الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقك.. رغم صعوبة الأزمة الاقتصادية.. إجراءات حماية اجتماعية بالتوازى مع إصلاحات سياسية السيسى فى ظهر الغلابة

حقك.. رغم صعوبة الأزمة الاقتصادية.. إجراءات حماية اجتماعية بالتوازى مع إصلاحات سياسية السيسى فى ظهر الغلابة

بقدر ما كان حديث الرئيس عبدالفتاح السيسى فى ختام المؤتمر الاقتصادى كاشفًا، بقدر ما كشف انحيازه الكامل والتام للمواطن المصرى البسيط، فهو بوصلة حركة الدولة منذ تولى الرئيس مقاليد الحكم، يمكنك أن تلمس ذلك ببساطة فى تحرك الدولة لحماية سكان العشوائيات عبر بناء مساكن جديدة آدمية لهم، فى رفع الحد الأدنى للأجور، مد مظلة الحماية الاجتماعية عبر تكافل وكرامة، المحافظة على الدعم رغم الظروف الاقتصادية الصعبة.



أعلن الرئيس أنه لن يتخلى عن المواطن الفقير، وعن حقه فى الحياة بكرامة وبجودة حياة لائقة، وأن الدولة تعمل من أجل إيجاد حلول دائمة لمشاكل اقتصادية متوارثة والدولة تسير فى الإصلاح والتنمية بالتوازى مع مراعاة لظروف الناس.

ورغم أن الأزمة الاقتصادية العالمية ضاغطة على حكومات دول كثيرة، وكثير من الدول لجأت لرفع أسعار الخدمات الأساسية مثل الطاقة وترشيد الاستهلاك، إلا أن الرئيس ورغم تلك الظروف طلب من الحكومة الالتزام بعدم اللجوء إلى رفع أسعار الخدمات وتوفير إجراءات حماية اجتماعية تساعد الناس على مواجهة موجات الغلاء وآثار التضخم على الأسرة المصرية.

اختار الرئيس السيسى الانحياز للمواطن فى وقت تتهرب فيه حكومات كثيرة من دفع فاتورة الأزمة الاقتصادية العالمية، بل إن الرئيس كشف فى حديثه المفتوح أنه لن يتوقف عن محاربة الفقر فى مصر رغم التحديات.

الرئيس أشار إلى أن الدولة أنشأت مساكن لأهالى المناطق العشوائية ولم يتحلموا شيئًا حتى تكلفة الصيانة فقط، متابعًا: «حد يصدق إنى أتابع الناس بتدفع ولا لأ؟ بقى أنت واخد بالك إنهم مدفعوش الـ300 جنيه، طب أنا ساعتها أكفر بالفكرة وأقول مش هاعمل كده تانى؟ لا أنا لازم أعرف هو ليه كده وأساعده إنه ميبقاش كده».

ذلك التوجه الرئاسى وضع قضية الفقر على مائدة الحوار الوطنى، مع دعوة من الرئيس إلى العمل المشترك بين الدولة ورجال الأعمال والمجتمع ككل فى العمل على تغييره، بل إن الرئيس أشار إلى أنه يتابع الرواتب التى يحصل عليها المواطنون فى المهن المختلفة وأن ذلك سر سؤاله الدائم للعمال فى المشروعات القومية، بل إن الرئيس أقسم «أن أقل من 10 آلاف جنيه دخل ميعيش، هتقولى طب ما تديهم أقول يا ريت، أنا متوازن فى إدارة الأمر» وتابع «غيرنا كان مساره أكل وشرب ودفع فلوس لغاية لما بقت على الحديدة والنتيجة إن الإصلاح أصبح أكبر من أى رئيس فى ذلك الوقت، لا بد أن نعمل على كل قطاعات الدولة، أنا مهتم بالكل».

الانحيازات التى أعلنها الرئيس للمواطن البسيط ومحاولته المستمرة لمواجهة التحديات بطرق مبتكرة ومختلفة أعطتنا الأمل فى قدرة الدولة المصرية على تجاوز الأزمة، وأن مصر ستكون مرة أخرى البقعة المضيئة والتجربة الرائدة فى الشرق الأوسط فى الخروج من الأزمات المحيطة من المنطقة.

رغم التحدى الاقتصادى مصر تتحرك للأمام وبشكل مفتوح تضع ما أنجزته أمام الناس فى إشارة إلى أن الدولة لا تخشى من تقديم كشف حسابها للناس، وأنها منفتحة على الجميع، بل إن الرئيس شرح فلسفة اتخاذ القرار والعوامل التى تتحكم فيه حتى يساهم فى توعية الناس بحديث الحقائق فى مواجهة  الإعلام المعادى الذى يحاول تشويه كل ما تقوم به الدولة من جهود بتسميم وعى الناس بشعارات وأحاديث مرسلة بعيدة تمامًا عن الواقع الاقتصادى الفعلى.

ويأتى التزامن بين المؤتمر الاقتصادى والحوار الوطنى مع انحياز آخر من الرئيس السيسى لعملية الإصلاح السياسى عبر قرار العفو الرئاسى عن زياد العليمى فى استجابة من الرئيس لمطالب ودعوات الأحزاب والقوى السياسية ولجنة العفو الرئاسى بالإفراج عن المحبوسين الذين لم يحرضوا أو يتورطوا فى أعمال عنف وإرهاب.

وبحسب إحصاء اللجنة فقد تجاوز عدد المُفرج عنهم 1000 شخص، من بينهم العديد من الأسماء الموجودة على قوائم من القوى السياسية والمجلس القومى لحقوق الإنسان، ومنظمات حقوق الإنسان وأهالى المحبوسين مباشرة، فكان من بين المفرج عنهم العديد من الشباب وعمال مصر للتأمين وإعلاميين.

وتعطى المادة 155 من الدستور لرئيس الجمهورية الحق فى إصدار قرارات العفو الرئاسى عن السجناء أو تخفيف العقوبة عنهم، ولا يتم العفو الشامل إلا بموافقة غالبية أعضاء مجلس النواب. والعفو الرئاسى يشمل نوعين من القرارات، هما العفو الشامل والعفو عن العقوبة، وبينت المادة 155 من القانون شروط العفو الرئاسى وهى:

العفو يخص عقوبة المسجونين فى بعض القضايا الجنائية غير المخلة بالشرف، وذلك لمن قضى نصف المدة من غير المحكوم عليهم فى قضايا قتل عمد ومخدرات، أو محكوم عليهم بقضايا إخلال بأمن الوطن، وذلك بموجب شروط خاصة يحددها القرار السيادى.

وبحسب القانون لا يطبق العفو الرئاسى فى الجرائم المضرة بأمن الحكومة من الخارج والداخل، وقضايا المفرقعات والرشوة والتزوير، وأيضًا جرائم تعطيل المواصلات، وجرائم الأسلحة والذخائر والمخدرات، وجنايات الكسب غير المشروع والجرائم المنصوص عليها بقانون البناء.

ويشترط القانون فى العفو الرئاسى أن يكون المحكوم عليه حسن السلوك، وذلك أثناء تنفيذ العقوبة، ما يبين الثقة فى تقويم نفسه، وبشرط ألا يكون فى العفو عنه خطر على الأمن العام، وأن يفى بالالتزامات المالية المحكوم بها عليه ما لم يكن من المتعذر عليه الوفاء بها.

ويختار رئيس الجمهورية المستحقين للعفو الرئاسى وفق اعتبارات صحية، أو إنسانية، أو للمصلحة العامة، أو أن يكون هناك تجاوز فى معاقبة البعض فيصدر قرارًا بالعفو عنهم.

وتعتبر المنظمات الموقعة عى البيان توالى قرارات العفو الرئاسى منذ إعادة تشكيل لجنة العفو الرئاسة فى مايو الماضى دليل وإشارة على نجاح جهد منظمات المجتمع المدنى عبر الحوار الدائم مع الدولة فى إحداث إصلاحات نوعية فى ملف الحقوق المدنية والسياسية وظهرت فى صدور قانون جديد للجمعيات الأهلية 2019 والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان عام 2021، و إعادة تفعيل اللجنة بعد إلغاء قانون الطوارئ، والذى كان يوسع من دائرة الاشتباه، وإعادة تشكيل المجلس القومى لحقوق الإنسان، ثم الإعلان عن الحوار الوطنى وتشكيل مجلس أمناء وأعضاء للجان من مختلف التيارات السياسية بما يشمل المعارضة العمالية.

تلك التطورات كانت نتيجة لتقارب وجهات النظر بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدنى والقوى المعارضة وأن الدولة تفتح أبواب الحوار مع كل التيارات وأنها تضع ملف الحقوق والحريات ضمن أولوياتها.

ثم جاءت خطوة الإفراج عن زياد العليمى وباقى المتهمين فى القضية المعروفة باسم «خلية الأمل» لتعطى إشارة واضحة على نجاح عملية التفاوض الاجتماعى بين الدولة والقوى السياسية، حيث استجابت الدولة لمطالب أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدنى للإفراج عن المحبوسين فى تلك القضية وهى إشارة بالغة الدلالة على نجاح لغة الحوار والتفاوض فى دفع الدولة لإجراء تحسينات على ملف حقوق الإنسان بشكل عام وعلى نجاح المنظمات المدنى بشكل خاص وزيادة قدرته فى التأثير على السياسات الداخلية ومشاركته الفعالة فى إحداث الإصلاحات المطلوبة فى ملف الحقوق والحريات.

والحقيقة أن لجنة العفو الرئاسى تقوم بعمل فى غاية الأهمية عبر عملية  دمج المفرج عنهم وتسهيل عودتهم لأعمالهم أو توفير فرص عمل لهم، خاصة فى ظل الظروف والتحديات الاقتصادية التى تمر بها مصر ودول العالم ،بالإضافة إلى حل بعض الأمور الإجرائية المتعلقة بمنع السفر أو التحفظ على الأموال، يمثل تطبيقًا جديدًا لمفهوم العدالة الاجتماعية ويقدم تعويضًا مناسبًا للشباب المفرج عنهم ويفتح أمامهم فرصة جديدة للحياة بشكل مختلف.

تحركات الدولة المصرية سواء فى المؤتمر الاقتصادى أو الحوار الوطنى يؤكد أن الحوار والتفاوض هو الطريق الصحيح للإصلاح وأن دعوات عدم الاستقرار القادمة من الإعلام المعادى وأرجوزات التنظيم الدولى للجماعة الإرهابية ما هى إلا دعوة للخراب وتدمير حياة المواطن البسيط.