الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الطريق الثالث.. ولد داخلها مشاعر الإيثار والامتنان قصة فتاة بريطانية أعلنت إسلامها بعد صيام 30 يومًا

الطريق الثالث.. ولد داخلها مشاعر الإيثار والامتنان قصة فتاة بريطانية أعلنت إسلامها بعد صيام 30 يومًا

يفقدنا الاعتياد قيمة الأشياء ويحرمنا تدريجيًا من شعور الدهشة ولذة الاكتشاف، لهذا تجذبنا قصص «المسلمون الجدد»، معهم نعيد تذكر التفاصيل الصغيرة التى تقود إلى الطريق العظيم، ونجدد بهم شغفنا لهذا الدين القيم، والذى تأثر بسبب كثرة ما يحيطنا من زيف دينى، واستغلال التدين الفطرى الذى غرسه الله فى نفوس المصريين، لحصد مكاسب رخيصة، جعلت الناس تضطرب لأحاديث الدين، بعد أن كان يطربها، ويصيبها التوتر والقلق بعد أن كان يطمئنها ويهديها، لهذا قد يكون مفيدًا أن نوسع رؤيتنا، ونجدد نظرتنا ونتجول حول العالم، ونشحن طاقتنا الدينية بقصص المهتدين بقلوبهم إلى الغاية الكريمة وطريق الحق.



لهذا توقفت أمام عنوان التقرير الصحفى المثير: «رحلة شابة بريطانية من الشرب وسهرات الملاهى إلى الإسلام»، والذى يكشف عن تفاصيل فيلم وثائقى جديد أنتجته قناة «بى. بى. سى 3» الإنجليزية، وتحكى فيه الفتاة «بيرسيفونى ريزفى» كيف أنقذ الإسلام حياتها، وتقول إنها خلال سنتها الأولى فى الجامعة، كانت تبحث بجدية لتعرف أكثر عن الإسلام وتعاليمه، وتفكر فى أن تصبح مسلمة، وتضيف: «كنت أتنقل بين الجامعة فى سالفورد ومنزل والديّ فى هدرسفيلد، لكنهما لم يعرفا مدى اهتمامى بالإسلام. أخفيت الأمر جيدًا إلى أن اقتحمت المنزل ذات يوم مرتدية حجابى وأنا أصيح: إننى مسلمة الآن!».

قصة صادقة جذبتنى لقراءتها، حيث تروى الفتاة التى كانت تعيش حياة صاخبة لاهية، وتصف نفسها قائلة: «عندما كنت مراهقة كنت مثل ثور هائج فى متجر للأوانى الخزفية»، وترسم ملامح حياتها قبل دخولها الإسلام قائلة: «كانت الحفلات أهم ما فى عطلات نهاية الأسبوع وكل شىء يدور حولها، ولا تنتهى الحفلة فى الملهى قبل الرابعة أو الخامسة صباحًا، ثم ننتقل إلى حفلة فى أحد المنازل، وبعدها الاستيقاظ مع صداع شديد بسبب الكحول، وصولى إلى حالة السكر الشديد قادنى إلى أفكار سوداء عديدة. كانت فترة سيئة حقًا استيقظت فيها مرة عارية على أرضية المطبخ، وحينها أدركت أن علىّ إجراء تغيير. فقد أغمى على لفرط الشرب. وشعرت أننى فى الجحيم، كنت ألجأ إلى الكحول كوسيلة للتعايش مع مشاكلى، وأمر بتجارب استنزاف عاطفى، ولم أستطع حقًا فهمها أو التعامل معها. كنت أعانى لكى أجد لحياتى هدفًا، وأردت أن أقوم بما هو أفضل لنفسى. ولم أكن أعرف ما الذى أفعله».

وقد وصل عدد المسلمين داخل إنجلترا سنة 2021 إلى قرابة 3 ملايين فرد مسلم، وهذا الرقم يمثل إجمالى 5% من عدد السكان الكلى داخل الحدود البريطانية، ويحتل الدين الإسلامى المرتبة الثانية بين الديانات الأكثر انتشارًا بها.

وفى ظل تزايد الإقبال على الإسلام فى الغرب، اهتمت المراكز البحثية برصد مستقبل الأديان خلال القرن الحالى، وكشف مقالاً نشره موقع «الجارديان» الإلكترونى قبل عدة سنوات عن دراسة مهمة أجراها «مركز بيو للأبحاث» الأمريكى المتخصص فى الإحصائيات الديموغرافية، حيث أكدت الدراسة أن الإسلام ينمو بشكل أسرع من باقى الأديان، إذ إن سرعة النمو بين المسلمين هى ضعف تلك المسجلة لدى باقى الطوائف والمجموعات الإثنية، مما سيمنحه الريادة عالميًا فى غضون سنة 2060، إذ إنه من المتوقع أن يبلغ عدد أتباعه 3 مليارات شخص، وكانت المسيحية هى الديانة الأكثر انتشارًا فى العالم (سنة 2015 العام الذى أجريت فيه الدراسة)، إذ بلغ عدد أتباعها 2,3 مليار شخص، أى ما يعادل 31,2 بالمائة من إجمالى سكان العالم، يليها الإسلام والذى كان يضم فى نفس السنة 1,8 مليار نسمة ما يعادل 24,1 بالمائة من سكان العالم.

وتكشف الفتاة البريطانية «ريزفى» عن اللقاء الأول لها مع الإسلام، والمصادفة التى قادتها إلى التعرف على شهر رمضان، وصيام 30 يومًا فى تَحَدٍ خاص مع نفسها، وتقول: «لقد ولّد لدىّ شهر الصيام مشاعر الإيثار والامتنان، وأعطانى الوسيلة للاهتمام بنفسى والتى كنت فى أمس الحاجة إليها. كان ذلك بمثابة بطاقة دخولى إلى الإسلام»، وتكمل عن رحلتها الدينية قائلة: «فى تلك المرحلة، كنت شديدة الحفاظ على الخصوصية بشأن رحلتى مع الدين، ولم أحب الأسئلة المتعلقة بذلك، تخلصت من أكياس عدة من الملابس التى اعتقدت أنها لم تعد مناسبة، وأزلت أظافرى المستعارة الطويلة، وغيرت اسمى على وسائل التواصل الاجتماعى، وحذفت الكثير من الصور غير اللائقة، وأشعر الآن براحة أكبر، الإسلام فعلاً أنقذنى، لأننى الآن أعرف أفضل الطرق للتعامل مع الأوقات العصيبة. لم أكن لأستطيع التأقلم لولا الصلاة والاهتمام بصحتى النفسية والجسدية».

وتنتهى قصة الفتاة البريطانية، وتبدأ معها رحلة البحث عن قصص أخرى لمن استقرت سفنهم على شاطئ الإسلام عن اقتناع ومحبة، فهى ملهمة لكل من يبحث عن جمال هذا الدين القيم.

 فى وداع رمضان

ونستقبل عيد الفطر المبارك، أعاده الله عليكم وعلينا باليمن والبركات، ويودعنا الشهر الكريم ويغادر قطاره محطتنا، شهر رمضان خير الشهور وأكثرها سكينة وصفاء وطاقة روحية، شهر الخيرات والأعمال الصالحات، نودعه على أمل أن نبلغه فى عامنا القادم إن أمد الله فى أعمارنا، وندعو الله ونحن نقدم كشف أعمالنا، أن يتقبل منكم ومنا الصيام والقيام وصالح الأعمال. 

ولقد تزامن مع الشهر الكريم هذا العام، مصاعب اقتصادية وبشائر حرب عالمية وظروف مناخية استثنائية، جعلت صيامه مشقة كبيرة على الكثير من المسلمين فى شتى بقاع العالم، وظنى إن شاء الله أن يكون فضل رمضان هذا العام كبيرًا وأجره بـ «الغلاء والوباء» وحرارة الجو القاسية، مضاعفًا، مثلما كان فى مشقته، وهذا ما أكدته الأدلة الشرعية «إن الحسنات تُضاعَفُ أضعافًا كثيرةً فى الزمان الفاضل».

ونحن نستعد لنستأنف حياتنا بعد الشهر الكريم، أوصيكم ونفسى بتقوى الله وعدم انقطاع الخير عن أعمالنا، ولنجعل كل شهورنا رمضان بإحساننا وتقوانا وخلقنا، فما أحوجنا لذلك خاصة ونحن نعيش أيامًا صعبة بسبب الحروب والأوبئة وتغييرات المناخ، وشبح الجوع الذى يخيم على بلدان كثيرة، ولا نملك إلا أملاً صادقًا فى رب كريم، «ويقولونَ متى هوَ قُلْ عسى أنْ يكونَ قرِيبًا»، صدق الله العظيم.

وعلينا أن نجتهد لتبقى أخلاق رمضان تلازمنا طوال العام، فنبتعد عن الغيبة، والنميمة، والكذب، والغش، والسخرية من الآخرين، والبذاءة، والفحش. ونتحلى بالصبر، والصدق، والكرم، والجود، والبذل، والسخاء، والعفة، والحلم، وكظم الغيظ، والعفو، والصفح، وسلامة الصدر، والعزم، وقوة الإرادة، والسكينة. 

وكل عام أنتم بخير.. وعيدكم سعيد إن شاء الله.