هل تنفجر الأنبوبة فى «حكومة الببلاوى» ؟!
عبد الله بدر
أيام عصيبة يعيشها الغلابة فى مصر، وكأن أزمات الشتاء المصرية المستعصية لا تستطيع أى ثورة مهما كانت قوتها وشعبيتها التصدى لها، فكان صادما للجميع عودة أزمة الأنابيب وفى الطريق السولار والبنزين، مع تأخر التوريدات البترولية والغازية والأزمات التى تحاصر الجزائر المورد الرئيسى لنا من «البوتاجاز»، كل هذا لا يهم الغلابة، هؤلاء المطحونون فى كل العصور، فالأهم بالنسبة لهم حل أزماتهم ووقف معاناتهم خاصة أن الاشتباكات المسلحة عادت لمستودعات الأنابيب، و«السريحة» لا يغيبون عن الشارع مستغلين الفوضى والانفلات الأمنى، والأغرب أن «حكومة الببلاوى» لم تبدع فى التبرير بل قلدت الإخوان فى الادعاء بأن المحظورة سبب الأزمة بسيطرتها على توزيع الأنابيب فى بعض المناطق.. تمام نفس ما كان يقوله الإخوان وقتما كانوا فى الحكم بأن رجال الأعمال ونظام مبارك وراء الأزمات الحياتية للمصريين!
روزاليوسف تجولت بين المستودعات فى مختلف أنحاء الجمهورية لتكشف السر عن قرب، وتبحث عن الحل، وكان مثيرا أن اكتشفنا بالفعل أيدى إخوانية تزيد الأزمة تفاقما فى أماكن كثيرة حتى يضيق الناس من ثورة يونيو خاصة أن الأنبوبة اقترب سعرها من الـ 100 جنيه!
لمن يهمه الأمر هناك مصريون يتركون منازلهم من الثالثة فجرا وحتى المساء بحثا عن الأنبوبة، والتى اقترب ثمنها من 100 جنيه فى محافظات الصعيد و50 جنيها فى القاهرة و30 فى القليوبية و35 فى المنوفية!
ورغم التطمينات الرسمية بأن الأزمة ستنتهى خلال أيام، لازالت المشكلة تتفاقم واقعيا بعيدا عن التصريحات، فتباع أكبر كمية من الأنابيب إلى تجار السوق السوداء حيث يأخذها التاجر بـ 15 جنيها مقابل بيعها من 25 إلى 30 فى الأرياف ومن 30 إلى 50 فى المدن، وفى محافظات أخرى مثل أسيوط والصعيد تصل إلى 80 جنيها إلى جانب اتفاق يتم بين تجار السوق السوداء وعربات المستودع الموزعة لتلك الأنابيب لاستغلالها فى رفع الأسعار.
وكالعادة، فإن أصحاب المزارع وبالأخص مزارع الدواجن هم الزبون الأشهر المستفيد من هذه الأزمات، حيث تباع الأنبوبة إليهم بسعر 30 جنيها وأصحاب المخابز السياحية «الحرة» حيث تباع الأنبوبة إليهم بـ 35 جنيها، بالإضافة إلى المحاسيب، وطبعا الرشاوى لها مكان كبير، حيث تدفع إلى الجهات المشرفة على ذلك من مباحث التموين والمكاتب الأساسية والفرعية التابع لها المستودع.
يا وزير التموين اتق الله فى هؤلاء الغلابة.. يا وزير طهر وزارتك انزل إلى الشارع وشوف الأزمة ولا تراقب التفاح الأحمر كما فى الصور التى التقطت لكم، واستفزت الناس، وتحدث مع المواطنين وعاقب المسىء طالما أخطأ!
أغلب أصحاب المستودعات يستغلون سطوتهم فى تخويف المواطنين وإرهابهم ويرتكبون العديد من التجاوزات، ولا نقول هذا من فراغ، بل بالأدلة، فعلى سبيل المثال فى القليوبية مستودعان بإحدى القرى التابعة لمركز طوخ يغذيان أكثر من 6 قرى، صاحب الأول مستشار واسمه «م. أ»، والثانى يستغل نفوذ أقاربه فى الجهات التموينية فى القيام بالكثير من التجاوزات دون أى رقابة عليه من الجهات المختصة حيث يقومون ببيع الأنابيب للتجار والمحاسيب ويرشون مكتب التموين، والمستودع لرجل من قرية مجاورة تابعة لمركز طوخ ويحدث به مثل ما يحدث للمستودع الأول وأكثر!
روزاليوسف رصدت معاناة الناس أمام هذه المستودعات واشتعال السوق السوداء، حيث يصرخ الناس طوال الساعات التى يقفون فيها بطوابير المستودعات وعدد كبير منهم لم يذهب إلى عمله دون الحصول على أنبوبته!
وخلال جولتنا فى مراكز الدلتا اشتكى لنا الفلاحون والأهالى وأصحاب الحرف من صعوبة توفير حصصهم من اسطوانات الغاز، وقالوا لنا أن سعر الاسطوانة، وصل إلى 30 جنيها و80 جنيها فى أماكن أخرى!
«د. حسام عرفات» رئيس الشعبة العامة للموارد البترولية يحسم لنا الأمر قائلا :
أزمة أسطوانة البوتاجاز تتفاقم ولا تزال مستمرة على مستوى الجمهورية موضحا أن سعر الاسطوانة وصل إلى 50 جنيها فى بعض المحافظات، والمعروض من الاسطوانات لا يزال أقل من الاحتياجات الفعلية بنسبة 25٪، حيث لا يتجاوز المعروض حدود 800 ألف اسطوانة مما يعنى أن هناك عجزا بين المعروض والاستهلاك يصل إلى 300 ألف أسطوانة.
واشار «عرفات» إلى أن هناك تحسنا نسبيا فى خلال الساعات الأخيرة بضخ اسطوانات البوتاجاز المنزلى، حيث تراجع سعر الأسطوانة إلى 30 جنيها مقابل 35 جنيها رابطا تراجع الأسعار بزيادة المعروض خلال الأسبوع الجارى لتصل إلى مليون أسطوانة يوميا وهى معدلات الاستهلاك اليومية.
أصحاب المستودعات يستغلون علاقاتهم بعناصر من شرطة التموين للتجاوز معهم وبيع تلك الاسطوانات بالسوق السوداء للتجار لتحقيق أضعاف أرباحهم مما نتج عنه الكثير من المشاكل بين المواطنين وبعضهم البعض من ضرب وشتم وقد يصل إلى العنف والدماء!
شيماء عبد المرضى - مدرسة قالت لنا نحن أهالى بهتيم بشبرا الخيمة نعانى من تلك الأزمة وبالأخص مع دخول فصل الشتاء من كل عام وعندما نريد ملء الأنابيب يقوم الأهالى فى العمارة بجمع الأنابيب وأخذها فى «توريسكل» والذهاب بها إلى المستودع من الساعة الثالثة فجرا إلى الساعة الخامسة آخر النهار ممكن تملأ الأنابيب وممكن تعود بها مرة أخرى بدون فائدة، مشيرة إلى أنه خلال الأيام نعود بها الأخيرة فارغة، ونستسلم لتغييرها من تجار السوق السوداء بالإجبار، وهنا يتفاوت السعر حسب الطوابق فى الدور الأول 25 والثانى والثالث 35 والرابع والخامس والسادس 50 جنيها.
أما «على أحمد» من القليوبية فيقول الأولوية للتجار ثم للمقربين ويليهم البلطجية، موضحا لنا أن أكثر الأشخاص المستفيدين من ذلك هم التجار وأصحاب العربات الكارو، لأن كل عربة تأخذ أكثر من 30 أنبوبة والمستودع يقوم بإدخال هذه العربات أولا وقد تصل إلى 5 عربات، قائلا أن هذه الأنابيب ملك أفراد حاجزين قبلكم بأسبوع فنقول سمعا وطاعة ثم يقومون بأخذ الأنابيب منا وإعطائنا ميعادا للمجىء لأخذها بعد أربعة أيام وعندما نذهب إلى بيوتنا نجد أن أصحاب تلك العربات يقومون ببيع هذه الأنابيب فى القرية والقرى المجاورة بسعر مضاعف ثلاث مرات قد يصل إلى 30 جنيها وعندما نذهب إلى التموين لتوضيح الرؤية يطمئوننا ولا نأخذ منهم سوى الكلام.. ولا يقف الأمر عند هؤلاء التجار بل يمتد إلى المقربين ويتم توزيع الأنابيب عليهم ليلا بواسطة المسئول عن المستودع والخفير النظامى له أما البلطجى فله احترامه وتقديره وشيلها على الأكتاف وإعطاؤها إياه قائلين له تفضل يا سيدى وابقى سلمى لى على الحاج فلان.
«عامر أحمد» من قويسنا المنوفية يقول لنا : الفساد مازال موجودا والرشاوى تلعب دورا كبيرا فى ذلك إلى جانب برشام التيرامادول الذى أصبح يعطى إلى أصحاب المستودعات وإلى العاملين بها لتسهيل المصالح، وعدم الوقوف مثل الآخرين فى الطابور، مشيرا إلى أنه بالرغم من دخول الغاز بعض المنازل إلا أن هذه المشكلة ترجع إلى غياب الضمير وعدم الحفاظ على الأمانة، مضيفا أنه لا يجب تعميم التجاوزات والاتهامات على كل أصحاب المستودعات، فهناك أشخاص يعرفون الله بحق ويقومون بإعطاء كل مواطن حقه وهناك أشخاص آخرون هدفهم هو جمع المال لشراء العقارات والسيارات هذا كله من وراء المواطن البسيط، لذلك نناشد الجهات المختصة والمشرفة على ذلك بأن تقوم بعمل اللازم، وأن تقوم بمحاسبة المخطئ وأن يضع الجميع أمامه فالرؤساء والوزراء يوضعون الآن فى قفص الاتهام بتهم كثيرة ومنها «تهمة» الخيانة فهذا المال أمانة يجب محاسبة كل من يخون تلك الأمانة، ووضعه تحت طائلة القانون!
«عبدالرحيم فؤاد» مركز الغنايم أسيوط يقول لنا أن سعر الأنبوبة وصل عندهم إلى 80 جنيها ويرجع ذلك إلى جشع التجار وأصحاب المستودعات فهناك مستودعات تقوم بعمل اتفاق بينهم وبين التجار بتقسيم المكسب ولذلك تندر هذه الاسطوانات فى المستودعات بل تنعدم نهائيا مما ينتج عنه الكثير من المشاكل بين المواطنين قد يؤدى إلى العنف وسفك الدماء!
ولا تزال الأزمة متفاقمة حتى مثول المجلة للطبع وسط تبادل الاتهامات بين الحكومة والإخوان، وطبعا لن تحل الأزمة إلا بتدخل القوات المسلحة، ووقتها سيدعى خصوم «السيسى» أنه خلق هذه الأزمة حتى يحلها فى النهاية وتزيد شعبيته!