خالتى اللتاتة

مع طفرة التكنولوچيا الحديثة وما وفّرت من مَنصات سهّلت التخاطب والتواصُل مع العالم من حوالينا ظهَر كتيرٌ من الأفراد أو المجموعات اللى عملت لنفسها قنوات أون لاين أو استخدمت صفحات وبرامج التواصُل الاجتماعى للاتصال مع الجمهور وفجأة طلع علينا آلاف الناس المقتنعة أن عندها مقوّمات مُخاطبة الجموع أو ما يُعرَف بالـ public speaking.

ما يضحكنى ويدهشنى فى الوقت نفسه أن فى نسبة غير قليلة مش فاهمة إن الپابلك سپيكينج ده مش فضفضة ولا كلام بالحب، ده عِلْم وله مقومات ومش سَلق بيض والمصحف.

مش أى حد ينفع يصحى يكلم الجمع الغفير ويفضفض، الفضفضة حلوة مفيش كلام بس ده تعمله مع ابن خالتك أو عمّتك أو أنتيمك، أخوك أو أختك، جارك ولاّ جارتك جايز برضه أو حتى دكتورك النفسى.

بس الأمر غير القابل للمناقشة أن مش كل من هبّ ودبّ يقرر يتحفنا بخلجات نفسه صوت وصورة.

الناس يا عندها مقوّمات «الخطابة» يا معندهاش.

طبعًا الكلام مع الجمهور له تكنيك ومنهجية وممكن نكتسب بعضًا منها بالتمرين، ولكن فى أساسيات بتكون جزء من صفات الشخص المتأصلة زى الكاريزما والبديهة الحاضرة وخفة الدم، هذه الأمور بتكون جزء من الشخصية ولا تُكتَسَب من العدم فى أغلب الأحيان. لو معندكش مقوّمات الپابلك سپيكينج متغبش على المجتمع وتقعد ترتجل أرجوك. مواجهة الجمهور محتاجة ذكاء اجتماعى وتمكُّن من اللغة وموضوع شيق يكون اللى بيقدمه مُلم بجوانبه ويكون عنده قدرة عالية فى ترتيب الأفكار وتماشيها فى مُخّه مع نُطقها وعرضها صوتيًا وصورة.

إن حد يتواصل أيًا كانت الطريقة (محاضرة، حديث، مقابلة أو حتى مناسبة اجتماعية) لازم يكون عنده المقوّمات والمؤهّلات الكافية علشان يبنى بينه وبين الجمهور جسر من التواصُل الفكرى والجسدى عن طريق body language وposture سليم، فى الآخر اللى بيكلمنا ده مش قاعد على الطبلية فى دَوّار العُمدة ولا قاعد بيرغى مع خالته اللتاتة.

الكلمة المسموعة والمرئية مهمة جدًا ولها تأثير كبير على الجمهور لدرجة إن كان فى زعماء بيستعينوا بكُتّاب وفلاسفة وحكماء يكتبوا لهم بعض خطبهم علشان مدركين النقطة دى.

نهايته: إحنا عندنا مشاكل وتحديات كتير فى حياتنا، كل واحد مننا عنده دوّامات بيدخل فيها ويتشنكل من حاجة لحاجة والمسئوليات مبتخلصش وشايلين شيلة ما يعلم بيها إلا ربنا، مش عايزين يبقى عندنا ضغط وسكر وكمان أعصابنا ونفسياتنا تدّمر، إحنا محافظين على الربع الباقى من دماغنا بالعافية وخايفين يضرب ويفرقع من جنابه.

اكسبوا فينا ثواب واعملوا فينا أكبر معروف إنكم تحرمونا من طلعتكم البهية لو معندكوش مقومات الخطابة، لقد هرمنا من قنوات اليوتيوب وغرف كلوب هاوس وما فيها من غير المؤهلين، إحنا مش حِمْل مرمطة وماشيين بالعلاج.