الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

المثلية الجنسية ناقوس خطر يستهدف مجتمعاتنا بدعوى حقوق الإنسان وحماية أممية التطبيع مع الشذوذ الجنسى باب جهنم

تزايَد فى الآونة الأخيرة  الحديث  عن حقوق المثليين وضرورة الاعتراف بوجودهم فى مجتمعاتنا؛ بل إن الأمر تعدى الكلام إلى وجود ترويج لوجود المثليين فيما بيننا، وظهر معها مواد إعلامية للترويج للمثلية الجنسية كان من أشهرها فيديو نشرته منظمة هيومن رايتس ووتش الأمريكية للترويج للمثلية الجنسية فى الدول العربية.. إضافة إلى ترويج شعار المثلية فى المباريات الدولية على ذراع مشاهير لعبة كرة القدم.. مع إصدار عدد من نماذج للمثلية عبر إيموشن بعض التطبيقات الحديثة على الهواتف الذكية.



 

وما يزيد الأمر خطورة إعلان الأمين العام بان كى مون فى كلمته أمام المنتدى الدولى بمناسبة اليوم العالمى لمناهضة كراهية المثلية الجنسية (ايداهو)، عن وجود دعم أممى للشذوذ وممارسته، وقال  «إن مكافحة كراهية المثلية الجنسية هو جزء أساسى من كفاحنا لتعزيز حقوق الإنسان للجميع».

وفى ظل هذا الترويج العالمى تطور الأمر بصدور بعض الأعمال  الدرامية  داخل مجتمعنا عبر تطبيقات الإنترنت   التى  تعرض وجود ثقافة المثلية  داخل مجتمعاتنا  أصبح هناك ضرورة لمناقشة خطورة هذا الترويج للمثلية، واستهداف قيم وشخصية مجتمعاتنا التى ترفض كل ما من شأنه يخالف الفطرة الإنسانية السوية؛ بل يخالف تعاليم الأديان السماوية. 

 ويُعد منطلق حقوق الإنسان هو الباب  الرئيسى الذى يتم من خلاله الترويج لحقوق المثلية الجنسية، وهو ما أوضحه مركز دعم البحث الإفتائى التابع للأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم؛ حيث أكد  أنه لا تزال إشكالية امتلاك الحقيقة المطلقة، وتوهُّم الصَّوابية المستمرة تُعبِّر عن أزمة الفكر الإنسانى على مَرِّ الدهور، ولعلنا اليوم نرى تجسيدًا لتلك المعضلة الفكرية فيما يخص قضايا حقوق الإنسان مطلقًا، وقضايا حقوق المثليين تحديدًا، فادِّعاء عالمية إعلان حقوق الإنسان وما تبعه إلى تلك اللحظة مثَّل نموذجًا معبرًا عمّا نشير إليه.

ووفقًا  لمركز دعم البحث الإفتائى فإن حقوق الإنسان أطلقت  وجُردت عن كلِّ سياق ثقافى أو حضارى أو دينى،  وبدأت الجهات والمؤسّسات المتبنية لمبدأ عالمية تلك الحقوق فى تنصيب نفسها حاكمًا على ممارسات المجتمعات، وتصنيفها من حيث قبول تلك الحقوق جملة واحدة، أو اعتبارها معادية ومنتهكة للحقوق الإنسانية، فأصبح كل من يرفض أو يتحفظ على ما يسمى بـ«حق المثليين» معاديًا ورافضًا لحقوق الإنسان جملة! 

 فاحشة منكرة

أمّا الأزهر وبكونه مؤسَّسة عالمية معنية بإيضاح الفهم الصحيح للدين، وتوضيح موقف الأديان من الآفات البشرية؛ فقد أكد أن هناك حملاتٍ مُمنهجَة لقُوى ومُنظمات عالميَّة بما تَمْلكه من وسائل إعلام، وبرامج ترويحيَّة وغنائيَّة، ومنصَّات إلكترونيَّة، وتوظيف لشخصيَّات شَهيرة، وغير ذلك من الأساليب؛ بهدف الترويج لفاحشة الشُّذوذ الجنسى،  وتقنين انتشارها بين الراغبين فى ممارسة هذا الانحراف فى مختلف المجتمعات حول العالم، بما فيها المجتمعات العربيَّة والإسلاميَّة.

الأمر الذى دفع الأزهر فى إصدار فتوى  تقف فى وجه تلك الكارثة الأخلاقيَّة الجديدة؛ معربًا  عن استنكاره الشَّديد لتلك الحملات غير الإنسانية، والمُخطَّطات الشيطانيَّة، وما تهدف إليه من هدم منظومة القيم الخلقية والاجتماعية لمؤسّسة الأسرة، ومَسْخ هُوِيَّة أفرادِها، والعبث بأمن المُجتمعات واستقرارها.

فيما أكد مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونيَّة رفضَه القاطع لكل محاولات ترويج الشذوذ الجنسى وما يسمى بـ«زواج المثليين»؛  لا سيَّما فى العالم الإسلامى، كما أعلن رفضه القاطع تسمية هذا الشذوذ زواجًا، فالزواج فى الأديان، بل فى عوالم الكائنات الحَيَّة؛ لا يكون إلا بين ذكر وأنثى، وفْق ضوابط مُحدَّدة.

وشدد أن الشذوذ الجنسى فاحشةٌ مُنكرةٌ، مخالِفةٌ للفطرة الإنسانية، وهادِمة للقيم الأخلاقية، وسلوكٌ عدوانى، يعتدى به فاعلُه على حقِّ الإنسانيَّة فى حفظ جِنسِها البشرى،  وميولها الطبيعية بين نوعيها، وعلى حقِّ النشء فى التربية السَّوية بين آباء وأمهات.

واعتبرت فتوى الأزهر المثلية الجنسية  بأنه سقوط فى وحْل الشهوات الهابطة التى حرَّمتها وحذَّرت من ممارستها الشرائعُ الإلهية، والأعرافُ المستقيمة، والفطرةُ الإنسانية السَّوية؛ لما يؤدى إليه هذا السلوك الهمجى اللا إنسانى من سَحْقٍ لكلِّ معانى الفضيلة والكرامة، واستجابة لغرائزَ وشهوات دون قيدٍ، أو ضابط، أو وازعٍ من ضمير.

ولفت الأزهر أنظار الشباب المسلم إلى أنَّ الشذوذ الجنسى، أو ما سموه بـ«الزواج المثلى» حرامٌ، وهو من كبائر الذنوب، وأن اللهَ تعالى قد أرسل من رُسله نبيًّا كريمًا، هو سيدنا لوط عليه السلام؛ ليخرِج قومَه من براثن هذه الفاحشة المُنكَرة، وأنها كانت سببًا فى تدمير بلدة كاملة، وهلاك أهلها؛ فقال الله سبحانه: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ}. 

وقال إن: «المتأمل فى الآيات الكريمة يقف على أوصاف القرآن لهذه الفاحشة بما يَنفى عنها صِلتها بالتَّمدُّن أو التَّحرُّرِ أو التَّنوير- على عكس ما يُروَّج له-؛ بل إن امرأة لوط عليه السلام عُدّت من أهل المعصية رُغْمَ أنها لم تفعل أفعالهم، وأصابها من العذاب ما أصابهم، حينما تقبَّلت مُنكرَهم، واعتبرته حريةً شخصية، حيث قال سيدُنا رسول الله فى هذه الفاحشة: «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ».

كما أشارت فتوى مركز الأزهر العالمى إلى أن محاولات فرض ثقافة الشذوذ الجنسى على العالم الإسلامى بدعوى قبول الآخر، وكفالة الحقوق والحريات هو من قبيل التَّلاعب بالألفاظ، والتَّنكُّرِ للدِّين والفِطْرة والقيم الإنسانية، والعودةِ إلى عهود التَّسلط الفكرى فى أزمنة الاستعمارِ وفرضِ الوصاية على الشُّعوب والأمم؛ مُشدّدًا على ضرورة احترام ثقافات الدول والمجتمعات، وأهمية تمسُّك المُجتمعات الإسلامية والعربية بهُوِيَّتها، وقِيَمِها، وتعاليم دينها الحنيف.

وقالت الفتوى: ليس كل ما تراه الكياناتُ المنحرفة عن ركب الفطرة والقيم الإنسانية قيمةً من القيم، هو كذلك فى واقع الأمر!! فقد ترى هذه الكياناتُ بعضَ السلوكيات حسنًا وهو فى ميزان الأديان، والقيم الشرقية الحضارية، فى مُنتهى السوء والقُبح.

وأخيرًا نبِّه المركز إلى أنَّ مواجهةَ هذه السُّلوكيات التى أجمعت الأديان والشَّرائع على تحريمها، وتجريم ارتكابها، وحَظْرَ موادها الإعلامية والتَّرويجية؛ كل ذلك من أوجب الواجبات الشرعيَّة على المسئولين وعلى الآباء والأمهات، ورجال التعليم والإعلام؛ لتحصين المجتمع والشباب من الوقوع فى هذا المنزلق المُدَمِّر.

 نصائح أزهرية لحماية الأجيال

ولم يكتفِ الأزهر بإصدار فتوى للتحريم فى قضية الشذوذ؛ بل  قدِّم لأولياء الأمور بعض النصائح والمقترحات التى تساعدهم على حماية أولادهم من خطر هذه الفاحشة المُنكرَة، وهى:

(1) مُتابعة أنشطة الأولاد الواقعية والإلكترونية؛ بغرض تحصينهم من رسائل ترويجِ وتقبُّلِ ودعمِ الشُّذوذِ الجنسى مدفوعةِ الأجر فى المُحتويات والأنشطة الآتية: (الألعاب الإلكترونية- تطبيقات الهواتف والأجهزة الذَّكية- الأفلام الكرتونية- المسلسلات والأفلام السِّنمائية- المواد الرائجة على مواقع التَّواصل الاجتماعى- الكتب والروايات- فعاليات دورات الألعاب الرياضية- إعلانات وملصقات البضائع والمنتجات)، وغيرها.

(2) توضيح موقف الأديان والفضائل الرافض للشذوذ الجنسى، ونشر وعى صحيح يتصدى للدعاية المُوجَّهة لهم عبر المنافذ المذكورة.

(3) شغل أوقات فراغ الأبناء بما ينفعهم من تحصيل العلوم النَّافعة، والأنشطة الرياضيَّة المُختلفة.

(4) تنمية مهارات الأبناء، وتوظيفها فيما ينفعهم، وينفع مجتمعهم، والاستفادة من إبداعاتهم، وتقديم القُدوة الصَّالحة لهم.

(5) تخيّر الرُّفقة الصَّالحة للأبناء، ومتابعتهم فى الدراسة من خلال التواصل المُستمر مع معلميهم.

(6) التَّشجيع الدَّائم للشَّباب على ما يقدمونه من أعمال إيجابية ولو كانت بسيطة من وجهة نظر الآباء، ومنحهم مساحة لتحقيق الذات، وتعزيز القدرات، وكسب الثقة.

ونبَّه إلى خَطَر المُحتويات الإباحية، ودورها فى نشر الشذوذ الجنسى،  وتفشِّى الرَّذائل والظَّواهر المُجتمعية المَشينة والمرفوضة، التى يحتاج علاجها إلى أوقات طويلة، ونيَّة صادقة، وجهود مضنية ومُتكاتفة.

وقال الأزهر إنه على شبابنا فى الدول الإسلامية أن يعلموا أن الأديان والرسالات الإلهية تشكّل حائط صدٍّ لوقايتهم من هذه الأوبئة التى تهبّ عليهم بين الحين والحين ممن لا يُقيمون أى وزنٍ لهَدْى السماء، ودعواتِ المُرسلين والأنبياء، وحِكمةِ العقلِ، ونداءاتِ الضَّميرِ.

 مخالفة لسُنن الله

د. محمد الشحات الجندى- رئيس الجامعة  المصرية للثقافة الإسلامية  بكازاخستان، وعضو مجمع البحوث الإسلامية- من جانبه يوضّح أن كثيرًا من الدول الغربية تعترف بالشذوذ الجنسى وتعتبره حقًا من حقوق الانسان ومن باب الحرية، وما يحدث هو محاولة فرض نموذج إباحى معادٍ للفطرة الإنسانية. وشدد أن قضية القبول بفكرة الشذوذ والمثلية الجنسية مخالف لسُنن الله فى كونه؛ حيث خلق من كل شىء زوجين الذكر والأنثى حتى فى عالم الحيوان فما بالنا عالم الإنسان الذى كرّمه الله وفضّله على كثير من مخلوقاته. 

وقال د. الجندى، إنه من المفروض أن يكون التزاوج بنص القرآن ونصوص جميع الأديان بين الذكر والأنثى، باعتبار أن الزواج هو أساس لبقاء الجنس البشرى واستمراره فى الدنيا، وغير ذلك يعد مخالفًا للفطرة الإنسانية. 

أضاف: إن القول بالتطبيع مع الشذوذ والقبول بتزاوج المثليين هو من إفساد الطبائع البشرية، فضلاً عن مخالفتها لجميع الأديان، وتلويث للطبيعة الإنسانية، وتدمير للحياة. 

وأوضح، أن أوروبا الآن يقال عنها إنها القارة العجوز؛ لأن الغالبية فيها من كبار السّن، والسبب فى ذلك  هو القبول  بدعوات الشذوذ والجنسية المثلية، وهذا ناقوس خطر على الحضارة الغربية  التى تتباهى بحقوق الإنسان؛ لأنها تمادت فى قضية الحقوق فانقلبت على نفسها.