الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«التظاهر بالموت والتلطخ بالدماء» مشاهد رعب لن تُمحى من ذاكرة أطفال مدارس «تكساس»

حالة من الهلع خيمت على مدارس الولايات المتحدة عقب مذبحة مدرسة روب الابتدائية بمدينة أوفالدى جنوب ولاية تكساس الأسبوع الماضى، والتى دفعت بالمدارس فى جميع أنحاء أمريكا إلى الاستعانة بمزيد من قوات الأمن وفرض العديد من القيود على دخول الزوار فى إطار الجهود الرامية للتعامل مع سلسلة جديدة من التهديدات والمخاوف.



هذه الإجراءات التى اتخذتها المدارس بعد المجزرة الأخيرة والتى تعد الأكثر دموية على مستوى مدارس الولايات المتحدة منذ هجوم عام 2012 على مدرسة ساندى هوك الابتدائية، أدت إلى اشتعال مشاعر القلق وزيادتها لدى بعض العائلات والمعلمين.

ووفقًا لصحيفة «ذا هيل» الأمريكية، باتت المدارس تعيش فى حالة من التوتر والذعر فى بمدينة إل باسو بولاية تكساس الأمريكية، حيث قتل مسلح 23 شخصًا فى هجوم عنصرى عام 2019 استهدف ذوى الأصول الإسبانية فى وول مارت، لافتة إلى أن منطقة مدارس إل باسو المستقلة تعرضت بالفعل لبعض التهديدات المبلغ عنها والتى تبين فيما بعد أنها كاذبة.

وتناقلت وسائل الإعلام المختلفة شهادات لأطفال نجوا من مجزرة يوفالدى وصفوا فيها الرعب الذى عاشوه فى مدرستهم، بعدما قامت سلطات ولاية تكساس، الجمعة بنقد ذاتى، وأقرت بأن الشرطة اتخذت «قرارًا خاطئًا» بعدم دخول المبنى بسرعة.

تعزيزات أمنية

واستشهدت الصحيفة الأمريكية ببعض الإجراءات التى اتخذتها مدارس إل باسو، إذ كثفت المقاطعة من الدوريات حول الحرم المدرسى، البالغ عددها 85، وسحبت السلطات ضباط مرور أو المسئولين عن أمور أخرى لأداء المهام الجديدة وتأمين المدارس.

وأشارت إلى أن المدارس تمتلك بالفعل أنظمة مراقبة محدثة، مضيفة أنه من الآن فصاعدًا، أصبح يتعين على الزوار قرع جرس الباب وإظهار هويتهم للسماح لهم بالدخول.

وعززت المدارس من تواجد قوات الأمن فى مجموعة من الولايات الأمريكية، بما فى ذلك ولاية كونيتيكت وميتشيجان ونيويورك، بعد إطلاق النار الذى راح ضحيته 19 طالبًا ومعلمين. وأعلنت أكبر منطقة تعليمية فى بوفالو بولاية نيويورك قواعد أمنية جديدة سارية على الفور، والتى تلزم أى زائر سواء أولياء الأمور أو الأشقاء أو مندوبى البيع- الاتصال مسبقًا للحصول على إذن الدخول بدون السماح بأى استثناءات، مع احتمال الخضوع للتفتيش.

أما فى فلوريدا، حظر رئيس شرطة المدارس العامة فى مقاطعة دوفال دخول حقائب الظهر أو حقائب اليد الكبيرة فى أى مدرسة، فقط حقائب اليد الصغيرة مسموح بها مع احتمالية تفتيشها.

 روايات الأطفال

يتفاعل الشارع الأمريكى مع الروايات الجديدة من شهود عاشوا اللحظات المرعبة، ويتابعون الاتهامات بالتقصير التى وجهتها عائلات الضحايا إلى الشرطة.

وفى إحدى الروايات، تمكنت طفلة اسمها ميا سيريلو وعمرها 11 عامًا من الحديث إلى مراسلة لشبكة «سى إن إن»، وكشفت أنها لطخت جزءًا من جسمها بدماء زميل لها لقى مصرعه فى محاولة للنجاة عبر التظاهر بالموت، كما استخدمت هاتف معلمتها القتيلة لطلب النجدة، بينما كان القاتل صاحب الـ18 عامًا يردى الأطفال قتلى فى مدرستها واحدًا بعد الآخر.

وروت ميا التى تعانى من تساقط خصل شعرها بعد المجزرة أن راموس تبادل النظرات مع إحدى المعلمات وهو يشق طريقه إلى غرفة صفها. بعد ذلك قال «ليلة سعيدة»، وأجهز على المعلمة ببندقيته شبه الآلية، ثم صوب البندقية باتجاه المعلمة الثانية والعديد من زملاء صف ميا، وبدأ بإطلاق النار عليهم وقتلهم. وانتقل راموس لاحقًا إلى صف دراسى آخر مطلقًا النار على الأطفال المذعورين. وأضافت ميا أنها بحثت مع زميل عن هاتف معلمتها الضحية واتصلت بالشرطة قائلة: «أرجوكم تعالوا»، لكن خوفها من عودة القاتل دفعها لتلطيخ نفسها بدماء زميل مقتول بهدف التمويه، بينما هى مستلقية على الأرض لمدة أحست على حد وصفها أنها ساعات قبل أن تصل النجدة.

 علاج نفسى وجسدى

وأطلقت إبيغايل فيلوز والدة ميا صفحة على موقع «غو فاند مى» لجمع التبرعات لابنتها التى عانت من إصابات فى رأسها وكتفيها من أجل دفع تكاليف علاجها الجسدى والنفسى بعد المجزرة.

وكتبت فيلوز على الصفحة أن غرفة صف ابنتها كانت «من الغرف الرئيسية التى استهدفت من قبل مطلق النار»، مضيفة أن ميا «سوف تحتاج إلى الكثير من المساعدة جراء الصدمة التى تعانى منها». 

وجمعت الصفحة أكثر من 270 ألف دولار، على الفرغم من أن الهدف المحدد للمبلغ المنوى جمعه كان عشرة آلاف.

واستغرقت الشرطة نحو ساعة قبل التدخل لوقف المجزرة، رغم تلقيها اتصالات عدة من تلاميذ دعوها للتدخل.

وكان هناك 19 عنصر أمن خارج المدرسة لكنهم انتظروا وصول وحدة متخصصة من شرطة الحدود. فى غضون ذلك، ظلّ أطفال حبيسى صفهم مع مطلق النار سلفادور راموس البالغ بالكاد 18 عامًا.

وروى الناجى صامويل ساليناس، الذى يبلغ من العمر10 أعوام، لقناة «إيه بى سى» الأمريكية بأن المهاجم دخل الصف وأوصد بابه وقال للأطفال «ستموتون جميعًا» قبل أن يباشر إطلاق النار عليهم.

وأضاف الطفل «أعتقد أنه صوّب نحوى» لكن كرسيًّا بينه وبين مطلق النار أنقذه من الرصاصة.

إثر ذلك، حاول ساليناس «التظاهر بالموت» فى الغرفة المخضّبة بالدماء حتى لا تستهدفه الأعيرة النارية.

وأكد التلميذ دانيال لصحيفة «واشنطن بوست» أن الضحايا لم يصرخوا أثناء انتظارهم وصول الشرطة لإنقاذهم.

وقال «كنت خائفًا ومجهدًا لأن الرصاص كاد يصيبنى». وأوضح أن معلّمته التى أصيبت فى الهجوم لكنها نجت، طلبت من التلاميذ «التزام الهدوء» و«عدم التحرك».

وطلبت تلميذة أصيبت برصاصة أيضًا من معلمتها الاتصال بالشرطة قائلة إنها «تنزف كثيرًا»، حسب دانيال الذى لم يعد بإمكانه النوم بمفرده وتنتابه الكوابيس.

من جهتها قالت والدته بريانا رويز إن الأطفال الذين نجوا «يعانون صدمة، وسيتعين عليهم التعايش معها طوال حياتهم».

وقال صامويل ساليناس أيضًا إن كوابيس تراوده يرى فيها مطلق النار. ولا تزال فكرة العودة إلى المدرسة أو حتى رؤية زملائه فى الصف تخيفه.

وكان مدير إدارة السلامة العامة بولاية تكساس ستيفن مكراو، قال إن عناصر الشرطة لم تتدخل بسرعة لأنهم اعتقدوا أنه «قد لا يكون هناك ناجون».

لكن الشرطة تلقت مكالمات عديدة من أشخاص كثر فى الصفين الدراسيين المتضررين، بينها مكالمة من طفلة فى الساعة 12.16 ظهرًا أى قبل أكثر من نصف ساعة من تدخل الشرطة فى الساعة 12,50، أبلغت أن «ثمانية إلى تسعة طلاب على قيد الحياة»، وفق ما كشف مكراو نفسه.