الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الإعلام الذى أراده الرئيس جوابات «حراجى القط» من داخل مشروع حياة كريمة

الإعلام الذى أراده الرئيس جوابات «حراجى القط» من داخل مشروع حياة كريمة

فى الستينيات قامت مصر ببناء السد العالى كملحمة وطنية ومشروع قومى التف حوله جميع طوائف الشعب واستطاع الإعلام أن يحشد بنجاح المواطنين حول المشروع.



الإعلام هنا كان الإعلام بمفهومه الواسع الصحافة والفن والثقافة والأغنية والفيلم والرواية والشعر. 

إعلام متكامل مهمته أن يبث الأمل فى نفوس الناس وأن يجمعهم حول حلم ومستقبل سيغير حالهم وحال أولادهم ويضعهم فى مصاف الدول المتقدمة.

 

من ضمن أدوات الإعلام التى سعت لتبسيط المشروع وتقديمه للناس فى صورة بسيطة وسهلة كانت جوابات حراجى القط ملحمة عبد الرحمن الأبنودى الشعرية التى جاءت فى صورة خمس عشرة رسالة متبادلة بين حراجى القط أحد العاملين بالسد العالى وزوجته البسيطة فاطنة أحمد عبد الغفار يحكى لها فيها عن مشاهداته وانطباعاته عن أسوان وكيف أن العمل فى بناء السد العالى كان سببا فى انفتاح بصيرته على دنيا كانت مجهولة بالنسبة إليه.

يتحدث الأبنودى فى جواباته عن الغربة والتحولات الكبرى فى حياة المصريين أيام الستينيات حيث يتحول الأسطى حراجى من فلاح بسيط يعمل بالأجرة فى أراضى الغير فى بلدته الصغيرة ويركب القطار لأول مرة فى حياته إلى عامل فى مشروع السد العالى.

ويحكى حراجى عن مشاهداته وانطباعاته عن أسوان وكيف أن العمل فى بناء السد العالى كان سببا فى انفتاح بصيرته على ثقافات كانت مجهولة بالنسبة له بفضل حواراته مع المهندسين الذين يبنون السد ويحكون له قصة المؤامرة الدولية على مصر وهو بدوره ينقلها إلى زوجته. 

جوابات حراجى القط ترصد امتداد تأثير التحولات إلى أهالى العاملين فى بناء السد العالى مثل الزوجة فاطنة والتى تبدأ فى طرح الأسئلة لتعرف أكثر عن عالم السد العالى 

 الأبنودى لم يكتب سماعى بل ذهب إلى منطقة بناء السد العالى وعايش العمال وشاركهم الطعام والسمر واستمع إليهم حتى خرج بهذا العمل العظيم ولم يصدر كديوان فقط بل كشعر مسموع من خلال الراديو حتى يصل إلى معظم الناس. 

 نفس المشروع روجت له الأغانى حيث قدم الفنان عبد الحليم حافظ، أغنية من تأليف الشاعر أحمد شفيق كامل وألحان كمال الطويل تحت عنوان حكاية شعب وتقول كلماتها:

 الحكاية مش حكاية السد..

 حكاية الكفاح اللى ورا السد..

 حكايتنا إحنا.. 

حكاية شعب للزحف المقدس قام وثار..

 شعب زاحف خطوته تولع شرار.. 

شعب كافح وانكتب له الانتصار.. تسمعوا الحكاية .

وقدمت الفنانة ماجدة فيلم «الحقيقة العارية» جسدت فيه قصة حب على هامش بناء السد العالى .

الإعلام ظل يروج لمشروعات كبيرة كانت تنفذها مصر فى هذه الأثناء مثل فيلم «عروسة النيل» حيث قدم مقارنة فى إطار الدراما بين بناء مصنع وبناء الهرم بغض النظر عن أن المقارنة لا تجوز، ففى مشهد جمع بين رشدى أباظة مع لبنى عبد العزيز داخل مصنع فيات 1300 وبعد أن أخذها فى جولة داخل المصنع يسألها:

ايه رأيك هرم ولا مصنع؟

فتجيب بدلال مصنع طبعا .

والسؤال الذى يطرح نفسه لدينا عمل إنسانى عظيم مثل مشروع حياة كريمة سينقل حياة أكثر من 50 مليون مواطن مصرى من الفقر والعوز وقلة الموارد وانعدام الخدمات إلى العيش آدميين بكرامة فى مجتمع متطور.

 أليس من حق هذا العمل أن يجد من يروج له وينشر الأمل فى نفوس الناس من خلال مسلسل أو فيلم أو أغنية أو عمل وثائقى الواقع يقول لا توجد محافظة فى مصر إلا امتدت إليها يد التعمير والتحديث. 

مصر أنجزت مشروعا عظيما قضت به على فيروس سى ومشروعا عظيما آخر قضت به على قوائم انتظار الحالات الحرجة .

 ألم تكن فترة الثمانينيات عز فترة أفلام سرقة الكلى والأعضاء البشرية والتجارة بها؟  ألم يأن الأوان لنرى مثل هذه المشروعات التى تعزز من آدمية وكرامة الإنسان فى أعمال قصصية ودرامية؟.

 أليس الواقع الحالى فى الأسمرات وغيط العنب وغيرهما والقضاء على الأماكن الخطرة ونقل سكانها إلى مساكن آدمية نظيفة تنافس كمباوندات القطاع الخاص أولى بأن نوجه إليه الأنظار وأن نعيد تقديم صورة المواطن المصرى الواقعية فى أعمال فنية مختلفة.

فى 2015 قال الرئيس السيسى جملته الشهيرة يا بخت عبد الناصر بإعلامه وطبعا أهل الشر تلقفوا الجملة واختزلوا كل إنجازات إعلام الفترة الناصرية فى بيانات أحمد سعيد أثناء نكسة 67 ونسوا أو تناسوا أن إعلام عبد الناصر-وكما قال سامى شرف - قاد خِطابا تنويريا بكل ما تحمله الكلمة وأسس لحقبة خصبة من الإبداع فى شتى مجالات الآداب والعلوم والفنون، عبدالناصر هو الذى أسس الإعلام المصرى بمفهومه الحديث وبمؤسساته الكبيرة وفى تلك الفترة بظروفها السياسية والاقتصادية الصعبة لم تكن مصر دولة غنية بما يجعلها تفكر فى هذا الاتجاه لكن عبد الناصر كان يؤمن بأنه لا يمكن لأى بلد أن يقف دون لسان إعلامى وهذا فى حد ذاته عمل يستحق أن يذكره التاريخ كإنجاز.

 عبد الناصر هو الذى أسَّس صحيفة الجمهورية عام 1954 وأسَّس هيئة الاستعلامات عام 1954، وأنشأ بها قسما خاصا لترجمة أحدث الكتب الأجنبية التى تصدر فى العالم بها 20 مترجما كانوا يترجمون كتابا كل أسبوع، كما أسَّس وكالة أنباء الشرق الأوسط عام 1956 ودشن فروعا لها فى إفريقيا وأنشأ التليفزيون المصرى عام 1960.

 ولعبت الإذاعات المصرية دورا أخطر من الأسلحة ضد قوى الاستعمار ودعمت قوى المقاومة الوطنية فى البلاد العربية وفى آسيا وأمريكا الجنوبية وإفريقيا، حيث تحولت استديوهات الإذاعة المصرية فى تلك الفترة إلى غرف عمليات للمقاومة الوطنية فى هذه القارات.

حاليا بدأت مؤسسات إعلامية وطنية تعى أهمية الإعلام والفن والثقافة فى أخذ زمام المبادرة لتقديم أعمال تجسد ملاحم    وبطولات الشعب والجيش والشرطة ضد قوى الشر لكن مازلنا بحاجة إلى المزيد مازلنا بحاجة إلى ورق أكثر قوة وأكثر تفاعلا مع ما يدور فى حياتنا وما يواجه الدولة من تحديات.

الأغنية والمقال والفيلم والمسلسل والبرنامج والقصيدة يمكن أن يكون جميلا ومبدعا ومشوقا ويقبل عليه الجمهور وفى نفس الوقت يحمل رسالة وعى تساعدنا فى حربنا التى لا تتوقف مع أهل الشر.