الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
«روزاليوسف» تواصل نشر فصول خاصة من (دعاة عصر السادات) (1-2).. الشيخ الغزالى .. العائد لأحضان الإخوان

«روزاليوسف» تواصل نشر فصول خاصة من (دعاة عصر السادات) (1-2).. الشيخ الغزالى .. العائد لأحضان الإخوان

فى الحلقات التالية تنفرد «روزاليوسف» بنشر فصول من كتاب (دعاة عصر السادات) الصادر عن دار العين للزميل وائل لطفى..الكتاب يناقش تفاصيل الصفقة السياسية مع جماعة الإخوان المسلمين والسماح لها بالعودة للعمل، وأثرَ الدُّعاة الذين تأثروا بأفكار جماعة الإخوان على الحالة السياسية والاجتماعية للمجتمع المصرى فى العُقود التالية.. يحتوى الكتاب على فصول عن الدُّعاة الإخوان مثل الشيخ كشك والشيخ الغزالى والشيخ المحلاوى ..فضلًا عن دراسة عن موقف الشيخ الشعراوى من قضايا المرأة والأقباط والفن .. الكتاب هو الثالث للزميل وائل لطفى بعد كتابَيْهِ (دُعاة السوبر ماركت)و(ظاهرة الدُّعاة الجُدُد) الذى حصل عنه على جائزة الدولة التشجيعية عام 2008).



 

 راعى الإخوان

رُغْمَ أن الشيخ محمد الغزالى (1917-1997) لم يَعرف طريقَه للشهرة عبر التليفزيون، مثل الشيخ محمد متولى الشعراوى، أو شرائط الكاسيت، مثل عبدالحميد كشك؛  فإنه واحدٌ من أهم الدُّعاة الذين رَسَّخوا فكرةَ الصحوة الإسلامية فى سنوات السبعينيات، وفى كتابه المهم (عبدالمنعم أبو الفتوح شاهِدٌ على الحركة الإسلامية) يتحدث مُؤَسِّسُ الجماعة الإسلامية فى جامعة القاهرة، عن الدور الذى لعبه الشيخ الغزالى فى تكوين كوادر الجماعة الإسلامية وتثقيفهم عبر المعسكرات الصيفية التى كانت تنظمها الاتحادات الطلابية التى تسيطر عليها الجماعة، وقد تحدَّثت بعضُ الكتابات عن دَور لعبه الشيخ الغزالى مع زميله سيد سابق فى تأسيس الجماعة الدينية فى الجامعة عقب هزيمة 1967، وفى شهادته يتحدث «أبو الفتوح» عن  الدور الذى لعبه الغزالى فى التأسيس الفكرى لقادة الجماعة الإسلامية قائلًا (كان أقرب الشيوخ إلينا، وكان يوجهنا وينصحنا، بقراءة كتب معينة).. يتحدث «أبو الفتوح» أيضًا عن استعادة الغزالى لعلاقته  بجماعة الإخوان المسلمين، وصلاة قيادات الجماعة وكوادرها خلفَه فى المساجد التى يؤم الصلاة فيها ..إلخ.

استمد الشيخ الغزالى قدرتَه على التأثير ليس فقط من مواهبه فى الخطابة والتفكير ولكن فى كونه أحد قادة المؤسَّسة الدينية الرسمية؛ حيث كان مديرًا للدعوة والمساجد فى وزارة الأوقاف المصرية فى وقت ووكيلًا للوزارة فى وقت آخر، وبغض النظر عن الوصف الوظيفى فقد كان الشيخ الغزالى أحد قيادات الإخوان الذين انشقوا عن الجماعة بعد عام 1952 أثناء الخلاف بين جمال عبدالناصر وحسن الهضيبى المُرشد الثانى للجماعة، وقد اعتبر الشيخ أحد العناصر الإصلاحية التى تَعمل داخل مؤسَّسات الدولة المصرية. وقد ظل الشيخ كذلك طوال سنوات الستينيات بالفعل يلتزم بالدور مع مناوشات مختلفة مع بعض العناصر اليسارية من الكُتَّاب والصحفيين داخل إطار انتماء الجميع للدولة المصرية، لكن ما أن هَلّتْ سَنواتُ السبعينيات حتى راود الرجلَ الحنينُ القديمُ  للجماعة واستعاد علاقته بقياداتها الذين خرجوا من السجون، والأهم أنه استغل قدراته الخطابية الهائلة فى الترويج لأفكار الجماعة ولتصوراتها عن الدولة الإسلامية القادمة.

 تلميذ الإمام

عندما نتحدث عن محمد الغزالى فنحن نتحدث عن مفكر، وليس فقط عن داعية جماهيرى موهوب أو على الأقل فإن هذا ما يراه عددٌ كبيرٌ من معجبيه، وهو كاتبًا أكثر مما هو خطيب، ولعل هذا ما استدعى أن يسميه أستاذه حسن البنا «أديب الدعوة».. لقد تَعرَّفَ الغزالى على مُؤسِّس جماعة الإخوان المسلمين فى عام 1937، وهو العام نفسه الذى تَعَرَّفَ فيه عليه طالبٌ أزهرى آخر هو محمد متولى الشعراوى، كان الغزالى طالبًا فى الصف الأول فى كلية أصول الدين، حين تَعَرَّفَ على حسن البنا واعتبر نفسه تلميذًا له، وقد اجتذب أسلوبه حسن البنا الذى أتاح له المساحة للكتابة فى كل المطبوعات التى تصدرها الجماعة، وقد مرّت سنواته الأولى فى الجماعة هادئة؛ حيث حصل على شهادة العالَمية من الأزهر فى عام 1943، وفى أثناء ذلك كان يواصل الكتابة، لم يكن مشغولًا بقضايا الفقه، وأصول الدين، بقدر ما كان مشغولًا بقضايا الاقتصاد.. هكذا أصدر كتابه الأول (الإسلام وقضايا الاقتصاد)، وكما يقول د. يوسف القرضاوى فى كتابه (الشيخ الغزالى كما عرفته.. رحلة نصف قرن)، فقد كان الغزالى وقتها مشغولًا بقضية العدل الاجتماعى والفروق الطبقية والاقتصادية، ولعل ذلك كان متسقًا مع حال مصر فى الأربعينيات، واصل الغزالى اهتمامَه بالعدل الاجتماعى وأصدر كتابًا ثانيًا بعنوان (الإسلام والمناهج الاشتراكية)، وكتابًا ثالثًا بعنوان (الإسلام المفترَى عليه بين الشيوعيين والرأسماليين).

ظلت الأمورُ تسير هادئةً حتى وقع أول صدام بين الدولة والإخوان المسلمين عام 1948 ليجد الشيخ الغزالى نفسه فى معتقل الطور مع عدد كبير من رجال الجماعة، وبعد خروجه واصل دورَه فى الكتابة فى مطبوعات الجماعة وكان أشهَرُ ما كتبه هو كتاب (من هنا نعلم )، الذى سَجَّل فيه معركته مع المفكر الإسلامى خالد محمد خالد الذى ألّفَ كتابَه الشهير من (هنا نعلم)، الذى هز فيه عددًا من الثوابت الدينية المستقرة، ورُغم أن الغزالى كان طرفًا فى المعركة مع خالد محمد خالد؛ فإنه دافع عنه ضد المطالبة بفصله من الأزهر بسبب الكتاب وقال إن الأزهر لم يفصل على عبدالرازق صاحب الإسلام وفصول الحُكم، ولم يفعل  الشىء نفسه مع عبدالمتعال الصعيدى الذى أنكر الحدودَ الإسلامية، وبالتالى فلا يجوز  للأزهر أن يفصل خالد محمد خالد الذى لم يرتكب جُرمًا أكثر من الذى ارتكبه عبدالرازق والصعيدى ).

كان الغزالى يَعتبر نفسَه تلميذًا مباشرًا لـ«حسن البنا»، ويَعتبر أن عليه شرح أفكاره، وقد ألّف كتابًا بعنوان (دستور الوحدة الثقافية للمسلمين) شرح فيه بعض أفكار حسن البنا، والأصول العشرين التى جعلها «البنا» أساسًا لوحدة الفهم لدى العاملين للإسلام . 

ولم تكن علاقة الغزالى بخليفة «البنا» على القدر نفسه من الانسجام والتآلف؛ بل على العكس تمامًا، وقد ظلت العلاقة ساكنة طوال أربع سنوات من 1948حتى1952، ألَّفَ خلالها الغزالى كتابَ (التعصب والتسامح بين المسيحية والإسلام)، وكان ذلك بتكليف من الهضيبى رَدًّا على كاتب قبطى ألّفَ كتابًا اتهم فيه المسلمين بالتعصب.

لكن الخلافات سرعان ما انفجرت عقب الخلاف بين النظام الخاص للجماعة، وبين الهضيبى؛ حيث انحاز أربعة من قيادات الجماعة للنظام الخاص، كان الغزالى واحدًا منهم، وبحسب ما يذهب إليه الباحث شريف يونس فى كتابه (سيد قطب والأصولية الإسلامية) فقد كان الموقف من جمال عبدالناصر وثورة يوليو هو السبب الأساسى للخلاف؛ حيث انحاز الغزالى لصَف جمال عبدالناصر ضد الهضيبى، وبحسب ما يذكره «القرضاوى»؛ فإن الخلافَ كان عنيفًا؛ حيث تم فصل الغزالى مع باقى المنحازين لـ«جمال عبدالناصر»، وهو ما رَدَّ عليه الغزالى بهجوم عنيف على الجماعة وعلى الهضيبى فى مجلة «الدعوة» التى كان يملكها صالح عشماوى وكانت تُعَبر عن جناح المنشقين.

كان محور هجوم الغزالى على الهضيبى هو الاتهام بالماسونية والإضرار بالدين، وهو الاتهام نفسه الذى وجَّهَهُ إلى الجماعة بشكل عام.. جمع الغزالى مقالاته التى هاجم فيها الجماعة فى كتابَيْن هما (فى موكب الدعوة) و(من معالم الحق فى كفاحنا الإسلامى الحديث).. وقد حذف الغزالى بعضَ المقالات فى الطبعات التى تلت عودته للجماعة.

قال الغزالى فيما بعد مبررًا هجومَه الشديد على الجماعة أنه تلقى تهديدًا بالقتل من الجماعة وهو ما دفعه للحديث عن عيوبها تحديًّا لهذا التهديد، ولم يكن الهجومُ من طرف واحد؛ حيث هاجم أعضاءُ الجماعة الغزالى واتهموه بالإساءة للدين وخيانة نهج الجماعة.

على أن التحولات السياسية التى شهدتها مصرُ، سواء بعد نكسة يونيو 1967أو وفاة الرئيس جمال عبدالناصر، وإفراج السادات عن قيادات الإخوان كانت كفيلة بتغيير الوضع. وبحسب ما يرويه القرضاوى فى كتابه فقد زار «الغزالى» «حسن الهضيبى» فى منزله واعتذر له، وحذف بعضًا من هجومه عليه، وقال فى مقدمة كتاب (مواكب الدعوة) بعد أن أعاد طبعه، (فى هذه الصفحات مرارة تبلغ حد القسوة، وكان يجب ألا يؤدى الغضبُ بصاحبه إلى هذا المدَى، بَيْدَ أنَّ ذلك للأسف ما حدث، وقد عاد المؤلف إلى نفسه يحاسبها وتحاسبه فى حديث أثبته آخر هذا الباب).. وفى آخر الباب وثّق الغزالى تراجعَه عن موقفه من الهضيبى قائلًا (إنه ما ادعى لنفسه العصمة، بل من حق الرجل أن أقول عنه أنه لم يسع إلى قيادة الإخوان، ولكن الإخوان هم الذين سعوا إليه، وأن من الظلم تحميله أخطاء هيئة كبيرة مليئة بشتى النزعات والأهواء، ومن حقه أن يعرف الناس أنه تحمَّل بصلابة وبأس كل ما نزل به، فلم يجزع، ولم يتراجع وبقى فى شيخوخته المثقلة عميق الإيمان واسع الأمل، حتى خرج من السجن، وقد ذهبت إليه بعد ذهاب محنته، وأصلحت ما بينى وبينه، ويغفر الله لنا اجمعين).

والحقيقة أن موقف الغزالى من الهضيبى لم يكن موقفًا شخصيّا، لكنه كان بمثابة اعتذار منه لجماعة الإخوان المسلمين من رجل فى صلب المؤسَّسة الدينية الرسمية وداعية جماهيرى أتيح له فرصة  الخطابة فى أكبر مساجد مصر (عمرو بن العاص) بقرار سياسى، وفى كتابه (عبدالمنعم أبو الفتوح شاهِدٌ على الحركة الإسلامية) يروى عبدالمنعم أبو الفتوح أن قادة الإخوان كانوا يصلون خلفَ الغزالى بعد خروجهم من السجن فى 1974، وأن نائب المرشد العام د.أحمد الملط سأله ذات مَرّة (وماذا عن المستقبل؟)؛ ليرد الشيخ الغزالى (الإجابة لديكم أيضًا).

ولا شَكّ أنه بمجرد وفاة عبدالناصر أبدَى الشيخ الغزالى التحول اللازم والذى يمكن وصفه بالانتهازى؛ حيث حمل راية الهجوم على ثورة يوليو التى كان واحدًا من رجالها فى المؤسَّسة الدينية؛ بل إنه انحاز لقائدها جمال عبدالناصر فى صراعه مع مرشدها العام، وكان مبرره أنه يخشى من دخول الجماعة فى معركة غير متكافئة مع رجال الثورة، وقد كان أحد الذين حضروا المؤتمر العام الوطنى لمناقشة الميثاق (مايو 1962) وأبدَى ملاحظات تم أخذها فى الاعتبار؛ حيث شَكَّلَ هو وخالد محمد خالد الصوتَ الإسلامى فى المؤتمر  لكنه بمجرد وفاة عبدالناصر غَيَّرَ موقفَه وألَّفَ عددًا من الكُتب التى يهاجم فيها التجربة الناصرية، والستينيات برمتها، مثل (كفاح دين) و(قذائف الحق)، و(معركة المصحف فى العالم الإسلامى)، وفى كتابه (كفاح دين) تحدَّث الغزالى عن ما اعتبرَهُ حربًا ضد الإسلام، وذكر إحصاءً بالمساجد التى هدمها رجال الثورة بدعوى تجميل القاهرة ولم يبنوا بدائل له)، كما هاجم أجهزة الإعلام واتهمها بتخريب العقول والضمائر).

وفى كتاب (قذائف الحق) تبَنَّى الغزالى الرواية الإخوانية للصراع مع دولة يوليو.. ويمكن القول إنه كان أحد مؤسِّسيها؛ حيث نشر نصًّا اعتبره وثيقة نسبها لـ«زكريا محى الدين» وزير الداخلية، وشمس بدران وزير الحربية فى العهد الناصرى، وأقرها عبدالناصر، وقال الغزالى إن التقرير كان يُوصى بالقضاء على الإخوان، وعلى الروافد الدينية التى تمدهم من التيارات والفصائل الدينية الأخرى، كما هاجم عبدالناصر واعتبره من الحُكام الذين استخدمتهم القوى المعادية للإسلام من  صهيونية وصليبية وشيوعية.

ولتبرير هجومه على عبدالناصر بعد انحيازه له قال الغزالى إن عبدالناصر خالف تعهده للإخوان أمام قبر حسن البنا، وأنه قبل ثورة يوليو انضم للإخوان هو وكمال الدين حسين فى ليلة واحدة، واعتبر الغزالى أن تغيرًا رهيبًا قد حدث فى فكر عبدالناصر ومسيرته جعله فى كل نزاع بين الإسلام وطرف آخر ينضم للطرف الآخر.

 المعركة مع صلاح جاهين

كان الغزالى فى الستينيات ممثلًا للصوت الإسلامى فى دولة يوليو، كان فاعلًا وذا تأثير  كبير، وفى المؤتمر الوطنى الذى عقد لمناقشة الميثاق تحدّث الغزالى  وأبدَى وجهة نظر نقدية، وكانت وجهة نظره أن الأمة يجب أن تستقل فى تشريعاتها فلا تكون عالة على غيرها، وأن هذا هو الاستقلال الحقيقى.. ومضى الغزالى يتحدّث عن ضرورة وجود ما أسْماه (الزى الإسلامى ) المختلف عن الزى الغربى.

أثار الطرحُ الذى طرحَه «الغزالى» صلاح جاهين نجم ثورة يوليو فى الشعر والرسم وداعيتها الأول فسخَر من الغزالى فى مجموعة رسوم فى صحيفة الأهرام حملت اسم (تأملات كاريكاتورية فى المسألة الغزالية).

أصدر الغزالى الذى كان مديرًا للدعوة والمساجد أمرًا لخطباء المساجد بالهجوم على «صلاح جاهين» والأهرام، وخرجت مظاهرة كبيرة من الأزهر متجهة إلى جريدة الأهرام التى قال الغزالى إنها رفضت نشر رده على جاهين. هاجم الغزالى الصحافة التى اعتبر أنها حرَّفت كلامَه وادعت عليه ما لم يقله، واعتبر أن سبب ذلك هو الحقد على الإسلام الذى يمثله، وتحدّث عن نفسه قائلًا (الذى يهاجم الآن باسم التقدمية نشرت له فى عهد الملكية خمسة كُتب تهاجم الأوضاع الفاسدة طبعت مثنى وثلاث ورباع، فى الوقت الذى كان هؤلاء وأشباههم يُسبِّحون بحمد فاروق وحاشيته.

ولم تكن معركة الزّى هى المعركة الوحيدة بين الغزالى وجاهين، إذْ كان ثمة معركة أخرى فى إطار معارك الغزالى ضد المثقفين بشكل عام، ومعركته ضد جاهين بشكل خاص.

كانت المعركة هذه المَرّة حول الحملة الفرنسية، وموقف علماء الأزهر منها؛ حيث كتب جاهين يتهم علماء الأزهر بالهروب أمام نابليون، وقال فى قصيدته الشهيرة (على اسم مصر): «زحف الفرنسيس وزحفت قبلهم جواسيس غايصين بقاعها وعارفين باعها من باريس وإيش يعمل القاع قصير الباع..فى القمة؟

وإيش تعمل العِمَّة فى البرنيطة يا أئمة؟

العِمة ما اتكلمت وتن صوتها حبيس! غير لمّا مَرّة البوليس قال نوّروا الفوانيس وده كفر طبعًا ولا يدخل لنا فى ذمة اطمّن الغرب أن فى بلدنا ناس رمّة وانهش يا ديب فينا واقضى بمنتهى الهمّة على اسم مصر». 

كان «جاهين» يروى واقعة تاريخية حول مقاومة علماء الأزهر لقرار قادة الحملة الفرنسية بالإنارة الإجبارية للبيوت والحارات، وكان يتهمهم بالتخاذل فى مقاومة الحملة سوى فى هذه النقطة، وهو ما استفز الشيخ الغزالى،  الذى اعتبر أن قصيدة جاهين الشهيرة تحتوى على تعابير سوقية واندهش أن تنشر فى الأهرام، وقفز لاتهام جاهين بالكفر مباشرة حين قال (لست أستغرب من مُنكر لله أن يفترى على خَلْقه)، واعتبر أن ما قاله  جاهين (يستدعى الكى) لا التكذيب المعتاد، واتهم «الغزالى» جاهين بتزوير وقائع التاريخ حتى يثبت أن الدين أفيون الشعوب، وانطلق الغزالى ليرد على جاهين ويهاجم القومية العربية، ويُكَفّر جاهين مرة أخرى مستنكرًا أن يكون مسلمًا؛ حيث يقول (إن هؤلاء بداهة ليسوا مسلمين فهل هم عرب كما يوصفون أو يتصفون؟).. ويجيب بالنفى قائلًا (كلا.. إن هؤلاء سواء كانوا أجرّاء، أمْ مخلصين.. أفضل لإسرائيل من كل أسلحة الدنيا التى ترد إليها).. وهو ما يعنى أنه لم يُكَفّر جاهين دينيّا فقط ولكن وطنيًّا أيضًا.