الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

نرصد تفاصيل العمليات وسير الحرب من يوم العبور حتى إعلان بيان النصر 6 أكتوبر عبقرية إدارة المعركة

فى مثل هذه الأيام قبل 49 عاما كانت قواتنا المسلحة قد انتهت من وضع خطة استرداد أرض سيناء الحبيبة وبدأت عملية التدفق وفق خطة مُحكمة لتدمير خط بارليف وعبور القناة حتى تحقق النصر، هذا النصر الذى لم يكن يتحقق إلا بإعداد جيد واستعداد وتدريب شاق بالتوازى مع خطة خداع استراتيجى لم تحدث من قبل تاريخ 6 أكتوبر 1973، وفوق كل ذلك كان مقاتلونا مسلحين بالعزيمة والإصرار على استرداد الكرامة.



 

وحتى تعيش أجواء الحرب وعبقرية إدارة المعركة.. أطلب منك أن تترك لعقلك وقلبك ووجدانك العنان وستجد نفسك وكأنك كنت حاضرا كل تفاصيل النصر، فقد بدأت القوات المصرية فى تنفيذ مخطط تجهيز مسرح العمليات أعقاب حرب يونيو 1967، وركزت القوات المسلحة المصرية جهودها وطاقتها مستغلة طاقات الشركات المدنية من القطاع الخاص والقطاع العام وقامت بأعمال ضخمة شملت الأراضى المصرية جميعها حيث تم إقامة تحصينات لوقاية الأفراد والأسلحة والمعدات والذخائر وحفر خنادق ومرابض النيران للمدفعية الرئيسية والتبادلية المؤقتة والهيكلية وتجهيز مراكز القيادة والسيطرة الرئيسية التبادلية على جميع المستويات وإقامة وتعلية السواتر الترابية غرب القناة وإنشاء هضبات حاكمة على الساتر الترابى لاحتلالها للدبابات والأسلحة المضادة للدبابات كما تم إنشاء نقط قوية فى الاتجاهات ذات الأهمية الخاصة وإنشاء شبكة الصواريخ المضادة للطائرات.

 (ملاجئ ودشم خرسانية)

قامت القوات المسلحة بإنشاء ملاجئ ودشم خرسانية مسلحة للطائرات والمعدات الفنية بالقواعد الجوية والمطارات وزودت بأبواب من الصلب وإنشاء 20 قاعدة ومطارًا جديدًا وتشكيل وحدات هندسية فى كل مطار لصيانة وسرعة إصلاح الممرات بمجرد قصفها، وكذلك تزويد المشاة بمعدات خاصة وأسلحة دعم تتناسب مع مشكلة عبور قناة السويس بعد أن أصبحت الشدة الميدانية (البل) التى كان معمولًا بها فى القوات المسلحة لا تتناسب مع الظروف الجديدة.

بعد أن اتفقت القيادات العسكرية على تنفيذ الخطة «بدر» طبقًا للتوجيه الاستراتيجى تم حشد القوات المصرية طبقًا لأوضاع دقيقة، فالنسق الأول كان يتشكل من منطقة البحر الأحمر العسكرية والجيشين الثانى والثالث الميدانى، بالنسبة لمنطقة البحر الأحمر العسكرية كان بقيادة اللواء إبراهيم كامل، وتشكيله عبارة عن نسق أول واحتياطى يتكون النسق الأول من لواءى مشاة مستقلين عدا كتيبة والاحتياطى يتكون من كتيبة المشاة.

(دور الجيش الثانى)

الجيش الثالث الميدانى بقيادة اللواء عبدالمنعم واصل، كان يتشكل من نسقين واحتياطى النسق الأول فى اليمين الفرقة 19 مشاة بقيادة العميد يوسف عفيفى ومعها اللواء 22 مدرع للفرقة 6 مشاة ميكانيكى، فى اليسار الفرقة 7 مشاة بقيادة العميد أحمد بدوى ومعها اللواء 25 مدرع مستقل، النسق الثانى يتشكل من الفرقة الرابعة مدرعة بقيادة العميد محمد عبدالعزيز قابيل والفرقة 6 مشاة ميكانيكى عدا لواء بقيادة العميد محمد أبو الفتح محرم، أما احتياطى الجيش الثالث فكان عبارة عن مجموعة صاعقة ولواء إقليمى وفوج سيارات حدود ولواء صاعقة فلسطينى.

(مهمة الجيش الثانى)

الجيش الثانى الميدانى بقيادة اللواء سعد مأمون، كان يتشكل من نسقين واحتياطى، النسق الأول فى اليمين الفرقة 16 مشاة بقيادة عميد عبد رب النبى حافظ ومعها اللواء 14 مدرع من الفرقة 21 مدرعات، وفى الوسط الفرقة 2 مشاة وبقيادة العميد حسن أبو سعدة ومعها اللواء 24 مدرع من الفرقة 23 مشاة ميكانيكى، وفى اليسار الفرقة 18 مشاة بقيادة العميد فؤاد عزيز غالى ومعها اللواء 15 مدرع مستقل، ومنطقة بور سعيد كان بها 2 لواء مشاة مستقل بقيادة اللواء عمر خالد.

النسق الثانى للجيش الثانى كان يضم الفرقة 21 مدرعة عدا لواء بقيادة العميد إبراهيم العرابى، والاحتياطى عبارة عن الفرقة 23 مشاة ميكانيكى، واحتياطى القيادة العامة يتشكل من الفرقة الثالثة مشاة ميكانيكى عدا لواء بقيادة العميد محمد نجاتى ولوائين مدرعين مستقلين ولواء مظلات ولواءى اقتحام جوى عدا كتيبة مجموعة صاعقة.

(يوم الحرب)

فى تمام الساعة 2 ظهرًا فى يوم 6 أكتوبر 1973 قامت القوات الجوية المصرية بشن ضربة مركزة على أهداف العدو فى عمق سيناء وحصون خط بارليف عبر أكثر من 200 طائرة مصرية من مقاتلات مج 21 مج 17 وسوخوى 7 والتى أسفرت عن تدمير مطارات المليز وبيرتمادا ورأس نصرانى، تدمير عشرة مواقع صواريخ أرض جو طراز هوك، تدمير 6 مواقع مدفعية بعيدة المدى، تدمير ثلاثة مواقع رادار ومراكز توجيه وإنذار، وقصف النقطة القوية شرق بور فؤاد (بودابست).

بعدها بخمس دقائق قامت أكثر من 2000 قطعة مدفعية وهاون ومعها لواء صواريخ تكتيكية أرض بقصف مركز لمدة 53 دقيقة صانعة عملية تمهيد نيرانى من أقوى عمليات التمهيد النيرانى فى التاريخ والذى خطط له قائد سلاح المدفعية محمد الماحى واشترك معه فى هذا التمهيد 135 كتيبة مدفعية وعدة مئات من مدفعية الضرب المباشر تتبع العميد محمد عبدالحليم أبوغزالة قائد مدفعية الجيش الثانى والعميد منير شاش قائد مدفعية الجيش الثالث.

 (اقتناص الدبابات)

بعد التمهيد النيرانى بدأت عمليات عبور مجموعات اقتناص الدبابات قناة السويس بواسطة قوارب مطاطية لتدمير دبابات العدو ومنعها من التدخل فى عمليات عبور القوات الرئيسية وحرمانها من استخدام مصاطبها بالساتر الترابى على الضفة الشرقية للقناة.

فى الساعة الثانية وعشرون دقيقة كانت المدفعية قد أتمت القصفة الأولى والتى استغرقت 15 دقيقة وتركزت على جميع الأهداف المعادية التى على الشاطئ الشرقى للقناة إلى عمق يتراوح ما بين كيلومتر ونصف، وفى التوقيت الذى رفعت فيه المدفعية القصفة الثانية على عمق 1.5 كم إلى 3 كم من الشاطئ الشرقى بدأت موجات العبور الأولى من سرايا النسق الأول من كتائب النسق الأول المشاة فى القوارب الخشبية والمطاطية وذلك فى الفواصل من النقط الحصينة.

مع تدفق الموجات الأولى من المشاة بدأ الإبرار البحرى لمفرزتين من اللواء 130 مشاة ميكانيكى البرمائى المستقل كانت كل منهما تتكون من كتيبة ميكانيكية مدعمة وذلك عبر البحيرة المرة الصغرى بغرض الاندفاع شرقًا والاستيلاء على مدخل مضيق الجدى ومضيق متلا بالتعاون مع قوة الإبرار الجوى التى سيتم إبرارها طائرات هليكوبتر خلف خطوط العدو.

ومع تدفق موجات العبور بفاصل 15 دقيقة لكل موجة وحتى الساعة الرابعة والنصف مساء تم عبور 8 موجات من المشاة وأصبح لدى القوات المصرية على الشاطئ الشرقى للقناة خمسة رؤوس كبارى قاعدة كل منها حوالى 6 كم وعمق كل منها 2 كم.

 (عبور موجات المشاة)

فى نفس وقت عبور موجات المشاة كانت قوات سلاح المهندسين تقوم بفتح ثغرات فى الساتر الترابى لخط بارليف عبر تشغيل طلمبات المياه وإزاحة أطنان الأمتار المكعبة من الرمال، وحين فتح الثغرات قامت وحدات الكبارى بإنزالها وتركيبها فى خلال من 6-9 ساعات حتى تركيب جميع الكبارى الثقيلة والخفيفة والهيكلية والناقلات البرمائية.

وفى خلال الظلام أتمت عملية العبور حتى أكملت 80 ألف مقاتل مشاة و800 دبابة ومدرعة ومئات المدافع، بالتزامن مع عمليات العبور قامت البحرية المصرية بقصف شواطئ إسرائيل ضمن عملية التمهيد النيرانى، حيث قامت بقصف النقطة الحصينة فى بور فؤاد عن طريق المدفعية الساحلية فى بورسعيد والنقطة الحصينة عند الكيلو 10 جنوب بورفؤاد وأيضا قصفت المدفعية الساحلية الأهداف المعادية للجيش الثالث فى خليج السويس.

 (القوات البحرية والحرب)

وقامت لنشات الصواريخ بقصف تجمعات للعدو فى رمانة ورأس بيرون على ساحل البحر المتوسط وأيضا على خليج السويس هاجمت أهداف العدو الحيوية فى رأس مسلة، وهاجمت الضفادع البشرية منطقة البترول فى بلاعيم وأعاقت وحدات الألغام الملاحة فى مدخل خليج السويس عن طريق بث الألغام فيه، كما قامت القوات البحرية المصرية بقطع الملاحة فى الموانئ الإسرائيلية على البحر المتوسط بنسبة 100 % وفى البحر الأحمر بنسبة 80 %.

تحقق هذا الإنجاز فى اليوم الأول للحرب بأقل خسائر ممكنة، فقد بلغت خسائرنا 5 طائرات، 20 دبابة، 280 شهيدًا ويمثل ذلك 2 ونصف% من الطائرات و2 % فى الدبابات و3 % فى الرجال وهى خسائر قليلة بالنسبة للأعداد التى اشتركت فى القتال.

وفى نفس الوقت خسر العدو 25 طائرة و120 دبابة وعدة مئات من القتلى مع خسارة المعارك التى خاضها وسقط خط بارليف الذى كان يمثل الأمن والمناعة لإسرائيل، وهزيمة الجيش الإسرائيلى الذى رددوا عنه أنه غير قابل للهزيمة فقد سقط منها 15 حصنًا تمثل عدد حصون خط بارليف فقد قيمته العسكرية بعد أن سقط نصف عدد الحصون وفقد حوالى 100 دبابة تمثل ثلث دبابتهم التى تقاتل فى الخط الأمامى.

(عمليات يوم 7 أكتوبر)

يوم 7 أكتوبر تحرك إلى سيناء فرقتان مدرعتان من الجيش الإسرائيلى.. إحداهما بقيادة الجنرال أبراهام أدان على المحور الشمالى فى اتجاه القنطرة والفرقة الأخرى بقيادة الجنرال أريل شارون على المحور الأوسط فى اتجاه الإسماعيلية بالإضافة لفرقة مدرعة كانت موجودة فى الجبهة منذ بداية الحرب بقيادة الجنرال مندلر وبذلك أصبح لدى إسرائيل حوالى 950 دبابة بالجبهة مشكلة فى ثلاث فرق مدرعة تحت قيادة ثلاثة من القادة البارزين فى الجيش الإسرائيلى.

وبينما كان حشد الاحتياطى الإسرائيلى يتم يوم 7 أكتوبر (فرقة أدان وفرقة شارون) طار ديان إلى قيادة الجبهة الجنوبية سيناء حيث أستعرض الموقف مع قائدها الجنرال جونين.

 معركة القنطرة شرق

كانت الحصون التى بناها العدو فى قطاع القنطرة شرق من أقوى حصون خط بارليف وصل عددها إلى سبعة حصون، كما أن القتال داخل المدينة يحتاج إلى جهد حيث إن القتال فى المدن يختلف عن القتال فى الصحراء، ولذلك استمر القتال شديدا خلال هذا اليوم، واستمر ليلة 7/8 أكتوبر استخدم فيه السلاح الأبيض لتطهير المدينة من الجنود الإسرائيليين وتمكنت قوات الفرقة 18 بقيادة العميد فؤاد عزيز غالى فى نهاية يوم 7 أكتوبر من حصار المدينة والسيطرة عليها تمهيدًا لتحريرها.

وجاء يوم الاثنين 8 أكتوبر وتمكنت الفرقة 18 مشاة بقيادة العميد فؤاد عزيز غالى من تحرير مدينة القنطرة شرق بعد أن حاصرتها داخليًا وخارجيًا  ثم اقتحامها، ودار القتال فى شوارعها وداخل مبانيها حتى انهارت القوات المعادية واستولت الفرقة على كمية من أسلحة ومعدات العدو بينها عدد من الدبابات وتم أسر ثلاثين فردا للعدو هم كل من بقى فى المدينة وأذيع فى التاسعة والنصف من مساء اليوم 8 أكتوبر من إذاعة القاهرة تحرير المدينة الأمر الذى كان له تأثير طيب فى نفوس الجميع.

 (معركة عيون موسى)

وفى قطاع الجيش الثالث كانت القوات تقاتل على عمق 8 إلى 11 كيلو مترًا شرق القناة وكان أبرز قتال هذا اليوم هو نجاح الفرقة 19 مشاة بقيادة العميد يوسف عفيفى فى احتلال مواقع العدو الإسرائيلى المحصنة على الضفة الشرقية التى يتمركز فيها ستة مدافع 155 مم.

كان العدو الإسرائيلى يستخدم هذه المدافع فى قصف مدينة السويس خلال حرب الاستنزاف، ولم نتمكن من إسكاتها فى ذلك الوقت برغم توجيه قصفات نيران ضدها بكل أنواع دانات المدفعية المتيسرة وقتئذ لصلابة التحصينات التى عملتلها بواسطة القوات الإسرائيلية.

 (معركة الفردان)

أعاد العدو تنظيم قواته وحاول أدان – فرقة أبراهام أدان المكونة من ثلاث لواءات مدرعة حوالى 300 دبابة – مرة أخرى الهجوم بلواءين مدرعين ضد فرقة حسن أبو سعدة واللواء الثالث ضد الفرقة 16 بقيادة العميد عبد رب النبى فى قطاع شرق الإسماعيلية (الجيش الثانى) ودارت معركة الفردان بين فرقة أدان وفرقة حسن أبو سعدة.

 (الجسر الجوى الأمريكى)

بعد انهيار إسرائيل المفاجئ فى حرب 1973 واستمرار القتال لمدة 6 أيام كانت الخسائر الإسرائيلية فى المدرعات والطائرات والأفراد لا تحصى، هذا بخلاف سقوط خط بارليف فى يد المصريين واستيلائهم عليه وتحرير بعض المدن المصرية فى سيناء.

بعثت جولدا مائير رئيسة الوزراء الإسرائيلية نداء استغاثة إلى الرئيس الأمريكى كانت أهم عبارة بها (أنقذونا من الطوفان المصرى)، وعلى الفور تحرك الحلفاء الأمريكيون وأقاموا جسرًا جويًا لتعويض الجيش الإسرائيلى عما خسره فى الحرب من طائرات ودبابات وخلافه منذ يوم 10 أكتوبر بصورة غير رسمية.

ومنذ 13 أكتوبر بصورة رسمية وسميت بعملية نيكل جراس واستخدمت فيها طائرات سى 5 وسى 141 (طائرات تقل عسكرية أمريكية عملاقة)، ولم تكلف إسرائيل بطائرات الجامبو السبع لشركة العال لنقل احتياجاتها من الأسلحة والمعدات، ولذلك عملت محاولات لاستئجار طائرات مدنية أمريكية لسرعة إجراء النقل لكن شركات الطيران رفضت التعاون خوفا ً للمقاطعة العربية.

 (تطوير الهجوم)

بعد انتهاء فترة العمليات المخطط لها من 6-9 أكتوبر ووصول الجيوش الميدانية لخط مهامها المباشر تم عمل وقفة تعبوية عملياتية استمرت من 10 – 15 أكتوبر، لكن فى أثناء الوقفة التعبوية كان الموقف على الجبهة السورية ينذر بخطر كبير فتم إصدار الأوامر لتطوير الهجوم شرقا لدفع العدو غرب الممرات الجبلية والحد من حرية حركته وفى نفس الوقت تضعيف الضغط على الجبهة السورية.

كانت خطة هذا التطوير تقضى بأن الفرقة 21 المدرعة والفرقة 4 المدرعة شرق القناة ما عدا لواء يضم مائة دبابة تبقى غرب القناة، وفى يوم 13 أكتوبر حصلت إسرائيل على معلومات كاملة عن القوات شرق القناة وغرب القناة وحجم قوات التطوير واتجاه المحور الرئيسى، فقد اخترقت طائرة المجال الجوى المصرى اتضح من مواصفاتها أنها طائرة من الطراز الأمريكيsr - 71 وهى طائرة استطلاع استراتيجى يمكنها التقاط عدة صور عبر وسائل متقدمة على ارتفاع 25 كيلو مترًا وتطير بسرعة ثلاثة أمثال سرعة الصوت مما لا تستطيع أى مقاتلة من مقاتلات الدفاع الجوى لدى القوات المصرية أن تطاردها.

وفى صباح 14 أكتوبر بدأ تطوير الهجوم شرقا فى الساعة 6.15 صباحًا بقصف مدفعى مصرى وانطلقت القوات المصرية تحقق أهدافها، لكن العلم المسبق لدى القوات الإسرائيلية بالهجوم وحجم قواته جعلهم يوقعون خسائر عديدة فى الدبابات المصرية وصلت لــ250دبابة من قوات الهجوم الرئيسية. وهكذا اضطرت قوات التطوير العودة إلى رؤوس كبارى المشاة للفرقة الخمسة.

حدثت الثغرة 16 - 21 أكتوبر، وتفاصيلها بعد أن أسندت العملية إلى ارئيل شارون قائد مجموعة العمليات المدرعة 143 والتى دعمت بعد ذلك بلواء مظلى، بعبور الفرقتين المدرعتين 21 و4 إلى الشرق القناة للمشاركة فى تطوير الهجوم شرقًا أسقطت كل الاعتراضات التى تواجه القيادة الإسرائيلية فى تنفيذ عملية الغزالة وهى العبور غرب القناة.

وكان هدف عبور الجيش الإسرائيلى من الشرق إلى الغرب هو ضرب بطاريات صواريخ سام المضادة للطائرات واحتلال مدينة الإسماعيلية وتطويق الجيش الثانى واحتلال مدينة السويس وتطويق الجيش الثالث، وكان عبور شارون غرب القناة المفتاح لكل من أبراهام ادان وكلمان ماجن للعبور بقواتهما على الكبارى التى أقامها شارون وتنفيذ مخطط عملية الغزال. ولكن فشل كل من شارون فى احتلال الإسماعيلية وأبراهام أدان وكلمان ماجن فى احتلال السويس وتطويق الجيش الثالث.

 (قرار مجلس الأمن)

وفى هذه الأثناء أصدر مجلس الأمن يوم 21 أكتوبر 1973 القرار رقم 338 لوقف إطلاق النار وقبلت إسرائيل ومصر القرار اعتبارا من يوم 22 أكتوبر 1973 عندما صدر قرار مجلس الأمن 338 بإيقاف القتال اعتبارا من غروب شمس يوم 22 أكتوبر.

كانت إسرائيل تعلم أنها لم تحقق هدفا سياسيا أو هدفًا عسكريا استراتيجيًا، لفشلها فى إرغامنا على سحب فواتنا فى شرق القناة وغربها، لذلك قررت إسرائيل أن تبذل جهدًا كبيرًا لتحقيق قدر من المكاسب السياسية أو العسكرية قبل أن تلتزم بوقف إطلاق النار. وفى سبيل ذلك، دفعت إسرائيل أن تبذل جهدًا كبيرًا لتحقيق قدر من المكاسب السياسية أو العسكرية قبل أن تلتزم بوقف إطلاق النار.

دفعت إسرائيل بقوات جديدة إلى غرب القناة ليلة 22/23 وليلة 23/24أكتوبر لتعزيز قواتها فى منطقة الدفرسوار، ثم استمرت فى القتال وتقدمت قواتها جنوبا للوصول إلى مؤخرة الجيش الثالث لقطع طريق مصر السويس الصحراوى والاستيلاء على مدينة السويس وفى بوم 23 أكتوبر أصدر مجلس الأمن القرار رقم 339 تعزيزا للقرار السابق ووافقت كل من مصر وإسرائيل على وقف إطلاق النار صباح يوم 24 أكتوبر.

 (بيان النصر)

وقد أصدرت القيادة العامة بيانا عسكريًا يلخص الموقف العسكرى صباح يوم 24 أكتوبر 1973 وأوضحت فيها الوضع الذى تم على الأرض، حيث قالت إن قواتنا فى سيناء تحتل الشاطئ الشرقى لقناة السويس من بور فؤاد شمالا بطول 200 كيلومتر وبعمق يتراوح ما بين 12 إلى 17 كيلومتر على طول الجبهة بما فيها مدينة القنطرة شرق، عدا ثغرة صغيرة من الدفرسوار شمالًا بطول سبعة كيلومتر ملاصقة للبحيرات المرة وتبلغ المساحة التى تسيطر عليها قواتنا شرق القناة (سيناء) 3000 كيلومتر مربع.

وأشار بيان الجيش إلى أنه لا توجد قوات للعدو إطلاقًا فى أى مدينة من مدن القناة الرئيسية السويس، الإسماعيلية، بورسعيد، وتوجد بعض وحدات للعدو منتشرة ومتداخلة بين قواتنا تمنعه من تنفيذ أهدافه، وأن التموين إلى جميع قواتنا شرق القناة مستمر بصورة منتظمة ولم يتوقف لحظة واحدة.

وقد استمر هذا الموقف حتى نهاية الحرب حيث فشلت القوات الإسرائيلية فى دخول مدينة السويس وعندها توقفت الحرب بقدوم قوات الطوارئ الدولية يوم 28 أكتوبر 1973، وهكذا انتصرت مصر وتم استرداد سيناء سواء بالحرب أو المفاوضات بعد ذلك.

 (خطة الخداع الاستراتيجى)

ولا يمكن أن نسرد العمليات التى تمت على الأرض دون الإشارة إلى خطة الخداع الاستراتيجى التى لا تقل أهمية عن الحرب نفسها فمثلا وقبل نشوب الحرب بخمسة أو ستة أشهر، تم التنسيق بين جهات عدة وهى وزارات الإعلام والخارجية والدفاع لتطبيق خطة الخداع حيث تم نشر أخبار سلبية عن الوضع الاقتصادى وتصدير فكرة أن مصر لا يمكنها خوض أى معارك، وليس أمامها خيار آخر سوى القبول بحالة السلم، وعلى الصعيد السياسى تم إعداد خطة حرب بسيطة وشاملة بالتنسيق مع الجانب السورى، مع الأخذ فى الاعتبار إمكانية إحداث أى تغيير مع بداية الحرب مباشرة.

وبتتبع المسار الزمنى لخطط الخداع سنجد أنها بدأت قبل الحرب بعدة أشهر فمثلا فى يوليو 1972 صدر قرار بتسريح 30 ألفا من المجندين منذ عام 1967 وكان كثير منهم خارج التشكيلات المقاتلة الفعلية وفى مواقع خلفية، وفى الفترة من 22 وحتى 25 سبتمبر تم الإعلان عن حالة التأهب فى المطارات والقواعد الجوية بشكل دفع إسرائيل لرفع درجة استعدادها تحسبا لأى هجوم، ولكن أعلنت القوات المصرية بعد ذلك أنه كان مجرد تدريب روتينى، واستمرت القوات المصرية تطلق تلك التدريبات والمناورات من وقت لآخر حتى جاءت حرب أكتوبر وظنت إسرائيل فى بدايتها أنها مجرد تدريب أيضا ولم تكن مستعدة لها.

 (عملية تمويه أمام العدو)

وفى صباح يوم الحرب نفسه 6 أكتوبر، شوهد الجنود وهم فى حالة استرخاء وخمول، يقضون وقتهم فى مص القصب وأكل البرتقال، وقبل ذلك بيوم اجتمع هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكى وقتها، بنظيره المصرى الدكتور محمد حسن الزيات ليتبادلا الحديث حول مبادرة السلام التى كان الأول بصدد التفكير فيها بعد الانتخابات التشريعية فى إسرائيل التى كان مقررا لها أن تجرى فى نهاية الشهر نفسه، ومرت الجلسة فى سلام وجو هادئ ولم يدرك كسينجر الأمر إلا بعد الحرب، عرف أن الدكتور محمد الزيات قد نفذ خطة الخداع على أكمل وجه، وفى اليوم نفسه أيضا تم الإعلان عن زيارة قائد القوات الجوية وقتها اللواء حسنى مبارك إلى ليبيا، ثم تقرر تأجيلها لعصر يوم 6 أكتوبر، كما وجه المشير أحمد إسماعيل دعوة لوزير الدفاع الرومانى لزيارة مصر فى 8 أكتوبر وأعلن أنه سيكون فى استقباله بنفسه.

إذا نستطيع أن نقول وبكل فخر أن معركة السادس من أكتوبر هى الأعظم فى التاريخ الحديث من حيث التخطيط والتنفيذ والنتائج.