الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
روزا.. نون القوة لماذا الآن؟

روزا.. نون القوة لماذا الآن؟

استغربَ البعضُ عندما أعلنتُ عن تأسيس مجلة نسائية جديدة تولَد من رحم المجلة العريقة «روزاليوسف»، التى يحمل غلافها مشوار 96 عامًا من الجرأة والحرية والتحدى.. وكثيرًا من العناد الصحفى أيضًا.. وأن يكون فى قلبها عدد مستقل لإصدار آخر يحمل ترقيمًا مختلفًا بأنه العدد رقم (1).. لا تستغربوا.. هذا جزءٌ من سِحْر وسِرّ «روزاليوسف»؛ لأن هذه المَدرسة الصحفية فى الأصل تشكلتْ وتكونتْ من شخصية مؤسِّسَتها السيدة «روزاليوسف».. بكل ما فيها من قوّة وعناد وتحدٍّ واختلاف وجرأة، ولهذا عندما توليتُ مُهمة ومسئولية رئاسة تحرير الإصدار الأصيل كان أول ما قررتُ هو وضع صورتها ثابتة على أغلفة كل الأعداد.. بما فى ذلك من رسائل ومَعانٍ لكى نقول إنه قبل 96 عامًا لم تكن المرأةُ فى مصر تعمل فقط فى الصحافة؛ ولكنها كانت رائدة فى هذه الصناعة، وفى ذلك عنوان فريد لشخصية المجتمع المصرى علينا أن نستعيده بينما تقود القيادة السياسية إعادةَ إحياء لكل الثوابت والتقاليد والمفاهيم المصرية، التى كان تخريبها هدفًا لتخريب المجتمع والشخصية المصرية نفسها.



 

 

 

أمّا أن يقود رجل إصدارًا صحفيّا يهتم بقضايا المرأة.. فلا تستغربوا أيضًا.. ألمْ أذكر لكم أن هذه الدار الصحفية تطبَّعت بشخصية مؤسِّسَتها «روزاليوسف» وهى فى الأصل فنانة كانت تقدّم كل الأدوار وتتقنها، ومن هنا أيضًا جاءت الشخصية الصحفية لكل مَن عَبَرَ من أبواب مَدرسة «روزاليوسف» التى تُخَرِّج صحفيين يمتلكون أدواتهم فى كل فنون الصحافة وأشكالها وقضاياها، وكان من المَنطقى أن يحمل الإصدارُ الوليدُ أيضًا اسم السيدة «روزاليوسف» هذا حقها وفضلها، فهى التى صَكّت جملة محفورة فى نفوسنا تضمَّنها العددُ الأول فى أكتوبر عام 1925 بقولها: (عجبوا إذا أسميت صحيفتى باسمى.. أليست صحيفتى شعبة من نفسى)، ومن هنا انطلق الإصدارُ الجديدُ باسم (روزا) فقط، وهو الاسم المحبب لأبناء الدار وباعة الصحف وجمهور قراء «روزاليوسف» على مَرّ هذه السنوات الطويلة.

صدر الإصدارُ العريقُ واعتبره حينها أمير الصحافة أنه مجرّد نزوة صحفية لفنانة، فضلاً عن كونه إصدارًا بلا سَند فلا إمكانيات ولا أموال.. وردتْ عليه «روزاليوسف» إن إصدارها سيبقى ومعه اسمها.. وتحدّتْ «روزاليوسف» شُحَّ الإمكانيات بالأحلام الكبرى وحققتها.. خرج العدد الأول من مجلة «روزاليوسف» فى عدد صفحات مشابه لعدد صفحات الإصدار الوليد (روزا)، والبعض أيضًا يَعتبره نزوة من صحفى شاب، ولكننا نُراهن على بقائه لأنه يحمل اسم (روزا) وإمكانيات بسيطة، ولكننا سنهزمها بالأحلام الكبرى أيضًا.

ولكن لماذا الآن؟.. إجابة هذا السؤال يحددها عددٌ من العناصر، أهمّها محورية قضايا المرأة فى المشروع الوطنى المصرى الذى كانت ولا تزال المرأة المصرية هى كتلته النابضة، فهى أول مَن خرج على حُكم تيارات الظلام، وهى أول مَن قال أعيدوا لنا مصرنا، وهى مَن تحمّلتْ ألمَ فقدان الابن والزوج والأخ واحتسبته عند الله شهيدًا فداءً لمصر، وهى مَن تحمَّلتْ احتواءَ أسرتها وكانت لهم السَّنَد وعنوان القوة من أجل تحمُّل مسيرة الإصلاح الاقتصادى لكى تحيا مصر؛ لأنها (نون القوة).

وبالتالى فإن قضايا المرأة ليست من باب الوجاهة المدنية واستدعاء تحضُّرنا الذى طاله ما طاله بفعل الزمن والتجريب والتخريف فى الشخصية المصرية.. ولكنها باتت قضايا وطنية بامتياز تستدعى تسليط الضوء عليها وفتْح النقاش حولها بجرأة (روزا) المعهودة.. وما يشجعنا أننا نعيش فى عصر ذهبى للمرأة المصرية، وهو ما ظهَر فى منهج الرئيس «عبدالفتاح السيسى» وقرينته السيدة «انتصار السيسى».. هذه السيدة العظيمة التى تقدِّم كل يوم نموذجًا للمرأة المصرية فى شموخها وتسامحها ووسطيتها، والتى بات حُضورها فى المَشهد أحدَ أهم عناوين التحرُّك من أجل بناء الإنسان المصرى وليس فقط دعم وتمكين المرأة، وهنا عليك أن تربط بين رعاية السيدة الأولى وإطلاقها لجائزة الدولة للمبدع الصغير التى تستهدف بناء نشء مبدع، وحديثها عن استراتيچية مصر لتمكين المرأة (2030) أمام منظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة لمنظمة التعاون الإسلامى (الإيسيسكو).. كذلك تستحضر حديث السيد رئيس الجمهورية فى يوم المرأة المصرية وتكريم الأمهات المثاليات عندما تناول الجدل الدائر حول قانون الأحوال الشخصية محددًا الهدف وهو (صالح المجتمع).

وهو ما يعنى أن منطلقات الرؤية المصرية تجاه المرأة ليست من باب التباهى أمام الغرب.. ولكنها منطلقات مصرية أولاً وأخيرًا.. وقوميتنا المصرية تكفينا، واستدعاؤها الدائم يميزنا ويدفعنا نحو التحضُّر الذى يليق بأبناء وبنات أول وأعظم حضارة إنسانية قدّمتْ للعالم أسْمَى معانى احترام الإنسان وتقدير المرأة، وقدّمتْ له أول مَلكة، وهو المعنى الذى يجب أن يظل حاضرًا أمام عين كل بنت وسيدة فى مصر أنت فى الأصل (مَلكة) وإن قوميتك المصرية انتصرت لك على الدوام.. لم تقلل من شأنك أو تجور عليكِ مثلما أراد التيارُ الظلامى ولا حملتك هزائم لا طاقة لكِ بها مثل التيارات التى حاولتْ أن تجعل مصرَ جزءًا من قوميات أخرى.

 

 

 

ولأن عصر الرئيس «السيسى» هو عنوان للقومية المصرية التى تقول: مصر أولاً.. العصر الذى اتخذ من «تحيا مصر» شعارًا لبوصلته وتحديد اتجاهاته.. فعليكِ أن تطمئنى.. ونحن معكِ وندعمكِ ونساندكِ.

على أوراق (روزا) لن تجدى ما يفيد المطبخ وأحدث صيحات الموضة، ولكن نعدك بأن تشاهدى على أوراقها كل ما يدور فى نفسك ولم تجدى مَن يُعبّر عنه، وندفع المجتمع لإنصافك بصوت الحق والحكمة والموضوعية.. وإذا كان الكاتب العظيم «إحسان عبد القدوس» قالها بدلاً عنكِ بأعلى صوت (أنا حرة)، فنحن على الدرب سائرون، ولكنْ الأمْرُ يختلف لأن الزمن اختلف.. اليوم مصرُ كلها معك.. القيادة السياسية.. السيدة الأولى.. البرلمان.. الحكومة.. دولة القانون.. كل ما كنت تعانين منه أصبح أولوية للدولة المصرية، وكل ما سنقوم به أن ندعم هذه الجهود وننقل هذه الثقافة من أروقة الدولة إلى أولويات المجتمع نفسه.. ونشجّع على التفكير فى صياغة مفاهيم الدولة المصرية تجاه المرأة لتصبح جزءًا من طبيعة حياة المجتمع المصرى.. نَعَم من حقك أن تمشى فى الشارع دون أن يجرحك أحد بكلمة أو يتحرَّش بكِ.. نعم من حقك ألا تُختنى وأن يشوّه غيرُك مصيرَك حتى لو كان أقرب الأقربين.. نَعَم من حقك أن ترتدى الحجاب أو لا ترتديه، هذه حُريتك وهذا قرار ليس فيه قول من أحد.. ولهذا كانت صورة الغلاف الأول للرئيس «عبدالفتاح السيسى» والسيدة «انتصار السيسى» ويقف بجوارهما أمَّهاتُ مصر.. المنقبة والمحجبة ومن لا تريد أى غطاء للرأس، وكانت رسالتنا: اطمئنوا؛ مصر تتسع للجميع.. من حقك أن تحصلى على فرصك فى العمل والترقى ولا تُحرمى لكونك امرأة.. المساواة ليست منحة، ولكنها حقك، والدولة تمضى فى إعطاء كل الحقوق لأهلها، وفى طليعة هذه الحقوق هو حق المرأة المصرية.. ولكن عليكِ أن تدركى أيضًا حجم مسئوليتك.. فالمساواة حق مجتمعى وقانونى ودستورى وإلهى.. ولكن عنوان تميزك دائمًا أن تظلى امرأة.. ومسئوليتك تجاه المجتمع كبيرة.. أنتِ محور كل أسرة وأنتِ مَن تقدمين النشء.. ازرعى بداخله من البداية كل المفاهيم التى تريدين أن ترى المجتمع يعتنقها وأولها احترام المرأة.

لن نتبنّى خطابَ بعض البرامج التى تشحن المرأة نحو التمرُّد فتأتى النتائج كارثية بتدمير الأسَر.. ولكن منهجنا هو مجتمع سليم.. مجتمع مصرى متكامل نواته وسَنده.. نون القوة.