الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

لقاء الرئيسين الصينى والروسى أبرز أحداثها قمة شنجهاى.. وتحديات المواجهة

وسط توترات وعقوبات وأزمات، انعقدت قمة منظمة شنجهاى التى تجمع دول الشرق الآسيوى مع روسيا للتأكيد على تماسك الجانب الآخر من العالم أمام العقوبات الغربية وللتأكيد على أن الدول الأعضاء فى المنظمة لا تعانى من عزلة دولية، بل تعمل على زيادة التماسك وتوطيد العلاقات للوقوف أمام قوى المجتمع الغربى لفرض ميزان قوى جديدة أمام تحديات المستقبل.



وكان الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، قد ولى أهمية خاصة لقمة «منظمة شنجهاى للتعاون»، التى انطلقت فى مدينة سمرقند بأوزبكستان، على مدار يومين، 15-16 سبتمبر الجارى، بهدف حشد حلفاء أمام العقوبات الغربية التى فرضت على روسيا وإيران والصين، الأعضاء الأساسيين فى المنظمة، والتى تسعى الدول الأعضاء الى تحويلها إلى تحالف يجابى مجموعة G7 الدولية.

منظمة متعددة الأقطاب

وتعتبر «شنغهاى» منظمة حكومية دولية تأسست عام 2001، وتضم 8 دول، هى: الصين، وروسيا، والهند، وأوزبكستان، وباكستان، وطاجيكستان، وقيرغيزستان، وكازاخستان، تهدف إلى التعاون فى المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية، وتوفير السلام والأمن والاستقرار فى المنطقة.

وخلال الاجتماع الأخير بين الدول الأعضاء، أعلنت موسكو أنها تهدف إلى مواجهة التحديات الغربية، وفى تصريحات الكرملين، أوضح على «تعزيز مسار عالم متعدد الأقطاب»، لمواجهة التحديات والأزمات المتصاعدة فى الفضاء الروسى، فى ظل الانشغال بالحرب فى أوكرانيا.

وانصبت الأنظار العالمية على اللقاءات الثنائية للقادة، لا سيما مع إعلان موسكو عقد قمة بين الرئيس بوتين ونظيره الصينى شى جينبينغ. كما عقد بوتين اجتماعات مع قادة إيران وتركيا وعدد من بلدان المجموعة.

وكان لقاء الرئيس بوتين ونظيره الصينى شى جينبينغ، من أبرز اللقاءات 

والتقى الرئيس بوتين ونظيره الصينى شى جينبينغ على هامش القمة فى أول اجتماع مباشر بينهما منذ أن شنت روسيا ما تصفه بأنه «عملية عسكرية خاصة» فى أوكرانيا فى فبراير الماضى.

وندد بوتين بـ«المحاولات الغربية الهادفة إلى إقامة عالم أحادى القطب» مشيداً بـ«الموقف المتوازن» لبكين فى شأن أوكرانيا.

وقال بوتين لشى إن «محاولات إقامة عالم أحادى القطب اتخذت فى الفترة الأخيرة شكلاً قبيحاً للغاية وهى غير مقبولة بتاتاً» مضيفاً، «نثمن كثيراً موقف أصدقائنا الصينيين المتوازن فى شأن الأزمة الأوكرانية»، بينما أكد شى لبوتين أن الصين تسعى إلى العمل مع روسيا على اعتبار أن البلدين من «القوى العظمى».

ومن دون دعم صريح للتدخل العسكرى الروسى عبرت بكين مرات عدة فى الأشهر الأخيرة عن تأييدها لموسكو المعزولة فى الغرب، من جانبها وصفت موسكو زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكى نانسى بيلوسى إلى تايوان فى أغسطس الماضى بأنها «استفزاز».

من جانبه أكد الرئيس الصينى لنظيره الروسى أن «الصين ترغب ببذل جهود مع روسيا للقيام بدور القوى العظمى ولعب دور توجيهى لبث الاستقرار والطاقة الإيجابية فى عالم تهزّه اضطرابات اجتماعية».

 وارتدى اللقاء طابع تحد للولايات المتحدة والدول الغربية التى تقود حملة العقوبات ضد موسكو والدعم العسكرى لكييف، وأثارت غضب بكين بزيارات قام بها مسئولون أمريكيون عدة إلى تايوان.

تعزيز النفوذ

عكست هذه القمة مساعى الصين وروسيا لتعزيز قواهم خاصة فى منطقة شرق آسيا وآسيا الوسطى، حيث تسعى موسكو وبكين إلى زيادة نفوذهما فى كازاخستان وأوزبكستان وتنظر الصين إلى منطقة وسط آسيا بأنها ركيزة مهمة فى مشروع الحزام والطريق. أما روسيا، فهى الأخرى تحاول الحفاظ على دورها كشريك استراتيجى واقتصادى أساسى فى منطقة آسيا الوسطى التى كانت فى السابق جزءا من الاتحاد السوفياتى.

كما تعتبر كازاخستان، شريكا هاما للصين فى منطقة آسيا الوسطى، نظرا لكونها مصدرا حيويا للمعادن والفلزات وموارد الطاقة فضلا عن موقعها الاستراتيجى لحركة النقل بين أوروبا والصين.

وقد أوضحت الباحثة البارزة فى «أكاديمية منظمة الأمن والتعاون فى أوروبا»،  نيفا ياو، أن بلدان آسيا الوسطى تبحث عن شركاء جدد سواء فى العالم العربى وجنوب آسيا نظرا لأنها لا ترغب فى الاعتماد بشكل كبير على الصين أو روسيا فى ظل تصاعد التوتر فى أوكرانيا وتايوان.

وتضيف أن الحرب الروسية فى أوكرانيا «تعد مصدر قلق لآسيا الوسطى»، مشيرة إلى أن روسيا والصين ترغبان فى ضمان عدم انخراط هذه الدول فى تحالفات مع شركاء جدد. وترى أن قمة منظمة شنجهاى ستكون بمثابة فرصة «كى تعبر الدول الأعضاء عن مصالحها والخطوات التى بمقدورها اتخاذها».

الانضمام العربي

وخلال القمة، أعلن الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، انضمام مصر والإمارات والكويت والبحرين وقطر، إلى منظمة شنجهاى للتعاون (SCO)، بصفة «شريك الحوار»، فى إجراء يعكس «سياسة انفتاحية عربية» تُركز على توسيع قاعدة المصالح إقليمياً وعالمياً، بما يمكنها من مواجهة الضغوط السياسية الراهنة.

وتضم المنظمة 4 دول بـ«صفة مراقب» هى أفغانستان وبيلاروسيا وإيران ومنغوليا، وتسعى المنظمة إلى «اتساع دورها ومكانتها فى حل القضايا الدولية والإقليمية»، باعتبارها واحدة من بين كبرى المنظمات العالمية. وقال بوتين فى كلمته، إن المنظمة «منفتحة للتعاون مع كل الأطراف والمساعدة فى حل مشاكل الطاقة والغذاء المتزايدة فى العالم»، مرحباً بمنح مصر وقطر والإمارات والكويت والبحرين صفة «شريك الحوار» فى المنظمة.

ويرى محللون أن انضمام دول عربية إلى منظمة شنجهاى، هدفه الاستفادة الاقتصادية من هذا التجمع الكبير، فضلاً عن محاولة تحقيق التوازن فى العلاقات، بحيث لا تكون تلك الدول تحت رحمة جانب واحد، والاتجاه إلى المصالح المشتركة التى تجمع الدول دون انحياز أو فرض سياسات من طرف على الآخر.

وتعد «شنجهاي» من كبرى المنظمات الإقليمية فى العالم، حيث ضمت مساحة جغرافية ضخمة تشمل نحو نصف سكان الأرض. وبلغ إجمالى الناتج المحلى للدول الأعضاء فى المنظمة حتى الآن نحو ربع مؤشر العالم أجمع.

وفى تصريحات صحفية، أوضح  السفير رؤوف سعد مساعد وزير الخارجية المصرى الأسبق، وسفير مصر السابق فى موسكو، ثوابت السياسة الخارجية المصرية، التى ترفض «الدخول فى تحالفات موجهة على حساب مصالحها» واضحة وكلا الجانبين الروسى والغربى يدركان ذلك، موضحًا  أن الإدارة المصرية وكذلك الأمر مع باقى الدول العربية المنضمة  تتجه إلى توسيع مصالحها الدولية والإقليمية، بهدف تحقيق شبكة جديدة من المصالح الاقتصادية والسياسية، مؤكداً أنه «كلما اتسعت شبكة المصالح قلت الضغوط، والعكس صحيح، فالضغوط تزيد مع شبكة المصالح محدودة».

ونوه سعد بأن «مصر ووفق برنامج اقتصادى طموح يقوم على توسيع قاعدة استثماراتها على مستوى العالم، وتفتح نوافذ جديدة داخل منظمة تضم نصف سكان العالم، بقيادة العملاق الصينى، وبالتالى هى مصدر قوة اقتصادية، ولا يعنى ذلك تبنى سياسة خارجية موجهة ضد أحد».

وكان المبعوث الرئاسى الروسى الخاص لشؤون منظمة شنجهاى باختيير حكيموف، اعتبر أن انضمام دول عربية «قرار مهم للغاية ويؤكد أن المنظمة تتطور، علاوةً على ذلك، فإن هناك إمكانية لتغطية مزيد ومزيد من المناطق الجغرافية الجديدة». وأشار حكيموف إلى أن «بُعد الشرق الأوسط آخذ فى الظهور، ما يشهد على تأثير منظمة شنجهاى للتعاون واهتمامها بأنشطتها، كما أن هناك كثيراً من الدول التى ترغب فى ترقية وضعها أو الانضمام إلى المنظمة بشكل أو بآخر».