الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقك.. حرب الشرق والغرب على حقوق الإنسان تردى أوضاع الاحتجاز  فى السجون البريطانية..   والمهاجرون يفكرون فى الانتحار "10"

حقك.. حرب الشرق والغرب على حقوق الإنسان تردى أوضاع الاحتجاز فى السجون البريطانية.. والمهاجرون يفكرون فى الانتحار "10"

شكلت قضايا حقوق الإنسان محورًا مهمًا من محاور السياسة الخارجية الغربية تجاه باقى دول العالم، واتخذت دول مثل الولايات المتحدة من حقوق الإنسان أداة للضغط السياسى على دول العالم لتحقيق مطالبها، وأصبح من المعتاد التذرع بسوء الوضع الحقوقى لأى دولة لاتخاذ قرار بوقف صفقات تسليح ومعدات عسكرية ربما تؤثر على قدرات تلك الدول على توفير الحق فى الأمن والمحافظة على الحق فى الحياة، ومن بينها قرارات مثيرة للجدل بوقف صفقات ومساعدات عسكرية لدول تكافح الإرهاب، وهو ما أدى لتقوية الإرهاب وساعدته على التوحش وتهديد العالم.



ومع تشدق تلك الدول بأن ضغوطها فى ملف حقوق الإنسان قد تسهم فى تحسين الأوضاع فى دول أخرى، لكن ماذا عن دولهم ذاتها التى تتفشى فيها العنصرية وكراهية الأجانب وتعادى المهاجرين واللاجئين، وهو ما وصل فى بريطانيا إلى إقدام اللاجئين على الانتحار بسبب سوء المعاملة، كما تؤكد تقارير حقوقية عدة أن بريطانيا تشهد انتهاكات متعددة فيما يتعلق بأوضاع المحتجزين، فضلاً عما شهدته أوضاع الحق فى الصحة خلال إغلاق جائحة كورونا وغيرها من الانتهاكات التى تؤكد صدق المثل المصرى الشعبى الشهير: «باب النجار مخلع».

تتجه بريطانيا نحو التضييق على المهاجرين بشكل مستمر، وهو ما دعا مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت الحكومة والمشرعين فى المملكة المتحدة إلى ضمان أن يتجنب مشروع «قانون الجنسية والحدود» المقترح تقويض حماية حقوق الإنسان بالنسبة للاجئين وغيرهم من المهاجرين.

وقالت ميشيل باشيليت: إن رفض مجلس اللوردات الصارخ للأحكام الرئيسية لمشروع القانون يجب أن يرسل إشارة مقنعة إلى حكومة المملكة المتحدة بأنها تتطلب بالفعل تعديلات كبيرة، وطالبت الحكومة وأعضاء مجلس العموم بالتصرف بناء على هذه الإشارة وجعل التشريع المقترح متوافقًا مع القانون الدولى لحقوق الإنسان ومعاهدة اللاجئين لعام 1951.

وحذرت باشيليت من أن مشروع القانون، فى حال عدم تعديله، فإنه سينتج قانونًا يعاقب الأشخاص الذين يدخلون المملكة المتحدة بوسائل غير نظامية، كما لو كانوا مجرمين، بما يتعارض مع القانون والمعايير الدولية، ويفصل طالبى اللجوء الذين يصلون إلى المملكة المتحدة إلى مستويين، منتهكًا حق كل شخص بالتقييم الفردى لاحتياجات الحماية الخاصة بهم.

كما أعربت المفوضة السامية عن القلق من أن مشروع القانون بصيغته الأصلية سيسمح بحرمان المواطنين البريطانيين من جنسيتهم البريطانية دون سابق إنذار وبطريقة تعسفية تخاطر بزيادة حالات انعدام الجنسية.

وأضافت أن: «مشروع القانون لا يعترف بالتزام الحكومة بضمان حماية الأطفال المهاجرين وطالبى اللجوء، ويزيد بشكل كبير من مخاطر انعدام الجنسية، فى انتهاك للقانون الدولى».

وبالنظر إلى أوضاع اللاجئين فى بريطانيا نرى انتقادات توجه لها من بينها ما جاء فى تقرير منظمة «شئون اللجوء» (Asylum Matters) ونشرت تقريرًا الشهر الماضى قالت فيه إن أماكن الإقامة مثل الفنادق والنزل وثكنات الجيش السابقة، غير مناسبة لإيواء الأشخاص  الذين يسعون للحصول على الحق بالحماية، وتسبب أضرارًا نفسية وجسدية.

وجاء فى التقرير: «ربما كان الأثر الأكثر ضررًا للعيش فى أماكن إقامة مؤسسية، هو عدم شعور الناس بالاستقلالية وقدرتهم على عيش حياتهم الخاصة. وقد اتسم استخدام هذا النوع من أماكن الإقامة بفرض قيود على الزوار ومراقبة تحركات السكان وحظر التجول، رغم أن أماكن الإقامة تلك ليست رسميًا مراكز احتجاز، فإن الأشخاص الذين تحدثنا إليهم شعروا أنهم محرومون من حرياتهم الأساسية أثناء إقامتهم فى السكن».

ويتصاعد الأمر مع  ظهور تقارير حقوقية أخرى تتحدث عن ارتفاع معدلات التفكير بالانتحار بين اللاجئين بعد إعلان بريطانيا عن اعتزامها نقلهم إلى رواندا، وهو ما رفضه المهاجرون والتصعيد إلى الإضراب عن الطعام وقامت السلطات فى مركز الاحتجاز بمنطقة «بروك هاوس» بمصادرة الهواتف الذكية المزودة بكاميرات، وزودتهم فقط بهواتف لا يمكن استخدام الإنترنت بواسطتها.

ويحتوى السجل البريطانى على انتهاكات أخرى لحقوق الإنسان، رصدتها المؤسسات الحقوقية الدولية من بينها انتهاكات للحق فى الضمان الاجتماعى، حيث ألغت الحكومة البريطانية زيادة قدرها 20 جنيهاً إسترلينياً فى الأسبوع فى إعانات الضمان الاجتماعى التى يتلقاها ستة ملايين من ذوى الدخول المنخفضة أو العاطلين عن العمل؛ وهذا الاستقطاع يدفع نصف مليون بريطانى إلى حافة الفقر فى ظل تصاعد التضخم وزيادة أسعار الطاقة والسلع الغذائية.

ورغم الانتقادات التى توجهها بريطانيا لبعض الدول بسبب الحق فى التظاهر، تعمل الحكومة البريطانية على قانون جديد للشرطة ومكافحة الجريمة تقيد بعض مواده الحق فى حرية التجمع السلمى إلى حد بعيد، من خلال توسيع صلاحيات الشرطة فى حظر المظاهرات الصاخبة أو التى تعكر الصفو العام وفرض قيود مفرطة عليها، كما يسمح للمحاكم بفرض قيود واسعة النطاق على المحتجين.

ويتضمن مشروع القانون عقوبات جنائية على من يخالفون عن غير قصد الشروط التى تفرضها الشرطة على المظاهرات، ويشدّد العقوبات الجنائية المفروضة على منظمى المظاهرات الذين لا يمتثلون لتلك الشروط.

وعمدت الشرطة البريطانية لاستخدام القوة المفرطة غير الضرورية لتفريق تظاهرة احتجاجية على اغتصاب أحد أفراد الشرطة لفتاه تدعى  سارة إفرارد ثم قتلها عمداً. وزعمت الشرطة أن هذا التجمع يخالف التعليمات المتعلقة بوباء فيروس كوفيد-19.

وتقوم الحكومة البريطانية بتغييرات جذرية  لتشريعاتها المحلية لمواكبة عملية الخروج من الاتحاد الأوروبى وسط تخوفات من تأثير تلك التعديلات على حالة حقوق الإنسان من خلال الخروج عن أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وتعقيد الأمر أمام الأشخاص فى شأن رفع دعاوى متعلقة بحقوق الإنسان.

ومع تزايد التحديات أمام الحكومة البريطانية واتساع آثار الأزمة الاقتصادية وبحث الحكومة عن طريق للخروج من الأزمة، تسير التوقعات نحو تشديد الحكومة لقبضتها الأمنية والتضييق على حقوق الإنسان، وهناك عدة إشارات تدل على ذلك ورصدتها تقارير حقوقية أخرى.

من بين تلك الإشارات المخاوف من تضييق الحكومة البريطانية على حرية الرأى والتعبير، حيث حذرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأن ما تتمتع به الحكومة البريطانية من سلطات تسمح لها باعتراض الاتصالات بالجملة وأنه لا يتضمن ما يكفى من الضمانات الاحترازية ضد سوء الاستخدام، الأمر الذى يشكل انتهاكاً للحق فى الخصوصية والحق فى حرية التعبير.

وكذلك التحذيرات من تدنى أوضاع الاحتجاز حيث أصدرت الآلية الوقائية الوطنية فى المملكة المتحدة تقريراً يتعلق ببواعث القلق المستمرة المتعلقة بأوضاع مراكز الاحتجاز فى أسكتلندا، بما فى ذلك الاكتظاظ الشديد، والاحتجاز لدى الشرطة لمدة تتجاوز 24 ساعة.

وأشارت التقارير الحقوقية إلى ظروف الاحتجاز السيئة التى يعانى منها المهاجرون الوافدون حديثًا إلى أراضى المملكة، وانتقدت أداء الحكومة فى هذا الملف، مع تجاهل وزارة الداخلية البريطانية العمل على تحسين ظروف الاحتجاز بما يستجيب وكرامة واحتياجات هؤلاء الأشخاص.

وأورد التقرير أن العائلات التى لديها أطفال صغار اضطرت لقضاء أكثر من 24 ساعة فى خيام بالقرب من دوفر، والنساء اللاتى زعمن أنهن تعرضن للاغتصاب من قبل المهربين لم يحصلن على أى دعم، وقال التقرير إن عددًا من الأطفال (بينهم رضع) والبالغين المعرضين للخطر، يقيمون فى باصات النقل ذات الطابقين، على الرغم من تدنى درجات الحرارة، كما أنه لم تتم مساعدة المصابين منهم (حروق، جروح، كدمات).

هذه التقارير وغيرها تكشف الجانب السلبى والذى لا يحظى باهتمام وسائل الإعلام الغربية لحقوق الإنسان فى بريطانيا، وإلى أى مدى تطبق ما تطالب به دول العالم من احترام لمبادئ حقوق الإنسان.