الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بحسابات المكاسب المصرية وخسائر العدو واعتراف العالم كله لماذا «نصر أكتوبر» هو الأعظم فى تاريخ حروب العصر الحديث؟

فعليا.. انتهت حرب أكتوبر المجيدة يوم 28 أكتوبر «بمعنى انتهاء المعارك بشكلها التقليدي» واجتمع الوفدان المصرى والإسرائيلى فى الساعة الواحدة والنصف لبدء المباحثات لتثبيت وقف إطلاق النار. وقضت مصر بهذا النصر على أسطورة الجيش الذى لا يقهر‏..‏ باقتحامها لقناة السويس أكبر مانع مائى واجتياحها لكامل نقاط خط بارليف‏..‏ واستردادها خلال ساعات قليلة على الضفة الشرقية لقناة السويس بكل نقاطها وحصونها‏..‏ ثم إدارتها لقتال شرس فى عمق الضفة الشرقية وعلى الضفة الغربية للقناة‏.



ومع انتهاء 22 يوما من المعارك الضارية وبكافة الحسابات وباعترافات العدو نفسه وكافة القوى الكبرى فى ذلك الوقت فإن نصر أكتوبر يعتبر من أعظم المعارك فى تاريخ الحروب الحديثة وذلك لعدة أسباب بخلاف أنه النصر الوحيد الحقيقى على الكيان الصهيونى منذ تواجده بالمنطقة.. والمكاسب التى حققتها مصر والأمة العربية فى مقابل ما لحق بالعدو من خسائر يثبت ذلك.

 المكاسب المصرية

تفصيليا.. وبخلاف استرداد مصر لأغلب أراضيها التى احتلتها إسرائيل استطاعت القوات المصرية أن تعيد نوعا من التوازن إلى جبهتها على مجموعة، فعلى مستوى التخطيط فقد بلغ مستوى التخطيط العلمى والعملى للمعركة مستوى ممتازا ودقيقا فقد استطاعت القوات المصرية فى الأيام الأولى للمعركة أن تحقق هدفا استراتيجيا لا يختلف عليه أحد وهو كسر النظرية الأمنية الإسرائيلية كما حقق الجيش المصرى إلى جانب الانتصار الاستراتيجى انتصارا آخر على مستوى العمل العسكرى المباشر متمثلا فى عملية العبور التى اكتسحت مانعا مائيا ضخما فى ساعات ثم دخلت لعدة أيام فى معارك بالمدرعات والطيران وأمنت لنفسها عدة رؤوس كبارى داخل سيناء وألحقت بالعدو خسائر وصلت إلى ربع طائراته وثلث دباباته تقريبا فى ظرف أسبوع واحد من القتال.

أما على مستوى القرار فقد استطاع الرئيس السادات أن يثبت أن القيادة المصرية والعربية ليست واهنة بل لديها الشجاعة على اتخاذ القرار فرغم المنحنيات الكثيرة التى مرت بها عملية اتخاذ القرار فحينما جاءت اللحظة الحاسمة أعطى أمر القتال وأطلق شرارة الحرب،  وعلى مستوى الجندى المصرى فجرت الحرب والظروف التى نشبت فيها طاقة إنسانية لم يكن أحد يحسب لها حساب أو يخطر بباله أنها موجودة على هذه الدرجة من الاقتدار.

  السيادة على قناة السويس

ومن أهم مكاسب نصر أكتوبر أيضا تم استرداد السيادة الكاملة على قناة السويس، وعودة الملاحة فى القناة فى يونيو 1975م، واسترداد جميع الأراضى فى شبه جزيرة سيناء، وتم بدء التحالف الإستراتيجى للحكومة المصرية مع الولايات المتحدة الأمريكية والاندماج فى الاقتصاد الرأسمالي، والسوق العالمية، ونتيجة لذلك تم افتتاح فروع البنوك الأجنبية الدولية فى مصر، وفى نفس الوقت أقدمت هذه البنوك على منح التسهيلات المصرفية وتسهيلات الموردين.

 ولتحقيق الانفتاح الاقتصادى، قد صدر القانون الشهير رقم 43 لسنة 1974 الخاص باستثمار رأس المال العربى والأجنبى والمناطق الحرة، ثم توالت بعد ذلك القوانين والتعديلات فى جميع الجبهات، لكى تتوافق مع سياسة «الانفتاح الاقتصادي»، وتم التعاون مع صندوق النقد الدولى لوضع برنامج للإصلاح الاقتصادي، وهو أول برنامج بالاتفاق مع صندوق النقد الدولى يستهدف استكمال معالم النمط الرأسمالى الليبرالى .

على المستوى العربي..أعاد نصر أكتوبر للشارع العربى والمصرى ثقته فى ذاته بعد أن كانت تجتاحه حالة من الإحباط الشديد إثر نكسة 1967 والتى رافقها العديد من المظاهر الاجتماعية فى الوطن العربي، والمواقف العربية خلال الحرب أظهرت وعدا بعصر عربى جديد يضع العرب على موضع يرضونه لأنفسهم من توافق وتكامل يؤدى بهم إلى الصفوف الأولى فإن تحالفا واسعا على الناحية العربية للمعركة قام وراء جبهة القتال تمثل فى عدة خطوط تساند بعضها بطريقة تستطيع تعويض جزء كبير من الانحياز الأمريكى لإسرائيل.

 مشاركة الجيوش العربية

وقد كانت الجيوش العربية المقاتلة بشجاعة هى الخط الأول وكانت الجبهات العربية الداخلية التى تجلت إرادتها هى الخط الثانى كما ظهر سلاح البترول للمرة الأولى بعد أن لوحت السعودية باحتمال قطع إمداداتها لاى دولة تقوم بمساعدة إسرائيل، ودخلت فكرة المفاوضات المباشرة للمرة الأولى فى الصراع العربى الإسرائيلى بعد المفاوضات التى قامت عند الكيلو 101 التى أجراها وفدان عسكريان فى الطريق بين القاهرة والسويس يوم 28 أكتوبر والمعارك مازالت مستمرة وقادها من الجانب المصرى اللواء محمد عبد الغنى الجسمى مدير العمليات فى حرب السادس من أكتوبر واحد أبرز أبطالها.

وعلى أرض الواقع امتدت مظلة النصر لتشمل كل الخرائط العربية التى اقتربت منها نيران الاحتلال إسرائيلي، فالجانب الفلسطينى نجح فى استرداد جزء من أراضيه باتفاقيات أوسلو فى 4 مايو 1994، التى بدأت بعودة غزة - أريحا أولاً، وبناء عليها تم تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية فى غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.

ولم تمضِ عدة شهور قليلة وسرعان ما استطاعت المملكة الأردنية الهاشمية استرداد كل أراضيها من خلال اتفاق وادى عربة فى 26 أكتوبر عام 1994، كما تتجسد أيضاً مكاسب نصر أكتوبر فى اضطرار إسرائيل للانسحاب من قطاع غزة عام 2005، وكذلك لم يختلف الأمر فى جنوب لبنان، إذ شهدنا نفس الانسحاب الإسرائيلى منها عام 2006.

 القضاء على أسطورة خط برليف

نذهب سويا إلى الجانب الأخر.. لنرى ما فعلته به حرب أكتوبر.. فقد سقط أسطورة خط بارليف الذى صدعوا رؤوس العالم كله بأنها المانع الذى لا يقهر، كما سقطت أسطورة السلاح الجوى الإسرائيلى «الأسطورى هو الأخر»  ذى الذراع الطويلة التى تطال أى بقعة فى العالم العربى والمزود بأحدث ما فى الترسانات الحربية الغربية من طائرات الفانتوم والسكاى هوك والميراج . 

حرب أكتوبر أيضا قضت على أسطورة تفوق جهاز مخابراتهم «الموساد» التى أشاعوا عنها أنها تعلم ما فى النوايا وتفتش عما فى ضمائر المصريين والعرب سقطت هى الأخرى كقطع الزجاج المهشم على أرض الواقع الصلبة بعد أن تعرضت لمراحل مختلفة من الخداع الإستراتيجى المحكم من تدبير المخابرات العامة المصرية أطاحت بصواب مخابرات العدو بعد أن جعلته يغط فى سبات عميق وأمن وهمى وهى تعد العدة لتنفيذ الحشد وإخفاء نوايانا فى الإعداد للحرب من خلال خطط وعمليات محكمة.

  بتحقيق النصر.. سقطت للأبد أسطورة أزلية التخلف العربى وعجز الجندى العربى عن استيعاب التكنولوجيا الحديثة بعد أن كادت أن تصبح من المسلمات الراسخة فى الضمير الجمعى للعالم الغربى كله نتيجة سعى إسرائيل لتأكيد هذا الأمر،  فقد زالت أسطورة خلود العجز العربى الدائم عن عدم قدرتهم على توحيد خططهم وجهودهم فى شن حرب مشتركة ضد إسرائيل فضلا عن إخفاء نواياهم وأسرارهم عن العدو الإسرائيلى وذلك بشن الحرب بالتنسيق بين مصر و سوريا ثم اشتراك العراق بعد ذلك ودخول سلاح البترول فى المعركة.

 أكذوبة الثغرة

 وأثبت الحرب ونتائجها سقوط أكذوبة انتصار إسرائيل فى الثغرة ـ آخر الأكاذيب ـ بعد تلقى قواتها هزيمة ساحقة على أبواب مدينتى الإسماعلية والسويس وفشلها فى القضاء على الجيش الثالث الميدانى وقبولها بوقف إطلاق النار.

على مستوى الرأى العام أدى انكسار النظرية الإسرائيلية إلى سقوط أساطير إسرائيلية كثيرة على رأسها الجيش الإسرائيلى الذى كان أمل إسرائيل وموضع اعتزازها الأول وأيضا سقطت صورة المخابرات الإسرائيلية التى كانت غائبة عن مسرح الأحداث بالمعلومات والكشف والتحليل كما سقطت شخصيات إسرائيلية كانت مثل أصنام لدى الرأى العام الإسرائيلى ومنها جولدا مائير وموشى ديان،  ووجدت إسرائيل نفسها مرغمة على الاستمرار فى عملية التعبئة العامة لدعم خطوطها العسكرية وكان ذلك يعنى أن عجلة الإنتاج الإسرائيلى فى الزراعة والصناعة والخدمات توقفت أو أصبحت على وشك التوقف.

على  المستوى العالمى.. بعد نصر أكتوبر استطاعت مصر من خلال موقفها القوى فى الحرب خلق رأى عام عالمى واضح مناهض للجبهة التى تساند إسرائيل وعلى رأسها الولايات المتحدة وقد عبر عن هذا الرأى الرئيس الفرنسى فى ذلك الوقت بومبيدو بقوله نحن نعرف أن العرب هم الذين بدأو القتال ولكن من يستطيع أن يلوم طرفا يقاتل لتحرير أرض احتلها أعداؤه.

وحصلت مصر على مدد عسكري ضخم خلال أيام المعركة فقد قررت القيادة السوفيتية تعويض الجيش المصرى عن بعض خسائره من الدبابات وأهدته 250 دبابة من طراز تى 62 كما بعث تيتو رئيس يوغسلافيا فى ذلك الوقت بلواء كامل من الدبابات وضعه تحت تصرف القيادة المصرية.

 بدء حرب المفاوضات

انتصار أكتوبر جعل موقف مصر هو الأقوى فى إدارة المفاوضات التى دارت بعد انتهاء المعارك لإسترداد باقى الأرض .. وهذا ما حدث خلال مباحثات الكيلو 101 « أكتوبر ونوفمبر 1973»،  تم فيها الاتفاق على تمهيد الطريق أمام المحادثات للوصول إلى تسوية دائمة فى الشرق الأوسط و فى 11 نوفمبر 1973 تم التوقيع على الاتفاق الذى تضمن التزاما بوقف إطلاق النار ووصول الإمددات اليومية إلى مدينة السويس وتتولى قوات الطوارئ الدولية مراقبة الطريق ثم يبدأ تبادل الأسرى والجرحى وقد اعتبر هذا الاتفاق مرحلة افتتاحية مهمة فى إقامة سلام دائم و عادل فى منطقة الشرق الأوسط.

ثم جاءت اتفاقيات فض الاشتباك الأولى «يناير 1974» والثانية «سبتمبر 1975»،  وتم توقيع الاتفاق الأول لفض الاشتباك بين مصر وإسرائيل و قد نص على إيقاف جميع العمليات العسكرية وشبه العسكرية فى البر والجو والبحر كما حدد الاتفاق الخط الذى ستنسحب إليه القوات الإسرائيلية على مساحة 30 كيلومترا شرق القناة وخطوط منطقة الفصل بين القوات التى سترابط فيها قوات الطوارئ الدولية وهذا الاتفاق لا يعد اتفاق سلام نهائيا.  وفى سبتمبر 1975 تم التوقيع على الاتفاق الثانى الذى بموجبه تقدمت مصر إلى خطوط جديدة و استردت حوالى 4500 كيلو متر من أرض سيناء وأصبح الخط الأمامى للقوات الإسرائيلية على الساحل الشرقى لخليج السويس لمسافة 180 كم من السويس وحتى بلاعيم ومن أهم ما تضمنه الاتفاق أن النزاع فى الشرق الأوسط لن يحسم بالقوة العسكرية ولكن بالوسائل السلمية.

 مبادرة الرئيس السادات

ثم جاءت مبادرة الرئيس الراحل أنور السـادات بزيـارة القدس «نوفمبر 1977»،  حين أعلن فى بيان أمام مجلس الشعب أنه على استعداد للذهاب إلى إسرائيل ومناقشتهم  وذهب الرئيس عارضا قضيته على الكنيست وكانت أبرز الحقائق التى حددتها المبادرة إن اتفاقا منفردا بين مصر وإسرائيل ليس واردا فى سياسة مصر،  وأى سلام منفرد بين مصر وإسرائيل وبين أى دولة من دول المواجهة وإسرائيل فإنه لن يقيم السلام الدائم العادل فى المنطقة كلها،  بل أكثر من ذلك فإنه حتى لو تحقق السلام بين دول المواجهة كلها وإسرائيل بغير حل عادل للقضية الفلسطينية فإن ذلك لم يحقق أبدا السلام الدائم العادل الذى يلح العالم كله اليوم عليه.

ثم طرحت المبادرة بعد ذلك خمس أسس محددة يقوم عليها السلام وهى، إنهاء الاحتلال الإسرائيلى للأراضى العربية التى احتلت عام 1967، وتحقيق الحقوق الأساسية للشعب الفلسطينى وحقه فى تقرير المصير بما فى ذلك حقه فى إقامة دولته، وحق كل دول المنطقة فى العيش فى سلام داخل حدودها الآمنة والمضمونة عن طريق إجراءات يتفق عليها تحقيق الأمن المناسب للحدود الدولية بالإضافة إلى الضمانات الدولية المناسبة.

ونصت المبادرة أيضا على أن تلتزم كل دول المنطقة بإدارة العلاقات فيما بينها طبقا لأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وبصفة خاصة عدم اللجوء إلى القوة وحل الخلافات بينهم بالوسائل السلمية،  وإنهاء حالة الحرب القائمة فى المنطقة.

 المؤتمر الثلاثى

وفى 5 سبتمبر 1978 وافقت مصر وإسرائيل على الاقتراح الأمريكى بعقد مؤتمر ثلاثى فى كامب ديفيد بالولايات المتحدة الأمريكية،  وتم الإعلان عن التوصل لاتفاق يوم 17 سبتمبر،  والتوقيع على وثيقة كامب ديفيد فى البيت الأبيض يوم 18 سبتمبر 1978 . ويحتوى اتفاق كامب ديفيد على وثيقتين هامتين لتحقيق تسوية شاملة للنزاع العربى – الإسرائيلى.

وانطلاقا من النصر الذى تحقق على أرض الواقع فى أكتوبر 1973.. تم توقيع معاهدة السلام فى 26 مارس 1979،  حيث وقعت مصر وإسرائيل معاهدة السلام اقتناعا منها بالضرورة الماسة لإقامة سلام عادل و شامل فى الشرق الأوسط وقد نصت على إنهاء الحرب بين الطرفين ويقام السلام بينهما وتسحب إسرائيل كافة قواتها المسلحة والمدنيين من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب وتستأنف مصر ممارسة سيادتها الكاملة على سيناء.

  انسحاب إسرائيل من سيناء

أدت معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل إلى انسحاب إسرائيلى كامل من شبه جزيرة سيناء،  وعودة السيادة المصرية على كامل ترابها المصرى وقد تم تحديد جدول زمنى للانسحاب المرحلى من سيناء،  وفى 26 مايو 1979 رفع العلم المصرى على مدينة العريش وانسحاب إسرائيل من خط العريس / رأس محمد وبدء تنفيذ اتفاقية السلام، وفى 26 يوليو 1979: المرحلة الثانية للانسحاب الإسرائيلى من سيناء «مساحة 6 آلاف كم مربع » من أبو زنيبة حتى أبو خربة

 فى 19 نوفمبر 1979 : تم تسليم وثيقة تولى محافظة جنوب سيناء سلطاتها من القوات المسلحة المصرية بعد أداء واجبها وتحرير الأرض وتحقيق السلام،  وفى19 نوفمبر 1979 الانسحاب الإسرائيلى من منطقة سانت كاترين ووادى الطور،  واعتبار ذلك اليوم هو العيد القومى لمحافظة جنوب سيناء.

يوم ‏25‏ إبريل‏1982‏ رفع العلم المصرى على حدود مصر الشرقية على مدينة رفح بشمال سيناء و شرم الشيخ بجنوب سيناء واستكمال الانسحاب الإسرائيلى من سيناء بعد احتلال دام 15 عاما وإعلان هذا اليوم عيدا قوميا مصريا فى ذكرى تحرير كل شبر من سيناء فيما عدا الشبر الأخير ممثلا فى مشكلة طابا التى أوجدتها إسرائيل فى آخر أيام انسحابها من سيناء‏،  وقد استغرقت المعركة الدبلوماسية لتحرير هذه البقعة سبع سنوات من الجهد الدبلوماسى المكثف‏.

 استرداد طابا

وخلال الانسحاب النهائى الإسرائيلى من سيناء كلها فى عام 1982،  تفجر الصراع بين مصر وإسرائيل حول طابا وعرضت مصر موقفها بوضوح وهو أنه لا تنازل ولا تفريط عن أرض طابا،  وأى خلاف بين الحدود يجب أن يحل وفقا للمادة السابعة من معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية، وقد كان الموقف المصرى شديد الوضوح وهو اللجوء إلى التحكيم بينما ترى إسرائيل أن يتم حل الخلاف أولا بالتوفيق.

وفى 13 / 1 / 1986 أعلنت إسرائيل موافقتها على قبول التحكيم،  وبدأت المباحثات بين الجانبين وانتهت إلى التوصل إلى «مشارطة تحكيم « وقعت فى 11 سبتمبر 1986 . وهى تحدد شروط التحكيم،  ومهمة المحكمة فى تحديد مواقع النقاط وعلامات الحدود محل الخلاف، وفى 30 سبتمبر 1988 أعلنت هيئة التحكيم الدولية فى الجلسة التى عقدت فى برلمان جنيف حكمها فى قضية طابا،  فقد حكمت بالإجماع أن طابا أرض مصرية،  وفى 19 مارس 1989 تم رفع العلم المصرى على طابا.. ليتم الإعلان أمام العالم كله أن مصر استردت كرامتها وكامل أرضها.

ما سبق من نتائج لحرب أكتوبر المجيدة يؤكد تماما أنها تستحق لقب الأعظم وسط معارك العصر الحديث من حيث طرق إدارتها ومكاسبها والخسائر التى ألحقتها بالطرف الآخر للمعركة.