتر؟

على فكرة الحكومة البريطانية تفرق فى شروط منح الجنسية البريطانية حسب المنشور على موقعها، لأبناء ولدوا فى الخارج قبل عام 1983، لآباء بريطانيين أو أمهات بريطانيات، وحسب ما هو منشور على موقعها الرسمى، فابن الأب يمنح الجنسية تلقائيًا، وابن الأم لا، وهى حالة علاء عبدالفتاح الذى تحمل أمه الجنسية البريطانية، فكيف صار بريطانيا وهو لا يعيش فيها وقت الحصول عليها؟

طبعا لو حدث.. فهو قرار سياسى استثنائى، حتى تحيك الحكومة البريطانية خيوط التحدث بشأنه، وتمارس ضغطًا يرفضه غالبية المصريين!

فى النهاية يبقى تعليق وأغنية شعبية، التعليق كتبه الدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء الأسبق على الفيسبوك: ليس من أجل برلمانات أوروبا، ولا الحائزين على جائزة نوبل، ولا وكالات الأنباء العالمية ولا المنظمات الدولية..أفرجوا عن علاء عبدالفتاح من أجلنا نحن، من أجل مصر استجابة لتطلع المصريين الذين رحبوا واحتفوا بمن أفرج عنهم فى الشهور الأخيرة.

وأتصور أن بداية السنة الجديدة مناسبة..ومع دفعة جديدة من المفرجين عنهم سيكون عملاً مصريًا خالصًا.

 الأغنية جزء من تراث المصريين الشعبى، عمرها يقترب من 140 سنة، تقول كلماتها: توفيق يا وش النملة، من قالك تعمل دى العملة، غناها الشعب سخرية من الخديوى توفيق، الذى استعان بالإنجليز فى عام 1882، لمواجهة حركة عرابى، فالمصريون حساسون جدًا ضد من يستقوى بالأجانب.