الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
أنا وقـلمى.. غزو الدول

أنا وقـلمى.. غزو الدول

«الغزو» يعنى قدرة جيش دولة ما على احتلال دولة أخرى، وفرض السيطرة الأمنية أو شبه الأمنية عليه، وقد يقترن حصوله باستتباب الأمن، أو ظهور مقاومة مسلحة قوية أو ضعيفة، وتشير الأدلة الأثرية إلى أن الغزوات كانت متكررة الحدوث منذ عصور ما قبل التاريخ - فى العصور القديمة قبل الاتصالات اللاسلكية والنقل السريع- وكانت الطريقة الوحيدة للجيش لضمان تعزيزات كافية، هى تحريك الجيوش كقوة واحدة ضخمة، وهو ما أدى إلى استراتيجية الغزو، الذى صاحبه التبادلات الثقافية فى الحكومة والدين والفلسفة والتكنولوجيا التى شكلت تطورًا كبيرًا لمعظم دول العالم القديم، ورغم أن تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة جاء بأغلبية ساحقة لإدانة الغزو الروسى لأوكرانيا، مما جعلها إدانة عالمية رنانة من قبل العالم لروسيا، إلا أن الأهم من التصويت الآن هو أن خريطة العالم تتشكٌل من جديد، فالعالم بالفعل نراه بمجرد المشاهدة يتغير، وبعض آثار التغيير صار يمس حياة الأفراد والشعوب، وليس الدول فحسب، وحقيقةًً لن أتحدث هنا عن الغزو أو الاحتلال الروسى لأوكرانيا بالذات -أيًا كان اسمه - ولكننى سأتناول بعض الدول التى لا يمكن أن تخضع لجيوش قوى أخرى، لأى سببٍ كان، وبالتأكيد فإن أول دولة تتبادر إلى الذهن هى الولايات المتحدة الأمريكية.. فالمعروف أنه عند أى محاولة غزو لهذه الدولة، التى تحتل مساحة نصف القارة الأمريكية الشمالية تقريبًا، فإن الغازى لن يواجه الجيش الأمريكى، الذى يُعد الأفضل والأقوى عالميًا، فحسب، بل أكثر من 330 مليون أمريكى، الغالبية العظمى منهم يمتلكون العديد من الأسلحة - وربما ترسانة أسلحة- مصانة بموجب الدستور الأمريكى، وعلى الدولة الغازية أيضًا أن تسيطر على الأرض، وعلى المدن الكبيرة التى يضم بعضها عدة ملايين من السكان، هذا لو تم استثناء العصابات والجماعات المتطرفة.



وبعد الولايات المتحدة، تأتى روسيا، فهذه الدولة إلى جانب جيشها القوى وترسانتها الهائلة من الأسلحة، ربما تكون عصية على الغزو.. فقد حاول نابليون غزوها عام 1812، وعلى الرغم من الخسائر البشرية الهائلة التى منى بها الروس، إلا أن جيوش نابليون لم تتمكن من احتلاها، وتكرر نفس الأمر إبان الحرب العالمية الثانية عندما غزا النازيون الألمان بلادهم، وهى الحرب التى كانت الأكثر دموية فى تاريخ روسيا، التى يعتبر شعبها من بين أكثر الشعوب شراسة.

والدولة الثالثة العصية على الغزو والتى لن تخطر على بال أحد، وهى «أفغانستان» ولِم لا؟ فقد وصُفت هذه الدولة سابقًا بأنها «مقبرة الإمبراطوريات».. وذلك بسبب التضاريس، فهى عبارة عن وعاء صحراوى كبير تحيط به بعض أعلى القمم فى العالم، وأى جيش لا يستطيع الغزاة تدميره يمكن أن يتلاشى فى الجبال.

 وعند الحديث عن احتلال دول وغزوها وصعوبة الاحتفاظ بها، لا بد أن تكون الصين بين هذه الدول، فهل يمكن لجيش غازى أن يُقاتل أكثر من مليار شخص، حتى وإن لم يكونوا مسلحين كالأمريكان أو الروس أو غيرهما من الشعوب.

وبالتأكيد لا يمكن لشخص أن يتجاهل قوة وقدرات الصين العسكرية حاليًا، ولا مساحتها الجغرافية وتنوعها المناخى.

الدولة الخامسة هى «الهند» بالطبع، على الرغم من أنها من بين الدول التى يسهل غزوها من الناحية الجغرافية، فهى محاصرة بالجبال العالية فى الشمال (جبال الهملايا) والصحراء الجافة فى شمال غربها، والمناخ الرطب والاستوائى فى الجنوب الغربى.. لكن بالنسبة إلى الهند والهنود، البالغ عددهم أكثر من مليار نسمة، فإنه يمكن الاستفادة من طبيعة بلدهم باعتبارها شبه قارة، حيث إن جزءًا من الاستراتيجية البحرية الرئيسية للهند هو نشر ما يكفى من الغواصات فى مياهها الإقليمية لإغراق كل السفن الحربية المعادية وكذلك الطائرات المعادية.. وبعد هذا كله أتساءل: هل هناك حرب عالمية ثالثة؟.