الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقك.. إعادة المفرج عنهم لعملهم شهادة نجاح للجنة العفو الرئاسى  الجمهورية الجديدة.. تتسع للجميع

حقك.. إعادة المفرج عنهم لعملهم شهادة نجاح للجنة العفو الرئاسى الجمهورية الجديدة.. تتسع للجميع

توالى خروج قوائم المحبوسين فى مدى زمنى قصير نسبيًا.. وتحوله إلى طقس شبه أسبوعى يؤكد على وجود انفراجة كبرى فى ملف المحبوسين على ذمة قضايا ولم يمارسوا العنف ضد الدولة المصرية، وأن لجنة العفو الرئاسى تمارس عملها بجدية، وأن مؤسسات الدولة المعنية تتعاون معها بشكل كبير، فضلًا عن وجود دعم يستحق الشكر يقدمه الرئيس عبد الفتاح السيسى، الذى أعاد تشكيل اللجنة وتفعيل دورها للوصول إلى تلك النتيجة المشجعة على مواصلة العمل من أجل إنهاء الملف بشكل نهائى وتصفية أوضاع كل المحبوسين.



لا شك أن تلك النتيجة تعطى مؤشرًا قويًا على نجاح الحوار الوطنى، لأنها استجابة مباشرة من مؤسسات الدولة لمطالب أحزاب المعارضة، وهو ما ينعكس بشكل إيجابى على عمل الحوار، فالدولة تبحث عن المساحات المشتركة بشكل جاد مع الأحزاب السياسية على اختلاف توجهاتها ومنفتحة على التواصل معهم من أجل حل مشكلة المحبوسين، وهو ما يشير إلى إمكانية تكرار النجاح فى ملفات أخرى.

الأسماء التى تضمنتها القائمة الأخيرة وبينها المحامى عمرو نوهان تحمل دلالة مهمة على أن عمل اللجنة يتم بلا خطوط حمراء، وأن كل الأسماء المطروحة يمكن النظر فى إخلاء سبيلها طالما لم تمارس العنف أو تشارك فى تخريب وقتل. 

الواضح أن الدولة المصرية اتخذت خطوات إيجابية تؤكد مصداقية القيادة السياسية في تصفية أوضاع السجناء بها، وذلك تنفيذًا للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بعد عام من إطلاقها، ويعكس حرص الدولة المصرية والقيادة السياسية على حقوق الإنسان، ووجود إرادة سياسية حقيقية لإنهاء هذا الملف بشكل كامل.

كما أن عمل لجنة العفو الرئاسي على دمج المفرج عنهم وعودتهم لأعمالهم أو توفير فرص لهم، بالإضافة إلى حل بعض الأمور الإجرائية المتعلقة بمنع السفر أو التحفظ على الأموال، يمثل تطبيقًا جديدًا لمفهوم العدالة الاجتماعية، ويقدم تعويضًا مناسبًا للشباب المفرج عنهم ويفتح أمامهم فرصة جديدة للحياة بشكل مختلف، ويضعنا أمام حقيقة أن الجمهورية الجديدة ترحب بالجميع ولا تقصي أحدًا، وأنها لجميع المصريين ما عدا من قرر هدم الدولة المصرية بالعنف والتخريب.

عودة المفرج عنهم لعملهم هى عملية إدماج تحقق مفهوم العدالة الاجتماعية تخفيف الأعباء على المواطنين، كما أنها توفر عائدًا ماليًا ومعنويًا للمئات من الأسر التى كان عائلها فى السجن، خاصة فى ظل الظروف والتحديات الاقتصادية التى يمر بها الجميع.

وتعمل لجنة العفو الرئاسي بجهد كبير لإدماج المفرج عنهم في المجتمع من خلال تذليل العقبات التى تواجههم بداية من العودة إلى وظائفهم أو توفير فرص عمل أو إنهاء إجراءات التحفظ على أموالهم، أو منعهم من السفر، وهو دور لا يقل أهمية عن دورهم في دراسة الملفات الخاصة بهم قبل الإفراج عنهم، والحقيقة أن اللجنة تحملت ضغوطًا شديدة من جانب بعض القوى السياسية التى اعتادت المزايدة والتشكيك، ومع ذلك اللجنة تسير في الملف بخطي ثابتة، والدليل على ذلك أن بعض المفرج عنهم مشاركون في الحوار الوطني والبعض منهم يشارك بشكل فعال في إدارة الحوار.

وتعتبر عملية إدماج المفرج عنهم من أرقى مستويات تطبيق العدالة الاجتماعية فى أى مجتمع، وإشارة واضحة لانفتاح الجمهورية الجديدة على كل التيارات حتى المعارض لها لتؤكد أنها تتسع للجميع، وتطبيقًا مهمًا لمواد الدستور المصرى الذى لا يميز بين مواطن ومواطن ويتعامل مع الجميع على حد سواء.

من قام الرئيس بالعفو عنهم انتهت فترة عقوبتهم وأصبحوا مواطنين لديهم حقوق، وقدمت لهم اللجنة يد العون بالمساعدة إما بالعودة لوظائفهم، أو إيجاد وظائف جديدة، وعلى المجتمع أن يتقبلهم مرة أخرى، ويساعد مع الدولة فى عودتهم لحياتهم الطبيعية، وأن الفرصة الثانية فى الحياة تتشارك فيها اللجنة مع مؤسسات المجتمع المدنى مع عائلتهم.

من حق الإنسان دائمًا فرصة أخرى فى الحياة، والدولة المصرية ترعى كل أبنائها، وتتجاوز عن أخطائهم طالما لم تمتد لتخريب أو إيذاء أو قتل، وهو تعامل إنسانى رفيع المستوى من جانب الدولة مع المفرج عنهم.

هذه الإشارات وغيرها تؤكد على نهج الدولة المصرية فى تنفيذ ما وضعته على عاتقها الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان،  وكانت إشارة مهمة من الرئيس عبدالفتاح السيسى باتخاذه قرار إنهاء مد حالة الطوارئ الممتدة لعقود فى البلاد، لنجاح مصر فى مكافحة الإرهاب واهتمام مصر بعدم تقييد حرية المواطنين مع تطور التعامل الأمنى مع التحدى الإرهابى، ثم إصدار الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وما تضمنته من اعتراف الدولة بوجود تحديات تواجه التطبيق الشامل للاتفاقيات الأممية المتعلقة بحقوق الإنسان، وتعهد الحكومة بالتعاون مع البرلمان المصرى بغرفتيه النواب والشيوخ على حلها.

والحقيقة أنه رغم التحديات وحملات التشكيك والتشويه التى تتعرض لها الدولة المصرية لسنوات من مؤسسات حقوقية دولية منحازة لرواية جماعة الإخوان الإرهابية، فإنها خطت خطوات واسعة فى مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان بإطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والتى أعدتها اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان بالتعاون مع منظمات المجتمع المدنى ومؤسسات الدولة وبجهد وطنى خالص يؤكد أن حقوق الإنسان فى مصر عمل مؤسسى يقوم على الحوار بين الدولة وجميع مكونات المجتمع المدنى، تسعى به الدولة المصرية إلى تأسيس جمهوريتها الجديدة على أساس الاهتمام بحقوق الإنسان المصرى فى مستهل عصر جديد تواكب فيه الدولة المصرية كل تطورات العالم.

وكانت الاستراتيجية جزءًا من عمل مستدام تقوم به الدولة لترتقى بحالة حقوق الإنسان باعتباره بناءً وطنيًا لا يقبل أى تدخل خارجى أو انتقادات مسيسة، أو إملاءات وفرض ثقافات من الغرب، ودليل على نضج حركة حقوق الإنسان المصرية ونجاحها فى الوصول إلى مسار مستدام للحوار التفاوضى مع الدولة يستفيد به المواطن والمجتمع المدنى.

الانفتاح من جانب الدولة المصرية ومن جانب الرئيس السيسي لحل مشكلة المحبوسين، مرتبط بالتطور الهائل فى تحسين أوضاع نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل، بإنشاء المراكز المتطورة بكل محافظات مصر وفق المعايير الدولية لحقوق المحتجزين وهو ما يرد على الأصوات التى تحاول التشكيك في ذلك، وهى خطوة من ضمن خطوات عديدة اتخذتها القيادة السياسية لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية كان أهمها إلغاء حالة الطوارئ والعمل على بدء الحوار الوطني.

والحوار الوطني فى حد ذاته جزء من عملية مستمرة لتنمية المعرفة بالحقوق السياسية، وتترافق مع انفتاح إعلامى على كل التيارات السياسية في مصر وسماع صوتها، خاصة أن الحوار الوطني الجميع يراه خطوة نحو أفق سياسى جديد لعمل الجمهورية الجديدة، والخطوة مبنية على أن كل التيارات السياسية وكل الأحزاب السياسية في مصر مدعوة للانخراط في عمل يوحد المجتمع المصرى ويبحث بصدق عن مساحات مشتركة مع الدولة المصرية.