الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقك.. حرب الشرق والغرب على حقوق الإنسان الحكومات الغربية تضع حقوق شعوبها والمهاجرين فى مأزق "7"

حقك.. حرب الشرق والغرب على حقوق الإنسان الحكومات الغربية تضع حقوق شعوبها والمهاجرين فى مأزق "7"

فرضت الأزمة الأوكرانية خيارات صعبة للغاية على العالم، وتخطت تأثيراتها السلبية موجات الإغلاق خلال مواجهة انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19)، حتى أن اقتصاديات كبرى وقوية بدأت فى الاعتراف بالفشل فى مساعدة مواطنيها من بينها الحكومة البريطانية التى أعلنت بشكل واضح أنها لن تتمكن من مساعدة جميع مواطنيها فى مواجهة موجة ارتفاع الأسعار الحادة.



وفى ألمانيا تحدث وزير الاقتصاد عن عدم قدرة الاقتصاد الألمانى القوى على استيعاب ارتفاع أسعار الطاقة وأن الحكومة لن تستطيع دعم تكاليف الطاقة الجديدة على المواطنين، الأزمة فى ألمانيا وصلت لحد طلب الحكومة من المواطنين الاتجاه لتخزين السلع والاستعداد لقطع متكرر للتيار الكهربائى.

حكومات الغرب تعرف جيدًا أن الأزمة الأوكرانية تؤثر على الغنى والفقير، والتعامل معها لا يعرف لغة الرهانات أو المزايدات على قرارات صائبة وأخرى فاشلة، وأن الأزمة حلها الوحيد توقف الاشتباك العسكرى فورًا والبحث عن السلام بأى ثمن لإنقاذ العالم.

لكن ما يحدث على أرض الواقع هو عكس ذلك، لا أحد يبحث عن السلام والطلب أكثر على الحرب، بل إن الجميع يتجه إلى الانضمام إلى أحلاف عسكرية والاصطفاف فى مواجهة الآخر، بينما قدرة الحكومات الغربية تتراجع عن دعم مواطنيها أو مواجهة تصاعد الأزمات الاجتماعية المصاحبة لارتفاع التضخم.

فى الحروب والأزمات الاقتصادية تتراجع منظومة الحقوق وربما تمتد آثارها السلبية إلى المهاجرين واللاجئين فى تلك الدول، تتساقط أوراق أحلامهم بالأمان فى أوروبا والدول المتقدمة سريعًا، وتزول مساحيق التجميل وتكتشف الوجه الآخر العنصرى والمتجاوز فى حق اللاجئين والمهاجرين.

ربما لأول مرة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية يواجه المواطنون فى بريطانيا وألمانيا هذا الارتفاع المخيف للتضخم والذى أدى إلى الانخفاض فى دخل الأسر، وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية فى بريطانيا وتأثيرها بشكل خاص على أصحاب المعاشات والمتقاعدين وغيرهم من المواطنين ذوى الدخل المنخفض أو المحدود، مما يضطر العديد من الأشخاص الذين خفضوا الإنفاق بالفعل إلى مراجعة ميزانيات أسرهم مرة أخرى، ورفض عدد من المنتجات الغذائية، إلا أن بعض منظمات حقوق الإنسان تتحدث عن اختيار عدد من المواطنين إلى قطع الكهرباء والغاز مؤقتاً،  بعد أن رفعت الحكومة البريطانية سقف أسعار الكهرباء، بلغت فاتورة الكهرباء والغاز لشهر أبريل الماضى ثلاثة أضعاف ما كانت عليه فى مارس.

والحقيقة أن الأزمة كانت أكبر من قدرة الحكومة البريطانية على مواجهتها، وبالفعل كان لها تأثير حاد على حزب المحافظين بقيادة  بوريس جونسون وخسارة حزبه لمقاعد تاريخية فى الانتخابات المحلية، خرج جونسون وقال إن الحكومة البريطانية لن تكون قادرة على توفير دعم كافٍ للأسر فى مواجهة التضخم الذى سيتجاوز هذا العام 10 فى المائة بحسب البنك المركزى البريطانى.

الوضع المعيشى المتدنى للمواطن البريطانى تقابله أوضاع معيشية متردية هى الأخرى فى مدن أوروبية أيضاً، بل فى أقوى اقتصاد فى الاتحاد الأوروبى وهى ألمانيا، حتى إن منظمات المجتمع المدنى الألمانية من ارتفاع حاد للفقر فى ألمانيا، وطالبت الحكومة بتقديم مساعدات طوارئ جديدة، وتحدثت تلك المنظمات أن عدد الفقراء فى ألمانيا سيتضاعف وأن الرواتب لن تكفى مع كثير من الناس، فى ظل التضخم وأسعار الطاقة المرتفعة، وأن المزيد من الناس يشكون من أنهم لم يعودوا قادرين على شراء احتياجات أطفالهم لمواصلة الدراسة، أو عدم الوقوع ضحية التمييز مع أصدقائهم من خلال عدم قدرتهم على توفير ما يريدون.

بريطانيا وألمانيا ليستا استثناءً فى أوروبا وتلحق بهما دول كبرى أخرى مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، ويعانى مواطنوها قبل كورونا والحرب الأوكرانية من تردى الأوضاع المعيشية، وتدنى الأجور وارتفاع الأسعار فى المواد الغذائية والمحروقات، وبدأت تظهر فى شوارعها أعمال عنف ونهب للمحلات التجارية فى عز الظهر، وكان آخرها أحد المتاجر الشهيرة فى قلب شارع الشانزلزيه بالعاصمة الفرنسية باريس.

هذه المشاهد المقلقة تؤكد أن أوضاع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية فى الغرب تتأثر بالحرب على نحو مخيف، وأن لذلك تداعيات سلبية على حالة حقوق الإنسان بداية من مواطنى تلك الدول وصولاً إلى اللاجئين والمهاجرين لديها، والمعاناة المزدوجة من ارتفاع الأسعار والتخوف من صعود الحركات اليمينية المتطرفة وتعقبها للمهاجرين والتضييق عليهم فى الوظائف والبحث عن ترحيلهم مرة أخرى إلى بلادهم أو إلى دولة ثالثة تتحمل مسئوليتهم بشكل ينتهك حقوق الإنسان وربما يعرض حياتهم للخطر.

ومواقع حقوقية معنية باللاجئين فى أوروبا تحدثت عن قرارات ألمانية بإبعاد المهاجرين الأفغان والسوريين من أماكن إيوائهم إلى أماكن أبعد، وذلك لتوفير تلك الأماكن للاجئين الأوكرانيين. 

القرار أثار غضب منظمات حقوقية، وبعضهم أشار إلى أن العائلات المرحلة إلى أماكن أخرى لم تتوافر لها فرصة للاعتراض على نقلهم، ويتم ترحيلهم فى بعض الأحيان إلى أماكن بعيدة جدًا، ولم يعد بإمكان الأطفال الذهاب إلى مدارسهم، وهو ما دفع المنظمات إلى وصف القرار بالمجحف فى حق اللاجئين، لأنهم يتواجدون فى مراكز اللجوء التى يتم نقلهم منها لسنوات، ويُحرم أبناؤهم من متابعة دراستهم فى المدارس المسجلين بها، كما تهدم محاولاتهم للاندماج والاستقرار فى ألمانيا.

تكرر الأمر نفسه فى فرنسا، حيث قامت السلطات بطرد مهاجرين قاصرين غير مصحوبين من مركز إيواء فى منطقة كليشى فى باريس بعد أن فككت السلطات مخيمهم، وبحسب موقع مهاجر نيوز كانت السلطات تسمح للمهاجرين بالنوم بضعة أسابيع أو أشهر قبل إعادتهم إلى الشارع.

وبدأت منظمات دولية فى توجيه انتقادات علنية للحكومات الأوروبية، حيث اتهم فرانشيسكو روكا رئيس الاتحاد الدولى لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر الحكومات الأوروبية بعدم المساواة فى التعامل مع اللاجئين، ودعا إلى معاملة الذين يفرون من العنف ويطلبون الحماية على قدم المساواة وأنه لا ينبغى أن يكون العرق والجنسية عاملين حاسمين فى إنقاذ الأرواح.

وأكد روكا فى مؤتمر صحفى للأمم المتحدة فى نيويورك أن هناك ازدواجية فى المعايير، فبينما يتم الترحيب بملايين الأشخاص من أوكرانيا بأذرع مفتوحة، فإن هذا لا ينطبق على الأشخاص من إفريقيا.

الانتقادات تطول الحكومات الأوروبية من كل حدب وصوب من الداخل والخارج، وتزداد الأزمة مع طول أمد الحرب وتأثيرها على حقوق مواطنيها وعلى اللاجئين، حيث تستقبل أوروبا عشرات الآلاف من المهاجرين الذين يخاطرون بعبور البحر من إفريقيا إلى أوروبا كل عام وتقدر أعدادهم وفقاً للأمم المتحدة، بأكثر من 31000 مهاجر بالرحلة البحرية الخطيرة والتى قد تنتهى بالموت.

ربما كان المهاجر يحلم بالجنة فى أوروبا، وبالفعل كانت أوروبا تقدم نموذجًا ملهمًا، بل تضغط على الحكومات من أجل الاهتمام بحقوق الإنسان، لكن الحقيقة أنها مع اشتداد الأزمة والخناق عليها تتخلى بسهولة عن تلك الالتزامات وتتتخذ قرارات ضد حقوق الإنسان.