الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
منتدى شباب العالم  2022ابدع انطلق.. المستقبل بيتكلم مصرى

منتدى شباب العالم 2022ابدع انطلق.. المستقبل بيتكلم مصرى

متى يسمع قادة العالم لأصوات الشباب؟ كان ذلك هو سؤال القرن بلا منازع والسبب فى حالة عدم الاستقرار والفوضى التى عمت الشرق الأوسط ودولا عديدة كان الشباب فيها يبحث عن دور وعن تغيير يقود حياته ودولته إلى الأفضل.. انتبهت الأمم المتحدة لضرورة الإجابة على ذلك السؤال ووضعت دعم الشباب كعامل مساعد فى السلام والأمن والعمل الإنسانى ضمن أولويات أهداف الألفية، وتركت لكل دولة حرية التعامل مع المبدأ العام وترجمته إلى عمل واقعى يستهدف القطاع الذى يخاطب المستقبل ويحول طاقة الشباب إلى قوة دافعة للعمل الإنمائى وصناعة السلام.



وتصدت مصر بجدية شديدة لدعوة الأمم المتحدة وحولته إلى منتدى دولى يضم كل شباب العالم سنويا فى مدينة السلام شرم الشيخ لا يكلف خزانة الدولة أى نفقات مادية بل إنه تحول إلى عنوان لتعاون الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدنى فى مصر، ومع النجاح الكبير تحول إلى المنتدى الدولى الأهم الذى تتابعه أجهزة الأمم المتحدة وتهتم بتوصياته النهائية لما تحمله من أفكار وخطط عمل تخاطب قادة العالم بمطالب الشباب.

اهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسى أعطى للمنتدى قوة دافعة للشباب المصرى ولكل مؤسسات الدولة فى التعاون لإخراج المنتدى فى أقوى صورة، ووصل الإبداع المصرى لحد مناقشة ملفات العالم المعقدة فى جو من الإبداع والانطلاق والفن والثقافة فى سيناء أقدس وأجمل بقاع الأرض، وكان نجاح النسخ السابقة سبب فى اهتمام شباب العالم بالمشاركة والتعرف على مصر وكثير من المشاركين وصلوا لمناصب عليا فى بلادهم وهى إشارة تدفع أى مراقب لتوقع أن قادة المستقبل سواء فى الشرق الأوسط أو افريقيا أو باقى دول العالم سيكون لديهم تقدير لاكتسابهم خبرات قوية وصداقات على أرض مصر، وأن لغة المستقبل ستكون مصرية.

من المهم أن نتتبع مسار الفكرة ونوثق التجربة، خاصة وأن منتدى شباب العالم أحد أهم مخرجات استراتيجية تمكين الشباب التى اتضحت معالمها مع إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى عام 2016 عامًا للشباب المصرى، وسبقها عمل البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة PLP، وقيام خريجى البرنامج بتنظيم كل الفعاليات الشبابية، ثم اختيار الرئيس بعضهم ليكونوا مساعدين للوزراء والمحافظين.

وظهر أن هناك إرادة سياسية قوية لدى الرئيس وأجهزة الدولة وربما بشكل غير مسبوق فى تاريخ مصر المعاصر لتمكين الشباب فى مختلف قطاعات الدولة.

وجاء منتدى شباب العالم ليعكس تطور المؤتمرات الوطنية للشباب التى انتظمت بدعم الرئيس السيسى بدءًا من عام 2016 وشاركت فيها كل قطاعات الشباب المصرى والمثقفين والكتاب كآلية من آليات تواصل الرئيس مع الشباب، خاصة جلسات «اسأل الرئيس» والتى يتحاور فيها الرئيس بشكل مباشر ومفتوح مع الشباب من مختلف محافظات الجمهورية، وصولًا إلى دعوته للحوار على أرض مصر بمنتدى شباب العالم فى نوفمبر 2017، وذلك بحضور كبار مسئولى الحكومة، إذ يقدمون تقارير عن تطورات الأوضاع فى وزاراتهم، ويجيبون على أسئلة الشباب المشارك. 

وخرجت هذه المؤتمرات بتوصيات عديدة جرى تنفيذها على الفور، وكانت تنطلق من قاعدة تحسين حالة حقوق الإنسان سواء المدنية والسياسية أو الاقتصادية والاجتماعية. وكان من أبرز تلك التوصيات إجراء فحص شامل ومراجعة لموقف الشباب المحبوسين على ذمة قضايا ولم تصدر بحقهم أى أحكام، بالتنسيق مع الأجهزة المعنية، وهو ما تبلور بعد ذلك فى صيغة تتالى العفو الرئاسى عن بعض المحبوسين كتطوير للسياسة العقابية المصرية.

وفى مؤتمر الإسماعيلية خرج مؤتمر الشباب بتوصية أخرى تنطلق من قاعدة الاهتمام بحقوق الإنسان بإعلان عام 2018 عامًا لذوى الإعاقة، ومكافحة الفساد عبر تكوين مجموعات رقابة داخلية لأجهزة ومؤسسات الدولة من الشباب، وإطلاق مبادرة لتجميل الميادين وتقنين أوضاع المشروعات الشبابية المتنقلة.

وفى النسخة الأولى من منتدى شباب العالم ناقش المؤتمر قضايا الإرهاب ودور الشباب فى مواجهتها والتغير المناخى والهجرة غير الشرعية واللاجئين، ومساهمة الشباب فى بناء وحفظ ‏السلام فى مناطق الصراع، وكيفية توظيف طاقات الشباب من أجل التنمية. وتطرق لرؤى الشباب لتحقيق التنمية المستدامة حول العالم، وعرض تجارب شبابية مبتكرة فى مجال ريادة الأعمال، مع مناقشة تأثير التكنولوجيا على واقع الشباب. وشهد أيضًا تنظيم نموذج محاكاة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، شارك فيه أكثر من 60 شابًا من مختلف دول العالم.

وخرج منتدى شباب العالم بتوصيات مهمة، أبرزها تكليف اللجنة المنظمة باتخاذ الإجراءات اللازمة لتحويل المنتدى إلى مركز دولى معنى بالحوار العربى الإفريقى الدولى بين شباب العالم، وتكليف وزارة الخارجية بالتنسيق مع كافة الأجهزة المعنية والأمم المتحدة بتبنى قرارات نموذج محاكاة مجلس الأمن، وتكليف اللجنة المنظمة بالتنسيق مع أجهزة ومؤسسات الدولة بانعقاد المنتدى سنويًا خلال شهر نوفمبر من كل عام بمدينة شرم الشيخ، وتكليف وزارات الثقافة والتعليم العالى والاتصالات والخارجية لإنشاء مركز التواصل الحضارى بين شباب مصر والعالم، وتكليف اللجنة المنظمة للمنتدى بإنشاء المركز الإفريقى للشباب لاستيعاب طاقات الشباب الإفريقى.

ثم جاءت توصية الرئيس السيسى بتصنيف الحق فى مكافحة الإرهاب ضمن حقوق الإنسان، وهى التوصية التى أخذت بها الأمم المتحدة وصدر بها قرار أممى يدعم جهود مصر وباقى دول العالم فى مكافحة الإرهاب، وهو ما أضفى بعدًا مهمًا، للمنتدى خاصة أنه ساهم بفاعلية فى تطوير استراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب.

احتجب المنتدى عاما كاملا بسبب فيروس كورونا وعاد من أجل صياغة شكل العالم بعدها، ويقدم لقادة العالم آراء وأفكار الشباب للخروج من مأزق ما بعد الجائحة، خاصة أن الاستماع إلى رأى الشباب والاستجابة لهم والعمل على تمكينهم  أصبحت ملمحا مهما من ملامح القيادة المصرية فى عصر الجمهورية الجديدة.

لقد جددت الدولة المصرية شرايينها بالشباب، ونجحت ثورة 30 يونيو فى إصلاح خلل استمر لسنوات طويلة داخل كيان الدولة، بتجاهل الشباب وهم النسبة الأكبر من السكان من عملية صنع القرار، وقررت الدولة التعامل بجدية مع تمكين الشباب وتدريبهم على القيادة وفق أحدث النظم العالمية، وأن يصبح صناعة الكادر السياسى عملية مستدامة مقبولة داخل دولاب العمل اليومى للدولة المصرية وهو ما انعكس إيجابيا على مستوى إنجاز مشروعاتها القومية وكذلك سرعة تعاملها مع الأزمات بالأفكار الإبداعية القادمة من خلايا التفكير الشبابية التى انتشرت داخل كل مؤسسات الدولة.

لقد توقفت الدولة المصرية عن التعامل مع الشباب على أنهم ديكور فى النظام السياسى، بل تعاملت بجدية مع الشباب وقررت استيعاب طاقته وجموحه للانطلاق والإبداع ووظفته لصالحها.

انطلقت أچندة عمل المنتدى القادم والمنتديات من قاعدة حقوق الإنسان، بشموليتها واتساعها بما يعكس اهتماما من الشباب المصرى بتلك القضايا يتقاطع معه دعم قادم من القيادة السياسية لتلك القضايا ووضعها ضمن أولويات تحرك السياسة المصرية وهى قضايا الهجرة واللاجئين، الديمقراطية وحقوق الإنسان واستقرار وتنمية أفريقيا، العولمة والهوية الثقافية، والتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعى وأثرها على السكان والذكاء الاصطناعى بالإضافة إلى قضايا السلام والأمن وآثار التغير المناخى على البشرية والحلول المطروحة لمواجهتها، وأفكار الشباب لحماية البيئة.

نجحت الدبلوماسية المصرية فى وضع توصيات المنتدى على مائدة الأمم المتحدة وقامت بعثة مصر الدائمة لدى الأمم المتحدة فى نيويورك، من خلال مشاركتها فى أعمال لجنة التنمية الاجتماعية التابعة للمجلس الاقتصادى والاجتماعى، بتضمين القرار الصادر عن الدورة الـ59 للجنة الدعم لإسهامات منتدى شباب العالم تناول قضايا الشباب على المستويين الإقليمى والدولى وقد أكد القرار على اعتماد الأمم المتحدة للتجربة المصرية فى تمكين الشباب ونجاح المنتدى فى أن يقدم أصوات الشباب للمنظمة الأممية وقادة العالم وهى شهادة نجاح دولية، واعتراف أممي بالتجربة المصرية فى تمكين الشباب وتحقيق مصر لأحد أهداف استراتيجية التنمية المستدامة 2030.

دعمت مصر عبر المنتدى أصوات الشباب فى أن تصل إلى قادة العالم تحمل اتفاقهم على لغة الحوار والسلام والتعاون بين الدول واحترام الاختلافات الثقافية والتصدى لنظرية صدام الحضارات، ولعبت مصر دورها التاريخى الخالد بأن تكون هى نقطة تلاقٍ للحضارات والثقافات المختلفة عبر حوار مفتوح بين الأجيال الجديدة لشعوب العالم.

انطلاقة المنتدى ووصوله إلى هذه الدرجة من الأهمية العالمية يقف وراءه دعم كامل من كل مؤسسات الدولة المصرية، وظهرت مؤشرات نجاحه بشكل أكبر فى تزايد طلبات المشاركة القادمة من كل أنحاء العالم، وتحمل فى طياتها رسالة تحدٍ للدعاية السوداء التى تتعرض لها مصر فى الخارج؛ إذ تمكن المنتدى من كشف الحقيقة بشكل واقعى وعملى أمام وسائل الإعلام الدولية، وأضاف قوة ناعمة جديدة إلى منظومة القوة الناعمة المصرية.

اعتمدت الدولة المصرية بشكل كامل على الشباب المصرى فى إعداد المنتدى؛ وكان رهانًا صائبًا من القيادة السياسية، فقد خرج من رحم تلك التجربة مئات الشباب المؤهل وزادت خبراته وتطورت بشكل أوسع وأكبر بعد إنشاء الأكاديمية الوطنية للتدريب؛ والتى توفر تدريبًا على خبرات الإدارة والتشغيل بشكل علمى يقارب فى مستواه مدرسة الإدارة الفرنسية التى يتخرج فيها كل كوادر الدولة الفرنسية، وكذلك المؤتمرات الوطنية للشباب التى تحولت إلى مطبخ حقيقى لصنع السياسات المصرية. 

كم هائل من الملفات والمسارات والمشاكل والحلول المعروضة على الدولة المصرية كان مطروحًا أمام الشباب ويُستمع لرأيه، ولأول مرة يشعر الشباب أنهم شركاء حقيقيون فى إدارة دولتهم؛ فقد أصبح المحافظ ونائب المحافظ والوزير ومساعدوه من الشباب، وأخيرًا ظهرت تنسيقية شباب الأحزاب لنجد الشباب نوابًا فى المجالس التشريعية.

لقد عالجت الدولة المصرية تصلب شرايين الحياة السياسية فيها بالشباب، وبدأت تظهر نخبة سياسية جديدة سواء من الموالاة أو المعارضة من الشباب المؤهل الذى يملك اطلاعًا واسعًا واحتكاكًا بالعالم وتجارب التحديث الشبابية الجارية فيه.

هذا التوجه يؤكد توجه مصر لأن تكون عنصرًا فاعلًا داخل منظومة التحديث والتنمية المستدامة التى ترعاها الأمم المتحدة عبر تجربتها فى تمكين الشباب.