الأحد 12 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الفراشة المائية التى لا تعرف حدودًا لأحلامها «ملك حسين»: أحلم بإحراز الميدالية الذهبية فى طوكيو

«تحويل المحنة لمنحة» دائمًا ما نقرأ هذه العبارة، ربما نشعر أحيانًا أنها كليشيه بغيض، لأن المحن لا تترك سوى الألم والوجع، حقًا تفعل ذلك بدون إنكار، ولكن هناك من لا يستسلم لها ويبحث عن طرق جديدة للاستمرار، ويتحين كل فرصة منتظرًا شروق يوم جديد ليذهب للتمرين، يسبح، يتحرر، يطفو فوق كل الآلام.



هذا ما حققته ملك الشرنوبى، بطلة مصر فى السباحة الباراليمبية التى تأهلت لدورة الألعاب البارالمبية طوكيو المقرر إقامتها فى الفترة (24 أغسطس إلى 4 سبتمبر المقبلين).

الفتاة الملهمة التى يأتى صوتها عبر سماعة الهاتف أثناء حديثنا الصحفى مُفعمًا بالحيوية والحماس والإصرار على العودة بالميدالية الذهبية من طوكيو، أُصيبت بشلل نصفى وهى عندها 10 شهور بعد تعرضها لحادثة صعبة، وكان جزءًا من علاجها بعد الحادثة هو العلاج المائى، والذى بسببه أحبت ملك السباحة، ومع تميزها انضمت لمنتخب مصر سنة 2014 ومنها بدأت تحقق البطولات.

ملك أحرزت 39 ميدالية فى البطولات المحلية و6 ميداليات فى البطولات العالمية، وفى 2018 حصلت على ثانى عالم ناشئين فى أيرلندا، وصنفت كسباحة رقم 1 عالميًا للمسافات القصيرة، حصلت على الرقم الأفريقى فى بطولة العالم فى لندن 2019، واقتنصت «ملك» الميدالية الفضية فى سلسلة بطولة العالم فى برلين فى سباق 50م صدر، فى يونيو 2021 قبل الانطلاق لطوكيو.

فى البداية.. حدثينا عن نفسك ومتى انطلقتِ لعالم السباحة؟

ــ أنا ملك حسين عبدالشافى، أبلغ من العمر 18 عامًا، أدرس بالصف الثانى من الثانوية العامة، السبب لدخولى عالم السباحة بحكم إصابتى التى تعرضت لها وعمرى 10 شهور أثناء حادث سيارة بالسعودية فترة تأدية عائلتى مناسك الحج، حيث تُوفى أبى بعد الحادث وأُصيبت أمى بنزيف بالمخ وفقدان للذكراة لعدة سنوات، بينما كانت إصابتى الشلل النصفى واستخدام الكرسى المتحرك طول حياتى. وبدأت رحلة منذ الصغر تنوعت بين العلاج الطبيعى والمائى بالمستشفيات، حتى افتتح نادى المعادى قسم سباحة البارالمبية (ذوى الإعاقة)، وفكرت أمى فى التحاقى بتمرين السباحة بالنادى فى البداية كشكل من أشكال العلاج وليس ممارسة احترافية للرياضة، وكان عمرى آنذاك 5 سنوات، أى أن العلاج الطبيعى المائى الذى كانت تذهب له الطفلة فى المستشفى أصبحت تتلقاه فى النادى.

ومتى تحولت السباحة من وسيلة علاجية إلى هواية واحتراف واقتناص بطولات؟ 

ــ بصراحة علاقتى بالسباحة لم تكن جادة، كنت أذهب فقط كطفلة تلهو وتحب المياه، ولكن الكابتن لاحظ فيما بعد قدرتى على السباحة بشكل جيد، وشجعنى للاشتراك فى بطولة الجمهورية عام 2012، والغريب أنى حصلت على الميدالية الفضية، وهو ما لم نتوقعه جميعًا (تضحك)، أظن منذ الوقت أدركت أن السباحة ستكون هدفى ورحلتى فى الحياة، وتأكدت بعد ذلك عندما التحقت بالمنتخب الوطنى للسباحة البارالمبية عام 2014، بعد 16 عامًا من التوقف لنشاط المنتخب البارالمبى! وكنت أصغر سباحة انضمت للمنتخب آنذاك وكان عمرى 11 سنة، وانضمت فيما بعد بهذا العالم الساحر للمياه من بطولة لأخرى.

ولكن كيف استقبلتِ فكرة وصولك للمشاركة فى بارالمبياد طوكيو 2021 فى السباحة 100 متر صدر؟

ـ (بحماس شديد ) البارالمبياد هى هدفى من أول يوم عرفت وتأكدت أنى هكمل فى السباحة، هى أهم بطولة رياضية فى العالم، وطالما هذا الحلم تحقق وأصبح حقيقة الآن «أنا مش عايزة حاجة تانية من الدنيا»، سعيدة وفخورة جدًا بهذه المشاركة، وأحلم بالعودة بالميدالية الذهبية.

كيف كان الطريق لوصولك للبارالمبياد (بطولة العالم للأولمبياد لذوى الإعاقة)؟

ــ صعب  للغاية، ولم أصنع هذا النجاح بمفردى، ولكن بدعم وتشجيع كل من حولى بدءًا من أمى، التى علمتنى المثابرة والصبر، وعدم اليأس، حرصها على الاستيقاظ مبكرًا معى لتوصيلى للتمرين يوميًا، تدريبات السباحة من أصعب الرياضات، فالتمرين يوميًا يكون مبكرًا جدًا من 5 إلى 7 صباحًا، بالإضافة إلى تمرينات اللياقة ثلاث مرات أسبوعيًّا، بجانب تشجيع المُدرب ودعمه الدائم فى التمرين.

هل كان التأجيل عامًا كاملًا للأولمبياد بسبب وباء الكورونا إيجابيًّا أم سلبيًّا فى الاستعداد للبطولة؟

فى الحقيقة التأجيل كان سيئًا وعطّل التدريبات بقوة، تسببت الإجراءات الاحترازية العام الماضى بغلق حمامات السباحة، ولما يقرب من العام لم نلمس المياه ونتدرب، صحيح حاولنا التغلب على عدم التمرين المائى بتمارين اللياقة، ولكن لا تعوض إطلاقًا السباحة بالإضافة إلى توقف البطولات الدولية وعدم السفر، واكتساب خبرات جديدة من المنافسات، وهو ما أثر بشدة على أرقامنا التى وصلنا لها وحققناها من خلال التحضير للأولمبياد قبل 4 سنوات، ولكن بعد عودة الحياة نوعًا ما لطبيعتها مع بداية العام الجارى، نجحنا بالتدريب المكثف فى تعويض التأثير السلبى للعام الماضى، وبالتدريج استعدنا الأرقام التى فقدناها إلى حد كبير، ونجحت اللجنة البارالمبية فى توفير السفر للمشاركة فى سلسلة بطولة العالم فى برلين فى سباق 50م صدر، فى يونيو الماضى، التى حصلت فيها على الميدالية الفضية، كآخر بطولة قبل ميعاد انطلاق بطولة الألعاب البارالمبية بطوكيو فى الفترة من (24 أغسطس إلى 4 سبتمبر المقبل).

ما التحديات التى تواجه السبَاحين البارالمبيك؟

احتياجنا الشديد كرياضيين للسفر واستمرار المشاركة فى بطولات دولية، فهى مهمة للتمرين وتبادل الخبرات، ولكن اللجنة البارالمبية للسباحة لا تستطيع توفير ذلك باستمرار نظرًا لضعف الميزانية المتوافرة. وتواجهنا تحديات لوجيستية كسباحين/ سباحات بارلمبيك هو عدم الجاهزية لوجودنا بدءًا من غياب شارع ممهد يوجد به منحدرات (ramp) لذوى الإعاقة، وصولاً لمكان التدريب فى حمامات السباحة باستاد القاهرة، فنحن بحاجة لشخص يساعدنا فى كل خطوة منذ دخولنا من بوابة الاستاد وصوًلا لنزولنا وصعودنا من حمام السباحة؟! وهذا غير مريح على الإطلاق؟! ومرهق لنا ولمن حولنا أيضًا. أقارن هذا الوضع بما أشاهده من تجهيزات فى الدول الأخرى ومنها البطولة الأخيرة التى شاركت فيها بألمانيا، منذ نزولنا من الفندق لسنا بحاجة لمعاونة أى شخص، هناك احترام لذوى الإعاقة، فالشوارع والمواصلات وصولًا لحمامات السباحة وأماكن التدريب كلها مجهزة. أتمنى أن يتم سماع صوتنا وتوفير أبسط حقوقنا وإزاحة هذه العراقيل، أشعر كثيرًا باستنزاف طاقتى فى هذه المشكلات التى يمكن حلها ببساطة. 

هل تحدثنى ملك عن أصعب بطولة خلال السنوات الماضية واجهتك؟

كل بطولة تحدٍ، أبذل كل جهدى للاستعداد والتحضير الجيد لها، ويكون حلمى الفوز بميدالية وتقديم أداءٍ مشرف وجيد، وتجاوز كل بطولة يجعلنى أكثر طيرانًا وتحليقًا وحماسًا لاستقبال بطولة أخرى وإنجاز تحدٍ جديد.

كيف أثرتِ السباحة على حياتك الشخصية وتقبلك للإعاقة؟

السباحة هى السبب أن يكون لحياتى هدف وأنتظر بحماس وشغف اليوم الجديد للذهاب للتمرين، السباحة علمتنى أنه ليس هناك مستحيل أو يأس أو إحباط، أعطتنى ثقة كبيرة فى شخصيتى، وأن أى شخص لديه هدف يؤمن به، سينجح فى الوصول مهما كانت الطرق مغلقة أو غير ممهدة، لأنه سيظل فى البحث والسعى عن طرق جديدة. 

ما الذى تتطلعين إليه بعد طوكيو؟

أحلم بالعودة بالذهبية من طوكيو، وإنهاء دراستى للثانوية العامة والحصول على مجموع يؤهلنى للالتحاق بكلية الهندسة.