
أسامة سلامة
درس خصوصى لنواب البرلمان
قاربت انتخابات مجلس النواب على كلمة النهاية، وسيبدأ البرلمان يمارس مهامه قريبًا، وكشفت الجولات التى انتهت عن وجود عدد غير قليل من الأعضاء الجدد والشباب وهو أمر جيد، ولكن معظمهم ليس لهم خبرة برلمانية سابقة، وإذا أضفنا إلى ذلك أن عددًا غير قليل من الأعضاء القدامى الذين أعيد انتخابهم اقتصر دورهم فى البرلمان المنتهية مدته على أداء الخدمات لأبناء دوائرهم فقط دون ممارسة المهام البرلمانية الحقيقية والتى نص عليها الدستور، لذا فإن هؤلاء الأعضاء يحتاجون إلى معرفة دورهم النيابى، ومع اعترافنا بأهمية تقديم الخدمات حفاظًا على الشعبية ولزيادة الارتباط بأهالى الدائرة الذين يدلون بأصواتهم وبيدهم نجاح وسقوط النائب فى الدورات القادمة، فإنه لا يجب إهمال الوظيفة الأساسية للنواب وهى التشريع وسن القوانين ومناقشتها ومراقبة الحكومة من خلال الأدوات التى أتاحها الدستور، مثل اقتراح مشروعات القوانين والسؤال وطلب الإحاطة والاستجواب وسحب الثقة، ولكل من هذه الأدوات خطوات يجب اتباعها، حيث أعطى الدستور الحق لكل عضو فى مجلس النواب اقتراح القوانين بشرط أن يوقع على الموافقة عليه عشرة نواب قبل تقديمه إلى المجلس، وتحدد المادة 122 مسار الاقتراح، حيث «يحال كل مشروع قانون مقدم من الحكومة أو من عشرة من أعضاء المجلس إلى اللجان النوعية المختصة بمجلس النواب لفحصه وتقديم تقرير عنه إلى المجلس «و» لا يحال الاقتراح بقانون المقدم من أحد الأعضاء إلى اللجنة النوعية إلا إذا أجازته اللجنة المختصة بالمقترحات، ووافق المجلس على ذلك، فإذا رفضت اللجنة الاقتراح بقانون وجب أن يكون قرارها مسببًا»،كما منح الدستور النواب «الحق فى توجيه أسئلة إلى رئيس مجلس الوزراء أو أحد نوابه أو أحد الوزراء أو نوابهم فى أى موضوع يدخل فى اختصاصهم، وعليهم الإجابة عن هذه الأسئلة فى دور الانعقاد ذاته، ولا يجوز تحويل السؤال إلى استجواب فى الجلسة نفسها»، أما الاستجواب فقد حدد الدستور موعد مناقشته «بعد سبعة أيام من تاريخ تقديمه وبحد أقصى ستون يومًا إلا فى حالات الاستعجال التى يراها وبعد موافقة الحكومة»، كما أنه من حق المجلس سحب الثقة من رئيس الوزراء أو أحد نوابه أو أحد الوزراء أو نوابهم، ووضع الدستور خطوات هذا الإجراء الخطير حيث نص على: «لا يجوز عرض سحب الثقة إلا بعد استجواب وبناء على اقتراح عشرة أعضاء على الأقل، ويصدر المجلس قراره عقب مناقشة الاستجواب ويكون سحب الثقة بأغلبية الأعضاء، ولا يجوز طلب سحب الثقة فى موضوع سبق للمجلس أن فصل فيه فى دور الانعقاد ذاته، وإذا قرر المجلس سحب الثقة من رئيس الوزراء أو أحد نوابه أو أحد الوزراء أو نوابهم وأعلنت الحكومة تضامنها معه قبل التصويت وجب أن تقدم الحكومة استقالتها»، كما يمكن لأى عضو «تقديم طلب إحاطة أو بيان عاجل إلى رئيس الوزراء أو أحد نوابه أو أحد الوزراء أو نوابهم فى الأمور العامة العاجلة ذات الأهمية»، بينما اشترط الدستور عدد عشرين عضوًا على الأقل لطلب مناقشة موضوع عام لاستيضاح سياسة الحكومة بشأنه، أما لجان تقصى الحقائق فلها أن تجمع ما تراه من أدلة وأن تطلب سماع من ترى سماع أقواله، وعلى جميع الجهات أن تستجيب إلى طلبها وأن تضع تحت تصرفها ما تطلبه من وثائق أو مستندات أو غير ذلك»، «وفى جميع الأحوال لكل عضو الحق فى الحصول على أية بيانات أو معلومات من السلطة التنفيذية تتعلق بأداء عمله فى المجلس»، فهل يعرف الأعضاء الجدد هذه الأدوات وإجراءاتها؟ من المؤكد أن بينهم كفاءات كبيرة وقادرة على القيام بدورها، ولكننا لا نريد أن يتكرر وجود نواب لا يستخدمون هذه الحقوق ولا يشاركون فى مناقشة القوانين المطروحة على المجلس مناقشة فعالة، ولأننا نحتاج إلى مجلس يقوم بدوره التشريعى والرقابى فإننى أقترح أن تقوم الأحزاب التى لها ممثلون فى البرلمان بعمل دورات تدريبية لهم لتعريفهم بدورهم ومهامهم وكيفية القيام بها، وقد كانت الأحزاب خاصة المعارضة فى الثمانينيات والتسعينيات تقوم بمثل هذا العمل، وتستعين بأساتذة القانون الدستورى والعلوم السياسية لشرح هذه الإجراءات لنوابها الذين حالفهم النجاح فى الانتخابات النيابية، وكأنها تعطيهم دروسًا خصوصية من أجل مساعدتهم فى أداء دورهم البرلمانى الحقيقى، وهو دور نتمنى أن يقوم به النواب فى المجلس القادم.