الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
فى ذكراه.. محمود عبدالعزيز  الــدرة المبهـرة

فى ذكراه.. محمود عبدالعزيز الــدرة المبهـرة

هو أحد المبدعين الكبار الذين أثروا السينما المصرية بمجموعة كبيرة من الأدوار التى تمثل دررًا غالية فى ذاكرة السينما المصرية والتى أثرت تأثيرًا ساطعًا فى عقل ووجدان المتفرج المصرى وأشع من خلالها وهجًا براقًا.. وقدرة فائقة فى التعبير والتجسيد والتقمص مستخدمًا جميع أدوات التشخيص المرئى وكل تعبيرات وجهه الغنىّ بالمشاعر العميقة والأحاسيس المتدفقة بالمعانى والأبعاد والتلميحات التى يصوغها فى كل لقطة وابتسامة ولمحة ونظرة وإطراقة.



انفعالاً وأداءً راقيًا يزينه بحضور متوهج وطرافة وخفة ظل لا تبارى ودون أن يقع أسيرًا لأشكال نمطية فى الأداء أو شخصيات مستهلكة.. ولم ينجرف فى فخ نجومية «الجان برميير» ذى المواصفات الخاصة والمعتادة والمتكررة.. فمن ينسى ثلاثيته الرائعة التى عزف فيها ثلاث شخصيات آسرة فى ثلاثة أفلام تعتبر من كلاسيكيات السينما المصرية من تأليف «محمود أبوزيد» وإخراج «على عبدالخالق» هى: «العار» و«الكيف» و«جرى الوحوش».

فى الفيلم الأول جسد شخصية المثقف المتردد بين السقوط فى دائرة عار الحرام وبين الرفض انتصارًا لشرف سوف يدفع ثمنه فقرًا وعوزًا.. وقد أداره ببراعة لافتة وحساسية فائقة.. والثانى «الكيف» وأرى فيه شخصية «المزاجنجى» المدمن بحذق وطرافة وقدرة فائقة على التعبير الساخر الكاشف عن فساد شريحة اجتماعية تعكس رؤيته الثاقبة لمفارقات الشارع المصرى.. وفى الفيلم الثالث «جرى الوحوش» يلعب شخصية المنجد الشعبى يقع ضحية طبيب يجرى له جراحة استبدال جزء من مخه بجزء من مخ رجل ثرى يتوق شوقًا إلى الإنجاب المحروم منه مقابل أموال.

ويخوض محمود عبدالعزيز مغامرته الكبرى الجسورة والمدهشة مع رأفت الميهى من خلال بطولة أفلام «سيداتى آنساتى» و«السادة الرجال» و«سمك لبن تمر هندى» فى رحلة جديدة ومتفردة مع الكوميديا الساخرة بمنهج اللا معقول الذى يتجاوز الإضحاك بمعناه المحدود إلى خلق عالم متكامل خاص ملىء بالأحلام والخيالات والتوهمات والرؤى الغريبة التى تتجاوز الواقع المحدود سابحًا فى بحار خيالية متحررة من قيود المجتمع والأطر الأخلاقية والمسلمات الثابتة والمستقرة.

أما أهم وأبرز أدواره فى التليفزيون فقد كان مسلسل «رأفت الهجان» الذى كتبه صالح مرسى وأخرجه يحيى العلمى، والحقيقة أن الأداء المبهر لمحمود عبدالعزيز كان حصادًا لمجهود كبير قام به الفنان فى دراسة الشخصية بأبعادها المختلفة النفسية والاجتماعية وعلاقتها بالمرحلة السياسية التى يمر بها الوطن.

على أن درة الدرر فى مسيرة الفنان فقد كان تجسيده لشخصية الشيخ حسنى فى فيلم «الكيت كات» عن رواية إبراهيم أصلان «مالك الحزين» الذى كتب له السيناريو والحوار وأخرجه «داود عبدالسيد».. أنه ذلك الأعمى صاحب البصيرة النافذة والمتأملة والمتفلسفة والتى ترفض الاعتراف بفقدان البصر.. باعثًا على البهجة الممزوجة بالأسى والتى تمثل شاهدًا على عبثية الحياة وعدم معقوليتها.

رحم الله الفنان الكبير الذى قدم لنا فنًا راقيًا عميقًا وطريفًا وجميلاً.