الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
فى البلد قائد عظيم

فى البلد قائد عظيم

مصر هى السند.. كيف دفعت مواقف السيسى المعارضة للاصطفاف الوطنى؟



أبعاد ما يجرى فى الأرض المحتلة.. القضية عادت عربية لا إخوانية ولا إيرانية!

المنتدى الاستخبارى العربى.. المهمة إنقاذ استقرار منطقة؟

 

قبل أن يكسر الرئيس السيسى حاجز الصمت ويعلن عن مبادرة دعم وإعمار غزة وهى المبادرة التى تشكل عزفا جديدا للدولة المصرية فى إقليمها.. ومنذ اندلاع المواجهات فى القدس بعد قيام السُّلطات الإسرائيلية بمحاولة طرد سكان حى الشيخ جرّاح وقبل أن يشتعل الموقف فى قطاع غزة ومختلف الأراضى الفلسطينية المحتلة وتنتقل شرارة الغضب إلى الشعوب العربية والقاهرة لا تنام.. أيام من العمل الشاق على مدار الساعة تسابق الدولة المصرية الزمن من أجل إنقاذ أرواح الأبرياء فى الأراضى المحتلة الفلسطينية؛ بل إنقاذ الشرق الأوسط من جحيم شامل للفوضى تستعد له بعض الأطراف الإقليمية وتنتظره وتريده.

غاب ضمير العالم.. ضمير العالم جبان.. وهى الجملة التى ذكرتنى بها الأستاذة الكبيرة الكاتبة الصحفية تحية عبدالوهاب، وهى الجملة المستمَدة من نار كلمات الأسطورة صلاح جاهين بعد مذبحة بحر البقر.. نعم ضمير العالم جبان أمام عمليات قتل ودمار ويعجز مجلس الأمن المرّة تلو المرّة عن اتخاذ قرار يحفظ السلم والأمن فى صلب القضية المركزية للشرق الأوسط.. برهن مجلس الأمن على عجزه بأنه نادٍ للإرادات الخمسة الكبار أصحاب المقاعد الدائمة ليؤكد صحة وسلامة الرؤية المصرية التى تطالب بإصلاح مجلس الأمن وتوسعة نطاق عضويته الدائمة.

منذ اللحظة الأولى بدأت القاهرة اتصالاتها مع مختلف الأطراف الدولية؛ خصوصًا الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا من أجل الضغط على إسرائيل للقبول بالتهدئة وأنه لا مجال للتهدئة إلا بوقف العنف والقتل فورًا وإتاحة المجال لإدخال المساعدات الإنسانية والطبية لنجدة الفلسطينيين العُزل.. وتعنتت إسرائيل ولا تزال.

ترى الولايات المتحدة أن إسرائيل فى حالة دفاع عن النفس وبدلاً من إدانة سياسة الاستيطان التى كانت السبب المباشر فى تفجّر الموقف اكتفت بالقول بأنها طلبت من السُّلطات الإسرائيلية معاملة سكان حى الشيخ جرّاح باحترام!.. حسنًا اخرج من منزلك وأرضك من فضلك؟ هل هذه هى صيغة الاحترام؟! مَن يقبل بهذا، بأى عقل وأى منطق وأى ضمير يمرر هذا؟!!.

فى أحداث جورج فلويد التى أشعلت الغضب فى الولايات المتحدة العام الماضى.. كانت الجملة التى أصبحت أيقونة فيما بعد.. تلك التى صرخ بها الضحية «لا أستطيع أن أتنفس»، حسنًا إذا كانت هذه اللغة لنقُل إن أهلنا فى فلسطين لا يستطيعون التنفس منذ اغتصاب أرضهم عام 48 واحتلال ما أقرّه قرار التقسيم فى 5 يونيو 1967 والتهام المستوطنات الأراضى التى من الممكن التفاوض عليها إذا ما وصلنا لمرحلة السلام.

ولكن فى طيات المحن.. تأتى المنح.. ومحنة الدمار والدماء فى فلسطين وأرضها المحتلة ظهرت معها شواهد لا يمكن أن تمر أمام كل منتبه مرور الكرام؛ بل تستوقفه، وهو ما سنحاول رصده فى السطور التالية:

 

 

 

أولاً: مصر هى السَّنَد وفى البلد قائد عظيم 

ختم الجزء الثانى من مَلحمة (الاختيار) الدرامية بأغنية قالت فى «البلد قائد عظيم واتقوا شر الحليم»، ومع كل تصريح أو تحرُّك من قِبَل الرئيس «السيسى» تجاه ما يجرى فى الأرض المحتلة تجد هذه الجملة تتردد فى سمعك.. وهو بالفعل قائد عظيم رُزقت به مصر ليكون سَنَدًا لها وللأمّة.. الرئيس «عبدالفتاح السيسى» الذى أعاد بناء مصر فى بضع سنين ومع كل بناء فى مصر تحصن الأمّة العربية؛ لأن مصر هى السَّنَد.. هذه هى الحقيقة التى لا ينكرها إلا حاقد أو جاهل أو غافل مصر القوية التى استعادت عنفوانها كانت ولا تزال هى السَّنَد الذى حفظ أهلنا فى ليبيا.. مصر القوية هى التى تقف فى كتف السودان الآن، بينما تُكتب هذه السطور لكى يدعمه العالم على تجاوز تحدياته.. مصر القوية التى خرج زعيمُها منذ اللحظة الأولى موجهًا ومحذرًا مما يجرى فى فلسطين وتبعاته على المنطقة كلها.. مصر القوية التى فتحت مستشفياتها لعلاج المصابين والجرحى ويتم دخولهم من مَعبر رفح الذى اتخذ قرارًا بفتحه لأننا لن نترك الدماء تنزف.. مصر القوية التى خرج برلمانها منذ اليوم الأول مُعبرًا عن روح الشعب المصرى المساند للقضية الفلسطينية.. مصر القوية التى تتحرك شرقًا وغربًا وشمالاً وجنوبًا لتدير مشهدًا إقليميّا بالغ التعقيد.. مصر القوية التى كانت ولا تزال تسبق الجميع بالرؤية وبُعد النظر لأنها جاءت ثم جاء الإقليم.

مواقف الرئيس «السيسى» دفعت أكثر المعارضين له للاصطفاف الوطنى.. كُثرٌ ممن معروف انتماؤهم السياسى والأيديولوچى المعارض أعلنوا صراحة أنهم فى خندق واحد مع الدولة المصرية فى معالجتها لما يجرى على الأراضى الفلسطينية، وكذلك فى تقديراتها بالنسبة لملف مياه النيل.

وهذا بُعدٌ مُهم.. أن مصر متوحّدة.. وهى رسالة تزعج كل أعداء هذا البلد.. نختلف فى أفكار أو أطروحات أو حتى سياسات؛ لكن لا خلاف على مصر ومصالحها، ولحظة المصير الكل فى خندق واحد خلف الدولة والقيادة السياسية.. ولكن هل كانت تستطيع مصر أن تباشر هذا الدور لولا امتلاكها القدرة؟

وهذا السؤال أوجّهه للمعارضة التى ترحب الآن بالمواقف المصرية.. إذا كانت مصر ضعيفة مَن ذا الذى سيحسب لها حسابًا؟.. أليس هذا السلاح الذى كنتم تهاجمون كل قطعة نحصل عليها وتقولون بدلاً منه كنا نفعل كذا وكذا؟.. أليست هذه هى التنمية التى استوعبت معدلات البطالة المرتفعة وغيّرت نمط الحياة فى العاصمة وأسهمت فى ارتفاع جودة الحياة؟ ألم تهاجموها وتقولوا إن الناس لن تأكل كبارى وطرُقًا؟ ألم تهاجموا كل خطوة تحديث لهذا الوطن؟!

الكل مكتمل ومقام مصر الراهن تَحقق بجهد وعرَق وتضحية ودماء شهداء.. فى معركة تارة كنتم مع الخصوم وتارة أخرى كنتم على الحياد.. والآن وأنتم ترحبون بمواقف مصر السياسية عليكم أن تدركوا كيف تحقق هذا البناء المصرى وأن تراجعوا أنفسكم.. المراجعة الفكرية والسياسية ليست نقيصة؛ بل هى من تمام العقل والنضج لا يرفضها إلا مُتكبر أو صاحب غرض.

 

 

 

 

 ثانيًا: أهمية المنتدى الاستخبارى العربى

 مصر تَعرف إقليمها أكثر من غيرها.. مصر تَعرف مدَى الدمار الذى لحق بمنظومة الأمن الإقليمى العربى على مدار العقد الماضى.. وبالتالى لم يكن مفاجئًا أن يكون مشروع ثورة 30 يونيو هو دعم الدولة الوطنية فى المنطقة.. مصر لا تدعم أطرافًا أو تتدخل فى صراعات.. مصر تحفظ بقاء كيان الدولة فى منطقتها وتعزّزه.. ولهذا كانت مصر حاضرةً فى ليبيا وداعمةً لتونس ومعاونةً للعراق وحاضرةً مع الأردن وسندًا للسودان وفلسطين وعُمقًا للخليج العربى ودُوَله.

هذه الرؤية ما كان لها أن تتحقق وتُترجَم إلى فعل على الأرض فى منطقة انتزع الإرهاب مساحات من سيادتها ليؤسّس عليها مَوطنًا ويرفع عَلمًا إلّا بتنسيق عربى رفيع المستوى ومتطور.. ولكن كيف يأتى التنسيق فى هذا الوضع العربى الهَش؟ آخذًا فى الاعتبار أن العرب يجتمعون لسنوات دون التوصل إلى صيغة فى توحيد المصطلحات العسكرية وهو أحد معوقات تطبيق معاهدة الدفاع العربى المشترك.

من هنا تظهر حيوية وأهمية المنتدَى الاستخبارى العربى.. الذى جعلت منه مصر واقعًا حاضرًا.. وظهرت فعاليته فى الأشهُر الماضية وأصبح النواة الصلبة التى تحفظ الأمن القومى العربى من خلال تبادُل الأفكار والرّؤَى والمعلومات بين رؤساء أجهزة الاستخبارات العربية، وهو ما سمح بتضييق الخناق على البؤر الإرهابية فى المنطقة وتضييق أكثر أهمية فى المساحات الرمادية لبعض الأطراف الإقليمية، وهو ما انعكس على ملف العلاقات «العربية- العربية» بشكل عام، والذى يُعد الربع الأول من العام 2021 هو الأفضل بالنسبة له منذ سنوات طويلة.

الغلبة لمَن يملك المعلومة.. ولهذا مصر حاضرة بعنفوانها فى مختلف الملفات الإقليمية، أضف إلى ذلك نسق السياسة الخارجية المصرية التى أسّس لها الرئيس «عبدالفتاح السيسى» منذ اللحظة الأولى لتوليه المسئولية، وهى سياسة تجد سَنَدها فى محددات الأمن القومى المصرى بمفهومه الشامل وتعتمد على استقلال القرار السياسى الوطنى، ولم تتورط يد مصر بالدم العربى ولم تمتد يد مصر لأى شقيق عربى إلا بالخير والمساعدة.. ولم ترد مصر على الإساءة، وعندما تأتى الفرصة لإصلاح ذات البين تترفع وتدعم المصلحة العربية الكبرى؛ لأنها مصر.. ولأنها تتبع سياسة خارجية شريفة فى زمن عَزّ فيه الشرف.

وفيما يخص الوضع فى فلسطين بذلت مصر جهودًا مضنية خلال الأشهُر الماضية من أجل إعادة البناء السياسى الفلسطينى الداخلى، وهى الجهود التى يتولاها جهاز المخابرات العامّة وتهدف إلى رأب الصدع «الفلسطينى- الفلسطينى» وأن تتم الانتخابات الرئاسية والتشريعية الفلسطينية تمهيدًا للدخول فى مفاوضات جادة تحفظ الحقوق الفلسطينية وثوابت القضية الفلسطينية التى تعرّضت لاهتزاز كبير خلال الخمسة عشر عامًا الماضية منذ وقوع الانقسام الفلسطينى، وهو المدخل الذى سمح لبعض الأطراف الإقليمية بتوظيف القضية لحساب أچندته السياسية، ومع هذا التوظيف ومع ما جرَى من تفاعلات الفوضى بعد ما سُمّى كذبًا بالربيع العربى انفض الدعم الشعبى وتراجعت أولوية الاهتمام العربى بالقضية؛ بل إن الدوائر الشعبية باتت تُصنف القضية نفسها على كونها قضية إخوانية بعد متاجرة الإسلام السياسى بها، والبعض الآخر بات يحسبها على أذرُع إيران الإقليمية.. ولكن جاء الحضور المصرى فى المشهد ليؤكد تحرُّر القضية من كل المتاجرين وأن القضية عربية لها ثوابت وهى الحق الفلسطينى.. وهذه الثوابت التى يتضمنها الخطاب السياسى المصرى دائمًا من قِبَل الرئيس «عبدالفتاح السيسى» وآخرها خلال زيارته لباريس ومباحثاته مع الرئيس «إيمانويل ماكرون»، وهى أن للفلسطينيين حَقًا فى دولة مستقلة على حدود ما قبل الرابع من يونيو عام 1967.