الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الطريق الثالث.. بين «الصدق والفهم» كما حددهما الرئيس السيسى دور الإعلام فى أوقات الأزمات

الطريق الثالث.. بين «الصدق والفهم» كما حددهما الرئيس السيسى دور الإعلام فى أوقات الأزمات

للأسف.. وصل بعض إعلامنا المحلى إلى مرحلة «الإعلام الأسود»،  يتماهى مع آثار الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى ينكوى بها المصريون، يدفعنا منكسو الرأس إلى طريق اليأس، فقد استسهل بعض زملاء إطلاق تحذيرات غير مدروسة، ونصائح عشوائية، أجبرتنا جميعًا على الوصول إلى حافة الهاوية، فصدق على هذا الإعلام وصف: «الدبة التى قتلت صاحبها».



أقول هذا بعد أن خرج أحدهم قبل أسبوعين يحذر الناس من الاحتفاظ بالعملة الأجنبية، مطالبًا الجميع تحويلها إلى الجنيه المصرى قبل تاريخ حدده بثقة العارفين ببواطن الأمور، غير مدرك ما حجم الخسائر الاقتصادية التى تحدث بسبب مثل هذه الألعاب الإعلامية البهلوانية، وآخر لا يتورع عن بث سمومه عبر فضائية عربية معلنًا سواد الأعوام القادمة، ومبشرًا بالقادم الخطير، وأخيرًا، لا يترك فرصة إلا ويطلق فيها فرقعاته الإعلامية التى تفرق الشمل، وتثير احتقان المجتمع على بعضه، من سخرية وتسفيه لكل ما هو دينى، لاصطياد سفاسف الأمور فى الحياة الزوجية وتضخيمها لتحطيم ما تبقى من كيان الأسرة، وكأن المجتمع يحتمل كل هذه الخزعبلات الإعلامية، فى الوقت الذى تشتد فيه الأزمة على الناس، وترتفع الأسعار، وتتداخل حول العالم خيوط الاقتصاد وتتورط مع السياسة فى أوحال الحرب، وتقف مصر كبقية دول العالم فى حالة ترقب، لا فرق فى ذلك بين غنى وفقير، الجميع ربط كل الأحزمة، وحجم النفقات وقلص الاستهلاك، وضحى بالرفاهية، من أجل البقاء على قيد الحياة. 

وأتذكر معكم ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى فى يونيو الماضى، موجهًا حديثه لعدد من الإعلاميين بعد افتتاح مشروعات الإنتاج الحيوانى بمدينة السادات: «يا جماعة انتبهوا أنتم عاوزين يكون عندكم رؤية.. وأنا مطلوب أوفرها.. وبالمناسبة أى حد يخش على موقع رئاسة الجمهورية فيه كل الموضوعات اللى بنتكلم فيها وبياناتها موجودة.. طيب فيه مشاكل.. أنا موافق تعالوا نشوف المشكلة مع المختص ونتحرك فيها»، ثم أكد الرئيس السيسى، أن بناء الفهم الحقيقى بقدرتنا وتحدياتنا سيجعل المواطن يتحمل، ويشكل حصانة ومناعة لدى المواطنين، وتابع: «كمسئولين نتكلم بصدق والإعلام يتكلم بفهم».

أما الدكتورة هويدا مصطفى الأستاذة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، فتقول فى كتابها «الإعلام وإدارة الأزمات مبادئ نظرية ونماذج عملية»: «يرى العلماء أن دورة حياة الأزمة تمر بثلاث مراحل: ما قبل وقوع الأزمة - مواجهة الأزمة حال وقوعها - إجراءات ما بعد الأزمة، بينما يرى علماء آخرون أن دورة حياة الأزمة تمر بخمس مراحل رئيسية، هى: مرحلة إشارات الإنذار – مرحلة الاستعداد والوقاية – مرحلة احتواء الأضرار- مرحلة استعداد النشاط – مرحلة استيعاب الدروس المستفادة»، وتضيف: «ينطلق دور الإعلام والاتصالات فى المراحل المختلفة للأزمة من ثلاثة مبادئ رئيسية، هى: إدارة القضايا التى تثيرها الأزمة، التخطيط لمنع الأزمة، الإنجاز والعمل على انحسار الأزمة». 

وأستعيد بعض ما كتبته فى هذا السياق، من كتابى «الصحافة: عندما تصبح المهنة رذيلة» الصادر عام 2020، حيث أوضحت فى أحد فصوله قائلًة: «إن الأوطان فى أوقات الأزمات والحروب، تحتاج إلى إعلام يجمع الشمل، يبحث عن مشتركات بين أبنائه ويعيد تسليط الضوء عليها، يتجنب مناطق الخلاف ويبتعد عن التشويه أو رصد العيوب، إعلام يبث روح التفاؤل والبهجة الهادفة فى نفوس مواطنيه الحائرة.. المتوترة.. الخائفة، إعلام صادق.. بسيط.. طيب، يهدهد المشاعر، يحدثك بهدوء وعقلانية، يستنهض روحك الإيجابية، يعيدك إلى جذورك الوطنية دون صخب أو افتعال».

وفى موضع آخر كتبت موضحة: «فى أوقات الأزمات والمحن وعند مفترق الطرق، يجب علينا مراجعة أنفسنا ـ وإعادة تعريف ثوابت ربما تكون قد تحولت إلى أصنام مقدسة فى حياتنا، نعبدها دون أن ندرى، ونرددها كالببغاوات فى كل مناسبة ونتشدق بها عند كل مواجهة، دون أن نكلف أنفسنا عناء البحث والاجتهاد. إن «دور الإعلام» فى وقت الأزمة يحتاج إلى جهد كبير من العاملين بالمهنة، فلا يليق بمهنة رسالتها التنوير أن تتحول إلى «آلة» تغييب للوعى، لشغل الناس عماّ يدور حولهم من كوراث تستدعى انتباههم ويقظتهم، حتى لا يسرق منهم الحاضر ويختطف من بين أيديهم المستقبل».

لا شك أننا نقف على أعتاب محنة جديدة وكبيرة، نحتاج لاجتيازها أن نسترجع أيامنا الصعبة مع كورونا، فى مشوارنا الممتد معها والذى يقترب من نهايته بأمر الله، وحالة الحذر الشديد التى عشنا فيها لأكثر من عامين، وكيف كنا فى أعلى درجات الالتزام بالإجراءات الاحترازية، وخاصة فى مراحلها الأولى الخطيرة، من غسل اليدين إلى ارتداء الكمامة، والتطبيق الصارم للتباعد الاجتماعى، وعدم لمس الوجه، وأخيرًا البقاء فى البيت والخروج للضرورات الواجبة.

وهذا ما تستدعيه أزمتنا الاقتصادية الحالية، نحتاج أن نستنهض حماسنا فى المثابرة على مثل هذه الإجراءات التى كانت تبدو (مملة)، لكنها أسهمت بقدر كبير فى نجاتنا من الهلاك فى الجائحة، لقد أخذنا بالأسباب وقتها واختبرنا أنفسنا فى القدرة على التضحية، وإلزام النفس بالحد الأدنى من الحركة حفاظًا على الأرواح، فكانت إرادة الله الحافظة، علينا أن نجتهد اليوم ونحن مدركين أن الأمر فى يد صاحب الأمر عز وجل. نأخذ بأسباب النجاة وبداخلنا يقين بأن القدر مكتوب ونتقبله حامدين بخيره وشره. فأكثروا من الصلاة والصدقات والدعاء فى هذا الأيام، التى تراجع فيها عطاء المحبين بسبب ضيق ذات اليد، فأغلب الناس فى أشد الحاجة للمساعدة المادية والروحية.

وتدبروا معى آيات الذكر الحكيم من سورة «قريش» ففيهما الحل وطوق النجاة: «فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِى أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)». صدق الله العظيم.

حفظنا الله وإياكم، وثبتنا جميعا على التفاؤل والأمل والثقة فى الله.