الأربعاء 1 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حكايات 1900 (8): حكاية "مجلة"حاربت البغاء بالمقالات قبل 85 عامًا

حكايات 1900 (8): حكاية "مجلة"حاربت البغاء بالمقالات قبل 85 عامًا

تاريخ البِغاء على الأرض عمره طويل.. وفى مصر يعتقد البعض أن ظهور ممارسات الدعارة أو البِغاء له علاقة مباشرة بدخول الحملة الفرنسية عام 1798.. لكن الحقيقة أن الحملة الفرنسية ليس لها علاقة بظهور البِغاء فى مصر.



 

ثمة مصادر تاريخية مختلفة، تشير إلى أن البِغاء كان مُقننًا خلال القرن الـ16، ما يعنى أنه بعيد تمامًا عن تاريخ دخول الفرنسيين مصر.. وفى تلك الفترة كان البِغاء مهنة متداولة، لها موظفون مسئولون عن إدارتها وتحصيل رسوم أو ضرائب من النساء نظير تقنين البِغاء وحمايتهن.

أما خلال فترة الحملة الفرنسية، فما حدث هو زيادة الاهتمام ببناء أماكن مخصصة للدعارة، والتى انتشرت فى وسط القاهرة، لا سيما المنطقة المحيطة بحديقة الأزبكية.. وهو ما أحدث نقلة جديدة فى تاريخ البِغاء فى مصر.

تطور الأمر إلى درجة إصدار تذاكر لدخول تلك الأماكن، وأحيانًا ما كان يتم توفير اشتراك مجّانى للأشخاص الذين كانوا على صلة بالحملة الفرنسية أو على صلة بأصحاب البيوت.

استمرت الدعارة فى العلن فى عهد محمد على باشا، حتى عام 1834، حين قرر إلغاء كل أنشطة الرقص والبِغاء، ومعاقبة أى امرأة تخالف القرار، بالجلد والنفى إلى الجنوب.

وأدى ذلك لظهور مشكلة أخرى، وهى أن بعض الذكور الذين كانوا يعملون فى بيوت البِغاء، قرروا ارتداء زى نسائى ليقوموا بكل الأدوار التى كان يقوم بها النساء، فى محاولة لتحدى قرارات محمد على الذى اقتصر قراره على أنشطة النساء فقط.

فى عشرينيات القرن الماضى، انتشرت بيوت البِغاء فى أحياء مختلفة بالقاهرة.. من قصر النيل وباب الشعرية إلى مصر الجديدة والمعادى، والأسعار تبدأ من شلن.

ومع بداية الثلاثينيات، ظهرت مطالبات رسمية بتحجيم نشاط البِغاء، ولم يكن الحديث وقتها حول إلغاء الدعارة، وإنما إغلاق بيوت الدعارة فقط، أى لم يكن المقصود هذه المرة منع النساء من ممارسة البِغاء.

وفى عام 1935 أصدرت لجنة فحص حكومية توصيتها بإلغاء حرفة الدعارة، وفى ذلك الوقت كان هناك مشروع كبير يُدعى «محاربة البِغاء» وكانت له أشكال كثيرة من الدعاية، من بينها «مجلة» أصدرها المشروع وحملت الاسم نفسه وبيعت بـ5 مليمات.. نُشر بها مقالات لكبار الكتاب وشيوخ الأزهر والشعراء عن البِغاء وأضراره.

عبر صفحات تلك المجلة - التى ننشر صورًا منها للمرة الأولى هنا - اتهم المشروع الشباب المصرى وقتها بأنه غير ملتزم وغير مهتم بواجباته تجاه الوطن طالما منغمس فى الدعارة.

والطريف فى هذا الأمر أن مقر المشروع والمجلة كان فى منطقة الفجالة المُطلّة على ميدان رمسيس، أى بجوار أشهر بيوت البِغاء فى ذلك الوقت، وطالب المشروع المتطوعين بضرورة الحصول على كارنيه انتساب للمشروع، خاصةً بعد ما حصل على تأييد من رئيس الوزراء مصطفى النحاس باشا، وبدأ فى جولاته الدعائية عن طريق إقامة مهرجانات فى أحياء القاهرة وبعض المحافظات.

ووفقًا لما جاء بالمجلة.. كتب مجموعة من المتطوعين فى المشروع مسرحية ترويجية لأفكارهم ضد البِغاء، وهو العمل الذى تم عرضه على خشبة مسرح فى عماد الدين، وهو الشارع الذى كان متهمًا بالمساهمة فى نشر البِغاء آنذاك.

استمرت الدعارة مُقننة فى مصر حتى عام 1951، حين صدر قانون إلغائها بشكلٍ تام، وكانت المرة الأولى فى تاريخ مصر التى يتم خلالها تجريم البِغاء سواء بالنسبة للذكور أو النساء.