الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

من لا تجد قوت يومها وتتبرع بقرطها لدعم وطنها هى الأحق باللقب.. "الحاجة زينب" الأم المثالية بجدارة

«أنعى بمزيد من الحزن والأسَى السيدة زينب مصطفى، التى وافتها المنية فى هذا اليوم المبارك، هذه السيدة الفاضلة التى ضربت المَثل العظيم فى الوطنية والانتماء والوفاء لبلدها حين قامت بالتبرُّع بقرطها الذهبى لصندوق تحيا مصر.. رحم الله الحاجة زينب وغفر لها، فقد كانت خيرَ نموذج للمرأة المصرية وما تقدمه طوال الوقت من دروس وعِبَر فى التجرد والتضحية بأغلى ما لديها فداء لوطنها»..



بهذه الكلمات نعى الرئيسُ «عبدالفتاح السيسى» الحاجة زينب الشهيرة بـ«سيدة القرط الذهبى»، التى تبرَّعتْ عام 2014 بـ(حَلق ذهب) هو كل ما تملكه من حطام الدنيا، كانت الأكثر احتياجًا له وهى لا تجد قوت يومها وطاعنة فى السّن تعانى من فَقْد البصر، لكن بصيرتها كانت أقوَى من أى مُبصر، رأتْ أن الوطنَ فى حاجة لرسالة أغلى بكثير من قيمة جرامات الذهب التى قدّمتها.. كانت ترى الوطنَ فى حاجة لأن يجتمع أبناؤه خلفَ قائدهم؛ فضربت هى المَثل لتجعل كل شاب وكل مُبصر وكل صاحب جاه ومال فى قمّة الحَرَج أمام تقدّمها الجميع ومبادرتها التى تنبُع من إحساسها كأى أمّ مصرية أصيلة عندما تجد ابنها فى محنة تقدّم له ما تملكه حتى لو كان احتياجُها لهذا المال مسألة حياة أو موت.

لذلك كان من الطبيعى أن ينعاها الرئيسُ عقب وفاتها يوم الجمعة 12 مارس الجارى على صفحته الرسمية مُعتبرَها رمزًا وطنيًا فأصبحتْ جزءًا من تاريخ مصر الحديث وقصة يجب أن تُروَى للأجيال القادمة.

 أمّ المتبرِّعين

اسمها بالكامل «زينب مصطفى سعد الملاح»، سيدة مصرية كانت تعيش بقرية منية سندوب التابعة لمركز المنصورة بالدقهلية.

وُلِدَتْ الحاجة «زينب مصطفى سعد الملاح» عام 1902 بمحافظة الدقهاية بقرية منية سندوب التابعة لمركز المنصورة، ورَزقها الله بولدَيْن «الدسوقى والسيد»، و3 بنات أخريات.

تعرضتْ الحاجة «زينب» إلى صدمة كبيرة عندما فقدت بصرها فى سن مبكرة، ويشاء القدرُ أن يتوفى زوجها عام 1991 تاركًا إياها لتكمل رحلة الحياة بمفردها.

وفى عام 2014 أعلن الرئيسُ «عبدالفتاح السيسى» عن إنشاء «صندوق تحيا مصر»، ودعا المصريين للتبرع للصندوق وبادر بالتبرع بنصف راتبه لصالح الصندوق، فسارعت الحاجة «زينب» بخَلع قرطها الذهبى، وهو كان كل ما تملك، وتبرعت به لصالح «صندوق تحيا مصر» استجابة لدعوة الرئيس، وكان لتصرفها صدًى كبيرٌ بين رموز الدولة وجموع المصريين الذين تبرعوا للصندوق عقب ذلك.

وفى شهر سبتمبر 2014استقبل «السيسى» الحاجة «زينب» بقصر الرئاسة وكرَّمَها ووجَّه بتوفير رحلة حج لها على نفقته الخاصة، وبعدها بعدة أيام توجَّه اللواء «عمر الشوادفى» محافظ الدقهلية آنذاك لمنزلها وسلمها تأشيرة وتذكرة الحج وملابس الإحرام.

طيور الظلام

ولأن موقف الحاجة «زينب» كان بمثابة صفعة على وجه أعداء الوطن ولجان الإخوان الإلكترونية التى أنفق عليها ملايين الدولارات لتهاجم «صندوق تحيا مصر» وتشكك المواطنين فى مشروعات الإصلاح الاقتصادى وقتها، وفى محاولة منهم لإضعاف الروح المعنوية للشعب المصرى ومحاربة كل شخص يمكن اعتباره نموذجًا للوطنية؛ تكاتفت كل الصفحات الإخوانية وصفحات النشطاء الممولين والمرضَى النفسيين على مواقع التواصُل الاجتماعى وقتها لشن حرب معنوية قذرة من أجل اغتيال الحاجة «زينب» معنويًا، وروّجت تلك الأبواق المريضة أو المأجورة أن الحاجة «زينب» والشخص الذى كان مصاحبًا لها وقت زيارة القصر الجمهورى مجرد كومبارس، وأن هذا الشخص زوجها وسبق أن ظهر فى صورتين مع الرئيس الأسبق «محمد حسنى مبارك».

إلّا أنه سرعان ما ظهرت الحقيقة؛ وهى أن زوج الحاجة «زينب» متوفى وأن الموجود معها فى صورتها مع الرئيس «السيسى» هو ابنها، بينما الشخص الذى ظهر مع الرئيس المخلوع عام 2005 خلال زيارته للنوبارية شبيه ابنها كان مزارعًا يدعى «كمال المراغى» وليس زوج الحاجة «زينب» المتوفى أو نجلها.

لم تتأثر الحاجة «زينب» بكل ذلك وقدمت درسًا من دروس الوطنية، وكانت صورتها حاضرة فى جميع الاستحقاقات الوطنية، وتطالب المواطنين بالوقوف أمام كل مَن أرادوا بمصر سوءًا بتلقائية لمساعدة هذا الوطن فى الخروج من أزمته الراهنة بما تملكه ولو كان بسيطًا.

 الحزن يخيم على الجميع

وفاة الحاجة «زينب» أحزنت كبارَ رجال الدولة والشخصيات العامّة والمؤسَّسات، فقد نعاها الدكتور «شوقى علام»- مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامّة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، وأكد المفتى- فى بيانه- أن الحاجة «زينب» قدمت نموذجًا فريدًا فى الوطنية وحب الوطن وبذل الغالى والنفيس فى خدمته، مشيرًا إلى أنها رغم ظروفها الصعبة لم تبخل على وطنها بشىء، فقدمت ما تملكه خدمة لوطنها وحُبًّا لترابه.

كما أصدرت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين بيانًا نعتتها فيه ووصفتها بأنها جسّدت قيم الإيثار والعطاء، وهى قيم متأصلة فى المرأة المصرية.

وأكدتْ تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين على ضرورة الاقتداء بالراحلة العظيمة فى البذل والعطاء من أجل الوطن، كما تقدمت بخالص التعازى والمواساة لأسرة الفقيدة، داعين الله أن يتقبّلها فى الصالحين.

ونعَى المجلس القومى للمرأة برئاسة الدكتورة «مايا مرسى» وجميع عضواته وأعضائه الحاجة «زينب»، وأعربت الدكتورة «مايا مرسى» عن بالغ حزنها لفقدان خير نموذج للمرأة المصرية التى تساند وتدعم وطنها وأصبحت مصدر إلهام للعديد من السيدات.

رحلتْ الحاجة «زينب» قبل أيام من الاحتفال بعيد الأم لتستحق أن تكون هى أيقونة الاحتفال وحاملة لقب الأم المثالية.. رحلتْ بجسدها لتبقى سيرتها والسيرة أطول من العمر.