السبت 11 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقك.. قمة المناخ تبحث عن حلول للخروج من المأزق الأوكرانى أزمات «التجنيس».. تمييع مقصود للهوية الوطنية (1 - 4) نزيف الأدمغة المهاجرة..  خسارة للشرق وفائض استثمارى للغرب

حقك.. قمة المناخ تبحث عن حلول للخروج من المأزق الأوكرانى أزمات «التجنيس».. تمييع مقصود للهوية الوطنية (1 - 4) نزيف الأدمغة المهاجرة.. خسارة للشرق وفائض استثمارى للغرب

فى عصر سمته التغيير المستمر والمتحرك بسرعات كبيرة بتأثير ضغط العولمة المنطلقة كعواصف تصاحبها أمواج لا تهدأ تغزو شواطئ العالم دون استئذان مع انهيار لدفاعات محلية قادرة على صد الهجوم المتدفق من الغرب نحو الشرق. تبقى هوية الشعوب هى خَط الدفاع الأخير أمام هجوم العولمة الكاسح، ورُغم تأكيد الإعلان العالمى لحقوق الإنسان على احترامه للتنوع البشرى فى التفكير والمعتقد والحفاظ على الخصوصية الثقافية المميزة للشعوب؛ فإن الشرق وقيمه الثابتة المنطلقة من حضاراته القديمة وتأثرها بالأديان السماوية ومركزية الأسرة فى التنظيم الاجتماعى تتعرض لمحاولات اغتيال لا تتوقف من جانب الغرب لتمييع تلك الثوابت وإضعافها، وظهر على السطح مفهوم الليبرالية المتحكم فى الأنظمة السياسية الغربية وتبنى تلك الأنظمة لأنظمة تتطابق مع النموذج الغربى فى الإدارة والحُكم وتحكم أچندة حقوق الإنسان فى العلاقات بين تلك الدول وبداخلها مفهوم الديمقراطية الغربى والقبول بالشذوذ الجنسى، والعداء للصين ولاحقًا روسيا.



وارتبط ذلك المفهوم بالحرب الباردة المشتعلة بين الغرب ممثلاً فى أمريكا وأوروبا من جانب وروسيا والصين من جانب آخر وبحث كل طرَف عن أنظمة تابعة لسياسته تدور فى فلكه وتناصب المعسكر الآخر العداء وفق ثوابت أيديولوچية، بمعنى آخر إيجاد أنظمة سياسية تغلب مصالح الغرب أو الشرق على مصالحها الخاصة، وأن تقبل الخسارة من سبيل انتصار المعسكر الذى تنتمى إليه.

تمييع الهويات الوطنية هى هدف ثابت قديم ومتوارث من عهود الاستعمار الذى نجح عبر زراعة جماعات وتنظيمات فاشية من خَلق هويات مختلفة عن الهويات الوطنية، وكانت أبرز تلك التنظيمات هى جماعة الإخوان فى مصر ومحاولة المستعمر البريطانى خَلق حالة تنافس بين الهوية المصرية العربية والهوية الإخوانية ولصقها زورًا بالدين الإسلامى.

وقد عانَى المستعمرُ من الهوية المصرية الجامعة القوية وصمودها القوى أمام محاولات التقسيم على أساس طائفى، وظهر ذلك فى ثورة 1919 والتفاف الشعب المصرى حول الزعيم سعد زغول وتأييد تحركه من أجل استقلال مصر عن الاستعمار البريطانى.

لكن ما هى الهوية وما علاقتها بالمواطنة؟

ينطلق تعريف الهوية من مجموع السمات، والمميزات الخاصة لدى الإنسان التى يكتسبها ويطورها من خلال حياته منذ ولادته، من خلال العلاقات المتبادلة مع مجتمعه وهى بمثابة بطاقة تعريف للفرد تحمل ملامح تميزة عن الآخرين.

وبداخل الهوية مجموعة أخرى من الهويات وتلتصق بالفرد مع الميلاد وهى الجنس، القومية، الدينية، وهى هويات ثابتة ومن الصعب تغييرها.

وهناك هُويات ثانوية مكتسبة: طالب، معلم، نجار، طبيب، مهندس وهى فى غالبيتها هُويات تحتاج إلى بذل جهد ما ويمكن تغييرها.

وتتوازن تلك الهويات والانتماءات داخل المجتمعات عبر ثلاث طرُق وهى التبادلية، التماثل، الحوار.

والتبادلية تعنى تبادل الاحترام مع الآخرين، وتعتمد على مبدأ «عامل الناس كما كنت تريد أن يعاملوك»، وتعنى احترام الناس وأن احترام الفرد للآخرين يبدأ بشخصه وذاته، أى بأن يحترم الإنسان نفسه.

أمّا التماثل فيعنى لا توجد أفضلية للواحد على الآخر، وإن احترام الخصوصية واجب على الجميع وإن حقوق الفرد تحدُها حقوق الأفراد الآخرين.

يأتى بعد ذلك سيادة الحوار بين مختلف مكونات المجتمع باعتبارها أساسًا لاستقرار المجتمعات والحفاظ على قيم السلام الاجتماعى.

سؤال الهوية مطروح طوال الوقت، لكنه بدأ يطرح نفسه مجددًا مع موجه التجنيس لرياضيين وقبلها لعلماء ومبدعين ومفكرين، ثم ظهور فكرة التنازل عن الجنسية للهروب من تنفيذ أحكام قضائية، ثم إثارة الجدل من زاوية حقوق الإنسان فى مقابل حقوق المواطنة.

لتكن البداية من حقوق الإنسان؛ حيث تنص المادة 15 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان على الحق فى الحصول على الجنسية والحق فى تغيير جنسية الفرد والحق فى عدم الحرمان من الجنسية، ثم التأكيد على الحق فى الجنسية فى العديد من المواثيق الدولية الأخرى بما فى ذلك الاتفاقية الأوروبية بشأن الجنسية التابعة لمجلس أوروبا (1997). ففى سياق القواعد الدولية عادة ما تستخدم «الجنسية» و«المواطنة» كمترادفين. وهذا صحيح أيضًا بالنسبة للاتفاقية كما جاء فى تقريرها التوضيحى بأن الجنسية تشير إلى العلاقة القانونية المحددة بين الدولة والفرد وتعترف بها الدولة، أى أنها تساوى المواطنة فى نظر المعاهدات الدولية.

وهو ما يعنى الجنسية هى بطاقة اعتراف الدولة بالمواطن وأداة تعريف المواطنة والسبيل للحصول على الفوائد القانونية والتى قد تشمل- حسب كل دولة- الحق فى التصويت وشغل الوظائف العامة والحق فى الضمان الاجتماعى والخدمات الصحية والتعليم العام والإقامة الدائمة وتملك الأرض والانخراط فى العمل وغيرها.

على الرغم من أن كل دولة تحدد من هم مواطنوها وما هى حقوقهم والتزاماتهم؛ فإن المواثيق الدولية لحقوق الإنسان تفرض بعض القيود على سياسة الدولة فيما يخص قيود المواطنة وحددتها بالمشاركة فى الحياة السياسية والثقافية باعتبارها حقًا من حقوق الإنسان الأساسية المعترف بها فى العديد من المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان بدءًا من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الذى ينص على المشاركة فى الحكومة والانتخابات الحُرة والحق فى المشاركة فى الحياة الثقافية للمجتمع والحق فى التجمع السلمى وتكوين الجمعيات والحق فى الانضمام إلى النقابات العمالية. كما أن المشاركة هى أيضًا مبدأ أساسى لحقوق الإنسان وشرط أساسى للمواطنة الديمقراطية الفعالة لجميع الناس.

وكالعادة فى الاتفاقيات الدولية لم ينتبه مشرّعوها إلى الحيل الحديثة وطرُق التلاعب بتلك الحقوق من جانب البعض بشكل واسع يفرغها من مضمونها، وكانت البداية من عمليات التجنيس للعلماء والمبدعين بشكل منع دولهم الأصلية من جهدهم وجعل التطور يرتكز فى مكان واحد من العالم، وصنع خَللاً فى تقدم مجتمعات بعينها استفادت منه مجتمعات أخرى، وهو استخدام غير عادل لحق من الحقوق الفردية للشخص دون النظر لحاجة المجتمع.

بالتأكيد إمكانيات الدول النامية والفقيرة لا توازى إمكانيات الدول الغنية والمتقدمة، كما أن نمط الحياة المصدر من جانب الدول المتقدمة لا يقارن مع الدول النامية ومن حق الإنسان الاختيار، لكن لا أحد توقف للتفكير فى مصير الدول المصدرة للعقول والمبدعين المحكوم عليها بالسكون والثبات لعشرات أو مئات السنين مقابل تقدم الدول الأخرى عبر عقولها المهاجرة، والأصعب انتظارها لما تجود به الدول المتقدمة من تكنولوچيا للدول النامية رُغم شراكتها فى التقدم الذى أحرزته الأولى.

وصفت دراسة نشرتها الأمم المتحدة عام 2010 بعنوان «هجرة العقول والكفاءات من دول المشرق العربى» هذا الوضع بنزيف الأدمغة؛ حيث اعتبرت هذا النوع من الهجرة من دول الجنوب إلى الشمال مؤثرًا بشكل سلبى على مستوى الإنتاج والبحث العلمى المحلى بسبب ابتعاد الكفاءات عن الانخراط فيه، فى حين تشكل تلك الكفاءات فائضًا استثماريًا للدول الأخرى.

وأشارت الدراسة إلى أن العولمة ساعدت على انتقال وهجرة العقول المفكرة والمنتجة من دول العالم الثالث إلى الدول الغربية الصناعية من خلال تقديم العروض المالية المغرية وتسهيلات الإقامة والمغريات المحفزة.

وخلصت الإحصائيات التى قامت بها جامعة الدول العربية ومنظمة العمل العربية واليونيسكو إلى أن مساهمة الدول العربية فى ثلث هجرة الكفاءات من البلْدان النامية وإن 50% من الأطباء و23% من المهندسين و15 % من العلماء من مجموع الكفاءات العربية يهاجرون متوجهين إلى أوروبا والولايات المتحدة وكندا بوجه خاص وأن 54 % من الطلاب العرب الذين يدرسون فى الخارج لا يعودون لبلدانهم..

وللحديث بقية.