
كريمة سويدان
أنا وقـلمى.. الجينوم المصـرى(2)
بعد مقالى الأول عن مشروع الجينوم المصرى، استشعرت أننا فى حاجة لتفاصيل أكثر عن هذا المشروع العلمى الضخم، والذى قال عنه وزير التعليم العالى والبحث العلمى إنه أكبر مشروع علمى فى تاريخ مصر الحديثة، سيسهل مواجهة فيروس كورونا المستجد والأمراض الشائعة، والتنبؤ بالأوبئة، وتحديد الدواء الملائم لكل مريض حسب جيناته، بمعنى آخر بسيط إن هذا المشروع يهدف إلى رسم خريطة جينية للمصريين وعواملهم الوراثية، خاصة بعد اكتشاف وجود تباين فى استجابات المصريين وإصاباتهم بالكورونا ومقاومته، وعلى سبيل المثال تم اكتشاف تمكن الفيروس المستجد من شباب فى مقتبل العمر وأدى لوفاتهم، فى حين تعافى منه مسنون وكبار فى السن، كما تفاوتت مقاومة المصريين لهذا الفيروس، فمنهم من تعافى فى أقل وقت ممكن، ومنهم من تعافى بعد عناء ووقت طويل، ومنهم من استجاب لبروتوكول العلاج، ومنهم من لم يستجب.
كما لوحظ أن هناك دولًا متقدمة وكبيرة ومتطورة، كانت الإصابات بها كبيرة، وكذلك نسبة الوفيات، فى حين أن هناك دولاً نامية وفقيرة كانت الإصابات فيها قليلة بل تكاد تكون منعدمة ببعضها، وثبت أن هذا كله يرجع إلى الاختلافات الوراثية بين البشر، حيث من الممكن أن يصاب أفراد أسرة واحدة بالفيروس المستجد، وتظهر الأعراض على أحدهم، ولا تظهر على الآخر، وبعضهم يتعافى، وآخرون لا يتعافون، لذلك قررت الدولة المصرية دراسة الجينوم المرجعى الذى يحدد الخصائص الوراثية لكل مصرى، وأصبح هذا المشروع ضروريًا للعديد من التطبيقات، على رأسها «الطب الدقيق» الذى يعتمد على تقسيم المرضى، وفقًا لخلفيتهم الجينية وعواملهم الوراثية، مما يساعد فى التوصل لتركيبة دوائية ناجعة، تسهل علاج كل مريض وفقاً لعوامله الجينية والوراثية، وقد يتم من خلال معرفة الجينات تحديد أى فئة يمكن تطبيق العلاج عليها، مما يسهل أيضاً وضع بروتوكول علاج خاص بكل مريض، وفقاً لجيناته الوراثية، وذلك لأن التركيبة الجينية للبشر تختلف - بشكل جزئى - من مكان إلى آخر فى جميع أنحاء العالم، وفى مصر أيضاً، بل بين أفراد الأسرة الواحدة.
وكانت بعض الدول الكبرى قد تنبهت لذلك، مثل أمريكا، التى أطلقت مشروعها فى عام 2003، وكذلك بعض دول أوروبا، ومع تزايد الوباء، وإمكانية ظهور أوبئة أخرى، جاء قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى بالبدء فورًا فى تكثيف البحث العلمى لإنشاء مشروع الجينوم، لتحديد قابلية إصابة المصريين، ومدى استعدادهم للمواجهة، والتنبؤ بالأمراض الوبائية المستقبلية، وتحديد طرق مواجهتها.. وتحيا مصر.