السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد تألقها فى مهرجان القلعة: تانيا صالح: أقترب من الجمهور المصرى بـ«الأغانى القديمة»

«تانيا صالح» مغنية، وكاتبة، وفنانة تشكيلية لبنانية، هى واحدة ممن أثروا وغيروا فى الحركة الموسيقية خلال أكثر من عشرة أعوام. جريئة دائماً، لا تخشى من تجربة نوع موسيقى مختلف، كتبت معظم أغانيها ولحنتها، غنت القصائد بتوزيعات جديدة، تخاطب بها عقول جيل جديد لا يعرف شيئًا، جربت أنواعاً موسيقية مختلفة، ما بين الجاز، والروك، والموسيقى الإلكترونية، والفلكلور اللبنانى.  منذ أيام كانت تقف على مسرح القلعة للمرة الأولى، غنتها لجمهور جديد عليها، الجميع غنى معها، فرحت بتفاعل جمهور جديد لا يعرفها كثيراً، جمهور يسمعها للمرة الأولى.



«روز اليوسف» التقت بـ«تانيا صالح» بعد نجاح حفلتها الأخيرة ضمن مهرجان القلعة، وكان لنا معها هذا الحوار:

> فى البداية، كيف كانت استعداداتك للمشاركة فى مهرجان القلعة للمرة الأولى؟ 

للقلعة رمزية كبيرة ومهمة جداً بالنسبة لى وتزيدنى فخرًا، فى مكان يحمل تاريخًا طويلاً... ولأنها الحفلة الاولى لى فى القلعة، لكن لم تكن المرة الأولى التى أحيى فيها حفلاً موسيقياً تابعًا لدار الأوبرا.. وفى تلك المرة طلبت أن تكون الفرقة أكبر مما اعتدت فى حفلات دار الأوبرا من قبل. ومن ثم بدأنا فى اختيار الأغانى التى تناسب المكان، وجمهور القلعة أيضًا. وكنت سعيدة بحضور عدد كبير من الجمهور المصرى.

> قمت للمرة الأولى بغناء موشح أندلسى، إلى جانب أغانى لـ«صباح» و«فيروز»، بالإضافة إلى أغانيكِ التى يعرفها أغلب جمهورك.. كيف قمت بعمل هذه التوليفة الغنائية؟

كانت لدىَْ رغبة فى تقديم أغانى حب، خفيفة تليق بجمهور القلعة. قمت بتشكيل مجموعة من الأغانى المختلفة، وكان من بينها الموشح الأندلسى (يا غصن) بتوزيع جديد، وكانت هى المرة الأولى التى أغنى فيها هذا الموشح أمام الجمهور. وأعرف أنها صعبة للغاية، وتحتاج إلى وتريات، وتخت شرقى كامل لكى تخرج بالشكل الصحيح، لكن لم أخف من التجربة وغنيت أيضا 14 أغنية، كما أننى اكتشفت من حفلات سابقة، أن الجمهور يريد أغان مبهجة، وأن معظم الأغانى الخاصة بى هى أغانٍ هادئة، لذلك حاولت أن أكسب  نوعًا جديدًا من الجمهور. فقدمت أغنية (ع الضيعة) لـ«صباح»، و(حبيتك تانسيت النوم) لـ«فيروز»، ولأن الجمهور المصرى، وتحديداً جمهور القلعة لا يعرف الكثير من الأغانى الخاصة بى، لذا فكرت فى منحهم فرصة للتعرف علىَّ من خلال أغانٍ معروفة لديهم. > إذن هل اختيارك لغناء الأغانى القديمة كان مقصودًا؟ 

نعم.. كل حفلة أغنى فيها بمصر، أكون حريصة على إعادة تقديم أغنية أو أغنيتين، لأن الجمهور الذى يعرفنى، يعلم أنى اعتدت على كتابة وتلحين الأغانى الخاصة بى.. ورغم أن هناك الكثير من المطربين اعتادوا على إعادة غناء القديم، لكنى أتفادى تكرار ذلك، بالإضافة إلى أننى أحاول تكريم جيل قديم تعلمنا منهم، كما أنه وللأسف بعض الجيل الجديد لا يعرف شيئًا عن هؤلاء، هذا الجيل فى لبنان، رافض أن يتحدث باللغة العربية أصلاً.. وبالنسبة لى هذا الشىء يجعلنى أرغب فى أن أوصل لهم من أين جئنا.

> بالعودة إلى الموشح الأندلسى (يا غصن) والذى قمت بغنائه للمرة الأولى على مسرح القلعة، وكانت جرأة منك فى إعادة توزيع وغناء موشح أندلسى، لماذا قررت غناء هذا النوع، وهو صعب للغاية؟

فى أول ألبوماتى عام  1997 كان هذا الموشح مسجلاً به، وقام بإعادة توزيعه وتلحينه الموسيقار اللبنانى «شربل روحانا»، وقتها كان لدينا مشروع إعادة توزيع لبعض من تلك الموشحات فى ألبوم كامل، ومازلنا نتحدث عن هذا المشروع حتى هذه اللحظة، لكن كل منا مشغول بمشروعه.

وللأندلسيات قيمة فنية، رغم أن إيقاعاتها صعبة لأنها معتمدة على أوزان الشعر. وبالنسبة للموسيقيين، فعندما نريد إحياء الموسيقى من تراثنا يجب أن نبدأ من الموشحات لأن هذا هو أساس الموسيقى العربية.

>كانت لديك تجربة غناء وتلحين قصيدتين للشاعر الفلسطينى «محمود درويش».. لماذا اخترت تلك القصائد، رغم أن شعر «درويش» من الصعب أن يتم تلحينه وغناؤه؟

«محمود درويش» هو شاعرى المفضل، لأنه يعرف جيدًا كيف يحكى عن الأنثى، وليس من منطلق إباحى، لذا فأنا أفضل شعر «درويش»، لأنه يفهم جيداً ما نشعر به نحن الإناث. وكيف استطاع أن يعبر عن المرأة بصور شعرية غاية فى الروعة، وأيضاً القصائد التى كتبها للوطن، ممتلئة بالمشاعر، فهى لا تشبه أى شعر.. وعندما سمعت قصيدة (هى لا تحبك أنت) وكان الملحن «عصام الحاج»، غناها بصوته، وبعدها سمعتها منه، أخبرته أنه لا يوجد مغنٍ لديه الجرأة أن يغنى هذه الأغنية لأن كلماتها جريئة، أنا أستطيع أن أغنيها، لأنى امرأة، ولأنها كانت قصيدة جريئة غنيتها.

وبالنسبة لقصيدة (فرحاً بشىء ما) كنت وقتها أبحث عن قصيدة لـ«درويش» لم تغنَّ من قبل.. فكانت تلك القصيدة وهى مقطع صغير، بفكرة بسيطة.

> تملكين شكلاً مختلفًا فى نوع الأغانى والموسيقى التى تقدمينها..  كيف ترين نفسك وسط ما يحدث الآن فى الساحة الغنائية؟ 

التجديد.. عندما تجددين نفسك وتخرجين من المنطقة المعتادة أو ما يسمى بـ«المنطقة الآمنة» الخاصة بك،  ستستطيعين الحفاظ على توازنك.  يوجد الكثير من الفنانين اعتادوا على تقديهم أغانيهم بنفس الإيقاع، وبدون أى تجديد أو ابتكار، نفس التوزيع، وطريقة الغناء، أنا العكس تماماً، رغم أن أسلوبى فى الغناء يكاد يكون أصعب. ففى تاريخ الموسيقى نجد أن من ظل حتى الآن، هم قليلون.. فى ناس مسحوا ناس، وناس ظلوا صامدين بما قدموه. فلا يمكن نقارن أنفسنا بأحد. الأهم هو التطوير، وأن يظل عملك مع الوقت.. أتمنى أن يكون ما أصنعه فى مجال الموسيقى والغناء يعيش لما بعد موتى.

> معظم الأغنيات التى قدمتِها على مدار تاريخك الموسيقى كانت من إنتاجك الخاص. فهل ستستمرين على إنتاجك الذاتى والمستقل؟ أم هناك فرصة فى التعاون مع إحدى شركات الإنتاج المعروفة مثل «روتانا»؟

روتانا لا، لأنهم يرفضوننى، فنحن لا نشبه بعضنا البعض. فمثلاً فى آخر ثلاثة ألبومات، تعاونت مع شركة إنتاج نرويجية، ومنحتنى الحرية فى اختيار الأغانى والتوزيع بدون تدخل. وساعدتنى بمبلغ صغير، وفى المقابل هم يتولون التوزيع، وحقوق الملكية لهم.. لكن لا أحد منهم يتدخل فى اختياراتى،  ولكن إذا توقفت هذه الشركة عن دعمى، سوف أكون مضطرة للبحث عن  مصدر آخر لتمويل ألبوماتى.

> متى أخذت القرار بترك لبنان، والعيش فى فرنسا؟

تركت لبنان تحديداً بعد تفجير المرفأ. فلم أستطع أخذ هذا القرار بسهولة، إلا بعد أن كبر  أولادى وتركوا لبنان أيضاً. فجأة أصبحت حياتى فارغة، وبدأت أسأل نفسى: من أنا؟ أصبح العالم خاليًا من حولى، بالإضافة إلى الأوضاع المؤسفة التى يعيشها لبنان. رغم أننى شخص مرتبط كثيراً بالبلد.. وسبب وجودى وعملى هو بلدى. العام المقبل سيصبح عمرى 54 عامًا، ولآخر نفس سأظل أعمل ما أستطعت، لكن فى لبنان لا يمكن عمل شىء، لا يوجد كهرباء، ولا بنزين، ولا إنترنت، كل الناس أصبحت عصبية.. فكيف تساعدنى هذه الحالة لأكون شخصًا منتجًا.

>وكيف تقيّمين الوضع الثقافى والفنى فى لبنان الآن؟ 

الآن توجد تجارب فردية مستقلة عن الدولة، كل بمفرده، والشىء الجميل فى لبنان ورغم كل الظروف هو القدرة على الخلق والابتكار فى كل المجالات، لكن الغالب الموجود هو الفن التجارى.. فنحن شعب تاجر، نعرف طريق الحصول على الأموال، لكن بشكل تجارى، فى الموسيقى، والسينما والفن التشكيلى، ولذا يجب أن تكونى تابعة لشكل المنظومة التجارية فى السوق. فى النهاية يظل هناك مجموعة قليلة مصرين على عمل نوع مختلف من الفن.>