الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بسبب صلاة التراويح "كورونا لا تفرق بين رجل وامرأة!" نساء يرفعن شعار "الجامع حقى"!

يصيب فيروس كورونا المستجد الناس على اختلاف مشاربهم وأعمارهم وأجناسهم وطبقاتهم، من رؤساء الوزراء إلى قائدى الحافلات.. لا يُفرّق الفيروس بين شخص وآخر أو رجل وأمراة، فالجميع يكابد آلام هذا الفيروس.



غير أن تأثير الفيروس وانتشاره- من وجهة نظر ذكورية- قد يبدو متفاوتًا على حسب جنس الشخص رجلاً كان أمْ امرأة، وهذا فقط ما يبرر منع النساء مؤخرًا من أداء صلاة التراويح فى المساجد خلال شهر رمضان الفضيل، خشية تفشى فيروس كورونا المستجد!

 تكريس التمييز

فما أصدرته وزارة الأوقاف مؤخرًا بالسماح للرجال بصلاة التراويح فى المساجد مع فتح ثلاثة مساجد فقط على مستوى الجمهورية للنساء خشية تفشى الوباء، قرار من شأنه تكريس التمييز ضد المرأة حتى فيما يخص أداء الفروض والعبادات، علمًا بأن الدين لا يُحرم المرأة الصلاة فى المسجد مصداقًا لقول النبى صلى الله عليه وسلم: (إِذَا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمْ امْرَأَتُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلا يَمْنَعْهَا)، وفى رواية أخرى: (لا تَمْنَعُوا إِمَاءَ الله مَسَاجِدَ الله)، أمّا من الناحية الطبية فـ «الفيروس لا يُفَرّق بين رجل وامرأة»!

وهذا ما دفع مجموعة من السيدات رفع شعار: «الجامع حقى» والمطالبة بجعله هاشتاج جماعيّا على وسائل التواصل الاجتماعى، ردّا على إعلان معظم المساجد على مستوى الجمهورية عدم فتح مُصَلى السيدات خلال شهر رمضان، فى ظل اشتراط وزارة الأوقاف أن تكون بالمساجد واعظات تابعات للوزارة.

حيث أعلن د.«محمد مختار جمعة» وزير الأوقاف أن صلاة التراويح ستقام فى المساجد خلال شهر رمضان، وفق الضوابط والإجراءات الاحترازية التى تم إعلانها، لافتًا إلى أنّ مدة صلاة التراويح لن تتجاوز نصف الساعة هذا العام، وسيتم فتح المسجد قبل صلاة التراويح بعشر دقائق وإغلاقه بعد انتهاء الصلاة بـ10 دقائق.

 أمّا فيما يخص النساء؛ فقد أعلن الوزير أنه سيتم السماح لهن بأداء صلاة التراويح بالمساجد بشرط وجود واعظة أو مُحَفظة للإشراف على مُصَلى السيدات، وتنظيم الصلاة ومراعاة التباعد الاجتماعى، وتنفيذ الضوابط والتعليمات التى وضعتها الوزارة.

أثار شرط الوزير بضرورة وجود واعظات لفتح المساجد أمام النساء للصلاة كثيرًا من الدهشة؛ خصوصًا أنه قد لا يتوافر وجود الوعظات إلا فى ثلاثة مساجد فقط- فى محافظة القاهرة- على حسب تأكيد الوزارة نفسها.

وكانت الأسئلة حائرة: هل فيروس كورونا يصيب النساء أكثر من الرجال؟ هل تخاف الأوقاف على النساء أكثر من تخوّفها على الرجال؟ أمْ أن النساء يمكن القدرة عليهن وإسكاتهن بحجة أن صلاة المرأة فى المسجد ليست فرضًا؟

 شرط تعجيزى

غضب العديد من السيدات اللاتى اعتدن أداء صلاة التراويح فى المساجد كل عام، بسبب منعهن من الصلاة فى المساجد، تُرجم إلى حملة على جروبات التواصل الاجتماعى استنكرن فيها قصر صلاة التراويح فى المساجد على الرجال فقط، وأكدن على أن اشتراط وزارة الأوقاف وجود واعظة أو محفظة بالمسجد هو شرط تعجيزى فى ظل عدم وجود عدد كافٍ من الواعظات أو الداعيات لتنظيم عملية الصلاة داخل مصلى السيدات على مستوى محافظات الجمهورية، مما جعل معظم المساجد تحظر فتح المُصَليات للنساء خلال شهر رمضان. 

 المرأة ليست ناقلاً للفيروس

ووصفت بعض النساء قرار استثنائهن من الصلاة فى المسجد خشية تفشى الوباء، بأنه شكل من أشكال التمييز الدينى الذى يتنافى مع الشرع وحقوق المواطنة، إلى جانب كونه إهانة وتحقيرًا للمرأة لأنه يتعامل معها وكأنها ناقل لفيروس كورونا المستجد.

واعتبرن الأمر استفزازيّا لهن، وتأكيدًا لتفوُّق الرجل وتمرير هيمنته وقوامته ليس أكثر، لاسيما مع تجهيز أغلب مصليات النساء فى المساجد لتوفير مساحات أوسع للرجال من أجل إقامة صلاة التراويح، والتى تُعد من الطقوس المميزة لشهر رمضان، والتى يحرص عليها جموع المسلمين.

 المهم الرجالة تصلى

علقت إحداهن عبر موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك قائلة: أعلنوا فى جروب قريتى الحبيبة شوية تعليمات لصلاة التراويح، منها عدم فتح مصلى السيدات! لمّا سألت ناس قالوا عشان هياخدوا مصلى السيدات للرجال.. عشان التباعد الاجتماعى هيقلل عدد الرجال فهيعوّضوه بمصلى السيدات! فمش مهم الستات تصلى خالص المهم عدد الرجال مايقلش.

 ربط الوباء بملابس المرأة

وبطريقة ساخرة أعربت إحدى الفتيات عن دهشتها من موقف أحد الشيوخ وربطه انتشار فيروس كورونا بملابس المرأة قائلة: يوم الجمعة إللى فاتت الشيخ إللى بيصلى الجمعة كان فى الخطبة بيتكلم عن ملابس النساء والوباء.. يعنى مش الصين حطت علينا لا يا سيدى لبسكم الضيق!

فيما هاجمت الفتاة التى أطلقت هاشتاج- الجامع حقى- وطالبت مشاركته على نطاق واسع- الأوقاف ورجال الدين، واصفة القرار بأنه تمييز نوعى دينى بين الرجال والنساء.

وكتبت ما يفيد هذا المعنى قائلة: عند شيوخنا حُمَاة الدين المَحموقين على المساجد وإن التراويح يا حرام هتبقى نص ساعة بس، لكن إن الستات تقعد أكثر من عام محرومين من دخول المساجد ده عادى ميفرقش معاهم.

وكانت ردود أفعال السيدات المتابعات للفتاة أيضًًا بين الاستنكار والسخرية؛ حيث ردت عليها سيدة قائلة: كدا مش مهم بقى لو عملت ذنوب طالما فى رجالة، أكتر هتصلى، وبكدا هندخل الجنة مرتاحين!

وفى المقابل أرجع البعض قرار وزارة الأوقاف إلى الرغبة فى تقليل الأعداد خشية الوباء، ومنهم من حاول إنهاء الجدل القائم بالقول إن صلاة التراويح سُنّة وليست فرضًا.

 المنع أو السماح للجميع

وعلقن بأن «صلاة التراويح ليست فرضًا على الرجال أيضًا، فلماذا تُمنع المرأة فقط ؟ فإمّا أن يكون المنع للجميع أو السماح للجميع».

فى كل الأحوال قد ينظر البعض إلى تلك المسألة نظرة سطحية ويربط بينها وبين التأثير الكبير للوباء على مجمل حياتنا ومن بينها العبادات والشعائر الدينية، كونها تقوم فى معظمها على مبدأ الجماعة، لكن الحقيقة أن الجدل حول حرمان النساء فى مجتمعنا من حق معين يتاح للرجال- كالصلاة فى المسجد على سبيل المثال- ما هو إلا تكرار لمواقف كثيرة مشابهة من التمييز ضد المرأة.

لهذا نرى أن غلق مُصَليات النساء فى المساجد أو استخدامها فى توسيع مساحات لصالح الرجال قرار غير مدروس، بل تعدٍ صارخ على حق من حقوق المرأة فى توفير مكان لها لأداء عبادتها، كما أنه يُعد تمييزًا نوعيّا جديدًا بين الرجل والمرأة.

فالقضية لا تقتصر على الصلاة فقط؛ ولكن على تحقيق العدالة والمساواة وعدم التمييز النوعى أو الدينى، وهو ما تنص عليه المادة 53 من الدستور المصرى بتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص وحظر التمييز على أساس العِرق أو الجنس أو الدين أو السّن أو العقيدة السياسية أو التعليم أو المكانة الاجتماعية.