السبت 11 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

لماذا أصبحت القاهرة «رمانة الميزان» لقمة جدة المنتظرة وما بعدها؟

على مدار الأسابيع الأخيرة، انشغلت القيادة السياسية المصرية بما يفرضه دورها ومساعيها ومكانتها كـ «رمانة ميزان» فى المنطقة العربية والأوسطية وحدود واتساعات دولية أخرى متعددة، فى الإعداد لقمة جدة المنتظرة يومى 15 و16 يوليو الجارى والتى سيشارك  فيها الرئيس الأمريكى جو بايدن فى أول زيارة له إلى منطقة الشرق الأوسط منذ أن أصبح ساكن البيت الأبيض فى 20 يناير 2021 بحضور دول مجلس التعاون الخليجى فى مقدمتهم المملكة العربية السعودية التى تستضيف القمة، الإمارات العربية المتحدة، قطر، سلطنة عمان، مملكة البحرين، الكويت، ودول مصر، العراق، الأردن، وهى قمة ستضع ثوابت العلاقة المستقبلية بين العرب والغرب بقيادة أمريكا، وما يتعلق من تغير عالم القطب الأوحد إلى عالم ثنائى أو ثلاثى الأقطاب، ومساحة واستراتيجية العرب فى ذلك.



 

ووضع الرئيس عبدالفتاح السيسى فى اعتباره خلال التنسيق التجهيزى ما بين قمم مع قادة دول عربية  وجولات فى دول خليجية، أساسيات الأمن القومى العربى والمصالح الاستراتيجية لدول المنطقة فى التعامل مع الغرب فى ظل متغيرات آخرها وربما لا تكون الأخيرة، الأزمة الروسية الأوكرانية.

اعتبار مصر وقيادتها السياسية «رمانة ميزان» للإعداد لهذه القمة وما بعدها، هو وصف جاء به محللون وساسة واستراتيجيون عرب متابعون لهذه القمة التى ينظر إليها الشرق والغرب فى ظل عالم منتظر تغير أقطابه ما بين الزيادة والنقصان وأن العرب لما لهم من وجود وثقل ودور يجب أن يكون لهم المساحة الحقيقية التى تناسب حقيقة إمكانياتهم فى تشكيل العالم الجديد.

أستاذ العلاقات الدولية بجامعة برلين د.عبدالمسيح الشامى،يؤكد على متابعة الأوساط الأوروبية لتلك القمة المنتظرة فى جدة، وتجهيزاتها التى كانت محورها بشكل كبير فى القاهرة فى ظل توسع وتنامى دور مصر الذى هو كبير بالأساس ولكن مع القيادة السياسية الحالية بات الوضع أكثر فاعلية ومحورية  فى الملفات ليس الإقليمية أو العربية فقط ولكن الدولية أيضا فى ظل تمتعها بقوة  فى العديد من الملفات والمستويات جعلتها حاضرة بهذا الشكل و «رمانة ميزان» لحدث كبير مثل قمة جدة.

ويوضح «الشامى» أن مصر بشكل أو بآخر هى الثقل السياسى العربى الأكبر والأهم والدولة المحورية على الصعيد السياسى والاجتماعى والثقافى وهذا لا يتغير حتى لو كان بزمان أو بمكان ما، دور لدول ثانية لأسباب أخرى، حيث تبقى المرجعية السياسية للعالم العربى متمحورة فى مصر ولذلك أى تحرك عربى جماعى حتى لو لم يكن به كل الدول العربية، حتى يأخذ المصداقية والثقة والاعتراف الإقليمى والدولى لا بد أن تكون مصر إما جزءا منه أو راضية عنه، وبالتالى المرجعية المصرية تعطى زخما وجدية وقوة لأى تجمع عربى لاسيما أن الأمر اليوم مرتبط برأى عام بالمنطقة وإعادة تموضع جديد للعالم العربى فى علاقته مع الغرب، وهذا التحول ربما يكون الأهم على مستوى السياسة الخارجية بين العرب والغرب منذ الحرب العالمية الثانية، وبالتالى يستدعى هذا الأمر وجود كل القوى الأساسية وعلى رأسها مصر صاحبة الحيثية التى يشعر جميع العرب بدورها والثقة فى وجودها كمحور أساسى ورئيسى.

وأكد «الشامى» أن المنتظر من هذه القمة عدة أمور، ربما تكون نقطة التحول الأولى منذ الحرب العالمية الثانية فيما يتعلق بعلاقة العرب بالغرب حتى مع العالم الخارجى، الموضوع لا يخص العلاقات بالولايات المتحدة أو العالم الغربى التقليدى فقط، حيث هناك عالم جديد يتشكل فى الشرق وهذا أمر له علاقة بشكل مباشر فى هذه القمة ولذلك من المنتظر أن يحاول العرب إيجاد موقع قوى فى العالم الجديد متعدد الأقطاب الذى يتشكل الآن، يكون موقع به إلى حد كبير من الحيادية وأيضا عدم التبعية لمعسكر ما أو منساقين وراء الغرب كما كان البعض فى حقب ماضية وقت القطب الواحد، فهناك تغيرات على مستوى العالم غيرت موازين القوى ومن مصلحة العرب ولا بد لهم أن يعيدوا تموضعهم بما يتناسب مع مصالحهم دون أن يكون هناك عداء لأى طرف سواء الشرق أو الغرب.

واستكمل :أعتقد أن سياسة الهيمنة وفرض الرأى التى كانت تمارسها أمريكا بشكل مباشر فى المنطقة قد انتهت بالتزامن مع موقف عربى قوى يتشكل مؤخرا، يحاول أن يعطى للعرب إرادة القوة التى يستحقونها بحكم موقعهم ودورهم وإمكانياتهم وثرواتهم على المجتمع الدولى،مما سيأتى بكتلة لهم وزن دولى وربما تكون هذه القمة نواة لهذا التوجه.

التكامل المصرى السعودى فى التجهيز لتلك القمة، يتطرق إليه المحلل السياسى السعودى منيف عماش الحربى، قائلا : عندما نستحضر الأبعاد الاقتصادية والسياسية والعسكرية والتاريخية، فإن المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، هما بحق كبيرتا العرب والقادرتان على صياغة الأمن القومى العربى.

وأشار « الحربى» إلى وجود 5 ركائز انطلق منها التجهيز لقمة جدة، وضحت عبر البيان الختامى بعد زيارة ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان إلى القاهرة ولقائه بالرئيس عبدالفتاح السيسى، وهما إعادة بناء النظام العربى من جديد بعد تهديده فى سنوات ماضية ليظهر توافق فى العديد من الملفات حول اليمن، سوريا، ليبيا، العراق، أما الركيزة الثانية هى التأكيد على محورية القضية الفلسطينية وحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية،اتفاق الطرفين على منع امتلاك أى دولة بالمنطقة لسلاح نووى مما يعد خطرا وجوديا، ركيزة التكامل الاقتصادى بين العديد من الدول العربية، الركيزة الخامسة أن الرياض والقاهرة وضعتا تغير المناخ على سلم الأولويات فى ظل الاستضافة المنتظرة من جانب مصر فى شرم الشيخ لقمة المناخ «كوب – 27»، وطرح المملكة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر التى أيدتها مصر.

ولفت «الحربى» إلى نقطة محورية فى الإعداد لقمة جدة بين القاهرة والرياض، تتعلق فى هذه المرحلة بالأزمة الروسية الأوكرانية، فى ظل اتخاذ مصر والسعودية موقفا محوريا وهو الحياد الايجابى، ليظهر التنسيق المتبادل عندما كان الرئيس السيسى ضيف شرف فى مؤتمر سان بطرسبرج الاقتصادى وأيضا السعودية كانت حاضرة بوزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان، واتخذ البلدان قرارا بالحياد الإيجابى فى ظل رؤيتهما بأن العالم فى مرحلة تحولات للقوى وقد يفضى بعالم ثلاثى القطبية من أمريكا وروسيا والصين، لذلك أكد البلدان أن الشراكة الاقتصادية مهمة ويجب تعميقها وهذا لا يتعدى أبدا على العلاقة الاستراتيجية.

التنسيق المصرى الأردنى له مساحة كبيرة فى حفظ الاستقرار بالمنطقة وبطبيعة الحال حاضر فى الإعداد لقمة «جدة»، ويقول المحلل السياسى الأردنى د. زيد النوايسة، إن الحضور المصرى الأردنى فى قمة جدة فى غاية الأهمية، لذلك هناك تعويل كبير من دول التعاون الخليجى على تواجد مصر، الأردن، العراق، فى ظل وجود قناعة لدى القاهرة وعمان بضرورة الوقوف أمام أى استهداف للأمن القومى العربى من أى قوى إقليمية فى المنطقة دون التأثير على الأولويات.

التفاهم بين القاهرة وعمان يتحدث عنه «النوايسة» أيضا من خلال إشارته إلى أنه لا يوجد أولوية بالنسبة  للمملكة  الأردنية  الهاشمية سوى القضية الفلسطينية وضمنيا هذه الأولوية فى الذهن المصرى متصدرة وأساسية، لذلك ربما يكون العنوان العريض الحديث عن وضع القضية الفلسطينية فى وجود الرئيس الأمريكى «بايدن» ضمن أولويات قمة جدة وأن يكون مطلوبا من جانب العرب، موقف أمريكى واضح لإنجاز تسوية تضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وأردف: «الأردن يريد أن يكون لهذا التحالف الجديد أهداف دقيقة للغاية بحيث لا تطغى على الأولويات الأساسية فى المنطقة، والأردن كما مصر لديهما موقف واضح من أى مشاريع إقليمية تستهدف الأمن القومى العربى»، موضحا أن الأردن يقرأ الأولويات فى سياق المصالح الاستراتيجية التى تضمن أولا قيام دولة فلسطينية مستقلة.