الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الطريق الثالث.. حياتك فى خطر 6 خطوات تنقذك  من إدمان «الموبايل»

الطريق الثالث.. حياتك فى خطر 6 خطوات تنقذك من إدمان «الموبايل»

هل أصبح ضروريًا أن نقلل من شهوة الـ«public» التى جعلتنا نخلع ثيابنا على مَرأى ومَسمع من ناس لا نعرفهم ولا يعرفوننا، وجعلتنا نمارس حرية وهمية تضخمت فى كل مجالات حياتنا وقادت البعض للسجون.. والبعض الآخر للذهاب إلى المأذون (فى طلاق كثير وزواج قليل)، وأخيرًا اقتربت بالجميع إلى حافة الجنون؟!



لقد أضعت سنوات طويلة من علاقتى مع تطبيق «facebook» قبل أن أكتشف قيمة وأهمية خاصية «only me» التى تجعل ما أنشره من كلمات (بوستات) لا يراه غيرى، وتجعلنى أتريث وأفكر قليلًا قبل النشر، وهى خاصية ربما تستدعيها طبائع الحياة اليوم وغدًا فى ظل تقلص الحريات والضجر منها فى معظم أنحاء العالم، مما يتطلب بعض الحرص وكثيرًا من الحذر، وهى أيضًا ربما تكون الفرصة الأخيرة، لنراجع أنفسنا ونحدّد علاقتنا مع  «السوشيال ميديا».

مَن سيقدر على الهروب من هذا التطبيق وأمثاله من تطبيقات «سرقة الحياة» وتدجين مشاعر البشر وأفكارهم ومسخ عقولهم، كمن نجا من الجحيم، فهذه السوق الاجتماعية (ظاهريًا) والاستثمارية (فعليًا) هى أكبر خدعة سقطت فيها البشرية (جمعاء) عبر تاريخها الممتد من آدم حتى اليوم.

تخيّل أن هناك ثلاثة مليارات شخص حول العالم يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعى، أى ما يعادل 40 % من سكان العالم بحسب ما ذكر موقع (بى. بى. سى) بالعربية، كما أن الفرد يقضى فى المتوسط نحو ساعتين يوميًا فى تصفح هذه المواقع والتفاعل من خلالها، وهناك نحو نصف مليون تغريدة وصورة تُنشر على موقع (تويتر) للمحادثة كل دقيقة.

وحول تأثير مواقع التواصل الاجتماعى مثل فيسبوك وتويتر وإنستجرام وغيرها على الصحة العقلية والنفسية لمستخدميها، أثبتت العديد من الدراسات أنها تؤثر بشكل مباشر فى إصابتهم بالتوتر وتراجُع الحالة المزاجية والشعور بالقلق والاضطراب، بينما توصلت بعض الدراسات إلى أن هناك صلة بين الاكتئاب وبين استخدام مواقع التواصل الاجتماعى؛ حيث إن أعراض الاكتئاب مثل الحالة المزاجية السيئة، والشعور بعدم قيمة الذات واليأس، كانت مرتبطة بطبيعة ونوع التفاعل على الإنترنت.

إن «الموبايل» هو شيطان هذا العصر، اخترعه الإنسان ليخدم الإنسانية ويفيدها، لكن «المحمول» أصبح مسئولاً عن ضياع الإنسان وانتهاك الإنسانية، وتاريخ هذا الاختراع المثير يعود إلى سنة 1973، وقتها ظهر أول هاتف محمول، لكنه لم يدخل السوق حتى الثمانينيات، وكان حكرًا على رجال الأعمال والسياسيين، وكانت الهواتف المحمولة كبيرة وثقيلة وتستهلك كمية هائلة من الطاقة، وفى منتصف التسعينيات قدمت شركة IBM ما يُعتبر أول هاتف ذكى مجهز ببرمجيات الحاسوب ومتصل بشبكة الإنترنت، لكن بطاريته كانت تنفد خلال ساعة فقط فى حال استخدام الشبكة، بَعدها بدأت تتسارع خطوات التطور والتطوير، وأصبح الهاتف النقال جهازًا متعدد الاستخدامات، وقاد هذا التحول إلى ما يسمى بـ«ثورة صناعية تقنية» فى 2007، عندما أعلن عن الـ«iPhone» لتتغير معالم الهاتف والاتصالات للأبد.

ظهر «الموبايل» قبل نهاية قرن الدمار والحروب العالمية الفتّاكة والقنابل الذرية، قرن الصعود للقمر وحرب الكواكب والثورة الصناعية، القرن العشرين الذى بلغ فيه الإنسان مداه من العلم والتقدم والحضارة، واستعد ليقفز إلى قرن جديد بآمال عريضة مع ثورة التكنولوچيا، التى كان أهم إنجازاتها وأبرز جرائمها، هو هذا الجهاز الفتّاك الـ «Smart Phone»، الذى أصبح للأسف «فى يد الجميع»، كما كانت تروّج له إحدى شركات المحمول المصرية فى حملاتها الإعلانية، نعم أصبح فى يد الجميع سيفًا مسلطا على رقابهم، يخترق خصوصيتهم وينتهك حريتهم ويستهلك أوقاتهم ويسرق أعمارهم فى هراء لا طائل منه.

فقد كشفت دراسة حديثة، أن ثلث جيل الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عامًا يُعانون أعراض الإدمان على الهواتف الذكية، بصرف النظر عن مقدار الوقت التراكمى الذى يستغرقونه فى استخدامها، وذلك وفْق ما نشره موقع «إندبندنت عربية»، وبحسب الدراسة التى أجرتها جامعة «كلية كينغز لندن» على 1043 شابًا وشابة، يواجه أكثر من ثلثى المشاركين صعوبة كبيرة فى الخلود إلى النوم، وكذلك تظهر على

 39 % منهم أعراض تشمل فقدان السيطرة على كمية الوقت التى يصرفونها فى استخدام الهواتف، والشعور بالبؤس فى كل مَرّة يعجزون فيها عن الوصول إلى هذه الأجهزة الذكية، وإهمال جوانب أخرى من حياتهم اليومية.

لا شك أننا بدأنا ندرك خطورة الاستخدام المستمر لأجهزة الهواتف المحمولة، وآثاره السلبية؛ خصوصًا على الأطفال والشباب، ولهذا أصبح ضروريًا أن نضع خططًا عاجلة لتقليل التعرض لهذه الأجهزة، ويمكن الاستفادة من الخطوات الـ 6 التالية لتحقيق ذلك: • قم بتفعيل التدرج الرمادى فى شاشة هاتفك ، ثم أوقف كل الإشعارات.

• تخلص من التطبيقات غير الضرورية وحاول تقليص عدد الألعاب وتطبيقات التواصل الاجتماعى.

• غيّر خلفية شاشة القفل برسالة تحذرك من استخدام الهاتف.

• أعط الأولوية للاستخدام الموجّه، واختزل الوقت الذى تُضيّعه فى تكرار فتح الهاتف.

• اترك هاتفك فى المنزل وحيدًا، واستمتع بقضاء بعض الوقت من دونه.

• إذا لم تحقق الخطوات السابقة نتيجة ملموسة، استبدل الهاتف الذكى بالهاتف القديم، وانتبه إلى أن اعتناق ممارسات جديدة يستغرق وقتًا، وكذلك فإن التخلص نهائيًا من إحدى العادات يتطلب 14 يومًا على الأقل.

قبل أن يضيع العمر: توقفوا.. فكروا.. تدبروا، نحن نلهث وراء سراب اسمه يكشفه، «الفضاء الافتراضى»، ونهجر الأرض الحقيقية التى خَلقنا الله لنعمّرها.. فتبور.. وتموت معها كل معانى الحياة، كما أننا لو لم ننتبه إلى ما يجب أن ننشره ونقوله على هذه الصفحات، ولو لم ننتبه إلى ما تسرقه منا هذه التطبيقات سنخسر حياتنا بلا مقابل، ونبيعها إلى هذا الشيطان الذى عزلنا فى جُزر محمولة (هواتف) لينفرد بكل إنسان ويجرده من إنسانيته ويجعله «مسخ» بنى آدم.