الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الأستاذ.. مزيكا

بلا شَكّ يُعَد الفنانُ «سمير غانم» واحدًا من أهم الممثلين الكوميديين فى التاريخ الفنّى العربى، إن لم يكن أهمهم، ولكنه أيضًا يُعتبر من ضمن قلائل استطاعوا تقديم الأغانى بشكل أكثر من رائع، مع «إسماعيل يس»، و«عبد المنعم مدبولى» اللذين لديهما تجربة غنائية شديدة التميز.



البداية كانت من خلال فرقة «ثلاثى أضواء المسرح» مع «الضيف أحمد» و«چورچ سيدهم» فى بداية ستينيات القرن العشرين، وبمتابعة كل الأعمال الغنائية لهذه الفرقة مع الوضع فى الاعتبار الفترة الزمنية التى شهدت نشاطهم الفنّى، وبالمقارنة مع طريقة الغناء السائدة والمسيطرة على الساحة فى نفس التوقيت، سنجد أننا أمام فريق «متمرّد» بكل ما تحمله الكلمة من معنَى!

ورُغم أن الفريق لم يكن يقوم بكتابة كلماته وألحانه بنفسه كما هو الحال دائمًا مع أغلب الفرق الغنائية فى مختلف دول العالم؛ حيث كنا نرى أسماءً لامعة تعمل على صناعة أغانيهم مثل الموسيقار «محمد الموجى»، وموسيقار الأجيال «محمد عبدالوهاب»، بالإضافة إلى «چورچ» و«سمير» طبعًا، ولكن رُغم كل هذا التنوّع حافَظ الفريق على شخصية غنائية واحدة متميزة، وهذه المعادلة يصعب تحقيقها؛ لأن ما كانوا يقدّمونه من أغنيات يستحيل تقديمها بأصوات فنانين آخرين.

إذا كنا نتحدث عن بدايات ستينيات القرن العشرين فمن المؤكد أن السائد فى هذه الفترة هو الغناء العاطفى؛ بل إنه لا يزال مسيطرًا على الساحة الغنائية حتى الآن، والتمرّد الذى تحدّثنا عنه فى السطور السابقة، نستطيع أن نستدل عليه من خلال الموضوعات التى ناقشها «الثلاثى» فى أغنياته، مثل الغناء للأسماك مثلاً فى (جمبرى مشوى)، مع العلم أن الغناء للسّمَك واستخدام أنواعه فى الغَزَل أصبح «موضة» الآن فى الكثير من أغانى المهرجانات.

وكذلك أغانى النقد الاجتماعى التى ناقشها «الثلاثى» فى الكثير من أعماله، مثل «بص شوف مين» عن «المعاكسات»، وأغنية «لو كانوا سألونا» وهى بطبعية الحال متمرّدة على الكثير من الأوضاع مثل «الزيادة السكانية، وعمالة الأطفال فى أعمال غير مشروعة»، وبعيدًا عن مضمون الكلمات، فـ«الثلاثى» كان متأثرًا بشكل كبير بأغانى فريق الروك الشهير «The Beatles»، وهذا التأثر يظهر بوضوح فى أغنية (Can>t Buy Me Love) التى تمر تمصيرها من خلال «ثلاثى أضواء المسرح» فى «كيوبيد للبيع» الذى عُرض فى فيلم (شاطئ المرح)، وبمجرد سماعنا للأشكال الغنائية والتناوُل الموسيقى لتوزيعات الألحان للأغانى السائدة فى هذا التوقيت ومقارنتها بـ «كيوبيد للبيع» وشكل موسيقى الروك سندرك مدَى التمرد الذى كان يحمله هذا الثلاثى.

بعد وفاة «الضيف أحمد» واستمرار التعاون الثنائى بين «سمير غانم» و«چورچ  سيدهم»، سنجد أن «سمير» هو الذى استمر بمفرده فى تقديم الأغنيات، وهو ما يعطى لنا دلالة أنه هو العقل المدبّر لأغنيات «الثلاثى»؛ لأن المنهج نفسه استمر فى أغنياته التى قدّمها بشكل منفرد، فإذا كنا تَحدّثنا عن تمصير الأغانى الشهيرة، فالأمر نفسه تكرّر مع «سمير» فى أعمال كثيرة نذكر منها «مانا مانا»، وهى النسخة المصرية من «Mahna Mahna»؛ بل إن «سمير» كتب ولحّن أغنية كاملة بهوية موسيقية يونانية من حيث طريقة الغناء والألحان والتوزيع بالاستعانة بفرق «الحياة»، بكلمات ليس لها أى معنى مفهوم بشكل كوميدى، وهو ما يؤكد لنا ثقافته الموسيقية واطلاعه على الجديد فى كل بقاع العالم، وأنه ليس ممثلاً كوميديّا فقط، والدليل على ذلك فى استعراض «احنا احنا» الذى قدم فيه ميدلى أشهَر الأغانى العربية فى الفترة من نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات، ولكن بهوية «سمير غانم» وبشخصيته هو، ولم نشعر بأنه يقلد أى مُغنٍ من المُغنين الأصليين أصحاب الأغانى الموجودة فى الميدلى.