الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بوتين يرفع سلاح «الاعتراف» وبايدن يرد بـ«العقوبات» فى الأزمة الأوكرانية.. الجميـــع خاسرون

لا يزال الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، يتبع سياسة الغموض فى تعامله مع الأزمة الأوكرانية، حيث إنه لم يعلن عن موعد إرسال قوات مسلحة لأوكرانيا، بل طالب بجعل أوكرانيا «منزوعة السلاح»، وأكد أن «من الأفضل لها» التخلى عن نيتها الانضمام إلى حلف شمال الأطلسى واختيار «الحياد».



اتسمت تصريحات المسئولين الغربيين فى اجتماع مجلس الأمن الدولى الطارئ، بخيبة أمل بعد أن غيرت روسيا المعادلة على أرض أوكرانيا رغم تصريحاتها المتكررة باستعدادها مواصلة الحوار.

خلال الاجتماع  هددت روسيا أوكرانيا بـ«عواقب شديدة الخطورة» فى حال مضت كييف فى «خطط عسكرية».

كما حمَل فاسيلى نيبينزيا، مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة، القيادة الأوكرانية المسؤولية عن تصعيد التوترات، معتبراً أن «رفض كييف القاطع» التحدث مباشرة مع قادة الانفصاليين فى دونباس كان دليلا على أن أوكرانيا «لا تعتزم الوفاء بالتزاماتها» فى اتفاق مينسك.

العقوبات

أقرت الدول الغربية دفعة أولى  من العقوبات ردًا على اعترف روسيا بالمنطقتين الانفصاليتين حيث تتواجه كييف مع الانفصاليين منذ ثمانى سنوات فى نزاع أسفر عن سقوط أكثر من 14 ألف قتيل.

وكان أبرز تدبير اتخذ فى هذا الإطار، إعلان ألمانيا تعليق خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 لنقل الغاز الروسى إلى أوروبا.وفى البيت الأبيض أعلن الرئيس الأمريكى جو بايدن «دفعة أولى» من العقوبات تهدف إلى منع موسكو من الحصول على أموال غربية لتسديد دينها السيادى.

أما الاتحاد الأوروبى فقد أقرّ حزمة من العقوبات «ستكون موجعة جدًا لروسيا»، على ما قال وزير خارجية التكتل جوزف بوريل. وأعلن رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون من جهته عقوبات تطال ثلاثة أثرياء مقربين من الكرملين وخمسة مصارف روسية.

كما أعلن رئيس الوزراء الكندى جاستن ترودو فرض عقوبات اقتصادية على روسيا، قائلًا: «سوف نحظر على الكنديين الانخراط فى شراء سندات الدين الحكومية الروسية».إلا أن هذه التدابير تبقى متواضعة مقارنة بتلك التى توعّدت بها دول الغرب روسيا إذا غزت قواتها أوكرانيا.

نتائج سياسية

حتى اليوم، يبدو أن الدبلوماسية القسرية كانت فعالة بالنسبة إلى بوتين. لقد حصل على انتباه الغرب بشكل عظيم. أجبرت مطالبات روسيا بضمانات أمنية مصحوبة بخطاب حربى وحشد عسكرى تهديدى القادة الغربيين على التواصل مع روسيا وفقاً لشروطها. وعبر الحد من إمدادات الغاز، ذكرت روسيا القادة الأوروبيين بالرافعة التى تمتلكها من خلال اعتماد أوروبا على الطاقة الروسية.

واتخذ بوتين خطوات لإعادة تأكيد وتوطيد العلاقات مع الصين من أجل ضمان دعم بكين لموسكو خلال أى أزمة مع الغرب. على مستوى التكتيك، أثبت التهديد باستخدام القوة فاعليته لبوتين مؤمناً أرضية عليا وقدرة على رفع وخفض الضغط على أوكرانيا والغرب. لكن إذا قرر بوتين الآن اجتياح الغرب، فقد يكون ذلك بمثابة خطأ استراتيجى فاضح ذى نتائج عكسية على المدى الطويل بالنسبة إلى روسيا.

عواقب سلبية

يرى السفير النيوزيلندى السابق لدى موسكو أيان هيل أن تدخل روسيا سيؤدى إلى إبعاد الشعب الأوكرانى عن روسيا وتقريبه من أوروبا. من شأن اجتياح روسى تأجيج المشاعر القومية بين 43 مليون نسمة وسيقاومه الأوكرانيون بشدة. ثانياً، سوف يعمل هذا الاجتياح على تحفيز التماسك والحس بالهدف المشترك داخل حلف الناتو، بما يعزز الروابط بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين.

وستتسبب العقوبات الغربية الواسعة النطاق بالضرر للاقتصاد الروسى وتدهور مستوى معيشة الروس العاديين الذين من غير المرجح أن يتلقوا الحرب مع أوكرانيا اليوم بالإيجابية نفسها التى تعاملوا من خلالها مع ضم القرم فى 2014. وسوف يؤدى ذلك على الأغلب إلى اعتماد أكبر لروسيا على الصين. ويسلك الاعتماد على الطاقة اتجاهين متعاكسين، بينما تحتاج أوروبا إلى الغاز الروسى، تحتاج روسيا إلى بيعه وأوروبا هى أكبر زبون لدى موسكو. إن قطع إمدادات الغاز سيمثل فى النهاية هزيمة ذاتية لروسيا. وشهدت البورصات حول العالم بما فى ذلك أوروبا وآسيا والولايات المتحدة تراجعا ملحوظا استجابة للمخاطر الجيوسياسية حول أوكرانيا، فيما ارتفعت أسعار الغاز والنفط وسط مخاوف من تعطل الإمدادات. والعواقب الاقتصادية للنزاع المحتمل فى أوكرانيا من المُرجح أن تتأثر بها المناطق الضعيفة على مستوى العالم أكثر من بقية الدول.

ويرجح خبراء أن تعمل التوترات الجارية بين روسيا وأوكرانيا على تفاقم الضغوط التضخمية العالمية، والمرتفعة بالفعل، خصوصاً إذا ما استمر ارتفاع أسعار الطاقة، والسلع الزراعية الأساسية، بسبب مخاوف الحرب. وفى هذا الصدد، حذرت مديرة صندوق النقد الدولى فى وقت سابق من احتمالية ارتفاع معدل التضخم العالمى بسبب التوترات بين روسيا وأوكرانيا.

الطاقة

شهدت أسعار خام النفط ارتفاعات قياسية خلال شهرى يناير وفبراير من العام الجارى، متخطية حاجز الـ90 دولاراً للبرميل، وهو أعلى مستوياتها فى السنوات السبع الماضية. وقد تستمر الأسعار فى الارتفاع فى ظل التصعيد العسكرى بين الجانبين. ومن المحتمل حدوث ارتفاع فجائى يصل إلى 10 دولارات فى سعر برميل النفط الخام، حال أقدمت روسيا على غزو أوكرانيا، وفقاً لبعض التقديرات.

أما على صعيد أسواق الغاز، فقد تسببت التوترات بين أوكرانيا وروسيا، فى ارتفاع متواصل لأسعار الغاز الطبيعى على المستوى العالمى، خصوصاً بالقارة الأوروبية، الأمر الذى تزامن مع نقص الإمدادات الفورية من الغاز الروسى لبلدان القارة منذ أواخر العام الماضى. وفى ضوء التطورات الجارية، يتوقع «غولدمان ساكس» أن يستمر ضيق المعروض فى أسواق الغاز الأوروبى لثلاث سنوات مقبلة، حيث ستكون له آثار ممتدة على سقف أسعار الغاز فى أوروبا والعالم.

خطر يلوح فى الأفق

وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إن الأوضاع فى أوكرانيا تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد وقالت إن الخطر الذى يلوح فى الأفق باشتعال حرب على حدود الاتحاد الأوروبى، يعنى خلق حالة جديدة من عدم اليقين بالنسبة للاقتصاد العالمى الذى تضرر بالفعل بسبب العديد من العوامل على رأسها جائحة فيروس كورونا المستجد ومعدلات التضخم وغيرها.

وأشارت الصحيفة إلى أن الكرملين وجّه القوات الروسية بدخول المناطق الانفصالية فى أوكرانيا، وبالفعل بدأت آثار تلك التحركات بالظهور، حيث هبطت أسعار الأسهم وارتفعت أسعار الطاقة. وأضافت أن وقوع معارك فعلية فى أوكرانيا من شأنه أن يؤدى إلى مزيد من الارتفاع فى أسعار الطاقة وكذلك زيادة فى أسعار الطعام، بالإضافة إلى أنه قد يتسبب فى تفاقم المخاوف من التضخم وإخافة المستثمرين، وهو مزيج من شأنه أن يهدد النمو العالمى للاقتصاد.

ولفتت الصحيفة إلى أن روسيا أيضًا تعتبر أكبر مُصدر فى العالم للقمح، وبجانب أوكرانيا، تمثل البلدان ما يقرب من ربع إجمالى الصادرات العالمية من القمح، موضحة أن أوكرانيا تُرسل أكثر من 40 % من إنتاجها من القمح والذرة إلى الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث تقبع مخاوف من تداعيات حدوث عجز فى الطعام وارتفاع فى أسعار السلع الأساسية فى تلك المناطق وما يترتب عليه. ونتيجة المخاوف من انقطاع إمدادات الحبوب بسبب التوترات الجارية، ارتفعت العقود الآجلة للقمح على المستوى العالمى بنحو 10 % منذ منتصف يناير 2022، واقتربت أسعار الذرة خلال أواخر يناير 2022 من أعلى مستوياتها منذ يونيو 2021.

المعادن

تُسيطر روسيا على إنتاج وتصدير عدد من المعادن على المستوى العالمى، ومنها: الألومنيوم، والنيكل، والبلاديوم، وقد عززت التوترات الروسية – الأوكرانية من الاتجاه الصعودى لأسعار بعض المعادن، فعلى سبيل المثال، يتم تداول الألمنيوم والنحاس، أخيراً، بالقرب من أعلى مستوياتهما فى السنوات الأخيرة.

وتزايد لجوء المستثمرين إلى الملاذات الاستثمارية الآمنة، كالذهب والدولار فى ظل تصاعد التوترات العسكرية فى شرق أوروبا. وفى هذا الصدد، وصلت أسعار الذهب خلال تعاملات فبراير لأعلى مستوى لها منذ ثلاثة أشهر وبقيمة 1869.40 دولار للأوقية، وهو اتجاه صعودى يحتمل استمراره، لا سيما حال تصاعد التوترات بين أوكرانيا وروسيا.