
كريمة سويدان
أنا وقـلمى.. مصر وجيبوتى
لم أعد أتعجب من سفريات ورحلات الرئيس عبد الفتاح السيسى لبعض دول العالم المفاجئة، وذلك لثقتى التامة فى رجاحة عقل قيادتنا السياسية الرشيدة، ولكن عندما فاجأنا الرئيس بزيارته الأخيرة لجيبوتى، وفى هذا التوقيت بالذات، تساءل الكثيرون عن مغزى هذه الزيارة، وانتشر العديد من الشائعات والتحليلات، خاصة أن الرئيس السيسى هو الرئيس المصرى الوحيد الذى قام بزيارة جمهورية جيبوتى منذ عام «1977»، حيث كانت مصر فى طليعة الدول التى افتتحت سفارة لها فى جيبوتى، وللتاريخ كانت جيبوتى تسمى قديمًا باسم «أرض عفار وعيسى»، وأصبحت تحمل اسم جيبوتى بعد استقلالها عن فرنسا عام «1977»، وانضمت لجامعة الدول العربية بعد الاستقلال بشهرين، كما أنها عضو فى الأمم المتحدة ومعظم المنظمات الدولية الرئيسية مثل البنك الدولى، وصندوق النقد الدولى، وبنك التنمية الإسلامى.
كما أن جيبوتى تعتبر من الدول ذات الموقع الاستراتيجى فى القارة الأفريقية، حيث إنها تقع على الشاطئ الغربى لمضيق «باب المندب» الذى يُعتبر الشريان الحيوى والمدخل الرئيسى لقناة السويس، وبدونه لن يكون هناك قناة، وتحدها من الشمال إريتريا، ومن الغرب والجنوب إثيوبيا والصومال من الجنوب الشرقى، فيما تطل شرقًا على البحر الأحمر وخليج عدن، ولأهمية هذا الموقع الاستراتيجى - خاصة أنها من المحاور الأساسية لأمن مصر المائى- تعالت فى الآونة الأخيرة أصوات تنادى بضرورة إقامة مصر قاعدة عسكرية بجيبوتى، لحماية أمنها القومى، حيث تعتبر جيبوتى مركزًا للقواعد العسكرية لكل من أمريكا والصين وفرنسا واليابان والسعودية، وإذا أضفنا للتحليل السابق أنه تم -فى إبريل الماضى- انتخاب الرئيس الجيبوتى الحالى، والمنتهية ولايته «إسماعيل عمر جيلة» لولاية خامسة بعد حكم دام «22» عامًا ، وزيارة الرئيس الجيبوتى لمصر منذ أربع سنوات، نستطيع معرفة مدى تميز العلاقات بين مصر وجيبوتى ابتداءً بالمستوى الرئاسى فى القمة مرورًا بكل المستويات، وأيًا كانت نتيجة هذه الزيارة المهمة، وأيًا كانت ردود الأفعال العالمية والإقليمية عليها، فنحن على يقين من أن زيارات الرئيس السيسى إلى إفريقيا تؤكد العديد من المعطيات التى تُرسخ معالم سياسة مصر تجاه إفريقيا، ما بين ثوابت يفرضها موقع مصر جغرافيًا ووقائع التاريخ، وبين مستجدات تستوجبها حقائق الواقع ورغبة مصر فى استعادة دورها ومكانتها اللذين ترسخا منذ ثورة يوليو «1952».. وتحيا مصر.