السبت 11 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بين الاحتجاجات.. واستغاثات الشعوب العالم فى انتظار قمة المناخ «27 COP»

فى سياق جيوسياسى لا تمثل فيه قضية التغيُّر المناخى أولوية للعالم وتجرى مكافحته ببطء شديد، رغم ما حمله العام الجارى من أزمات طاحنة عصفت بالبلدان شرقًا وغربًا، ومع صرخات العديد من البشر التى حملت استغاثات للحكومات لوضع حد لهذه التغيرات المناخية الطاحنة، تتجه أنظار العالم حاليًا إلى قمة المناخ القادمة «27 COP»  المقرر عقدها فى مدينة شرم الشيخ أوائل نوفمبر المقبل، لعلها تكون الأمل الأخير لوضع خارطة طريق واتفاقيات ملزمة للدول للعمل بشكل جماعى وعالمى والاتحاد من أجل إنقاذ كوكبنا.



حذر أنطونيو جوتيرش أمين عام الأمم المتحدة، من أن تدهور الأوضاع السياسية وتأثيراتها على العالم الاقتصادى للدول قد أدى إلى اتخاذ خطوات غير عملية وخطيرة تؤدى إلى تدهور الوضع البيئى العالمى، وناشد جوتيريس خلال افتتاح الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، فى نيويورك، جميع القادة المشاركين فى مؤتمر الأطراف «كوب 27» والذى سينعقد فى مصر، بالعمل على تحقيق أهداف اتفاقية باريس، موجهًا حديثه للقادة قائلًا: «ارفعوا سقف طموحاتكم المناخية وأنصتوا لنداء شعوبكم من أجل التغيير، واستكملوا فى الحلول المؤدية للنمو الاقتصادى المستدام»، كما دعا أمين عام الأمم المتحدة، إلى مساعدة البلدان النامية على التكيف مع صدمات التغيُّرات المناخية.

وأِشار جوتيريش إلى أزمة التنوع البيولوجى مؤكدا أن العالم يجب أن يتفق على إطار عالمى للتنوع البيولوجى لما بعد عام 2020 ويحدد أهدافًا طموحة لوقف وعكس فقدان التنوع البيولوجى، ويوفر التمويل الكافى والقضاء على الإعانات الضارة التى تدمر النظم البيئية مضيفا «يجب أيضا تكثيف الجهود للانتهاء من اتفاق دولى ملزم قانونًا لحفظ التنوع البيولوجى البحرى واستخدامه على نحو مستدام».

وقال جوتيريش إن العمل المناخى يجب أن يكون الأولوية الأولى لكل حكومة ومنظمة متعددة الأطراف، ويجب خفض انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية بنسبة 45 % بحلول عام 2030 ليكون لدينا أى أمل فى الوصول إلى صافى الصفر بحلول عام 2050.

وحذر جوتيريش قائلًا: «لدينا موعد مع كارثة مناخية»، لافتًا إلى زيارته الأخيرة لباكستان حيث غُمِر ثلث البلاد، مشيرًا إلى أسوأ موجة حارة تشهدها أوروبا منذ العصور الوسطى، وكذلك الجفاف الضخم فى الصين والولايات المتحدة وخارجها، والمجاعة التى تلاحق القرن الإفريقى، قائلًا إن مليون نوع معرضة لخطر الانقراض ولا توجد منطقة لم تمسها.

ودعا جوتيريش جميع الاقتصادات المتقدمة إلى فرض ضرائب على الأرباح غير المتوقعة لشركات الوقود الأحفورى، مشيرًا إلى أنه يجب إعادة توجيه هذه الأموال بطريقتين: إلى البلدان التى تعانى من الخسائر والأضرار الناجمة عن أزمة المناخ وإلى الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة.

 مظاهرات الغضب

وعلى مدار الأسابيع الماضية، نظم نشطاء مناصرون للبيئة عددًا من التظاهرات الاحتجاجية فى عدد من الدول حول العالم، منددين بالقارات الحكومية لاستمرار استخدام النفط والغاز وأيضًا الطاقة النووية للخروج من أزمة الطاقة العالمية، وكذلك تأجيل المشروعات الخضراء والطاقة النظيفة فى ظل استمرار الأزمات الاقتصادية بسبب الأزمة الروسية – الأوكرانية.

وفى العاصمة البريطانية لندن احتلّ نشطاء المناخ التابعون لجماعة جست ستوب أويل «Just Stop Oil» نحو 4 كبارى، وذلك عقب مسيرات احتجاجية ضد أنشطة النفط، انطلقت من 25 نقطة حول مركز المدينة.

وجلس المحتجّون فوق جسور واترلوو، ويستمينستر، لامبث، إضافة إلى فاكسال، مرددين هتافات «أوقفوا أنشطة النفط»،  حسبما ذكرت صحيفة «الجارديان» البريطانية.

كما أغلق المئات من أعضاء جماعة «جست ستوب أويل»، حركة المرور عند كوبرى ويستمينستر، وأمام البرلمان البريطانى.

فى الوقت نفسه، نظم نشطاء مناصرون للبيئة، فى 23 سبتمبر الماضى، احتجاجات من نيوزيلندا واليابان إلى ألمانيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، لمطالبة الدول الغنية بدفع ثمن الضرر الذى يلحقه الاحتباس الحرارى بالفقراء.

وتأتى الاحتجاجات قبل أسابيع من قمة المناخ «كوب 27» لعام 2022، حيث ستُطالب الدول الأكثر عرضة للخطر بالحصول على تعويضات عن الأضرار المرتبطة بظاهرة تغيُّر المناخ، والتى تسبّبت بتدمير منازل ومنشآت للبنية التحتية وسبل عيش الكثيرين.

وخطّط نشطاء حركة «أيام الجمعة من أجل المستقبل» Fridays For Future  لتنظيم مظاهرات فى نحو 450 موقعًا فى أنحاء العالم، تزامنًا مع احتشاد قادة العالم فى نيويورك للمشاركة فى الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وقد تجمع نحو 200 شخص فى عاصمة كوريا الجنوبية فى مظاهرة احتجاجية على تقاعس الدول لاتخاذ خطوات حاسمة للحد من آثار التغيُّرات المناخية، خاصة بعد تراجع دول صناعية كبرى عن مشروعاتها الخضراء بعد أزمة الغاز والوقود بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، واتجاه الحكومات لاستخدام الوقود الأحفورى والفحم مرة أخرى خاصة خلال فصل الشتاء المقبل.

كما تجمّع حوالى 400 من الناشطين الشباب فى كينشاسا عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية، مردّدين شعارات مثل «تحرّكوا من أجل إفريقيا.. احموا كوكبنا».

وفى نيويورك، تجمّع ما لا يقل عن ألفى شخص للمشاركة فى مسيرة مماثلة، وردّدوا شعارات مثل: «إذا اتّحد الناس، لن ينهزموا أبدًا».

وكانت العاصمة الألمانية برلين موقعًا لأكبر مظاهرة احتجاجية لنشطاء حركة «أيام الجمعة من أجل المستقبل»، وبلغ عدد المشاركين 20 ألف شخص، حسبما نشرت صحيفة الجارديان البريطانية (The Guardian)، حيث نفّذ عشرات الآلاف من شباب الحركة «إضرابًا عالميًا للمناخ» منسقًا عبر آسيا وإفريقيا وأوروبا، فى دعوة إلى تقديم تعويضات للأطراف الأكثر تضررًا من آثار تغير المناخ، وفق المعلومات التى رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

وانسحب نشطاء الحركة من المدارس والجامعات والوظائف فى نيوزيلندا واليابان إلى ألمانيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، لمطالبة الدول الغنية بدفع تعويضات الضرر الذى يُلحقه الاحتباس الحرارى بالفقراء.

وفى اليوم الأخير من نشاط حركة «أيام الجمعة من أجل المستقبل»، خُطّط لتنفيذ إضرابات «من أجل التعويضات المناخية والعدالة» فى نحو 450 موقعًا حول العالم، وقالت المتحدثة باسم فرع حركة «أيام الجمعة من أجل المستقبل» فى ألمانيا، داريا سوتوده: «إننا ننفذ الإضرابات فى جميع أنحاء العالم، لأن الحكومات المسئولة لا تزال تفعل القليل جدًا من أجل العدالة المناخية».

ووقع أكبر إضراب مناخى فى برلين، إذ قدرت الشرطة فى العاصمة الألمانية أن 20 ألفًا شاركوا فى مسيرة تدعو حكومتهم إلى إنشاء صندوق بقيمة 100 مليار يورو (96.90 مليار دولار) لمعالجة أزمة المناخ.

أما فى العاصمة الإيطالية روما، فخرج 5 آلاف شاب فى مسيرة انتهت بالقرب من مُدَرَّج الكولوسيوم الرومانى، وحمل أحدهم لافتة كتب عليها: «المناخ يتغير.. لماذا لا نتغير نحن؟».

وتُعدّ الدنمارك الدولة الغنية الوحيدة التى كثفت حتى الآن تمويلها لمشكلة «الخسائر والأضرار» بسبب الكوارث المتعلقة بتغير المناخ، إذ أعلنت فى الجمعية العمومية للأمم المتحدة هذا الأسبوع أنها ستوفر 100 مليون كرونة دنماركية (13.03 مليون دولار) لمعالجتها.

وقد أعلن النشطاء على الموقع المختص بحركة «أيام الجمعة من أجل المستقبل» (فرايدايز فور فيوتشر)، بأن «المستعمرين والرأسماليين هم جوهر كل نظام قمع تسبب فى أزمة المناخ، وأن إنهاء الاستعمار، باستخدام أداة التعويضات المناخية، يُعدّ أفضل نوع من العمل المناخى».

 التزامات دولية

وفى تصريحات لمدير إدارة البيئة والتنمية المستدامة فى الخارجية المصرية محمد نصر أوضح خلالها أن الوضع الجيوسياسى الراهن أدى إلى تراجع الاهتمام الدولى بقضية المناخ رغم أهميتها على حياة الشعوب ومستقبل الدول.

وأضاف نصر خلال مقابلة مع وكالة فرانس برس، «نحن نواجه تحديًا كبيرًا»، مضيفًا «حان الوقت لمواجهة الواقع.. خططنا العديد من المرات.. لكن السؤال الآن يجب أن يكون هل هناك نتائج على أرض الواقع أم لا؟.. العلم واضح جدا والبشر مسئولون عن الاحترار المناخى وتأثيراته المدمرة».

وأفاد بأنه ورغم التزامات الدول الموقعة على اتفاق باريس بحصر الاحترار بأقل من درجتين مئويتين مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية، وبـ1.5 درجة مئوية إذا أمكن، ما زالت الإجراءات بعيدة عن مستوى الوعود، سواء من حيث الحد من انبعاثات غازات الدفيئة أو مساعدة الدول الأكثر ضعفا.

وسيكون تعهد الدول الغنية زيادة مساعداتها إلى 100 مليار دولار سنويا فى العام 2020 للبلدان الفقيرة لتقليل انبعاثاتها والتكيف مع آثار تغيّر المناخ، بلا شك، مرة أخرى، أحد المواضيع الخلافية فى قمة كوب 27.