زينب حمدي
الفهامة ..الله خلقهن «أحرارًا»
بَعد تكرار ذبْح وقتْل ثلاث فتيات خلال شهرين، ذنبهن وجريمتهن الوحيدة أنهن قلن «لا» وكأن ذبح وقتل الفتيات فى مجتمعنا بـ«لا» أصبح أمرًا عاديًا أو حادثًا عاديًا، رُغْمَ أن الله قد خَلقهن أحرارًا وليس عبيدًا أو جوارى، عليهن من التكليفات السماوية مثل ما على الرجل وأيضًا الجزاء والعقاب، الجوارى وحدهن اللاتى لا يستطعن الرفض أو قول كلمة «لا» ولهذا أسقط الله عنهن التكليفات والعقاب. هذه الجرائم ليست الأولى ولن تكون الأخيرة طالما أن الجانى تتم تبرئته وإدانة الضحية، فالقتل لا يكون فقط بسكين أو رصاصة ولكن أيضًا بهَتك أعراضهن واغتيال إنسانيتهن وسُمعتهن وهى جرائم لم تَسْلَم منها المحجبات والمنقبات بل والأطفال والرُّضَّع، ومن يتذكر حادثة طفلة «البامبرز».
فما هو رأى شيوخ النفاق والضلال الذين يصورون الرجل حَمَلاً وديعًا لا حول له ولا قوة مفعول به طول الوقت والمرأة هى الفاعل التى قامت بإغواء شمشون الجبّار وقصّت شعرَه وسلبته قوته فحق عليها العقاب والذبح بدم بارد، والرجل عندهم من حقه أن يرفض ويقول «لا» دون مساءلة حتى بعد أن يتزوج وينجب أطفالاً يكون اللوم كله على الزوجة؛ مَرّة لأنها أهملت نفسها ومَرّة لأنها أهملته، ويتم دورانها على المَحاكم كعب داير حتى تحصل على حقوقها وحقوق أطفالها وإذا تجرأت وقالت «لا» يكون جزاؤها القتل، وفى أقل الأحوال تصبح ناشزًا ليس لها حقوق رُغْمَ أن الله سبحانه وتعالى قال فى كتابه الكريم فى سورة البقرة «وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا» إلى آخر الآية.. فهل حاول أحدٌ من هؤلاء الشيوخ والرجال الذين يدافعون عن الرجل ويدينون المرأة أن يسمع أنينهن وعذابهن أثناء ذبحهن وقتلهن؟!
هذه القصيدة تصوّر معاناتهن ولا أظن أن القانون يُحرم قصائد الشِّعر مثل التصوير.. كتبتها فى سَنة 80 بعد حادثة فتاة العتبة التى هزت المجتمع وقتها والتى تم التحرش بها وهتك عرضها فى المحطة وهى تحاول ركوب الأوتوبيس، وللعِلْم كانت معها والدتها وكانت محجبة وترتدى بنطلونًا قماشًا واسعًا ولم تكن موضة، المُحزن أنها كانت من ذوى الاحتياجات ولم يرحمها الجلادُ، والصدمة أن القاضى برَّأ الجانى رُغْمَ الشهود!.
القصيدة بعنوان «ذبحونى وأنا ثكلى»:
«ذبحونى وأنا ثكلى فقدت كل جناحاتى.. ذبحونى وأنا فى النزع الأخير من حياتى.. ذبحونى وحشرجة الموت فوق كل الأصوات.. ذبحونى لأنى أردت تغيير جلدى بجلد أبيض شفاف.. ذبحونى لأنى لا أريد النوم فى بنيان.. ذبحونى لأنى حاربت بأظافرى كل الخوف والأشباح.. ذبحونى لأنى تمردت ووقفت لقدرى بعناد.. ذبحونى لأن بداخلى قلبًا أخضر يريد أن يرى الله فى الأشياء.. لأنى مشوقة لعالم خالٍ من الخوف من الرياء.. ذبحونى لأنى أريد أن أغرّد كالطير فى السماء.. ذبحونى رُغْمَ جرحى وتمزق سيقانى.. رُغْمَ توسُّلات المَسيح ودموع السماء.. ذبحونى لأن نفوسهم عفنة»..
الفهم طريق الحرية.>