الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

هوس الموبايل والانعزال والعنف أبرز مشاكل المرحلة فى بيتنا «مراهق»

تطورت ظروف الحياة وتعقدت معها فترة المراهقة التى يمر بها أبناؤنا، مما زاد الأعباء على أولياء الأمور لمواجهة تحديات هذه المرحلة العمرية بالغة الحساسية، الناتجة عن التغيرات النفسية والجسدية التى يمر بها المراهق، حيث تبدأ فى سن العاشرة وتستمر حتى وصول الشاب أو الشابة إلى أعتاب العشرين.



خلال هذه السنوات العشر يجنح الشاب أو الشابة نحو الاستقلال وتكوين الصداقات والاهتمام الزائد بالمظهر، فالمراهق يريد أن يشعر أنه أصبح رجلًا كبيرًا، والمراهقة تشعر أنها أصبحت ناضجة، بينما واقع الأمر يؤكد أن كلا منهما لايزال طفلًا بحاجة لمعاملة من نوع خاص تساعده فى العبور إلى بر النضوج الآمن.

تقول رباب إبراهيم، أم لطفل عمره 15 عامًا: إن أصعب شىء فى مرحلة مراهقة ابنها هو هوسه بألعاب الفيديو والبلايستيشن، التى تؤثر على شخصيته وتجعله شديد العصبية والعنف، الأمر الذى يؤثر بشكل سلبى على يومه وعلاقاته بأصدقائه حيث إنه من الممكن أن يخسر صديقًا له ويتعامل معه بعنف ولا يخسر فى اللعب.

وتضيف: إن ابنها يحترمها دائمًا إلا أنه وقت اللعب يتحول إلى شخص آخر، ولا تستطيع أن تضع حدودًا له فى اللعب. 

أما مها عبدالمنعم، وهى أم لثلاثة مراهقين، فترى أن تربية الأبناء فى الماضى كانت أسهل حيث لم تكن هناك مواقع تواصل اجتماعى مثل الآن؛ فمواقع التواصل لها تأثير على شخصية الأبناء وأصبح لديهم رأى وكل شخص منهم سواء «بنت أو ولد» أصبح منعزلًا داخل غرفته طوال اليوم وله عالم آخر وحده مع أصحابه، يقضون معظم يومهم مع البلايستيشن والخروج مع أصدقائهم ولا نراهم إلا وقت الطعام بالإجبار، أما ابنتى فأصبح مزاجها متقلبًا بشكل كبير فهى فى أوقات كثيرة حزينة أو مكتئبة رغم أنه لا يوجد شىء يحزنها مما أصابنى بالحيرة. 

وتؤكد جيهان محمد، أن المراهقة مرحلة جميلة لأولادى لأننى قريبة منهم وكأننا أصدقاء وبيننا حوار دائمًا، وإذا صدر شىء منهم من عصبية أو غيره فى بداية المراهقة وهو شىء طبيعى بالتأكيد أقول لهم إن هذا التصرف غير لائق أو يشعرنى بالحزن، فيتحكمون فى تصرفاتهم ويصبحون على قدر من الوعى والإدراك وتحمل المسئولية.

وتقول نيفين محمود: ابنى مراهق 16 عامًا، يضرب أخته بشكل مستمر وردوده معى أصبحت عنيفة وعدوانية، وعندما أتحدث معه يصبح عنيفًا أكثر ولا أعلم كيف أتصرف، خاصة عندما يعود من المدرسة أو أى تجمع مع زملائه.

من جهتها تؤكد الاستشارى التربوى والمعالج السلوكى مريم الشافعى، أن من طبيعة المراهقين أنهم أكثر ميلًا للانفعال لأن سن المراهقة يحدث به العديد من الطفرات فى نمو الخلايا العصبية فى المخ، فهناك خلايا جديدة تنمو وأخرى تضمر، وهو سلوك من العادى أن يحدث، لكن المهم أن نعرف كيف نتعامل مع هذا السلوك بأن نكون أكثر هدوءًا ونتناقش مع المراهق ونسمح له أن يقول رأيه والأمر نفسه بالنسبة للأم أو الأب، فعلى المراهق أن يعلم أننا فى حوار وليس شجارًا، لذا فإن طريقة التعامل معهم واحتوائهم تجنبنا أن تكون العصبية أسلوب حياة. 

 العنف يولد العنف

وتضيف الشافعى، هناك فرق بين مراهق عادى يتعرض إلى عصبية عادية كأى شخص والمراهق الذى يميل إلى العدوانية والعنف، فالمراهق العنيف هو الذى يتعرض إلى عنف فى طريقة تربيته وفى التوجيه ولا يتم احتواؤه أو مناقشته، أى أن هناك عنفًا يمارس عليه دائمًا، بالتالى يصبح المراهق عنيفًا مع أقرانه الأصغر منه أو الأضعف، وقد يكون هناك أيضًا إيذاء بدنى، وفى الاستشارات أقابل مراهقين ضربوا بالحزام أو بأى شىء حاد، فتصبح شخصية المراهق ضعيفة ولا يثق فى نفسه، فيمارس العنف على أى شخص أضعف منه حتى يشعر بالسلطة والقوة.

وتشير إلى أنه ليس بالضرورة أن يكون هذا العدوان يتعرض له المراهق من شخص بالغ، فمن الممكن أن يكون من شخص فى نفس عمره يتنمر عليه أو يستغله أو يشعره أنه الأضعف، ونظرًا لعدم اهتمام أهل المراهق به وعدم دعمه يحدث ذلك.

 حماية المراهق لنفسه

وتقول الشافعى: يجب على المراهقين أن يتعلموا مهارات الحياة والتواصل، وبالتالى فإن منعهم من الخروج من المنزل شىء مؤذى وليس حماية لهم، وعلى الأهل السماح لهم بالتعامل مع الناس، كما يجب أن نكون قريبين منهم تجمعنا لغة حوار وتفاهم حتى يشعر المراهق بالأمان ويحكى لك كل ما يحدث معه فى يومه، وعليه أن يعلم أنه من المهم أن يتواصل مع أصدقائه بهدوء واتزان، وإذا تعرض للتنمر يبتعد عن تلك المساحة أو يلجأ للشخص المربى المسئول عنه وأن يعلم حدوده الشخصية وأنه غير مسموح بالتقليل من شأنه بأى شكل، مع التفريق بين المزح والتنمر أو استغلال ضعفه، ومن هنا تأتى أهمية أن نشرح لأبنائنا الفرق وألا يسمح أن يتنمر أحد عليه أو على مظهره وأن يعرف دائمًا أنه مميز ومختلف وأن يتعلم الدفاع عن نفسه.

وتحذر الشافعى من مقولة «اللى يضربك اضربه»، لأنها تشجع المراهق على العنف ومن الممكن أن يرجع منزله بعاهة مستديمة أو يؤذى غيره وإذا تعرض للتنمر على شكله أو وزنه أو إذا كان مصابًا بأى حرق مثلا يجب أن يتعلم الرد بأنه مميز وسعيد بشكله وشخصيته، فعندما يدافع عن نفسه فإن الطرف الآخر المتنمر سيعلم أنه لا يؤثر فى ابنك وبالتالى يقل التنمر.

وتشدد على أن التربية ليست موجودة بالفطرة؛ فنحن فى زمن ملىء بالتحديات فمثلما نتعلم الطبخ واللغة وكل شىء فى الحياة يجب أن يتعلم الآباء والأمهات طريقة التربية الصحيحة والتحديات فى كل مرحلة عمرية؛ لأن تربية ابنك أو ابنتك فى السنوات الست الأولى من عمرهم مهمة جدًا لأن أى خطأ فى التربية قد يؤدى إلى اضطراب نفسى بقية حياتهم.

وتوضح: إن وسائل التعلم عديدة حيث توجد كتب خاصة بالتربية وحلقات على اليوتيوب متاحة مجانًا، نحن فقط بحاجة لتخصيص وقت لهم ولسماعهم.

الميل للوحدة 

وتابعت الشافعى: من سمات المراهقين الميل للوحدة والتمسك بقراراتهم، بينما يرى الوالدان أن هذا نوع من العناد، فى حين أن النقد الدائم يجعل أبناءك ينعزلون داخل غرفهم أو الجلوس مع أصدقائهم، ومن ثم لابد من تحويل هذا النقد الدائم إلى نصائح إيجابية لهم وأن تكون النصيحة فى دقيقة، مثل أن تمتدحهم أولا ثم تقول نصيحتك بطريقة لطيفة ثم تختمها بمدحه على مساعدته أخته مثلا، لأن أسلوب المحاضرة فى النصيحة مثل أن تقول له «أنت طول اليوم ماسك الموبايل»، لن يحقق أى نتيجة، وإذا كان يجلس مع أهله يجب أن يشعر أن الوقت لطيف ومسلٍ، فيمكن أن نلعب معهم ألعاب أونلاين أو بلايستيشن أو شطرنج أو أى نشاط سويًا. 

وتضيف: أيضًا يجب أن نتجنب جلوس الأطفال على الأجهزة المحمولة منذ الصغر لأنهم يصبحون فيما بعد مراهقين مهووسين بالموبايل؛ لأن ما يحدث أثناء لعب ألعاب الفيديو والتحديات التى يشاركون بها تجعل المخ يشعر بالمتعة السريعة التى تفرز الأدرينالين الذى يشعره بالإنجاز ويصبح اللعب بالنسبة له «إدمان»، وهذا النوع من الألعاب مصنف من منظمة الصحة العالمية على أنه نوع من الإدمان ويعالج من قبل المتخصصين ويستغرق العلاج 8 أشهر، وإذا كان ابنك يلعب أكثر من ساعتين يوميًا فهو شىء مدمر له.

وتوضح: حتى نتجنب كل هذه المشكلات وألا يعيش داخل لعبة فقط يجب أن نملأ أوقات فراغ المراهقين بممارسة الرياضة أو هواية أو الالتحاق بكورسات أو أن يتطوع فى أى نشاط، لأنه إذا أصبح اللعب كل حياته سيصبح عدوانيًا ويميل للوحدة وفى أرض الواقع لن يستطيع التواصل مع الناس أو أن يتحدث بشكل سليم.

 مراهقة البنات 

وتشير الشافعى إلى أن هناك فرقًا بين المراهقة عند البنات والأولاد، فمن الممكن أن يكون الولد أكثر هدوءًا من البنت والعكس صحيح، فهو على حسب السمات النفسية والاجتماعية الخاصة بهم، فالفتاة المراهقة تميل دائمًا إلى المشاعر والبحث عن الحب والتقدير واهتمامها بنفسها ومشاعرها والقصص والكتابة والخيال والتشبه بالأمهات والشابات فى الملابس والماكياج وكل شىء ويمكن أن تكون متطلعة ومتفتحة وتريد اكتشاف الحياة مما يجعلها عنيدة.

وتكتئب الفتاة نتيجة للتغيرات الهرمونية التى تحدث لها، ولكن إذا استمر الاكتئاب والحزن أكثر من يوم أو كانت تنام بشكل مفرط يجب التوجه لشخص متخصص حتى لا تشعر بالتشتت وعدم الأمان، ويجب على الأمهات أو الجدة «أو أى كان المربى» أن تهتم بالفتاة وأن تكون صديقة لها وتتبادل الآراء معها وأن تشعرها بالأمان وأهمية تقدير الذات وأن تفهم المرحلة التى تمر بها.

 التوجيه والإرشاد

وتشدد على أهمية التوجيه والإرشاد عند ملاحظة أى سلوك يطرأ على الأولاد سواء الكذب أو الميل إلى الاستقلالية أو التدخين أو مصاحبة الجنس الآخر أو أى تغيير سيئ فى السلوك، وعلينا أن نكون مدركين له وأن نعرف أننا لا نريد معالجة السلوك فقط ولكن أيضًا ما وراء السلوك، لأن كل سلوك يظهر على الشخص وراءه احتياج لشىء معين لا نعطيه له، فمثلا المراهق العنيد أو الذى يحب المظاهر والاستعراض بملابسه أو الذى يلجأ إلى تغيير شكل شعره لشكل غريب أو يدخن يكون عنده ميل واحتياج بأن يشعر بالاهتمام ولفت الأنظار وأن هناك من يراه منذ الطفولة، ومن ثم يجب أن تشعر ابنك أو ابنتك بالاحتياجات الأساسية مثل الأمان والتقدير والاحترام والتقبل دون أى شروط وعدم مقارنته بأحد، وأى سلوك لا أستطيع أن أعرف سببه يجب أن نذهب إلى استشارى لنعرف ما وراء السلوك ونستطيع حل المشكلة.