الأربعاء 1 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حكايات 1900 (4): أين حفرت ملاجئ الحرب العالمية في القاهرة؟!

حكايات 1900 (4): أين حفرت ملاجئ الحرب العالمية في القاهرة؟!

خلال الربع الأول من عام 1939 بدأ العالمُ يستعد لحرب عالمية ثانية، ومصرُ كانت من بين الدول التى بدأت تستعد للحرب استعدادًا كاملًا.. عسكريّا وماديّا وحتى على المستوى الشعبى.. لكن ما علاقة الشعب المصرى بالحرب العالمية؟



فى ذلك الوقت، صدرت دراسة مصرية رسمية، تقول إن 90 % من سكان القاهرة فى خطر حقيقى إذا بدأت الحرب، وهذا أيضًا ما أكدته مصلحة وقاية المدنيين، وهى المصلحة المعنية آنذاك بحماية المواطن المصرى من مَخاطر مختلفة، مثل الغارات الجوية والغازات.

 120 ألف مصرى فقط يمكن إنقاذهم!

لم يكن عددُ سكان القاهرة وقت الحرب العالمية الثانية قد تجاوز المليون نسمة، وأوضحت الدراسة، التى نشرت مجلة المصوَّر جزءًا منها، أن نحو 120 ألف شخص فقط هم من يمكن إنقاذهم إذا تم استهداف القاهرة أثناء اشتعال الحرب!

كان على مصلحة الوقاية أن تُطمئن المصريين بشأن هذه المخاطر المتوقعة، لذلك أكدت فى بيانات صحفية أنها تستطيع حفر مخابئ وملاجئ لكل سكان القاهرة فى 24 ساعة فقط!.

لكن الحقيقة لم تهتم الحكومة المصرية بالتوسع فى إنشاء ملاجئ لسكان القاهرة إلا بعد حملات صحفية مكثفة تطالب بسرعة الاستعداد للحرب.. ولم يكن الأمر بالسهل، ولا سيما أن الحكومة لم تكن قد درست تفاصيل هذه الأمور بشكل كامل بعد، ولم تكن تتوافر أى تكنولوجيا تساعد على حفر تلك الملاجئ بسهولة.

ورُغْمَ أن مصلحة الوقاية اقترحت إنشاء 3 ملاجئ -بشكل مبدئى- فى القاهرة، على أن يستوعب كل ملجأ 3 آلاف مواطن؛ فإنه وقت التنفيذ، تبيّن أن الملجأ يكفى لـ500 شخص فقط، ويتكلف نحو 2500 جنيه.. فى ذلك الوقت اتُهمت المعارضة الحكومة بالإهمال بعد اعتماد مبلغ 160 ألف جنيه لترميم مبانى الحكومة وتطويرها، فى حين أنها ترغب فى توفير نفقات حفر الملاجئ.

وحتى أقنعة الوقاية من الغازات أثير حولها خلاف.. استوردت الحكومة مليون قناع للشعب المصرى كله، فى حين أن العدد المطلوب فى ذلك الوقت لم يكن يقل عن 3 ملايين قناع، بحسب الصحف المصرية.. ليس هذا فحسب؛ بل أعلنت الحكومة أن الأقنعة لن توزّع مجانًا، فى الوقت الذى كانت توزّع فيه مجانًا على الناس فى أوروبا.

 وزارة الصحة للأطباء: هل أنت متزوج؟!

أثناء الحرب العالمية الثانية كان لجامعة فؤاد الأول (القاهرة الآن) دور بارز فى أعمال الاستعداد للحرب الكبرى.. عن طريق كلية الطب ومستشفى قصر العينى التابع للجامعة.. وكان المستشفى أثناء الحرب العالمية الأولى له دور مُهم فى علاج الجنود الأجانب المصابين، لكن هذه المرّة كان يتم إعداده لاستقبال المصابين من سكان القاهرة وضواحيها، ولا سيما أن المستشفى أنشئ على شكل مدينة متكاملة، إذ إنه إذا تم قطع الإمدادات عنه، يكون قادرًا على مواصلة العمل عن طريق بطاريات خاصة وآبار للمياه.. كما يوجد بالمستشفى مَلجأ للطوارئ فى «البدروم» يستوعب نحو 850 شخصًا.

فى ذلك الوقت أرسلت وزارة الصحة المصرية رسائل بريدية لجميع الأطباء المُسجلين لديها تسألهم سؤالًا واحدًا: «هل انت متزوج؟»…

لم يكن هذا السؤال حرصًا من الوزارة على تزويج أطبائها؛ لكنها أرادت أن تعرف من هم الأطباء الذين لم يتزوجوا بعد وليس لديهم مسئوليات أسرية، ومن ثم يمكن إرسالهم إلى مَهام صعبة للمشاركة فى حماية الشعب وقت الحرب.. وبدأ تدريب الأطباء عسكريّا ليتمكنوا من مواصلة عملهم وسط الهجمات والغارات.

 ملاجئ بالقرب من مترو الأنفاق وميدان التحرير

بعض الخنادق والملاجئ التى تم حفرها فى ذلك الوقت، وثّقتها صورٌ صحفية، مثل الملاجئ التى تم حَفرها فى منطقة السيدة زينب، بالقرب من منطقة فُم الخليج والمذبح.. ومَلجأ آخر أسفل حديقة الأزبكية التى لاتزال باقية إلى الآن بجوار محطة مترو العتبة.. كما تم حفر مَلجأ أسفل ميدان التحرير، وميدان باب الخَلق، وأسفل مبنى وزارة الداخلية فى لاظوغلى.

السكة الحديد أيضًا كان لها دور بارز فى هذه الاستعدادات، إذ شاركت فى عمليات حفر الملاجئ فى القاهرة وبعض المحافظات.. بهدف حماية الموظفين والرّكاب، ودرّبت الموظفين على عمليات الإنقاذ وإطفاء الحرائق. لستُ متأكدًا من مصير الملاجئ التى تحدّثنا عنها فى هذه الحلقة من «حكايات 1900»، ولا سيما أن كثيرًا منها قريب للغاية من خطوط مترو الأنفاق التى أنشئ جزء كبير منها فى نهاية القرن العشرين.