
كريمة سويدان
أنــــا وقـــلمى.. الخــريـف الأمريكـــى
اتجهت أنظارُ العالم كله إلى الولايات المتحدة الأمريكية منذ الأسبوع الماضى حتى الآن، بعد أحداث الشغب والتظاهر لأنصار الرئيس المنتهية ولايته «دونالد ترامب» أمامَ مبنى الكونجرس فى العاصمة واشنطن؛ احتجاجًا على نتائج الانتخابات الرئاسية بالتزامُن مع تصديق الكونجرس على فوز «جو بايدن» فى الانتخابات الرئاسية.. هذه الأحداث المشينة - التى لم تشهدها الولايات المتحدة الأمريكية من قبل- قد هزّت صورة الديمقراطية فى أكبر دولة فى العالم، حتى عندما بدأت الحرب الأهلية الأمريكية فى إبريل «1861»، التى استمرت أربع سنوات، لم يُستخدم فيها سلاح واحد داخل الكونجرس الأمريكى، ورُغْمَ أن هذه الدولة العظمَى مَرّ عليها الكثير من الأحداث والتحديات؛ فإن ما حدث يوم «6» يناير الجارى كان صادمًا للأمريكان وللعالم كله؛ حيث تم منع الجلسة الإجرائية العادية جدّا للتصديق على نتائج المجمع الانتخابى، وهو ما يُعَد الخطوة الأخيرة للانتهاء من الانتخابات الأمريكية قبل تنصيب الرئيس الجديد المنتخب «جو بايدن» يوم «20» يناير الجارى؛ حيث اقتحمت مجموعات كبيرة من مؤيدى الرئيس «ترامب» الجلسة، كما حدثت عدة مواقف متتالية، لم يستطع أحدٌ فهمها حتى هذه اللحظة، مثل طلب الرئيس المنتهية ولايته من المتظاهرين، بعد عملية الاقتحام، بالعودة إلى منازلهم، رُغم طلبه من أنصاره قبل عملية الاقتحام بأربع ساعات، بالتظاهر أمام الكونجرس، ورفض القائم بأعمال وزير دفاع ترامب إرسال قوات خاصة بالأمن الوطنى لحماية الكونجرس، مما دفع رئيس الأركان لاتخاذ قرار إرسال المد والدعم للقوات بنفسه، فى سابقة أولى فى تاريخ الولايات المتحدة، ولم تحدث من قبل، مما أضاع قدسية مؤسّسة تشريعية مهمة مثل الكونجرس، وتلميح «مايك بنس» نائب الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته، بتحويل الرئيس الأمريكى للمحاكمة، وإن دل ذلك على شىء إنما يدل على أن أمريكا تواجه اختبارًا مُهمّا جدّا، تضمّن تطاول على مؤسّسات الدولة الكبرى، وهذا يعنى أن الديمقراطية التى تتباهَى بها الدول الكبرى هشة، وقصة الحريات وحقوق الإنسان التى تعتمد عليها الدعاية الأمريكية دائمًا، هى أولى الناس بفهمها جيدًا، إن ما حدث سيظل بقعة سوداء فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية لعقود مقبلة، وما نراه هذه الأيام - يمكن تسميته «الخريف الأمريكى» - ما هو إلا حالة انفجار سياسى من العيار الثقيل، يتطلب جهدًا كبيرًا وعملًا شاقّا من جانب الإدارة الأمريكية الجديدة لرأب الصدع الذى أصاب المجتمع الأمريكى، ولإعادة الهيبة لصورة أمريكا داخليّا ودوليّا.. وتحيا مصر.