الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقك.. المنظمة الأمريكية تبنت أچندة الإخوان وتتجاهل صوت القارة السمراء  إلى هيومان رايتس ووتش:  «ادعمى حق إفريقيا فى العدالة المناخية أو اصمتى»

حقك.. المنظمة الأمريكية تبنت أچندة الإخوان وتتجاهل صوت القارة السمراء إلى هيومان رايتس ووتش: «ادعمى حق إفريقيا فى العدالة المناخية أو اصمتى»

لا تتوقف منظمة هيومان رايتس ووتش عن إثارة التساؤلات حول أچندة عملها ولماذا تكره مصر وتدعم جماعة الإخوان الإرهابية وهذا يتضح بشكل سافر فى بيانها الأخير حول استضافة مصر لقمة المناخ ومحاولتها الإساءة إلى الجهد المصرى والإفريقى المبذول فى ذلك الملف عبر إثارة مسألة مشاركة منظمات المجتمع وكأنها تريد أن تفرض وصايتها على المشاركين أو دعم مشاركين بعينهم رغم أنها تعلم جيدًا أن المشاركة تحكمها قواعد الأمم المتحدة، وأن المنظمات المشاركة يجب أن تكون مسجلة لدى الأمم المتحدة والاتفاقية الإطارية المنظمة لهذا الحدث الدولى الكبير.



 

والحقيقة أننى لا أستبعد أن تكون المنظمة الدولية المثيرة للجدل تريد أن تشوش على الإنجاز المصرى والإفريقى باستضافة القمة العالمية، أو أنها غير راضية أن تكون مصر هى أول دولة أفريقية تستضيف تلك القمة العالمية المهمة، خاصة أن إفريقيا تضررت من ما فعلته الدول الصناعية الكبرى فى المناخ، وأنها تستحق تعويضات عادلة من الدول الصناعية الكبرى، ولماذا لا تضع المنظمة الحقوقية الدولية تلك القضية على أچندتها وتطالب الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وأوروبا والصين بحق إفريقيا، وهو ما يدفعنا لتساؤل آخر، هل تسعى هيومان رايتس ووتش لإفساد القمة التى تستضيفها مصر ولمصلحة من إسكات صوت إفريقيا المنادى بحقه ؟.. بالتأكيد لن نحصل على إجابة من منظمة لا تجيد سوى تشويه الدول النامية، ودعم الجماعات الارهابية، وتخشى إثارة غضب الكبار بالحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان فى أمريكا وأوروبا.

إن ما تقوم به المنظمة الأمريكية لن يخفى الحقيقة ولن تنجح فى إفساد القمة العالمية، ولن تتمكن من إسكات صوت إفريقيا المنادى بحق الإنسان الإفريقى الذى يطالب بحقه فى الحصول على دعم يمكن حكوماته من مواجهة التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية التى تؤثر على الإمدادات الغذائية وسبل العيش. 

تبحث إفريقيا عن العدالة المناخية وعن تعويضات مناسبة لما لحق بها من ضرر بسبب التغيرات المناخية الحادة التى باتت تؤثر بشكل خطير على الأمن المائى والغذائى فى دول القارة النامية، فى ظروف اقتصادية صعبة نتيجة الحرب الأوكرانية الروسية، وتوقف الاستثمارات نتيجة رفع الفائدة فى البنوك الأمريكية لمواجهة التضخم المتنامى، وينتظر العالم قمة المناخ القادمة فى شرم الشيخ لمتابعة ما تم وفق وثيقة جلاسجو المناخية، والتى وضعت الأچندة الدولية خلال العقد القادم.

ورغم أنها وثيقة غير ملزمة قانونيًا، إلا أنها شملت اتفاقًا بين قادة العالم بأن يصدر مؤتمر شرم الشيخ التزامات إضافية لخفض معدلات الاحتباس الحرارى التى تؤدى إلى التغير المناخى، لعدم تجاوز ارتفاع الحرارة عن 1.5 درجة مئوية سنويًا تجنباً لكارثة مناخية، واتفق ولأول مرة على وضع خطة لتخفيض استخدام الفحم، وهو مصدر 40٪ من انبعاثات ثانى أكسيد الكربون.

ورغم إنها خطوة إيجابية إلا أن هناك مخاوف عديدة من عدم التزام دول الاتحاد الأوروبى بهذه التعهدات فى ظل إعلان دول أوروبية عديدة اللجوء إلى الفحم من أجل التدفئة فى الشتاء القادم بعدما ارتفعت أسعار الغاز الطبيعى إلى مستويات قياسية إثر العقوبات المفروضة على روسيا.

يأتى ذلك وسط مخاوف أكاديمية من ارتفاع الحرارة لأكثر من 1.5 درجة مئوية على مدى الخمس سنوات المقبلة، والتى ستُسجل خلالها أعلى معدل لارتفاع درجات الحرارة، وهذا التحدى يتطلب إعادة نظر سريعة من دول العالم لاحتواء الأزمة.

وتضمنت الوثيقة كذلك تعهدًا بزيادة جوهرية للدعم المتاح للدول النامية لمساعدتها على التعامل مع تداعيات التغير المناخى والتحول إلى الطاقة النظيفة، وهذا رغم أن الدول الغنية أخفقت فى التزامها السابق بتوفير 100 مليار دولار أمريكى كل عام اعتبارًا من 2020.

كما كان هناك اتفاق بين الحاضرين على التخفيض التدريجى لدعم سعر الفحم والبترول والغاز الطبيعى، بغية الحد من استخداماتها، إلا أن هذا الاتفاق لم يتضمن تواريخ محددة، ومن الاتفاقيات المهمة الأخرى خلال مؤتمر جلاسجو اتفاق الصين والولايات المتحدة على المزيد من التعاون بينهما فى هذا المجال خلال العقد القادم، وهما من أكثر الدول المؤثرة على المناخ.

لهذه الأسباب ولغيرها ينظر العالم إلى مؤتمر COPــ27 فى شرم الشيخ بترقب، حيث أيقن العالم أخيرًا أننا على أبواب كارثة مناخية وجودية وظهور آثارها الكارثية فى جفاف الأنهار سواء فى أوروبا والمنطقة العربية ودول إفريقية وأن الكل فى النهاية سيتأثر بتداعيات التغير المناخى.

ولم يكن غريبًا أن يعلن ريتشارد مونانج منسق التغير المناخى فى إفريقيا ببرنامج الأمم المتحدة للبيئة أن مؤتمر شرم الشيخ قمة مناخية إفريقية، محذرًا من أن زيادة درجتين فقط فى حرارة العالم تعنى خسارة 5٪ من إنتاجية إفريقيا عام 2030، ومطالبًا بضرورة زيادة الدعم المالى للدول النامية للتعامل مع تداعيات هذه المشكلة، موضحًا أنه حتى إذا تم تغطية العجز فى الالتزامات العالمية السابقة فى هذا الخصوص، والذى يصل إلى 20 مليار دولار سنويًا فلن تعد المبالغ المقررة تغطى الاحتياجات الفعلية المتزايدة، وتأكيدًا على أن الشعوب النامية تتحمل مغبة وأطماع سياسات الدول المتقدمة، أوضح أن 17٪ من سكان العالم يعيشون فى القارة الأفريقية، فى حين أن القارة السمراء لا يصدر عنها سوى 4٪ من الانبعاثات الدولية، لذا يجب دعم قدرات القارة ماليًا وتكنولوجيًا على التحول إلى التكنولوجيات النظيفة وهى تتطلع إلى مزيد من التنمية مستقبلًا.

لقد أدى التوسع الحضرى والنمو الاقتصادى إلى ارتفاع حاد فى وسائل النقل الحديثة فى جميع أنحاء إفريقيا، حيث من المتوقع أن ترتفع الطاقة الخاصة بالنقل بنسبة الثلثين بحلول عام ٢٠٤٠ وهو ما يتطلب من الدول الإفريقية التحول إلى التنقل بالطاقة الكهربائية من خلال المركبات الكهربائية وأنظمة النقل السريع وهو ما يعنى حاجة إفريقيا إلى دعم أكبر من مؤسسات التمويل الدولية لمساعدتها فى التخلص من وسائل النقل المعتمدة على الوقود الأحفورى. 

وذكرت تقارير أممية أن التحول إلى الدراجات النارية الكهربائية فى كينيا قد أدى بالفعل إلى الحد من الضوضاء وتلوث الهواء، مما يجعله نموذجًا للدول الأخرى. ويمكن أن يؤدى التحول إلى الدراجات النارية الكهربائية على الصعيد العالمى إلى خفض انبعاثات الكربون بمقدار ١١ مليار طن، أى أكثر من ضعف الانبعاثات السنوية المرتبطة بالطاقة فى الولايات المتحدة الأمريكية. 

وفى مصر أطلقت الحكومة بدعم من الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى مبادرة «اتحضر للأخضر» وتتضمن عددًا من المبادرات البيئية كمبادرة «إيكو إيجيب» التى تهدف إلى الترويج لعدد 13 محمية طبيعية، ومبادرة «E_tadweer» لإعادة تدوير المخلفات الإليكترونية، والتخلص الآمن من الأكياس البلاستيكية، وتنظيف الشواطئ، وتقليل تلوث الهواء بالاعتماد على وسائل النقل الكهربائية.

إن الخطر الذى يحيق بالعالم وإفريقيا يحتاج إلى أن يتعامل العالم مع التغيرات المناخية باعتبارها حالة طارئة مثل جائحة كورونا وأنه يتعين على الحكومات إبقاء شعوبها على اطلاع دائم على مجريات الحالات المناخية الطارئة، بالطريقة نفسها التى تعاملت بها لجهة تحديث المعلومات والبيانات المتعلقة بالوباء.

«إلا أن التقدم فى ذلك المجال على المستوى الإفريقى مشروط بتلقى الدعم المالى اللازم من الدول الصناعية»، ولذلك من المهم ألا يتم وقف التمويل للتنمية، أو تقليصه، حتى فى ظل الأزمة الاقتصادية العالمية.

لقد التزم قادة أكثر من مائة دولة فى جلاسجو بوقف إزالة الغابات اعتبارًا من 2030، وهى خطوة مهمة لاستيعاب الأشجار انبعاثات ثانى أكسيد الكربون، وطُرح تصور لتخفيض انبعاثات غاز الميثان بنسبة 30٪ اعتبارًا من 2030، وهى انبعاثات إنسانية تؤثر على درجات الحرارة، وما زالت الصين وروسيا والهند غير ملتزمين بهذا الهدف، رغم أنهما من أكثر الدول التى يصدر منها هذه الانبعاثات، وأكدت المؤسسات المالية المسيطرة على 130 تريليون دولار على دعم التكنولوجيات النظيفة من الطاقة المتجددة والابتعاد عن الصناعات المعتمدة على الحرق المباشر من الوقود الحفرى.

إن الكل من حقه أن ينمو ويتطلع لحياة حرة كريمة، وإفريقيا أمام تحدٍ تكنولوجى واقتصادى لضرورة الاستمرار فى ابتكار تكنولوجيات أكثر كفاءة وأقل ضررًا للبيئة وبأسعار متناولة للجميع، كما أننا أمام امتحان أخلاقى باعتبار أن الدول الغنية هى المصدر الأول للمشكلة والدول النامية هى الأكثر تضررًا منها، فضلًا عن أنها لم تصل بعد إلى معدلات تنموية مقبولة متسقة مع تطلعات شعوبها، ومن ثم يجب ألا تكون الإجراءات لصالح من كان مصدرًا للمشكلة وعلى حساب الأقل ثراء.

إن إفريقيا لديها تطلعات مشروعة من خلال الجهود الأممية فى مجال التغيرات المناخية إلى أن تحصل على العدالة ومن حقها أن تحصل على تمويلات من الصناديق الدولية من أجل تعزيز عمليات التنمية فى دول القارة من أجل دعم تحركها للاستثمارات الخضراء ومساعدتها فى النمو دون إلحاق ضرر أكبر بالبيئة، كما تحتاج إلى تحرك أممى ملائم يساعدها على تجاوز الفجوة الغذائية الناجمة عن تراجع مصادر المياة اللازمة للزراعة، وكذلك الوصول إلى اتفاق قانونى ملزم يحمى حقوق المصريين فى الحصول على مياه النيل، حيث تعانى مصر من تراجع حصة الفرد وفق المعدلات العالمية من المياه النظيفة وتحتاج إلى زيادة الرقعة الزراعية لمواجهة الفجو الغذائية المترتبة على الزيادة السكانية.

إفريقيا تحتاج إلى دعم أجهزة الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية المعنية من أجل تحقيق العدالة المناخية لدول وسكان القارة السمراء.